حكومتنا العزيزة إغلاقكم للنوادي الإجتماعية اثلج صدورنا

                                         

حكومتنا العزيزة إغلاقكم للنوادي الإجتماعية اثلج صدورنا!
بقلم : د. حبيب تومي / ديترويت
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
اقول للقارئ الكريم ان عنوان هذا المقال ليس من بنات افكاري حيث اعتمدت على خبر قديم من العهد الملكي ، حينما لجأت الحكومة العراقية في ذلك العهد الى تسعير بعض المواد الغذائية من الفواكه والخضراوات ، وقد اغتنم هذه الفرصة الكتاب المعارضين للسلطة انذاك ومنهم الصحافي نوري ثابت الذي اتسمت كتاباته بالسخرية والنقد اللاذع ، وقد وظف عبارات هزلية في نقده ، وقد اصدر جريدته الساخرة سنة 1931 تحت اسم حبزبوز ، وحين نشر خبر التسعيرة ارسل برقية للحكومة يقول فيها : تسعيركم الشلغم اثلج صدورنا .

والإشارة كانت لوجود مصاعب ومشاكل جسيمة امام الشعب ، والمسالة التي لجأت اليها الحكومة كانت تافهة ولا تشكل حتى خيطاً رفيعاً من تلك المعضلات .
وتبدو المقاربة هنا غريبة لأول وهلة ، فماذا يربط تلك المسألة بعملية الهجوم الميمون على المنتديات الأجتماعية والثقافية ؟ والجواب واضح في لجوء حكومتنا المنتخبة جملة مشاكل عويصة ، وتوجهها الى الأنتقام من النوادي الأجتماعية . فمشاكلها متنوعة ليس اقلها ما يتعلق  بتوفير الخدمات العامة بما فيه توفير الماء والكهرباء ، الذي صرفت عليه مليارات الدولارات ، والنتيجة كانت ضياع تلك المليارات من الخزينة العراقية ولكن دون توفير الكهرباء ، فكيف تبخرت تلك المليارات ولم يتوفر الكهرباء ؟ فالعلم عند ربي وعند الراسخون في بواطن الأمور .
اما ترسيخ الأمن والأستقرار ولحد اليوم كما يلوح في الأفق فإنه بعيد المنال ، رغم صرف المليارات على مختلف صنوف القوات العسكرية والأمنية وجهاز الشرطة والمخابرات ، فكم يا ترى نحتاج من القوات ومن الأسلحة والأعتدة والأموال لتحقيق الأمن والأمان والاستقرار بشكل جدي وحقيقي بمنأى عن ادعاءات الأعلام الحكومي الذي يجعل من العراق جنة دلمون التي كان يعيش فيها الجميع بأمان واستقرار .
 لقد مرت تسع سنوات على سقوط النظام فهل ينبغي ان نصبر 9 سنوات اخرى لكي نعيش في بغداد والمدن الأخرى بأمان واستقرار ؟ وسوف لا نتطرق الى موضوع الفساد المالي والإداري المستشري في مفاصل الدولة العراقية .
 ولا نريد التطرق الى البطالة والبطالة المقنعة ، ولا الى المحسوبية القبلية والحزبية والطائفية ، ولا الى غياب دولة القانون والمؤسسات ، ولا الى اكوام القمامة المنتشرة في الأحياء السكنية ، ولا الى العوازل الأسمنتية التي تبدو وكأنها جدار برلين مصغر يفصل بين الأحياء والمؤسسات .
ولا الى تصنيف مدينة بغداد التاريخية في المرتبة الأخيرة بين عواصم ومدن العالم من ناحية الأمان والنظافة ومعايير اخرى ، ولانتطرق الى تصنيف العراق مع اسوأ الدول من ناحية الفساد وانعدام الأمن والأمان للمواطن والزائر الغريب .
 ولا نشير الى ملف العلاقات المتوترة مع اقليم كوردستان ، ولا نتطرق الى السباق المارثوني والخلافات المستشرية لتقسيم المناصب ، وهكذا امام الحكومة العراقية سلسلة من الملفات المعقدة ، لكن اين تقف الحكومة العراقية من تلك الملفات ؟ إن ما يتراءى امام المراقب للاوضاع في العراق ، لا يلوح امامه في المستقبل المنظور اي بصيص من الأمل والتفاؤل ، خاصة وإن الحكومة لا تعير لتلك الأمور اي اهتمام  وبدلاً من ذلك تتوجه الحكومة الى قضايا جانبية .
وتركت الحكومة كل تلك الملفات معلقة في عنق الزجاجة ، لتنطلق في غزوة على النوادي والجمعيات الثقافية والأجتماعية في بغداد يوم الثلاثاء السابق من قبل الأجهزة الأمنية ، وقيام هذه القوات بالإعتداءات بالضرب على المواطنين من رواد هذه النوادي وتحطيم الآثاث وتوجيه الإهانات وغيرها من الوسائل المنافية للأسلوب الحضاري في التعامل مع المواطنين ، كل ذلك يدل على مدى استخفاف المسؤولين الحكوميين بحرية المواطن الشخصية وشخصيته الأجتماعية ، فكما هو معلوم إن معظم هذه النوادي والمحلات تعود ملكيتها للمواطنين من اتباع الديانات غير الإسلامية ، ومن المعروف ايضاً ان معظم وربما جميع رواد هذه المحلات هم من الأخوة من المسلمين .
 وإن كانت قد حصلت مشكلة معينة في محل من هذه المحلات كان يمكن معالجتها بشكل محصور في ذلك المحل وليس باللجوء الى عقوبة جماعية عشوائية . إن اسلوبها هذا يدخل فيه عنصر التفرقة العنصرية والدينية والضغط على المكونات غير الإسلامية ، خاصة وإن الشخص المسؤول عن تلك العملية في نادي المشرق العائلي للمكون المسيحي ، قد صرح بشهادة الموجودين بأن على المسيحيين ترك هذه البلاد والهجرة الى السويد واستراليا .. كما ان الحقد التراكمي المترشح من الخطاب الديني السياسي قد افرز السلوك المنافي لأبسط قواعد التقدير والأحترام في اللجوء الى تحطيم صورة رمز ديني عراقي اصيل وهو الكاردينال البطريرك عمانوئيل الثالث دلي الكلي الطوبة وهو بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم .
الصحيح ان المكون الكلداني صغير نسبياً مقارنة بالمكونات الكبيرة ، لكن الصحيح ايضاً ان لهذا المكون مكانته في العراق وتأثيره في الداخل والخارج اكبر من حجمه ، إنه كبير في تاريخه وفي إخلاصه وتفانيه للوطن ، ومن يستهدف هذا الشعب فإنه يستهدف العراق ولا يريد الخير له .
إن المسألة ليست محصورة في هذا الحدث ، ولايمكن فصلها عمّا تعرض له اتباع الديانات الأخرى غير الإسلامية ، كالأيزيدية والمندائيين والمسيحيين من الكلدان والسريان والآثوريين والأرمن ، إنه مسلسل متواصل لتصفية هذه المكونات وإجبارها على ترك اوطانها ، هذه هي محصلة السنين التي اعقبت سقوط النظام عام 2003 فإن الأسلام السياسي يعمل لأسلمة البلاد ، وليس هنالك ما يشير الى تشجيع التعددية في النسيج المجتمع العراقي ، فهنالك خطاب مبطن ملؤه التهديد والوعيد لكل المكونات غير الإسلامية ، وإن كانت بعض التصريحات المتناثرة في الساحة الأعلامية العراقية لبعض المسؤولين العراقيين بضرورة المحافظة على النسيج المتنوع للمكونات العراقية غير الإسلامية ، فإن تلك التصريحات لا تشفي الغليل وليس لها تأثير فعلي على ارض الواقع .
في مجال آخر لا يمكن ان نتفق مع النائب يونادم كنا ان العملية لم تكن متعمدة في استهداف مكون معين بل كانت الحملة عامة ، لكن من السياق العام للخطاب الحكومي والشعبي فهنالك التضييق على الحريات الشخصية للمكونات غير الإسلامية في المجتمع العراقي ، وثمة توجه عام لأسلمة المجتمع ؟ فبماذا نفسر تفجير محل مشروب مجاز في تلكيف يعود لمواطن ايزيدي ؟ ومن يعمل بهذه التجارة غير الأيزيدية والمسيحيين ، هذا بشكل رسمي على الأقل فهنالك الكثير من المسلمين  يستفيدون من هذه التجارة بشكل وآخر  .
وقد كتب الأستاذ هيثم ملوكا مقاله الموسوم :
" السيد يونادم كنا اذا كنت حقا قائدا ورمزا لشعبك عليك بكلمة الحق ..حتى وان كلفتك حياتك ؟؟ " حسب الرابط ادناه :

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,609478.0.html
 
وأنا بدوري اسأل سؤال شخصي للنائب يونادم كنا :
ماذا لو كان بديل الصورة المهشمة للبطريرك الكاثوليكي الكلداني عمانوئيل الثالث دلي وكان بدلها بتلك الوضعية صورة للبطريرك النسطوري الآشوري مار دنخا الرابع مثلاً هل كنت صرحت ايضاً بأن العملية غير مقصودة ؟ ولا تستهدف المكون المسيحي ؟
اعود الى محور المقال وأقول ان ان السبب يعود في هذه العملية وفي التوجه العنفي المجتمعي الأسلامي ضد المكونات الأخرى غير الإسلامية بشكل عام بأنه يعود الى الخطاب الديني السياسي الذي يخيم على عموم الساحة العراقية ، وإن المكون الإسلامي الذي يشكل النسبة الكاسحة من المجتمع العراقي يتشبع بذلك الخطاب الذي يعكس الآخر وكأنه عبارة عن مجموعة من الكفار والزنادقة ليس لهم شغل شاغل سوى ارتكاب المعصيات والموبقات ، وهذا هو الخطاب الذي يشحن للجماهير الواسعة نحو الكراهية والحقد نحو الآخر غير المسلم حتى لو كان ابن الوطن العراقي الأصيل ، وإن وجوده كان قبل وجود الإسلام في هذا الوطن  . إن من يريد ان يرسي قواعد دولة القانون ويكرس قواعد الدولة المدنية الديمقراطية الليبرالية الحقة ، وينمي فضائل التسامح والتعايش ، عليه ان يقف على مسافة واحدة من كل الأديان فليس هنالك دين الله الحق والى جانبه دين الله الباطل ، كل فرد حر في دينه ومعتقده .
ما هي الفائدة من تصريح مسؤول كبير في الدولة بأنه يحترم المسيحيين وهم مواطنين اوفياء والى جانب ذلك تتعالى الأصوات عبر مكبرات الصوت في الجوامع تدعو للكراهية والحقد ؟
في الوطن العراقي يشكل المسلمون كما قلت الأغلبية الساحقة ، وإنا مؤمن ان نسبة كبيرة من هؤلاء لا يقبلون بالظلم على الآخر لا سيما إن كان ابن الوطن ولدينا مجموعات كبيرة من الأصدقاء الأوفياء من المسلمين ، لكن المسألة تكمن في سكوت هؤلاء عن الظلم ، يقول نابليون :
 ان العالم يعاني الظلم ليس بسبب الأشرار بل بسبب سكوت الأخيار ، والسؤال هو لماذا هذا السكوت المطبق للاخيار من المسلمين ما يرتبكه ابناء جلدتهم بحق الآخرين ؟
نطلب من المسؤولين العراقيين ومن دولة رئيس الوزراء نوري المالكي ، ان تكون هذه الهجمة الأخيرة وأن يترجموا اقوالهم الى افعال فيما يخص التعامل مع المكونات الأخرى من  غير المسلمين . وإن يحثوا خطباء الجوامع على التمسك بخطاب يدعو الى التعايش والتسامح مع الآخر بمنأى عنالمغالاة والتكبر ، ولننظر في الأفق البعيد وسنجد ان كل الدول العربية الإسلامية تتراوح في مكانها وإن العالم يركض نحو الأمام . ونحن يهمنا وطننا العراقي ، الذي بقي مع الأسف لحد اليوم عاجزاً عن تحقيق الحد الأدنى من طموحاته . فليكن عنصر الأخلاص للوطن ديدننا وهو الطريق الوحيد لبلوغ مرفأ الأمان والتعايش والمستقبل المزدهر للوطن العراقي .
الدكتور حبيب تومي / ديترويت في 11 / 09 / 12
 
------------------
الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية تدين الأعتداءات على النوادي الأجتماعية والتضييق على الحريات الشخصية
نحن في الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية ندين عمليات المداهمة والأعتداء على العديد من النوادي الأجتماعية والثقافية وذلك يوم الثلاثاء الماضي الموافق 04 / 09 / 12 بذريعة حصول بعض المخالفات او الخروقات من قبل هذه النوادي ، إلا ان طريقة العلاج كانت بمنأى عن الأسلوب المؤسساتي الحضاري وذلك باللجوء الى  إطلاق يد الأجهزة الأمنية في معالجة الأمر .
إن اي مراقب محايد يستشفي ان العملية كان تستهدف التضييق على المكونات غير الإسلامية من النسيج المجتمعي العراقي ، بما فيهم المكون المسيحي الذي طاله القتل والإرهاب والتشريد والتهديد .. واليوم هنالك مناطق في بغداد مثل الكاظمية يحظر فيها على المرأة ان تتبضع دون حجاب .
إن هذا التضييق على الحريات الشخصية للمكونات غير الإسلامية لا يتماشى مع الدعوات لبناء الدولة المدنية المؤسساتية الديموقراطية التي تقف على مسافة واحدة من اتباع كل الأديان والمعتقدات والأثنيات والأعراق .
 لقد كانت هنالك الفاظ عنصرية صدرت عن مسؤول عسكري كبير ، موجهة لمجموعة من المسيحيين في نادي المشرق الأجتماعي على سبيل المثال : لماذا لا تهاجرون الى استراليا والسويد ؟ وكان هنالك تحطيم لصورة البطريرك عمانوئيل دلي وإهانتها ، وهو بطريرك بابل للشعب الكلداني  في العراق والعالم ، كما كانت هنالك عمليات الأعتداء بالضرب على الرواد حسب ما افاد شهود عيان . إن هذا يتنافى مع ابسط حقوق المواطن في حريته وكرامته في وطنه العراقي .
نحن في الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية في الوقت الذي نستنكر هذه الممارسات ، نطالب الجهات المختصة ودولة رئيس الوزراء بالتحقيق في هذه الإعتداءات ومعاقبة المسيئين ، وتعويض المتضررين ، ونطالب الدولة العراقية بمنح مساحة من الحرية الثقافية والإجتماعية لكل مكونات الشعب العراقي وفي المقدمة المكون المسيحي من الكلدان والسريان والأشوررين والأرمن .
د. حبيب تومي / الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للتنظيمات السياسية الكلدانية

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

715 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع