صفحة مهمة من تاريخ ألمانيا كارل ليبكنشت / روزا لكسمبورغ " ديون الحرب تمزق الحزب الاشتراكي الألماني"

                                               

                          د.ضرغام الدباغ

   

                 دراسات ـ إعلام ـ معلومات
                     العدد : 186
                التاريخ : / 2019

    

صفحة مهمة من تاريخ ألمانيا كارل ليبكنشت / روزا لكسمبورغ" ديون الحرب تمزق الحزب الاشتراكي الألماني"

استهلال :

في كانون الأول ــ ديسمبر / 1914، كان كارل ليبكنشت (Karl Liebknecht) النائب الوحيد من الحزب الاشتراكي الألماني (SPD) الذي صوت ضد ديون الحرب. والتصويت على هذا الأمر قاد إلى خلاف ما يزال حتى اليوم بين أجنحة اليسار الألماني.

حرر التقرير ديريك باس (Dirk Baas)
نشر بتاريخ 2 / كانون 1 ــ ديسمبر / 2014

ترجمة : ضرغام الدباغ


في الثاني من كانون الأول 1941، وأما اللجنة النيابية للحزب الاشتراكي الألماني (SPD) رفض النائب كارل ليبكنشت بشكل قطعي وحاسم، مشروع تمويل الحرب، بل بالعكس طالب نداء للسلام. الذي كان يدعو إليه قادة الجيش ورجال الدولة، وأعلن بشكل واضح وصريح، كما قاد " احتجاجا ضد الحرب وضد السياسة الرأسمالية، وضد تجاهل الالتزامات الاجتماعية والسياسية التي تدين مناهج الفئات الاجتماعية الحاكمة اليوم، لذلك فأني أرفض مشروع الإقراض من أجل الحرب ".

هل كان النائب الاشتراكي بإطلاقه كلمة " لا " نموذجاً لروح المقاومة أم فاقداً لضمير الوطنية ؟ والمناقشة حول هذا الموضوع لا ينتهي حتى اليوم بعد 100 عام. ما طلق الموضوع جدداً في تموز / 2014، هو طلب اليسار في البرلمان الاتحادي (Bundstag) تكريم كارل ليبكنشت بمناسبة ذكرى مرور 100 عام على الموقف التاريخي بإقامة جدارية (لوح) تذكاري في بناية البرلمان الاتحادي، والأحزاب الرئيسية لم تمانع.

عام 1914 وقف رجل القانون ليبكنشت وحيداً في موقفه إلى نهاية الطريق. ولكن الأمر لم يكن ليبقى في هذه الحدود، " الاشتراكية الديمقراطية كانت قد تعرضت بسبب هذا الموقف إلى انشقاق عميق، وأن منظمات الحزب أصابها الشلل بدرجة كبيرة. ويقرر العالم في العلوم السياسية تيلمان فيشر، " الاشتراكيون استسلموا عام 1914 في كل مكان حتى في باريس ولندن ".

في كانون 1 / ديسمبر 1915 صوت حتى أعضاء الجناح المعتدل من الحزب الاشتراكي، ضد قروض للحرب، وهذه المسألة أدت في نهاية المطاف إلى الانقسام في الحزب الاشتراكي. وفي عام 1917، قام المنشقون من الحزب، بتأسيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي المستقل (USDP). وأنظم لهم الجناح اليساري الراديكالي "عصبة سبارتكوس" بقيادة روزا لكسمبورغ، (Rosa Luxemburg) وكارل ليبكنشت. وفي عام 1918 وصاروا من مؤسسين الحركة البلشفية بأسم الحزب الشيوعي الألماني KPD- Kommunistischen Partei Deutschlands) ).

وكان كارل ليبكنشت قد صوت بالموافقة على وجبة القروض الأولى في شهر آب / 1914، تحدث في مناقشة الميزانية وأدان سياسة التسلح القوية لحكومة الرايخ، التي اعتبرها ردود فعل لسياسة التصعيد في التسلح في فرنسا وبريطانيا وروسيا : إنها ذات الأزمة، تقسيم الشعوب إلى قطع من العملات الذهبية، سواء كانوا في ألمانيا أو في فرنسا، لديهم ذات الاهتمامات والمصالح.

في عام 1915 طال " لتسقط سياسة الدفع للحرب. ومن أجل السلام في الضمير الاشتراكي، العدو الرئيسي يوجد في بلدنا " وفي عام 1916 طرد من المجموعة البرلمانية لحزبه.

ولد كارل ليبكنشت عام 1871 في مدينة لايبزغ، وكان والده فيلهام ليبكنشت وزوجته الثانية ناتالي، وبعد تخرج كارل من كلية الحقوق، عمل كمحام. ثم انتمى إلى الحزب الاشتراكي الألماني عام 1900، وفي عام 1912 أنظم كواحد من الشبان اليافعين إلى البرلمان الإمبراطوري كنائب، ومثل المنطقة الانتخابية في بوتسدام.

ولكن ليبكنشت عرف على نطاق واسع، بوصفه ناقداً لشركات صناعة السلاح. وفي كتابه " العسكرية ومناهضة العسكرية " (Militärismus und Antimilitärismus) ، وبسببه أمضى عام 1907 سنة ونصف في السجن. وفي 15 كانون الثاني / 1919 اختطف كارل ليبكنشت ومعه رفيقته روزا لكسمبورغ في برلين من قبل متطرفين يمنيين من جنود الفرقة الحرة (وهي أشبه بميليشيا حكومية) وقتلا.

وكان الحزب الاشتراكي الألماني قد قرر في صيف عام 1914 الاقتراع ضمن نظام المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي، وكانت نتيجة التصويت 110 من نواب الحزب صوت 14 نائباً ضد سياسة الإقراض من أجل الحرب، على تلك المقترحات (حول سياسة الديون من أجل الحرب)، وفي الجلسة الرسمية للبرلمان الإمبراطوري (الرايخستاغ) في 4 / آب، وقف نواب الحزب مع القروض، وفي ذلك رأت روزا لكسمبورغ، أنه استسلام للحزب أمام قوى الرأسمال وأن المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي " قد خذلت عن الوطن في ساعة المحنة ".

ويقول سيفيم داغدلين من حزب اليسار، أن كارل ليبكنشت كان أنموذجا لروح المقاومة، فعندما جرت مناقشة اقتراح الحزب في البرلمان الاتحادي (2014) بتكريم هذا السياسية بوضع لوحة تذكارية، فحزب اليسار يرى ضرورة وضع اللوحة مع التكريم كتابة نص سياسي " أن البرلمان الاتحادي أن يتخذ المسؤولية عن اندلاع الحرب ويعارض التفسير بإلقاء اللوم والذنب عن اندلاع الحرب وتوزيعه على عدد كبير من الإطراف بحيث لا يبقى أحد بالتحديد مذنباً ".

ولكن الحزب الديمقراطي المسيحي وحليفه الحزب البافاري، يعتقدان غير ذلك تماماً، وبحسب رأي عضو الحزب المسيحي فيليب لينغسفيلد، أن خطاب ليبكنشت في العامة كان إيجابياً جداً، ولكن بعد فصله من الحزب الاشتراكي تحول إلى راديكالي، ولاحقاً بعد أن ساهم بتأسيس الحزب الشيوعي الألماني، وكانت له مسؤولية جزئية عن فشل جمهورية فايمار. (2) (1)

وقالت متحدثة عن الحزب الاشتراكي الألماني : أن حزب اليسار يريد " تطبيق مسموم " لأحياء هذه المناسبة وتكريس مصالح حزبية من خلالها، ويتجاهل بذلك البحوث التاريخية الجديدة عن أسباب اندلاع الحرب العالمية الأولى. وحتى بين المؤرخين لا يوجد توجيه واضح للذنب، ومن ذلك كتاب المؤرخ الاسترالي كريستوفر كلارك " السائرون نياماً "يعرض ذلك بوضوح شديد.

ـــــــــــــــ

هامش
1. أتحد يسار الحزب الاشتراكي، مع عصبة سبارتكوس الفصيل الماركسي اللينيني، عام 1917 وأسسا الحزب الشيوعي الألماني.
2. جمهورية فايمار : وهي الجمهورية الألمانية الأولى في التاريخ. تأسست بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية (6 / شباط ــ فبراير / 1919)، في مدينة فايمار / ولاية تورنغن.

           

                            روزا لكسمبورغ

روزا لكسمبورغ، مناضلة (Rosa Luxemburg)، مفكرة سياسية، ولدت في مدينة في بولونيا الروسية 5 / آذار / 1871، كانت عضوة في الحزب الاشتراكي البولوني (مملكة بولونيا) وليتوانيا، ثم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، والحزب الاشتراكي الألماني المستقل، ثم أسست مع رفيقها كارل ليبكنشت الحزب الشيوعي الألماني.
غادرت بولونيا عام 1889 لتنظم إلى الاشتراكيين الثوريين بزعامة جورج بليخانوف في زيوريخ / سويسرا، حيث درست هناك العلوم ونالت شهادة الدكتوراه، ثم هاجرت إلى ألمانيا وتزوجت عاملاً ألمانيا، نالت الجنسية الألمانية، عام 1905 بعد أندلاع الثورة الروسية، عادت إلى بولونيا لتشارك بالثورة، القي القبض عليها ومكثت عاماً في السجن، عادت بعدها إلى ألمانيا حيث قامت بتأليف كتاب" تراكم رأس المال " عام 1913، ويعتبر من الأعمال الماركسية المهمة، وأعمال أخرى وضعتها في مصاف المفكرين والفلاسفة في مجال الاقتصاد الاشتراكي
عملت مع كارل ليبكنشت في الجناح الراديكالي في الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، ووقفت معه موقف المعارضة من الحرب العالمية الأولى، ولكنها عارضت نظرية لينين حول كون الحزب الشيوعي هو أداة الطبقة العاملة البرولريتارية لتحقيق ديكتاتورية البروليتاريا، بأعتبار أن ذلك يعارض الديمقراطية التي أعتبرتها الوسيلة الوحيدة لتحقيق النظام الشيوعي. كما عارضت نظرية لينين في حق القوميات بتقرير مصيرها.
أسست مع كارل ليبكنشت منظمة " عصبة سبارتكوس " التي شكلت بعد سنتين النواة لتشكيل الحزب الشيوعي الألماني، وكتبت بنفسها برنامج الحزب.
في مطلع عام 1919 أي بعد شهرين من إعلان ليبكنشت من على شرفة بناية تاريخية ببرلين " الجمهورية الاشتراكية الألمانية " اغتيلت مع ليبكنشت على أيدي عسكريين ألمان من اليمين المتطرف، وهما في طريقهما إلى المحاكمة.
هناك ساحة بأسمها وتسمي منظمة الشبيبة الاشتراكية أسمها بأسم روزا لكسمبورغ، والعديد من الفعاليات الثقافية الأخرى
من مؤلفاتها
ــ الاقتصاد السلعي والعمل المأجور، روزا لوكسمبورغ
ــ ما هو الاقتصاد السياسي ؟، روزا لوكسمبورغ
ــ إصلاح اجتماعي أم ثورة، روزا لوكسمبورغ
ــ الإضراب الجماهيري (1906)
ــ برنامج سبارتاكوس (1918

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

575 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع