الچمه او الكمه

                                                       

                              د. منير الحبوبي

         

       

               الچمه او الكمه

هي نوع من انواع الفطر ولكنها على العكس من الفطر لا تخرج على سطح الأرض بل تنمو وتقتات وتعيش داخل الارض, والكمأ او الكمأه هي من المن وفي حديث نبوي شريف ينص على ان " الكمأه من المن وماؤها شفاء للعين " اي انها لها فوائد صحيه لأمراض العيون حيث يتم استخدام ماؤها بعد غليانه وتبريده وعصره في علاج العيون المريضه والكلمه المن تعني انه طعام اتى للبشر منة من الله من دون ان يعمل الأنسان على زرعها ورعايتها اي انها تنمو وتنشا طبيعيا من دون تدخل البشر بذلك وهي تذكرنا بالايات القرانيه في قوم موسى حينما تاهوا بالصحراء فمن الله عليهم بخير المن والسلوى

عندنا بالعراق هذا النوع من الفطر نسميه بالچمه والمصريون يسموه الفگع والسعوديون يسموه الفگعه وفي دول المغرب العربي يسمى الترفاس والچمه ايضا بعض الاحيان يطلق عليه باللؤلؤ الابيض او اللؤلؤ الأسود وهو ايضا له تسميه اخرى حيث البعض يسميه بنت الرعد والتسميه قادمه او لها علاقه بأنه من ضرورات تكونها ونشوؤها هو هطول مطر كثير يتبعه حصول رعد وبرق وهذا الرعد ضروري جدا لتكونها او بعباره اخرى لأعطاؤها الحياة وعموما يتم البحث عن الچمه في الشهر الأخير من العام وايضا بداية كل عام جديد اي في موسم الشتاء حتما وخاصة في دول اوروپا وللمعلومات طعم چمه الأشهر الاولى من السنه اطيب بكثير من طعم چمه الأشهر الأخيره من السنه وعموما في اوروپا تتواجد فقط بمناطق الغابات وليس كل الغابات بل فقط بالغابات التي يتواجد بها اشجار الكستنه والبلوط والصنوبر والبندق والزان والحور

على العكس من الدول الاوروبيه ففي صحاري البلدان العربيه ينمو الچمه بشكل جلي وواضح للعيان وخاصة في المناطق بين العراق وسوريا والاردن والكثير من اراضي الجزيره العربيه فنلاحظ ان الچمه بهذه الأراضي الغير زراعيه والتي لا يتم حراثتها بكثره تنمو تحت الأرض التي هي نسبيا اراضي صلبه وليست كلش رمليه ورخوه وهكذا حال رؤيتك لتشققات بالأرض وارتفاعها لحوالي عدة سنتيمترات عن الأرض فاعلم ان هناك يوجد الچمه وانا شخصيا حينما كنت طفلا ولا يتجاوز عمري الثمانية اعوام اي تقريبا عام 1959 كنت احفر هذه المكانات واحصل على الكمه وهذا يذكرني بمنطقة اليرموك حاليا والمأمون حيث كان بيتنا بالمأمون وكان يكفي ان اذهب الى نهاية خط 20 لباص المصلحه واعبر السكه حيث بعدها كانت الأرض فارغه ولا يوجد بيوت او مدن كما هو الحال عليه حيث كان هناك منطقه لباص الامانه رقم 29 الذي يذهب فقط الى مدينة ابو غريب

بعض الأحيان وهذا شيء غريب نسبيا فالچمه يخرج على سطح الأرض وهكذا يسهل عملية البحث عنه والحصول عليه ومن الغريب ايضا انه بعض الاحيان حبات الچمه هذه تكون كبيرة الحجم جدا وقد يتجاوز حجمها حجم البطيخ وهنا انا اتكلم عن الچمه في منطقة الشرق الاوسط وليس الكمه بالدول الأوروپيه ومن ميزات الچمه كماده غذائيه عدم احتوائه على السكريات ولا على الدهون بل فقط تتركز به فيتامينات ومضادات حيويه كثيره وكذلك الاملاح المعدنيه

بعض الأحيان عند البحث عن الچمه وخاصة بمناطق الغابات الأوروبيه فالبعض منه يتواجد تحت الحجر فلهذا عند رفعك للحجر يجب الانتباه لأن لا تتعرض لقرصة بعض العقارب التي تحتمي تحت الحجر وللمعلومات الكمه بالفرنسي يسمى ترف Truffes

والكمه ان تم اعتباره كنبات فهو لا يوجد به عملية تمثيل ضوئي اي لا يوجد كلوروفيل داخله ومن هنا اتت التسميه بالفطريات والچمه به پروتين اكثر مما هو موجود باللحم والچمه في اوروپا يسموه الفطر الأسود ولكنه يتميز بعدم وجود الياف داخله كما في باقي النباتات والخضروات

الچمه الأوروپي المتواجد قرب الأشجار المعمره وبالذات البلوط فهو يعتاش ايضا على جذور هذه الأشجار فأحتماليه البحث عنه قرب قاعدة هذه الاشجار كبيره جدا وأحجام هذه الكمه لا يتجاوز على الاطلاق حجم الجوزه ولونها الخارجي اسود مائل للخضره على العكس من ذلك الى الفطر بالمناطق العربيه الذي يكون لونه مائل للبني او الجوزي او الأبيض

طعم الچمه كما يقول الأختصاصيون يعتمد على تربة تواجده فهي التي تحدد لون وطعم الكمه وكذلك رائحته ويحذر من اكل الكمه نية اي بدون طبخ لأنه قد يسبب عسرة هضم قويه جدا فلهذا يجب تجنب اكلها بشكل ني وعندنا بالعراق يوجد اكله كلش طيبه هي اكلة التمن بالچمه وهذه الاكله تؤكل عموما مره واحده بالسنه وليس اكثر والأوربيون قديما يسمون اكلة الچمه بأكلة الملوك ومن المعتقدات السائده في مجتمعنا والله اعلم ان كانت صحيحه ام لا فيقال ان الچمه مقوي لعملية الاخصاب عند الرجال ههههههه واحب ان اذكر هنا بأن الچمه هي ليست بذره ولا تحتاج الى الماء للسقي وان ارض الچمه لا تحرث ارضها بل هي تنمو طبيعيا هناك بأرادة الله ولكن وبعد تفحيص وتمحيص بالموضوع فأن البعض من المتخصصين بالبحث عن الكمه فهم حينما يجدون الچمه في مكان معين فهم يضعون اشاره للمكان لكي يرجعوا لنفس المكان بعد عام او اكثر لأنهم يعرفون ان هذا المكان به تربه مخصبه بمواد تساعد كثيرا على ظهور الچمه فيها وقسم اآخر منهم يقص قطعه صغيره من حبة چمه تكسرت مسبقا عنده فيحفر لها ويغطيها بالتربه وورق الأشجار لكي تنمو وتكبر بهذا المكان وعموما الآن المتخصصين بتجارة الكمه يزرعون اشجار تسمى بشجر الكمه التي تساعد على نمو او ظهور الكمه بأرضية هذه الأشجار ولكن الچمه يظهر بعد العديد من السنين من زراعة هذه الشجره ولكن يجب الأنتباه الى ان التسميه لهذه الشجره لا تعني انها تعطي كمه بل تشجع على ظهور الكمه بقربها

عملية البحث عن الچمه بالغابات ليست بالمهمه السهله والنجاح بالعثور على الچمه شغله مربحه جدا حيث الان سعر الكيلو الواحد يتجاوز ال 6000 دولار اي حوالي 8 مليون دينار عراقي والأشخاص الذين يبحثون عنه يتميزون بمعرفه جيده لرائحة الكمه وكل نوعيه لها رائحه معينه وهذه الطريقه التي يستخدمها البعض عن طريق شم التربه والطين تسمى ب "البحث على الطاير" للچمه والناس العاديين ليس لهم القدره على شم الطين او الأرضيه التي يتواجد الكمه بها وعموما البعض منهم ومن المتخصصين ويمارسون مهنة البحث والبيع تجاريا فهم يملكون كلاب خاصه بشم التربه والارض داخل الغابات فحال معرفتها لمكان الفطر داخل الارض يبدأ الكلب يحفر وهكذا يأتي صاحب الكلب ويبدأ يحفر بهذا المكان بعد ابعاد الكلب وأعطائه اكله طيبه يحبها الكلب تعبيرا عن امتنان صاحبه لجهد كلبه وهكذا الحال البعض منهم يستخدم الخنازير لشم الأرض وهي ايضا لها نفس القدره بالشم ان تبحث وتجد الچمه ولكن المشكله مع الخنازير انها تريد اكل الچمه حال عثورها عليه على العكس من الكلب الذي فقط يشير الى مكان تواجد الكمه ولكنه لا يؤكله وعموما الچمه الموجوده بالغابات للبلوط مثلا تكون رائحتها قويه جدا ويكون ثمنها اغلى بكثير من الأنواع الأخرى وهذا النوع من الكمه جدا اغلى من ذلك لچمه الصحراء بالدول العربيه

يوجد تكنيك او طريقه اخرى للبحث عن الچمه وهو ان يحمل الباحث معه عصا لها شكل معين ويمشي بين الأشجار بالغابه ويراقب جيدا الأرض من خلال تواجد ذباب خاص صغير الحجم جدا ولكن اجنحته شبه صفراء او خضراء اي يكون لونها قريب الى اللون الذهبي ويسمى هذا الذباب بالذباب الذهبي وتواجد هذا النوع من الذباب على الارض في مكانات معينه هو اشاره مؤكده لوجود الكمه داخل الارض فيعمل حامل العوده الى طرد الذباب بعودته لكي يقوم بالأنحناء والنزول على ركبتيه لشم رائحة التربه والارض التي هي مؤشر جيد لوجود او عدم وجود الچمه داخل الارض والعصاة ايضا تساعد ببعثرة ورق الاشجار التي يختفي البعض من هذا الذباب تحتها وطول هذا الذباب غالبا لا يتجاوز 3 او 5 مليميتر

وللمعلومات فأن اكبر حبة چمه لا يتجاوز وزنها ال 80 غم والمتخصصين بتذوق وتسويق الچمه يقولون ان الحبه من الكمه الأصغر حجما من الكبيره يكون طعمها وذوقها اطيب بكثير من تلك كبيرة الحجم وعموما الباحثين عن الچمه العرب خلال بحثهم واخراج الكمه من الأرض فتسمعهم يقولون او يرددون العبارات التاليه بسم الله,,,ما شاء الله,,,تبارك الله ودائما لخلع الحبه من الارض فنقطعها او نحفر من اسفلها ولا نسحبها من الأعلى لأنها طريه وقابله للأنكسار وان انكسرت فهذا غير جيد من ناحية بيعها ولأنه خلال السحب او المسك من الاعلى فأحتمالية تفتتها تكون كبيره جدا وهناك مثل لبناني يشير الى طراوة الچمه فيصفون فتاة جميله ورقيقه او اكله طيبه بأنها "مثل الچمه" وللمعلومات الچمه يمكن شراؤه بالأسواق العربيه على شكل معلبات محفوظه وانا بزياراتي لعمان بالأردن كل سنه تقريبا اشتري من المعلبات ولكن طعمها بعيد جدا عن طعم الكمه الطازج الذي كنت أتذوقه سواء بالعراق او سوريا

لتحضيرها كأكله فيكفي قليها بالطاوه بشكل خفيف اي تشويحها طبعا مع زيت الزيتون او بالزبد وشويه ملح وقليل من الثوم لأن زيادة الثوم ستطغي على طعم الكمه ويمكن ايضا فقط سلگها بالماء مع شويه ملح وبالتالي تقطيعها ووضعها على التمن واما كيفية تحضير الكمه لقليها وأكلها فهنا هي الطامة الكبرى وخاصة انا اتكلم عن الچمه البنية اللون الموجوده بالبلاد العربيه وخاصة ان كان متشقق فدائما سطحه يكون ملتصق به حبيبات التراب وان لم يتم تنظيف الكمه من التراب فهنا نهاية المطاف للكمه وللتنظيف يوجد عدة طرق فمنهم من يفرك الكمايه باليد وماء البوري مفتوح عليها ومنهم من ينظفه بفرشة الأسنان والبعض الآخر بليفة الحمام الجديده او كيس الحمام من النسيج الخشن او بأستخدام حجر الحمام الأسود المخصص للتخلص من القشره الميته للأقدام والتي هي عباره عن حجر بركاني بالحقيقه ومنهم من يقشر السطح الخارجي للكمه بالسكين وهذا الكثير من الطباخين الشيفات لا يفضلوه لأن الطعم الطيب للكمه موجود بالقشره والبعض من السيدات الآن ينظفون الچمايه بجلافة الصحون ذات السطح الخشن ويجب قبل قلي الكمه مسحها بمنشفه لتجفيفها من الماء وكذلك الأنتباه الى تنظيف القشره بالوقت الذي نريد به اكل الكمه وليس التنظيف قبل ساعات من الأكل وفي زياراتي العائليه قبل سنوات الى سوريا والى عمان استغلينا الفرصه لأكل الچمه حيث سعر الكيلو لا يتجاوز 30 دولار وفي المطاعم الراقيه يضعون على صحن بعض الوجبات غشاء رقيق جدا من الكمه بالصحن سمكه لا يتجاوز سمك الورقه وهو من المأكولات الشهيه والمطلوبه في مناسبة اعياد رأس السنه

ختاما دعائي من الباري عز وجل ان نجد الچمه القادم من ارض التحرير الذي طعمه ورائحته اجمل شيء والذي هو فعلا من المن كما قال رسول الله عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام الكمأه من المن وماؤها شفاء للعين.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

949 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع