لا تلمس َ الجـِراح َ لا لا تنكأها

 

شعر / مثنى عبيدة حسين



لا تلمس َ الجـِراح َ لا .. لا .. تنكأها

لا تنكأ الجـِراح َ لا .. لا .. تلمسها

عذراً صرختي إن لم أكظمُها

فـَجرت َ ينابيع َ الصبر ِ من مكمنِها

أنت َ.. أختك َ.. لا تفهمُها

لا تعرفان ِ لم َ صيحات ُ الألم ِ أُطلقها

براءة ٌ الطفولة ِ أرق ُ من أثلمُها

دموع ُ العين ِ بالعبرات ِ أحبسُها

تحملاً حتى تلعبان ِ بـِمـلعبها

فلكما الروح ُ ما أرخصها


لا تلمس َ الجراح َ لا لا تنكأها

ماذا أقول ُ وكيف َ تفقهـُها

رحلة َ حياة ٍٍ مهب ُ الريح ِ أتـَعبها

أيامٌ ُ كـ ( رهين المحبسين )* ما أصعبُـها

بين مبضع ِ جراح ٍ وكـُرسي ٌ مرتعُها

محمول ٌ بين الأحضان ِ وسواعدُها

في كل ِ عيد ٍ لها غصة ٍ تـُوجعُها

الفرح ُ غائب ٌ عن مـَعلمـُها

أمي ُ ترقب ُ أزهارها والذبول ُ يَقتـُلـُها

ثيابنا بالبخور ِ والمسك ِ تــُعطرُها

هذه ليُـوم الـُعرس ِ أدُخرُها

تلك َ لنوم الظهر ِ أُحضرُها

الحِناء ُ لذاك َ اليوم ِ أُخرجـُها

مهلاً ... أماه... دعيها في معقلها

ما عِلمت لأعَمارُنا ما ينتظرُها

سحقتَ العاصفاتُ أضلـُعها

فخرجنا بعكاز ٍ للأجساد ِ يحملـُها

لا .. نصرٌ بسوح ِ الوغى أكرمها

..لا.. غد ٍ زاهر ٍ يُسعدُها

آه ٌ.. أنين ٌ .. تاهت بزحمة ِ السوق ِ أسهـُمـُُها

قوافل ُ الشهداء ِ غراب ُ البـِـين ِ يتبعـُها

لم يـُبقي لأجسادهم ُ إلا الثوب َ يسترُها

إلى جنان ِ الخلد ِ به يـرتقون َ منازلها

بأي ذنـْب ٍ كان مقتلـُها ؟؟

لا تلمس َ حبيبي الجـِراح َ لا تنكأها

حقـُك َ أن ضاعت عليك َ أحرُفـُها

فأنى لك َ تعلمُها ؟؟

حكايات ٌ تمضي ما عـُدت ُ لكثرتها أذكـُرُها

لا أدري إلى متى أكتمُها ؟؟

فالعمر ُ تمضي أيامه ُ لأخرها

تـَحمل حبيبي حين َ أسردُها

من أين أبدأ لأخـُبرك َ وأخبرُها ؟

عن طفولة ٍ البؤس ِ أحملـُها

أم عن فتوةٍ.. اليـُتم ِ طرزها

أم عن بردٍ .. خوفٍ .. يـُدفئها

أم عن شباب ٌ أكلـتـُه غزوات ٍ ... وما أكثرها

أم للمجهول ِ رحيلُ الأحبة َ عن أحبتها

أم عن قسوة ٍ فاق َ العقل ُ تصورها

أم حصارُ الأسلاك ِ للحليب ِ يمنعـُها

أم عن عصف ٍ للبيوت ِ يقلعُها

أم عن أصنام ٍٍ هوت.... وسطوتها

أم أطفال ٍ لا تعرف الحلوى... كيف تأكلها ؟

أم عن حلم ٌ بحياة ٍ لا نعرف ُ كيف َ نعشقـُها ؟

أوراق ُ أعمار ٍ ذبلت قبل خـُضرتِها ؟

أم قصص ُ العشاق ِ كيف نِهايتـُها ؟

أم عن سواد ٍ يـُزين ُ شوارعـُنا  ما يوماً أبهجها

أم عن آمال ٍ محبوسة ٌ لا .. نبوح بها لا .. نطلقها ؟؟

أم وطن ٍ كالحُلم ِ .. للروح ِ يـُراودُها

في حر ِ الصيف ِ يـُشعلـُها

براكين ُ القهر ِ للحجارة ِ تـُصهرُها

لا تلمس َ الجـِراح َ لا لا تنكأها

هناك ألف ُ أخ ٍ وأخ ٍ يـُضمدُها

يـُسرعُ ملهوفاً قبل َ صرختها

يفتديك َ بروحه ِ .. الدماء َ يـُنزفها

يـَعفو عن الجميع ِ حتى يـُجمعها

فنجان ُ قهوة ٍ والشاي ُ يحضرهُا

جلسات ٍ يحرصون َ على موعدُها

إن مات غريباً ..الكل ُ منهمراً أدمعها

البيوت ُ سرادق ُ عزاءٍ الجيران ُ يخدمُها

في العرس ِ الأضواء ُ تـُزينها

ذاك َ يصف ُ الكراسي وذاك َ يـُلمعُها

بل الطفل ُ يتسابق ُ يحملـُها

امرأة ٌ عند َ التنور ِ لعجينها تـُخبزُها

فتاة ٌ بعمر ِ الورد ِ حـُمرة ُ الخجل ِ تصبغـُها

حين َ تسمع ُ أمُها لجارتهم عروساً تـَُخطبُها

لا تلمس َ الجـِراح َ لا لا تنكأها

أُصغي السمع َ لوقع ِ قدمُها

تهب ُ والسعادة ُ تفضحُها

تهتف ُُ بكلمة ٍ تنطقـُها

هلا .. هلا .. بابا.. ما أجملـُها

حتى أن فتحت ُ الباب َ أُداعبـُها

زهواً.. محبة.. شكراً لخالِقها

عند َ المساء ِ للفراش ِ أحملـُها

أطبع ُ قــُبلة ٌ على وجنتيها ألثمُها

في منتصف ِ الليل ِ أسمعُها

تـُنادي بابا  بابا .. أنسى جراحي أتركـُها

أهب ُ مسرعاً لـِنجدتها

مع شروق ُ الشمس ِ أرقبـُها

تركض ُ جذلة ً كي ألحقــُها

أفـُوز ُ بضمة ِ حضن ٍٍ أُودعُها

بشرى وزينة الحياة الدنيا أروعـُها


أطباءُ الروح ِ أياديكم أُمررُها

فوق َ الجراح ِ بكم أُطهرُها

أنفاسكم دعاءكم بلسمُها

صُـوركم .. كلماتكم.. خطواتكم.. أعشقـُها

أدعو الله أن يـُنجيكم ويَرحمُها

أدعو الله أن يـُنجيكم ويـُنقـذُها

 

* أبو علاء المعري الشاعر والفيلسوف لقب َ نفسه (رهين المحبسين ) بسبب العمى وملازمته البيت .
ـ مهداة إلى / من لازمت جسده الجـِراح َ وأطفاله يلمسونها ببراءة فترتعش روحه جسده آلماً فوق ألاحتمال، لكن لأجل عيونهم يصرُ على الحياة .
_ تحية مودة ٍ لكل ذوي الاحتياجات الخاصة ومعاقي الحروب.
27 / 6 / 2012 م
( قصيدة جرت حروفها على أرض الواقع  )

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

549 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع