قراءات في صحف عراقية قديمة

                                           

                      ماجد عبد الحميد كاظم

قراءات في صحف عراقية قديمة

نشرت جريدة المفيد بعددها 431 الصادر في بغداد يوم الاربعاء 15 تموز 1925 الموافق 23 ذي الحجة 1343مقالة افتتاحية بعنوان " غدا " وهي تتعلق باستقلال العراق وكما يلي

غدا يقتطف العراق ثمرة شهية من ثمار استقلاله الذي اشتراه بالدمع والدم وبذل في سبيله الارواح العزيزة والمهج الغالية، ففي يوم غد يلتئم مجلس الامة العتيد، المجلس الذي علقت عليه الامة آمالها، ووضعت فيه رجاءها، وصارت تنتظر منه ان يكون منبع سعادتها هنائها
غدا تدوي المدافع في العاصمة ايذانا بدخول الامة العراقية في عداد الامم التي نالت الاستقلالوتحررت من نير العبودية والذلة، وبين قصف المدافع وهتاف الشعب، ومظاهر الحكومة الرسمية يسمع النواب خطاب العرش، الخطاب الذي يعرب فيه ملك البلاد وهو الرأس الاعلى للحكومة والامة عن السياسة التي تتخذها البلاد في الداخل والخارج ثم يباشر المجلس اعماله بحسب ما فيه من استعداد وثقافة ، ومهارة وبعد نظر في غويصات الامور التي سيواجهها او ستواجهه
ولكن بين دوي المدافع ومظاهر الابتهاج، ومعالم الزينة يجب ان لا ننخدع او نخدع انفسنا فنحسب انفسنا مستقلين ونتخيل مجلسنا يشبه المجالس النيابية في البلاد المستقلة في حقائقها كما في مظاهرها، ونظن ان نائبنا سوف يتمتع بكل ما يتمتع به النائب الحر في فرنسة او انكلترة او بلجيكة مثلا، نعم يجب ان لا نخدع انفسنا بهذه الاوهام والخيالات فسلطة مجلسنا محدودة وهي خاضعة لمؤثرات خارجية وإلا فهل يستطيع المجلس ان يلفت نظره الى الماذي القريب فينظر في امتياز النفط التي تعهدت الوزارة السابقة بأن تقبل التبعة عنها امام المجلس وهل يقوى على فحص اتفاقية الموظفين ويعرف ما بينها وبين نص المعاهدة من الفروق، وهل يجرأ على اعادة النظر في مشروع اصفر الى غير ذلك من الشؤون المهمة التي كانت موضع اهتمام الرأي العام وحنقه و لا تزال كذلك ؟
نعم ان المجلس النيابي كما يظهر قد حرم سلطة النظر في مثل هذه الامور بل حتى في الشؤون المالية التي لها مساس بعهد او بميثاق سابق وليس للمجلس إلا ان يتباحث في المسائل والموضوعات التي تعرض عليه في المستقبل،
ولكن ما لا يدرك كله، لا يترك كله، هذه حكمة عربية صحيحة، لا مفر لنا من قبةلها والعمل بها فاذا لم يكن لمجلسنا النيابي تلك الحقوق الواسعة التي تمكنه من بحث المعاهدات والامتيازات والاتفاقيات السابقة كما هو شأن المجالس النيابية الاخرى فيجب ان لا يهمل ما لديه من حقوق وسلطات كثيرة لا بأس بها وكلما احسن نوابنا التصرف بها ضمن دائرة القانون والمنطق والتعقل والظروف الملائمة استطاعوا ان يقيموا البراهين بواسطتها على كفاءة العراقي وعبقريته

                              انتهى الاقتباس
يلاحظ القارئ الكريم المستوى العالي من الوعي السياسي والاحساس الوطني والشعور بالمسؤولية العالية التي كان يتمتع بها العاملون في الصحافة في ذلك الوقت

مع تحيات معد قراءات في صحف عراقية قديمة
ماجد عبد الحميد كاظم

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

789 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع