هل اقترب الحلم الكردي من التحقق؟

                  

                          وفيق السامرائي

يتوزع الكرد بشكل أساسي على أربع دول متجاورة، تنتشر الكتلة الأكبر في جنوب شرقي تركيا، تليها كتلة شمال غربي إيران، وكتلة شمال العراق التي تحولت إلى إقليم كردستان، أما الكتلة الأضعف فهي الكتلة الكردية السورية، التي تعرضت لإجراءات ثقافية جعلتها الكتلة الأضعف إلى حد الانصهار.

وباستثناء العراق، فإن الإحصاءات الرسمية لعدد الكرد تبدو معقدة، وقد يكون عدد الكرد في تركيا 15 مليونا، وفي إيران 6 ملايين، و5 ملايين في العراق، ومليونين في سوريا. وقد يقدم الكرد أعدادا أكبر من هذه الأرقام، إلا أنها تبقى موضع تداول. وسواء زادت أم نقصت، فإن الكرد يمثلون كتلة بشرية كبيرة لها تطلعات استقلالية كأمة.

تعايش الكرد مع النظام العلماني التركي حتى بداية ثمانينات القرن الماضي، حيث بدأت الحركة الكردية المسلحة فيما يطلق عليه كرديا «شمال كردستان»، ومع بدء التمرد جرى توقيع بروتوكولات تعاون بين تركيا والعراق لتقييد حركة مسلحي حركتي كرد تركيا والعراق، خولت بموجبها القوات التركية بالتوغل في الأراضي العراقية لمسافات محددة تتجاوز 10 كيلومترات، لمتابعة مسلحي حزب العمال الكردستاني التركي، الذي كان مقره الأعلى يتمتع بدعم سوري، ويتولى زعيمه عبد الله أوجلان قيادة الحركة من مقره في دمشق. وتحت التهديد العسكري التركي بالحرب عام 1998، طلبت القيادة السورية من أوجلان مغادرة الأراضي السورية، قبل أن يتم القبض عليه في كينيا عام 1999 بعملية تنسيق مخابراتي، ولا يزال معتقلا في تركيا، إلا أن نشاطات حزبه لم تتأثر كثيرا بظروف اعتقاله، ويبدو أن اتفاق نقل مقاتلي الحزب من تركيا إلى العراق وهو اتفاق على حساب سيادة العراق فقد زخمه، بعد أن اتهم الحزب الحكومة التركية بعدم الإيفاء بتعهداتها.

وعلى الرغم من أن الحركة الكردية حققت قفزة كبيرة بتشكيل جمهورية مهاباد في إيران عام 1946، التي سحقت عسكريا، فإن المعارضة لم تأخذ بعدا عسكريا على مستوى الفعل في العراق وتركيا. وقد تمكنت المخابرات الإيرانية من اغتيال زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني عبد الرحمن قاسملو، أثناء اجتماع في فيينا مع ممثلين عن النظام الإيراني عام 1989، تبين أنهم من ضباط المخابرات، الذين قاموا بإطلاق النار عليه من مسدسات كانوا يحملونها في حقائبهم اليدوية، وتمكنوا من الفرار إلى إيران.

وتعاني الكتلة الكردية السورية من قلة النفوس، وتبعثرها جغرافيا بين دمشق وحلب ومنطقة المثلث التركي - العراقي - السوري، ومناطق أخرى صغيرة على الشريط التركي تفصلها مناطق عربية. ويتوقف مصيرها على معطيات نهاية الحرب السورية، إلا أنها لا تحقق قفزة مهمة بالنسبة لأكراد العراق وإيران، لأن وجودها بعيد عن إطلالة البحر المتوسط المنفذ الوحيد نحو العالم من دول «الطوق» الجغرافي الرباعي. ويبقى الوضع الكردي في إيران مرتبطا بقوة ومدى تماسك إيران. ففي ظل إيران موحدة قوية، يبقى الأمل الكردي لهذه الكتلة بعيدا عن التحقق، إلى أن تحدث متغيرات كبرى لا يمكن التكهن بها حاليا ولا تحديد سقف زمني لها.

ويبقى الإقليم الكردي العراقي مصدر دعم للكرد في الدول الأربع، فما تحقق في هذا الإقليم من تراكم للثروة، ومؤسسات متكاملة، وتنظيم للعلاقات السياسية والحزبية الداخلية إلى حد لا يستهان به، وبناء تشكيلات عسكرية وأجهزة أمنية، عناصر تجعل الحلم الكردي متوقفا على حالات تتراوح بين احتمالات تعرض النسيج العربي في العراق للتبعثر، وهي احتمالات تلاشت نتيجة وعي وإدراك عرب العراق لخطورتها وإيمانهم بوحدة الوجود والتعايش الأبدي، وبين حدوث متغيرات دولية كبيرة يصعب التكهن بها. وهو ما يجعل إقليم كردستان العراق بمثابة القاعدة الأساسية للتطلعات الكردية في الاستقلال.

ومهما تكن المواقف، فإن الوضع الكردي حاليا يختلف جذريا عما كان عليه خلال القرن الماضي، وأصبحت الآمال الكردية الحزبية والسياسية والثقافية والشعبية أقرب إلى التحقق. والحقيقة هي أن الاستقلال يمثل حلما للغالبية العظمى الساحقة من الكرد، على شكل دول مستقلة يربطها شكل من التعاون، أما وحدة الأمة الكردية بدولة واحدة فقد تكون مثل أحلام الأمة العربية في مرحلة النهضة القومية خلال القرن الماضي، التي ذهبت أدراج الرياح، وقد جرى إرجاء أول مؤتمر كردي موسع كان مقررا عقده هذا الشهر في إقليم كردستان، ربما نتيجة ضغوط خارجية.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1061 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع