ديمقراطية الاقوى المخجلة

                                           
عقد الحزب الديمقراطي الامريكي مؤتمره لانتخاب مرشحه للرئاسة بمواجهة المرشح الجمهوري، يوم 5/9 في ولاية نورث كارولاينا.

وفي اثناءه طُرح موضوع اضافة بند شكلي يتعلق بان القدس عاصمة اسرائيل، وهو طرح يحتاج حسب النظام الداخلي للحزب موافقة ثلثي المؤتمرين. وضمن السياق العام للمؤتمر وفقراته التقليدية، ظهر المنسق العام له اي المؤتمر على المنصة الخطابية، وطرح المقترح شفويا، سائلا المؤتمرين:
من هم الموافقون؟. صاح قسم من الحضور باعلى اصواتهم نعم.
ومن ثم سأل: من هم غير الموافقين؟. اجاب القسم الآخر بنعم، باصوات تعلوا اصوات زملائهم الموافقين.
ولما لم يجد بد من تمرير ما اراده مسبقا حسب علو الاصوات، عاود الكرة بنفس الصيغة، وكانت صيحات الرفض تعلوا اصوات الموافقة مرة اخرى. لكن المنسق المصمم على تمرير المقترح، اعلن فوزه باصوات الثلثين، دون حساب النتائج ولا فرز الاصوات، ولا الاعتماد على علو الاصوات، في مجتمع تقني قادر على التفريق بين اصوات الاحياء والاموات. لقد حسم الامر بالتاكيد على حصوله على الاغلبية المطلوبة، مما يقتضي اضافته، وهكذا اضيف، وانتهى المؤتمر بترشيح الرئيس الامريكي الحالي السيد اوباما لولاية ثانية.... سيناريو او خطوة بدأت وكأنها مهينة اولا للناخب الديمقراطي ومن ثم للناخب الامريكي بشكل عام، بالتأسيس عليها مداهنة علنية لكسب الرضا الطوعي للوبي الاسرائيلي من قبلهم ودولتهم التي تصنف الاقوى في العالم، واكثرها تمشدقا بالديمقراطية.
ان تمرير المطلوب بطريقة التزييف الديمقراطي في الدولة التي تطرح نفسها محاربا من اجل الديمقراطية، يذكرنا بديمقراطية صدام حسين، عندما ظهر في ملعب الكشافة ببغداد عام 1979 بعد استيلائه على السلطة والدولة والحزب من البكر، وتوجهه لفرض ارادته، فسال بنفس صيغة الحزب الديمقراطي لمواضيع طرحها في حينه:
هل انتم موافقون؟ فرد الجمهور المنفعل بجميع اصوات الحضور بنعم، فاعتبر صدام الامر محسوما لصالح آراءه 100%.
لقد كانت طريقة صدام هذه في الديمقراطية مثار استهزاء العقلاء العراقيين في الخفاء. فرقها عن ديمقراطية الحزب الديمقراطي بانها عند صدام لا تتحمل الصوت الرافض، وان صاحبها لا يعيد السؤال مرتين. وبالتالي يمكن القول انهما ديمقراطيتان غائيتان، تسعيان الى فرض المطلوب مسبقا.
ان العرض الذي شوهد على التلفاز من قبل الملايين يبين نوعا مخجلا من الديمقراطية، في زمن تقاتل فيه الشعوب من اجل الحصول على قدر من الديمقراطية، متعكزة على دعم الطرف الامريكي الراعي للديمقراطية، وهي استهانة بعقول الشعوب العربية والاسلامية، التي تعوّدَ الامريكان والاوربيين اهانتها بسبب ضعفها وفرقتها، وسيستمرون هكذا باهانتها الى اليوم الذي تحترم هي وحدتها، وتجد فيها قوة ذاتية تمنع حصول الاهانات، ولو من الناحية النفسية.    

12/9/2012     

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

502 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع