المواطن والمواطنة

                                                       

                            د علوان العبوسي

المواطن والمواطنة

مقالي هذا نابع من شعوري بالوطن والمواطنة وهو شعور كل انسان يعيش في بقعة الأرض التي تحتضنه وتهيأ له الأجواء فيها ليكون عنصرا فاعلا في البناء والتطوير والدفاع عنها بروحه ووجدانه من اجل وحدته ورفعته وشخصيته الاعتبارية بين دول العالم ، فالوطن هو ملاذنا الأول والأخر نعيش فيه بالاطمئنان والامن والتفاخر به بين شعوب العالم تحترمه وتقدره وتفتخر به كما هو حال العراق منذ الأزمنة السابقة قبل الاحتلال ، وليس دون ذلك من المسميات التي نجدها في بلدنا اليوم مع الأسف سببه ما يَدّعون السياسة ، سعيهم للغريب من الأوطان تاركين بلدهم تتهاوى به الرياح شرقا وغرباً غير ابهين له دون مصالحهم الفئوية والحزبية التي باتت بكثرتها دون المنطق المتعارف عليه غير الإنسانية ولا الأخلاقية ، متخذين الدين سبيلا كاذباً لهم في خداع بعض الفئات الجاهلة والحاقدة وفاقده لهذا الشعور نتيجة لهذا الجهل المبرمج والمتفاقم يوما بعد الاخر رغم ما يجري من متغيرات في العالم المتحضر .

من المفيد ان استذكر الماضي الذي تعايشنا فيه مقارنة بالحاضر لبعض بلداننا العربية واخص منها بالذكر مصر والأردن مثالا يصلح للمقارنة الوطنية الأخلاقية والإنسانية والمبدئية في رسم السياسة الداخلية والخارجية لمصلحة بلدانها هذه ، فمصر بتعدادها السكاني الكبير (105 ) مليون نسمة والأردن (11) مليون نسمة من المفرح ان نجد فيهما كل متطلبات شحذ الجهود الوطنية للحفاظ على الوحدة الوطنية والالتزام الأخلاقي المبدئي في جانبين مهمين حب الوطن والذود عنه بالغالي والنفيس من اجل إرساء رفعة وسمعة بلديهما امام دول العالم ثم المواطنة ودور الدولة مع عناصرها الوطنية في إرساء اللحمة الوطنية ومؤازرتها للقوى الشعبية ، كما اني لا انكر باقي دولنا العربية في نهجها الوطني ولكن ليس بمستوى هذين البلدين اخذاً نظر الاعتبار ضعف المستوى الاقتصادي لهما ، معزز بالنهج الوطني القوي والكفوء في إدارة قوى الدولة لدفاعها ألوطني (سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وامنيا ومعنويا ) ووقوفها مع شعبها كمصدر مهم للسلطات في السراء والضراء .
دعني اترك مصر واعود للأردن واقارنها ببلدي العراق المبتلى بفئات سياسية لا تفهم ليس أسس السياسة ومرتكزاتها الوطنية حسب لكنها لأتفهم حتى المعنى الأخلاقي في التعامل الوطني من متطلبات عمل الدولة، بل ان هدفها الاستراتيجي هو إرساء دعائم الحقد والكراهية والازدراء وفك لحمته الوطنية من اجل مصالحها ومصالح احزابها وبصراحة مصالح دولة الشر ايران تحديداً ومن تبعها بسياستها التوسعية الرعناء ضد كل ما هو عربي ومسلم ، الأردن تتمتع بميزانية قومية سنوية لا تزيد عن حوالي 11 مليار دينار اردني ما يعادل 15 مليار دولار امريكي بينما الميزانية القومية للعراق ما بعد الاحتلال في 2003 وحتى 2020 بلغت حوالي ترليون دولار امريكي ( الف مليار دولار) ، أي ما معدل سنوي تقريبي حوالي 63 مليار دولار ( بلغت ميزانية العراق الاتحادية عام 2014 حوالي 150 مليار دولار وفي عام 2013 بلغت 115 مليار دولار ، والميزانية العامة الاتحادية 2019 تبلغ 112 مليار دولار ....الخ ) ، رب سائل يسال اين ذهبت هذه الأموال دون ان نجد أي بادرة لرفع مستوى الدفاع الوطني لقوى الدولة المشار اليها آنفاً ، بينما الأردن ضمن هذه الميزانية القليلة دون ان يكون هناك اية موارد اقتصادية لها كالنفط وموارد طبيعية كالماء كما في بلدنا العراق ولكن فيها الحس والانتماء الوطني لقادته السياسيين وهمهم في استغلال هذه الموازنة دون تفريط لدينار واحد هباء من اجل البلد فهناك الاعمار والنظام والتطور العلمي والتقني والتجاري ..الخ ، حتى بات الأردن بموارده المحدودة وجها ناصعا بين بلداننا العربية حيال العالم ، ناهيك عن وقوف الشعب مع هؤلاء القادة ودعمهم بإرادة عربية وطنية لامثيل لها .
العراق منذ السبعينات من القرن الماضي وحتى عام 1990 لم يشكوا يوما من انحسار قوى دفاعه الوطني من ضائقة اقتصادية معينة فهناك نشاط واضح في مختلف الصناعات الخفيفة والثقيلة والزراعة في تامين الامن الغذائي دون الاعتماد على الخارج ثم السياسة الخارجية والداخلية المعتدلة وغير ذلك رغم دفاعه عن امنه الوطني في شمال العراق وحروبه القومية وضد ايران في الثمانينيات دفعاً لقرار توسعها ، سبب ذلك كله الحس الوطني لقادته السياسيين والعسكريين ومقدراته القومية المعروفة.
فجواب السائل عن اين تذهب أموال العراق بالمختصر هو تبذير الأموال دون دراسة جدوى للصرف في تحقيق العدالة للحفاظ على أموال الدولة في أمور لا تصب بمبدئ المواطنة الحقيقية أهمها التبذير الغير مبرر في منح الرواتب العالية جدا للسلطات السياسية الثلاث وكذلك حماياتهم الأمنية ، ثم افتراض العديد من الفئات لا تربطها بالوطن أي رابط وطني منها الرواتب العالي لما يسمى جماعة رفحاء والسجناء السياسيين ورواتب الجهاديين ، وصرف الأموال الطائلة لدعم ايران في دعمها للنظام السوري بتدمير سوريا والشعب السوري منذ عام 2011 وحتى الان ، دعم المليشيات الإيرانية على راسها ما يسمى بالمقاومة الإسلامية ، دعم ايران في حصارها ، الوف من عجلات ركوب السلطات الثلاث وحماياتهم والاحزاب ، رواتب فضائية لأشخاص غير معروفين تصب لدى فئات حزبية وشخصية ، افتعال حرس ثوري عراقي اسوة بالحرس الثوري الإيراني اطلق عليه الحشد الشعبي ...الخ أمور كثيرة لا يمكن احصائها تم تشخيصها دون اتخاذ اجراء حاسم من الدولة عليه كل هذه أموال لا تصب في بناء البلد وإظهاره بالمستوى اللائق بين دول العالم المتحضر لكنها في الحقيقة تصب في تدمير البلد ان صح التعبير .
نتيجة لذلك تظاهر شعبنا ومنهم فئة الشباب مادة الوطن الرئيسة بثورته المباركة في تشرين 2019 مطالبا بوطن يحتضنهم ويحميهم ويوحدهم ، نبذين كل اشكال التبعية والمحاصصة الطائفية وتفضيل الأجنبي على المواطن العراقي والمطالبة في بناء الوطن وكشف الفاسدين وسراق المال العام رافضين كل الأحزاب المسيطرة على كيانات الدولة لمصالحها الخاصة وطرد المليشيات الإيرانية ومكاتبها المنتشرة في عموم العراق ، وجعل السلاح بيد الدولة بدلا من الأحزاب وميلشياتها ، وهكذا هي اليوم مستمرة بالتظاهر السلمي لا مجيب لمطالبهم ، ولكن جوبهت هذه المطالب بالقتل والخطف بدون هوادة (حوالي 700) شهيد و (30000) جريح ولم نسمع القاء القبض على أي من القتلة الماجورين .
اذن ما هو الحل وظروف العراق المالية والاقتصادية تتفاقم خاصة بعد هبوط أسعار النفط بشكل مفاجئ الى مستويات متدنية جداً واعتماد العراق عليها في موارده المالية، الحقيقة لاوجود حلول سريعة ناجزة بعد ان تأزمت الدولة العراقية بأزمات ما انزل الله بها من سلطان في كل قواها الوطنية ، تحتاج الى وقت طويل لو حسنت نوايا المسؤولين بالإصلاح ، ولكن كحلول سريعة ممكن اتخاذ ما جاء بمطاليب ثورة تشرين كمرتكز مهم للبدء بمشروع وطني حقيقي كونها تمثل انقلاب على الواقع المتردي بعراق الاحتلال 2003 ولكن بودي ان اقترح بعض الفقرات التي تقع ضمن مطالب متظاهري هذه الثورة للإسراع بالإصلاح الذي يرجوه كل عراقي وطني شريف ، وعلى رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة البدء بأهم المطالب وهي :
• لكي يتحقق الامن المجتمعي الذي هو اهم جانب لتحقيق الإصلاح جعل سلاح المليشيات بيد الدولة ومهما كلف ذلك من وقت لأنهاء موضوع الاغتيالات والاختطاف والتجاوز على النظام العام .
• بالتزامن مع المادة أعلاه يتم التحقيق بمن قام بقتل المتظاهرين بلجان حيادية من القوات المسلحة .
• إعادة النظر بموضوع منح الرواتب لكافة موظفي ومتقاعدي الدولة التي تمنح ضمن دراسة جدوى لهذا الموضوع ، وإلغاء رواتب بعض الفئات الدخيلة على النظام العام .
• الحد من تداخل القرارات والتوجيهات المختلفة من جهات خارج مجال الدولة مثل( الأحزاب والشخصيات خارجة عن النظام السياسي او متداخلة عليه ، رجال الدين في مخالفة قرارات الدولة ...الخ) .
• اعتماد مبدئ الكفاءة المهنية لكافة موظفي الوزارات خارج نظام المحاصصة الحزبية والطائفية التي دمرت البلد .
• فرض مبالغ مالية لزائري المراقد الدينية المقدسة الأجانب ( إيرانيين وغيرهم )وهذا حق الدولة وكما كان معمول به في النظام السابق.
• تشكيل لجان خارج الأحزاب لدراسة كيفية تنفيذ مطالب المتظاهرين الأخرى .
عند البدء بهذه البداية يمكن إعطاء مبرر للشعب بمصداقية إجراءات الحكومة الجديدة والمستقبلية سيق معها بشكل اكيد .
دمتم بخير

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

448 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع