أوربا على صفيح العقوبات الساخنة الامريکية

                                             

                             سعاد عزيز

أوربا على صفيح العقوبات الساخنة الامريکية

لازالت علامات الحيرة والقلق تطغي على سحنة الاتحاد الاوربي حيال العزم الامريکي الراسخ على المضي قدما في فرض العقوبات الجديدة على إيران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، ومن دون شك فإن المساعي الحثيثة التي بذلها الاتحاد الاوربي من أجل تليين الموقف الامريکي"ولو حيالها فقط" والحصول على تنازلات جديدة من طهران، قد باءت بفشل لايمکن إخفائه، لکن في نفس الوقت لايبدو الاتحاد الاوربي مستعجلا من أمره ولايزال يريد أن يجد حلا وسطا يمکن إعتباره أبعد مايکون في الظروف والاوضاع الحالية.

الحقيقة التي تعلمها البلدان المتضررة في الاتحاد الاوربي من العقوبات الامريکية، هي إن الکرة في الملعب الايراني وإن المطلوب منه إتخاذ الخطوة التالية"الاکثر إلحاحا" هم الايرانيون وليس الامريکيون، خصوصا وإن الاتحاد الاوربي يعلم جيدا بأن الموقف الامريکي المتشدد لم يأتي من فراغ ولامن دون سبب أو مبرر، وانما له مايمکن أن يقنع العالم کله الذي بات ينظر الى الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في أواسط تموز 2015، بعين الشك والريبة ولاسيما بعد إستمرار إيران في تطوير صواريخها الباليستية واستمرار نشاطاتها السرية الى جانب الکم الهائل من الانتهاکات والخروقات التي قامت بها طهران بعد التوقيع على الاتفاق النووي والتي کشفت عنها المخابرات الالمانية على وجه التحديد، ولذلك فإنه وعلى الرغم من المٶاخذات والانتقادات المتباينة على العقوبات الامريکية والملاحظات بشأنها، لکن هناك تفهم إقليمي ودولي وحتى إيراني لها فيما يظهر الاوربيون وکأنهم يقفون على صفيح العقوبات الامريکية الساخنة بإنتظار أن يفتحوا ثغرة فيها أو يجدوا حلا وسطا يمکن أن يقنع الامريکيين.
الاتفاق النووي لم يمنح الشعب الايراني الثقة بالمستقبل والاطمئنان وإن عامي 2016 و 2017، ولاسيما بعد إطلاق الارصدة الايرانية المجمدة، قد شهدا تراجعا واضحا في الاوضاع الاقتصادية والمعيشية في إيران بحيث أدى ذلك الى تصاعد النشاطات والتحرکات الاحتجاجية في سائر أرجاء إيران بحيث لم يستطع النظام الايراني من التستر عليها لکن هذه الاحتجاجات قد وصلت الى ذروتها وتبلورت أخيرا في الانتفاضة الکبيرة للشعب الايراني والتي توضحت معالمها منذ 28 ديسمبر/کانون الاول 2017 عندما إجتاحت 140 مدينة إيرانية وقامت السلطات الايرانية على أثرها إعتقال 8000 منتفض قضى 16 منهم نحبه أثناء التحقيق معهم، لکن الملفت للنظر إنه وفي الوقت إهتم الامريکيون بالانتفاضة وأعلنوا تإييدهم لها فإن الموقف الاوربي ظل متحفظا وضعيفا ويطغي عليه التردد، وهو أمر أقلق ويقلق ليس الشعب الايراني وانما حتى شعوب ودول المنطقة، والذي يحرج الاوربيين أکثر أمام العالم من حيث موقفهم تجاه العقوبات الامريکية على إيران وسعيهم التوافقي هو العملية الارهابية الاخيرة التي سعت المخابرات الايرانية القيام بها وکان عقلها المدبر السکرتير الثالث في السفارة الايرانية في بروکسل وإستهدفت التجمع السنوي الکبير للمقاومة الايرانية في باريس، ولأن الامريکيون والمقاومة الايرانية أکدا على إن إيران قامت بصرف الاموال المجمدة التي إطلاقها على أثر الاتفاق النووي في الاعمال والنشاطات الارهابية والتدخلات في المنطقة، فإن هذه العملية غير العادية قد جاءت لتحرج الاوربيين ولتفضح وتکشف النوايا الحقيقية لطهران وتثبت بأنها تقول وتدعي شيئا وتفعل خلافه.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

732 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع