تعانقوا تصحّوا!

                                   

                           دلع المفتي

قيل: العناق هو ان تأتي بعطر وتعود بعطرين. فالعناق حالة خاصة جدا بين اثنين تنتقل بها المشاعر ونبض القلوب من دون الحاجة للغة.

يقول المختصون ان فوائد العناق لا تقتصر على الحالة النفسية فقط، بل هو مهم جدا للصحة الجسدية للإنسان، فقد أثبتت دراسة أجرتها جامعة فيينا أن العناق يقضي على القلق الدائم ويخفف من الشعور بالتعب والإرهاق من خلال تخفيض ضغط الدم، ما يساهم في الشعور بحالةٍ أفضل والحصول على صحة نفسية أحسن.
ولعل «المعانق» لا يشعر بمدى فائدة العناق له شخصياً، فهو لا يعي آثار العناق الصحية آنيا، فعدا الشعور بالسعادة اللحظية تمتد فوائد العناق لتسـاعد على تقوية جـهاز المـناعة، والتقليل من الإحباط، والمساعدة على النوم والاسترخاء بعمق.
ومن المعروف ان العامل الاساسي للشعور بالسعادة أثناء العناق هو هرمون الأوكسيتوسين الذي يفرزه الجسم مما يساهم في زيادة الرابط الاجتماعي ويقرّب بين الوالدين والأطفال، وبين الأزواج وبين الأصدقاء، وبين المحبين.
والعناق قديم قدم التاريخ والبشر والانسانية، ففي ايطاليا تم الكشف عن أطول عناق في التاريخ، بعد العثور على رفات شخصين متعانقين يفترض أنهما رجل وامرأة توفيا في عمر الشباب قرب مدينة ماتوفا. وتعتبر هذه أكبر قصة حب في التاريخ مثبتة من خلال هذا العناق الذي، كما أثبت الخبراء، أنه يعود لــ 5000 سنة.
بيد اننا لسنا جميعاً محظوظين بوجود من يعانقنا أو من نعانقه، والبعض يجد نفسه وحيدا منزويا على حافة الحياة، ولهؤلاء، ابتكر طلاب يابانيون من جامعة «تسوكوبا»  آلة جديدة للعناق، وهي عبارة عن معطف بآلية خاصة تمنح مرتديه شعوراً بأنه يُعانَق. المعطف «رايجو» يعمل على منح مرتديه شعوراً نفسياً رائعاً من خلال مجموعة محركات ملصقة به تعمل كذراعين يحتضنان الشخص، ويتم التحكم بهما من خلال اتصال بكمبيوتر عبر وصلة USB. بالاضافة إلى ما سبق، على من يرتدي معطف العناق أن يضع سمّاعات على رأسه لسماع صوت مسجّل لخطوات تقترب منه ومن ثم لصوت يقول هذه العبارات: «آسفة، هل كنت بانتظاري؟»، «انظر وراءك!»، «من أنا؟»، وبعد هذا كلّه يحسّ الشّخص بالعناق.
طيب.. تخيل نفسك، وأنت تلبس المعطف وتشعر بذبذبات حسية تشبه العناق، ثم تسمع خطوات قادمة إليك، وصوتا ناعما يقول «آسفة تأخرت عليك.. أنا هنا؟» فتلتفت حضرتك وتبحلق.. في الفراغ. أي قهر مضاعف سيسببه هذا المعطف؟!
لنعترف بأن اليابانيين مبدعون ومبتكرون وأذكياء، لكنهم وفي هذه الحيثية بالذات خانهم ذكاؤهم، فلا شيء في العالم يعوض الإنسان عن الحس البشري، مهما تقدم العلم وتطورت التكنولوجيا. إن لمسة حنان تتركها حبيبة على كتف حبيبها، أو عناق أم لطفلها، أو مسح دمعة من زوج على خد زوجته، أو «لمة» صديق لصديقه.. لا يمكن لتكنولوجيا العالم أن تعوضها.. وليسمح لنا اليابانيون.
قال الشاعر:
«طوّقته طَوقَ العناق. ب.سَاع.ديَّ
وجعلتُ كفّ.ي للّ.ثام. وشاحا
هذا هو الفـوز العظيم فخلّ.نا
مُتعانقين فما نُريد براحا!»
اذا.. تعانقوا تصحّوا!

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

914 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع