التراث الأرمني و الحضارة الأرمنية

                                             

        التراث الأرمني و الحضارة الأرمنية

                   

تهْدمُ الحضارةُ خلالَ قرونِ عُمرِها الكثيرَ من الذكرياتِ و بقايا الماضي، و لكن ليس بإمكانها أنْ تقلعَ من الجذور تقاليدَ و تراثَ الشعوبِ التي تنبعثُ دائماً من أطلال الأمجادِ المتهدمة.

يُقالُ أن قانونَ الطبيعــةِ الأعظــم هو التقــدُّم. فالذي يراوحُ في محلِّــهِ سوف يتقهقـر، و ينتهـي، ويموت... و هذه حقيقة واقعة. و لكن (التقدم) لا يعني القفز نحو اللامعروف، بل الأقتراب نحو هدفٍ بعيدٍ و لكنه سامي و ثابت في الوقت نفسه. فعلى الشعوبِ أنْ تعْلَمَ أنَّ الأجيالَ القادمة تستند على تراث السلف لإضافةِ جديدٍ متقدِّمٍ عليه، آخذين بعين الإعتبار إثراء هذا الإرث الحضاري المتجدِّدِ دوماً. فكل جديدٍ مقبول و لكن بشرط أن يُضاف شيً جديد على القديم.

إذا تعمَّقْنا في كلمة (حضارة) نجد فيها معاني مختلفة مثل: ثقافة، تعليم، مستوى معيَّن من رُقي تاريخ الأنسان كفرد و تاريخ المجموعة كشعب و الذي يتمثَّل بأشكالٍ و مجالاتٍ مختلفة لطريقة عمل الأفراد و تنظيم حياتهم. و يمكن الأستفادة من مفهوم الحضارة لتطبيع مستوى رقي الحيـــاة و رقي التعامل في مجالاتٍ متخصصة، و كذلك رقي التقادم التاريخي عبر القرون و العصور و خلق المكوِّنات الأجتماعية و الأقتصادية للطبقات المختلفة من الشعوبِ و الأمم.

لا تحتضن الحضارةُ النتائجَ المادية فقط من أعمالِ البشر، مثل العمارة و البناء، و خلق الأعمالِ الفنية، أو النظريات المطبَّقة في مجالات القيم الأخلاقية و الحقوق و الواجبات لمواطنٍ تابعٍ الى مجتمعٍ معيَّنن، بل تتعدّى الى قابلية التقبُّل الموجود عند الفرد لتنظيم طريقة حياته نحو الأفضل أو نحو الأسوأ.

ويمكن تقسيم الحضارة الى (حضارة روحية أو معنوية) و (حضارة مادية). يشمل القسم الأخير العمل المادي بأجمعهِ و نتائج ذلك العمل مثل الآلات و أدوات العمل، مكان العمل، الملابس، وسائل المواصلات و الأتصالات و العمارة و غيرها. و أما الحضارة الروحية فتشمل مجمل النتاج الروحي كالمعرفة و الأخلاق و التدريب و التعليم و أشكال مختلفة من التعامل الفكري و العبادة.

نظرة تاريخية موجزة على الحضارة الأرمنية

حدثتْ عملية ولادة و رُقي الشعب الأرمني في منطقة السلسلة الجبلية الأرمنية عن طريق الذوبان التدريجي للشعوب و القبائل القاطنة هناك منذ القدم. و في أثناء تلك العملية التحولية، أعطت الأقوام المشتركة فيها، إما بصورة أنفرادية أو جماعية، الشعبَ الأرمني المتكوِّن شكلها الخارجي أو هيئتها الآنثروبولوجية و التقاليد المتراكمة عبر السنين لتراثها المادي و الروحـــــي و جزءاً من ذُخرِها و خزينِها اللغويَّين و ثراء كلمات اللغات المختلفة المتداولة عندها. و قد ظهرت و بانت و وضُحت  كل هذه مستقبلاً في الشعب الأرمني المتكوِّن كالبناء الجسمي و الروحي و التراث و اللغة و الحضارة المتقادمة عبر العصور.

- 1 -

هكذا ولدت الحضارة الأرمنية مع ولادة الشعب الأرمني بعد أن تم تحويل مجموعات حضارات الأقوام تلك الى حضارة جديدة على مرِّ العصور ثم إضافة مستجداتٍ مستحدثة على القديم الموروث و تراكم التراثين المادي و الروحي و العادات و التقاليد الى تراثه بصبغته المتوارثة.

فبعد أن ورث الشعب الأرمني المتكون تراثَه المادي و الروحي من الأقوام القاطنة في منطقة سلسلة الجبال الأرمنية، من الطبيعي أن نذكر هنا الدور الكبير لتراث شعب أوراردو، أحد الأقوام الرئيسة في تلك المنطقة. و قبل أن نبحث عن مفردات حضارة أوراردو الغنيّة في الحضارة الأرمنية القديمة، يجب أن نأخذ بعين الأعتبار أن شعبَ أوراردو كان شعباً محارباً يعيش ضمن إطارٍ قتالي- سياسي. و لهذا فأن حضارته لم تتجذَر في الأرمن العائشين ضمن مساحاتها، فقد أرتبطت حضارة أوراردو أساساً في دولته و في المدن و المعابد و القلاع التي عَمَّرَتْها الدولة. و في الوقت نفسه، و بصورة ملحوظة، كانت حضارة غريبة عن الشعوب القاطنة في تلك المدن. و بعد زوال الدولة نتجَ عنه سقوط أجزاءٍ أساسية من أركانها، فضياع تراث أوراردو و حضارتها. و لكن جزءاً لا بأس به من ذلك التراث و تلك الحضارة كان قد أنتقل الى الأقوام التي أشتركت في تكوين الشعب الأرمني.

فعلى سبيل المثال، إن جزءاً كبيراً من الأساطير الأرمنية مرتبطٌ بوقائع الصراع ضد الدولة الآشورية القوية و المفترسة للأقوام الصغيرة في ضواحيها. و في الواقع، كانت للحروب الأوراردية – الآشورية وقعاً مصيرياً على منطقة الشرق الأدنى. فالصراع الأسطوري ل (هايك) زعيم أوراردو ضد الإله (بعل) يجَسِّدُ أُنموذجاً لذلك الصراع. و كذلك أسطورة الملك (آرا) مع الملكة (سميراميس) ما هي إلّا أُنموذجاً آخراً للصراع الأسطوري بين أوراردو و دولة آشور.

والجدير بالذكر أن غياب مادة الكتابة كان سبباً واضحاً للفتات القليل الذي وَصَلَنا من الحضارة الروحية الأرمنية القديمة و التي هي مجرَّد جسور قصيرة لتوصلنا الى أوَّلِ تراثٍ حضاري أرمنــــي  و هو التراث الأوراردي.

حضارة أرمينيا القديمة
إن حضارة أرمينيا القديمة (من القرن الثالث قبل الميلاد و حتى أحتضان المسيحية من قبل الدولة في بداية القرن الرابع الميلادي) بخطوطها العريضة تُجْبِرُنا أعتبارها هيلينيستية، مع الأحتفاظ في الوقت نفسه، بخطوطها المحلية، و هي تحمل في محتواها نهجاً واضحاً لتأثير الحضارة الهيلينية اليونانية السائدة آنذاك. و مع الأسف الشديد إن معرفتنا عن حضارة أرمينيا القديمــة شحيحــة جداً  و بصورة ملحوظة بسبب إبادة و إفناء كامل التراث الوثني في أرمينيا من قِبل المسيحية المنتصرة في سنة 301 ميلادية حين أعتنق البلاط و الشعب الديانة الجديدة، فأصبحت أرمينيا أول دولة على الأرض تعترف بالمسيحية ديناً رسمياً لها حتى قبل الأمبراطورية الرومانية آنذاك التي قبلتْها سنة 317 ميلادية على يد القيصر قسطنطين.

لقد وصَلت حضارة أرمينيا القديمة الى مستوياتٍ عالية في مختلف المجالات مما أعطتْنا قيمـــــاً


- 2 -
عديدة بنهجيها المحلّي و الهيلينيستي، فأصبحت أساساً للحضارة الأرمنية الغنية التي أعْقَبَتْها في القرون التي تلت أعتناق المسيحية فيها.

بإمكاننا أن نحكم على الأساطير الوثنية الأرمنية القديمة أعتماداً على ما وَصَلنا من المؤرخين الأرمن مثل الأب موفسيس خوريناتسي و غيره.

    
تعتبر اللغة الأرمنية إحدى أسس الحضارة الروحية الأرمنية القديمة.
إن لغة أي شعب لا تعتبر أهم مؤشر لولادته فقط، بل تُعطي السرد المستقبلي الحقيقي لفعالياته، و خاصة أحتكاكه مع الشعوب الأخرى منذ مولده و نتائج أخذ و عطاء المخزون اللغوي بين هذه الشعوب في أثناء مسيرتها التاريخية. فقد كانت للشعب الأرمني لغته القومية و لكن تنقصه الكتابة بحروف أرمنية خالصة. و تمكَّنَ الشعب الأرمني أن يحتفظ بتراثه قبل القرن الخامس الميلادي باستخدامه الحروف السريانية و اليونانية و الرومانية و نقل هذا التراث من جيل الى آخر لحين أكتشاف الحروف الأبجدية الأرمنية (من قبل القديس ميسروب بعد أن رأى مجموعة حروف في منامه و أخذ ما كان ينقصه من الأسفف دانيال السرياني). فبدأ منذئذٍ قرناً ذهبياً من الترجمة و الإنتاج الأدبي بجهود القديسين المترجمين للحفاظ على التراث و نقله أيضــــاً من جيـــل الى آخــر، ولكن هذه المرة بالحروف الميسروبية (نسبة الى مكتشفها).


الحضارة الأرمنية في القرون الوسطى

عاشت الحضارة الأرمنية هزّاتٍ عديدة في القرون الوسطى في أثناء حُكم الدولة الأرمنية في كيليكيا التي صارت أحد أهم مراكز أزدهارها و أشعاعها. و أوجدَ أزدهارُ فنونِ الكتابة و العمارة و الزخرفة نُصُباً مهمة أحتلَّت مكانها في خزانة التراث الأنساني. و كانت مراكز التعليم في القرون الوسطى تقع في الأديرة، و أما تلك التي تقع خارجها فتدعى بالجامعات. و كان الطلبة يدرسون إضافة الى اللاهوت علوماً طبيعية مختلفة مثل الفلك، التنجيم، الهندسة، التاريخ، الجغرافية، الموسيقى، الرسم، فنون الكتابة، الفلسفة و الخطابة و غيرها. و قد أعطى أختراع الطباعة في النصف الأول من القرن الخامس عشر الميلادي أولى ثمراته في الواقع الأرمني في بداية القرن السادس عشر. فأول كتاب طُبِع باللغة الأرمنية كان في 1512 في مدينة البندقية في إيطاليا بعنوان (أورباتاكيرك). و في السنة الآتية، أي في 1513 رأت النور أربع كتب أخرى. أما أولى الجرائد الأرمنية فقد رأت النور في أواخر القرن الثامن عشر في مدينة مدراس الهندية. كما أعطى أختراع الطباعة دفعاً جديداً للحضارة الأرمنية فأصبح الكتاب المقدس و نفائس الأدب الأرمني في متناول عامة الشعب.

مرَّت الحضارة الأرمنية عبر طريقين طويلين و غنيّين، مليئّين في الوقت نفسه، بعطـــــاء الفكر  


- 3 -

الأنساني و العمل اليدوي الماهر.  فقد مَرَّت بفترات رائعة من الرُقي إبتداءاً من القرن الخامس الميلادي، أي أكتشاف الحروف الأبجدية، و ما تَبعَ ذلك من أزدهار فن الترجمة و كتابة المخطوطات و العلوم المختلفة.  فقد جاءت الى الوجود روائع عديدة من الفن المعماري الأرمني و فن الرسوم الدقيقـــــة و الأغاني و الموسيقى أُضيفت جميعها الى التراث الأرمني القادم عبر العصور فأصبحت تدعو الى الإعجاب و الأقتباس من جيل الى آخر.  و لكن مع الأسف، كانت هناك فترات خمودٍ أيضاً و خاصة في أثناء فقدان السيادة الوطنية و غزو الموجات الهمجية للأرض الأرمنية، مما أضطـر المعلم والشاعر و الفنان و العالم و رجل الدين التوجه نحو الغرف و الأقبية الصغيرة في الأديرة المنتشرة في الجبال و الوديان أو الكهوف المظلمة للحفاظ على تراث السلف من الضياع و التلف، أو اللجوء الى أصقاع المهاجر للسبب ذاته. و لكن رغم كل الظلم و العنف لم تخمد روح الحرية لدى الأرمن، فظل الفكر الأرمني الثائر صامداً أمام أعدائه المفترسين و التحرر متجسِّد فيه.  و لم تيأس روحه التوّاقة الى وطن سيد مستقل حتى لو طال أمد الأحتلال الأجنبي لأرضه.

فأينما حلَّ الأرمني أخذ معه شوقه لوطنه و تراثه؛ و الى أي بلد وصل عمَّرَ فيه مدرسة أرمنية و شيَّدَ كنيسة أرمنية و بنى مقبرة قربهما. عملَ جاهداً و خلق كل شيء جديد من العدم متكئاً دوماً على تراثه الموروث من االسلف و حضارته المتنقلة معه. أما الوطن المتألم الذي وقع تحت حكم السلاطين و القياصرة و الخانات، و القابع في ظلام الجهل و الغارق في الألم، لم يستسلم لليأس أبداً، بل رفع طرف عينه ليرى نور الحرية في آخر النفق.

و بسبب حرمانه من السيادة الوطنية و لعدم أمتلاكه أي جسم يتناول أمور سياسته العامة غير كنيسته القومية، أصبح مُلزماً تحقيق إثراء تراثه الروحي عن طريقها؛ و ليس غريباً أن يكون جَلَّ ممثلي علومه و فكره يعملون ضمن حلقات تنظيماته الدينية.

الحضارة الأرمنية في التاريخ الحديث

قفز التراث الأرمني قفزة نوعية في القرن التاسع عشر بعد أن حالف النجــاح العمل المدرسـي و الصحافة و العلوم و أصاب الأدب و الفن رقياً ملحوظاً. و كانت رومانسية الحياة السياسية في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر قد طبعت تراث البعث الثوري بأثار واضحة للرغبة في التحرر و الأستقلال و الروح الثورية التحررية العارمة.
و خطى التراث خطواتٍ بطيئة في النصف الأول من القرن المذكور. و لكن الوضع تغيَّر فجأة بعد عام 1850 بعد أن حدثت هزات مهمــــة في حيـــاة الشعب الأرمني من ناحية الوضــع الأقتصــادي
و الحياة العامة و السياسية و أثَّرت تأثيراً مباشراً على التراث الأرمني عموماً. فقد نزل الى حلبة الكفاح التحرري و النضال الثوري و الرغبة العارمة بالأستقلال القديسون الجدد – الثوريون بالعقائد السياسية المختلفة -  حَمَلَةُ الأفكار الثورية التي عمت أوروبا في نهايت القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين. فحصلت حركة التحرر الأرمنية دفعاً جديداً من القوة الثورية و الشبــــاب


- 4 -


السياسي الواعي. و الى جانب التراثين المادي و الروحي في كتاب الحضارة الأرمنية أضيف التراث الثوري (بصورة مستقلة) الى صفحات هذا الكتاب بعد أن صبغ الثوار الجدد بالدم طريق التحرر و الخلاص من نير الأستعمار المتمثل دوماً بالسلاطين و القياصرة و الخانات.

و في محاولته المستمرة في إغناء تراثه المتكوِّن في القرن التاسع عشر، بذل الشعب الأرمني في بداية القرن العشرين جهوداً أكثر في إضافة ما هو جديد على القيم المتكونة تحت ظروف صعبة جداً، فقد أصبحت الحركات التحررية و الروح الوطنية الثورية مقاييس أو معايير لقيم التراث الجديد المضاف الى صفحات الحضارة.

وبسبب الظروف الجيوسياسية آنئذ إنقسم الشعب الأرمني الى قسمين، شرقي وغربي. يمثل الأول الأرمنَ المتواجدين تحت الحكم اقيصري الروسي الجائر، و يمثِّل الثاني الأرمن المتواجدين تحت الحكم العثماني-التركي المستبد الغاشم. و مع أنقسام الشعب أنقسم التراث بدوره الى شرقي و غربي.  و أصبحت هذ المرخلة من الزمن مصيرية بالنسبة الى الأرمن.

تعيش الشعوب في مسيرتها التاريخية فتراتٍ كأنها صُمِّمَتْ و خّصِّصَتْ لها وحدها دون غيرها. و تكون هذه الفترات مصيرية بحتة و تبقى في الذاكرة القومية دون أن تتزعزع مهما تغيَّرَتِ الظروف.

و بضربة حظٍّ تعيسة أوقفَ التحوَل التاريخي الظالم الرُقيَّ الطبيعي للشعب الأرمني. ففي سنة 1915 نظَّمتِ الخكومةُ التركيةُ عمليةَ إبادةٍ جماعية للأرمن الغربيين بقتلهم و إبعادهِم عن أرضِ آبائهم. و بسبب هذا الظرف المفاجئ توقَّفَت حياة التراث لذلك الجزء الأكبر من الأرمن عن الخفقان. و كانت النتيجة أن سَلَكَ الآلاف منهم درب الهجرة الى ديارٍ جديدة.

و كانت تلك مجزرة حمراء بحق الأرمن الغربيين.

و أما في الشرق، فقد غَيَّرَ الدب ُّ الروسي لونَ ثيابه من الأبيض الى الأحمر، فأقام مجزرة بيضاء بحقِّ الأرمن الشرقيين بتضييق الخناق على فكرهم القومي و إيمانِهِم الروحي. و بسبب الظروف السياسية هناك أزدهرَ التراثُ الغربي ثانية في بلاد الغربة و تكوَّنَ آخر تفرُّعٍ في التراث الأرمني بما دُعيَ بتراث المهجر فاضاف بدورِهِ الكثير الى الحضارة الأرمنية المتجددة دوماً.

و أخيراً، نصل الى تلك القناعة بأن صيغة التراث تتحَدَّدُ دوماً بالبيئة الجغرافية و الأجتماعية  اللتين تحيطان به. فالأرض القومية هي التراب التي تتجذَّر فيها و تنمو عليها و تُعطي ثمارها شجرة التراث الباسقة لأي شعبٍ من الشعوب في غابة حضارتها. فالتراث الأرمني هو ثمرة أرض القومية الأرمنية و التاريخ الأرمني و حضارته. فمن خلال القرون أزدهر التراث الأرمنــــــــي على

- 5 -


ضفاف التاريخ الأرمني بعنفوان الشباب مرّة  ليكون كالجبل كما قال أبن خفاجـــــة "و أرعن طمّاح الذؤابة باذخِ / يطاولُ أعنانَ السماءِ بغاربِ"، و بخطى ثقيلة مرات أخرى مجسِّداً روح الأمة الأرمنية بفرحها و بؤسها، بحُبِّها و كراهيتها، بآمالها و خيبات آمالها، فالوطن القومي أصبح كالأرضِ الخصبة المعطاء التي أخذ التراث منها قوته و غذاءه.
فكلما أشتدَّ الزمن قسوة على الوجود الأرمني كلما أصبح أمر الحفاظ على التراث هو العنصر الأهم لكل فردٍ من أفراده. فليست صدفة أبداً أن تكون ولادة التراث الأرمني و الحفاظ عليه و تنقُّله مع الزمن يحتل المرتبة المتقدٍّمة من حياة الشعب الأرمني منذ الساعات الأولى لولادة هذا الشعب، متحكِّماً فيها أصعب و أقسى قوانين الحياة و البيئة و الى ما شاء الله.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1071 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع