قراءات في صحف عراقية قديمة

                                                       

                         ماجد عبد الحميد كاظم


م/ قراءات في صحف عراقية قديمة

في بداية العقد الثالث من القرن الماضي شهد العراق حركات عصيان مسلح قامت به " عصابات التياريين " - آلآثوريين - وقد اضطرت الحكومة آنذاك بشن الحملات العسكرية لأخمادها وبرز من القادة العسكريين في ذلك الوقت الزعيم بكر صدقي ونشرت جريدة الاهالي بعددها 248 الصادر في بغداد صبح يوم الجمعة 25 آب 1933 الموافق 4 جمادى الاولى 1352وبما يتعلق بالموضوع آلآتي:-


يصل جيشنا المحبوب في قطار كركوك صبيحة يوم السبت في الساعة السابعة والنصف وسيستقبله الشعب استقبالا حافلا في باب المعظم 

شكر الجيش العراقي الى الموصليين الكرام

استقبل الموصليين الجيش العراقي لدى عودته منتصرا من قتال التياريين استقبالا عظيما والقيت الخطب الحماسية وبعد ان لنتهى الاحتفال بمقدم الجيش شكر الزعيم بكر صدقي بك الموصليين بالبيان آلآتي :
يا ابناء الحدباء الكرام

ان ما اظهرتموه من السجايا العربية الكريمة والعواطف السامية بتكريمكم الجيش العراقي الذي قام بتأديب عصاة التياريين واحتفائكم بقدومه تقديرا لما قام به من واجب ضئيل اعاد الى الاذهان تلك الصفحات الخالدة والوطنية الصادقة والاعمال الجبارة التي امتاز بها الموصليين باحرج المواقف واصعب الاوقات يوم كان سيف الاحتلال مسلطا على الرقاب فشكرا يا ابناء الحدباء.
شكرا مقرونا بروح الاعجاب والتقدير شكرا اقدمه عربونا لما سيقوم به الجيش العراقي في المستقبل من الواجب العظيم الذي كان ولم يزل يشعر به ويتأهب لادائه فلنكن جيشا وشعبا لذلك اليوم المنتظر.

بكر صدقي العسكري

الزعيم
آمر قوة عماد والمنطقة الشمالية

وحول هذا الموضوع كتبت الجريدة في افتتاحيتها

الدعايات المضرة ضد العراق في الخارج وواجب الحكومة تجاهها

حمل الينا البريد الصحف الغربية فاذا هي طافحة بقضية التياررين وخاصة منها الصحف البريطانية وكانت هذه الصحف تصور العراق وجيشه تصويرا فيه شئ من كبير من الهمجية وترمي الجيش بالاعتداء على التياررين وقد كانت اكثر منابع تلك التلفيقات التر روتها الخارجية الاستعمارية آتية من مصادر اجنبية في العراق وزاد الطين بلة ان مار شمعون الذي نفته الحكومة العراقية بناء على ثبوت قيامه بتحريض التياريين على التمرد والعصيان المسلح اذاع بالراديو ان التياريين مظلومون وان الجيش العراقي هو قسا عليهم وبادرهم بالاعتداء وان الحكومة العراقية سلحت الاكراد لمهاجمة التياريين في قراهم الى غير ذلك من اباطيل ظاهر كذبها لدى العموم ومن هذا يتبين لنا رجحان الفكرة القائلة ان الحكومة لم تحسن صنعا بابعاد مار شمعون انما كان عليها ان تسوقه للقضاء ليلاقي ما جنته يداه وما ادت فعلته الطائشة من ضياع في النفوس والاموال كما اننا نستغرب جد الاستغراب ان تسمح الحكومة البريطانية لهذا الشخص ان يذيع اكاذيبه في تشويه سمعة العراق الذي بقى طوال مدة عصيان التياريين يحرس القرى التي فها عوائلهم بجيشه وشرطته واهليه في الحين الذي كان رجالم المسلحون يهاجمون جنودنا الاعزاء ويمثلون في القتلى والجرحى في منتهى الوحشية والفضاعة..

ان هذه الحملة التي جاءت في صحف ذات المطامع الاستعمارية والتي يهمها ان تشنع في العراق حكومة وشعبا ليسهل عليها ان تستغله نراها قد دبرت فيجب على الحكومة ان تنتبه لهذا الامر انتباها كليا.
اننا لاندري لم يحرك ممثلونا السياسيون في الخلرج ساكنا تجاه تلك الدعايات السيئة العارية من الصحة وكان ان ينشروا الفضائع التي ارتكبها اولئك العصاة ليقف عليها الرأي العام الاوربي فيعرف مدى اساءة هؤلاء الينا دون ان نعمل لهم سوى الجميل، ان بقاء ممثلينا السياسيين صامتين مما يدخل الناس في الخارج الاعتقاد بصحة ما تنشره الصحف من تلفيقات واكاذيب عن هذا الامر فلذلك فنحن نرى ان ترسل الحكومة اليهم المعلومات الوافية وتأمرهم باذاعتها كما عليها ان تطلب الى الحكومة البريطانية " الحليفة "ان لا تدع لمار شمعون ان يبث عن العراق ما تسول له نفسه ان يبث، ومن واجبها ايضا ان تراقب الاجانب المبثوثين في العراق لكي تمنعهم من ارسال البرقيات والرسائل التي لا ترسل الا بدافع تشويه السمعة وتصويرنا تصويرا بعيدا عن الحقيقة.


اتتهى الاقتباس

وكانت جريدة الاهالي الصادرة في بغداد صباح السبت 29 تموز 1933 بالعدد 233 قد احتوت عل مقالة افتتاحية بعنوان


واجب الحكومة والانكليز تجاه التياريين
جاء فيه

حدوث المشاكل والاضطرابات ، في الامم ، - في بعض الاحيان - ليست من الامور المستبعدة ، ولا المستغربة كما ان معالجتها واستئصالها ليست من الامور المستعصية على الحكومات النابهة القوية.
يمرض الانسان مرضا بسيطا فيتولى معالجته طبيب جاهل ويهمل وقايته من الاختلاطات المرضية الاخرى فيصبح المرض البسيط خطرا تستعصي مداواته، وهكذا تكون مشاكل الامم واضطراباتها، فاذا لم تتولاها حكومة رشيدة، نعالج المشكلة علاجا حازما وتجردها من عوامل الفساد بحزم وبدون تردد تصبح معقدة تصعب مداواتها وقد تجر على الامة الويل والثبور.
ولو نظرنا الى مشاكلنا الداخلية نجدها كلها - في بداية الامر - بسيطة بحد ذاتها ولكن غفلة رجالنا وضعفهم وفقدان الثقة بانفسهم من جهة وتغلغل الانكليز وتدخلهم في شؤوننا الحيووية وتكيفهم الامور حسب وجهة نظرهم الاستعمارية من الجهة الاخرى، هي التي تخلق من مشاكلنا البسيطة مشاكل عويصة، معقدة كل التعقيد.
والمشكلة التي يتحدث عنها الناس آلآن - مشكلة التياريين - تلك المشكلة التي اقلقت الحكومة واشغلتها، لم تكن بحد ذاتها من المشاكل التي تستحق الاهتمام لولا الوضع الذي اتخذه الانكليز في هذه القضية.
لقد عالجنا هذه القضية في عدد سابق من جريدتنا وبينا كيف ان الانكليز قد آووا هذه الطائفة الغريبة فسلحوها ما استطاعوا وجعلوها بوضع عدائي لابناء البلاد فاضافوا الى مشاكلنا الداخلية مشكلة كبرى.
وفي ظل الانتداب سندت الحكومة البريطانية هذه الفئة الصغيرة بكل ما لديها من وسائل المعونة فاجبرت الحكومات السابقة ان تتساهل مع هذه الفئة باقصى حدود التساهل واقتطعوا من وزارة نوري باشا السعيد عهدا الى عصبة الامم باسكانهم في مناطق حسنة واجبروا الوزارة التي تولت الحكم بعد ذلك، ان توافق على مراقبة اسكانهم على يد خبير بريطاني ثم اجبروا هذه الوزارة في " عهد الاستقلال ! ؟ " ان تخصص المبلغ الكبيرة لمشاريعهم الزراعية - فقدمت المشروع الى مجلس الامة صاغرة، فصدقه - وطلبوا اليها تنفيذ الشروط التي تم الاتفاق عليها.
فبينما هي اخذة في تنفيذها واذا ب " مار شمعون " يريد ان يتصل بالخبير البريطاني ويتدخل رسميا في قضية الاسكان بصفته رئيسا لهذه الطائفة ؛ واذا بمشاغبات تحدث في محل الاسكان من قبل اصحاب ال " مارشمعون " فوقفت الحكومة موقفا حازما وقتئذ ومنعت ال " مارشمعون " من الذهاب الى محل الاسكان ولكن لم تتمكن من منعه من الاتصال برجال الجيش البريطاني في تلك المناطق فترك ذلك اسوأ اثر في نفوس الناس.
وآلآن تبعث هذه القضية من جديد فيتمرد عدد كبير من هذه الفئة ويجتازون الحدود العراقية باسلحتهم وعدتهم متوجهين نحو سورية، احتجاجا على عملية الاسكان - على ما يظهر - ولما لم تأوهم الحكومة الفرنساوية تركوا سوريا واقاموا ضمن الحدود، عازمين العودة الى محلاتهم، متجمهرين، مدججين بالسلاح.
فلما طلبت الحكومة العراقية ان يلقوا سلاحهم - ومن واجبها ان تطلب ذلك - تمردوا وامتنعوا.
ان امر هذه الفئة لامر غريب عداء صريح لسكان البلاد، وشغب مسلح مستمر، ورفض تسلبم السلاح وعدم الاعتراف بسلطة الحكومة العراقية.
فمن الذي يلقي هذه الروح الثورية في هذه الطائفة الصغيرة، ومن اين تستمد تلك الروح، ومن الذي يشجعها على هذا العصيان والتمرد؟
ان اتصال الانكليز برؤساء هذه الفئة، في هذا الوقت الحرج ومكوث القنصل البريطاني في ديانا !! وامور اخرى لايسع المقام ذكرها لاشك مما يؤيد الظنون السوء حول سياسة الحكومة البريطانية وتجافيا حقيقة ملموسة في هذا العهد الذي دعوه " عهد الاستقلال التام "
فعلى كل ان الانكليز والحالة هذه هم المسؤولون عن كل مايحدث لهذه الفئة اذ ان الحكومة العراقيى يجب عليها ان تنفذ قراراتها مهما كلفها الامر لان الرأي العام العراقي يطلب اليها ان تقوم بذلك.
" والحكمة الزائدة التي اظهرتها الحكومة العراقية في كثير من الاحيان في مثل هذه الاحوال ..." حسب ما تقوله جريدة الاوقات العراقية في عددها الصادر في 27 تموز 1933 ، لم تكن غير سياسة ضعف ووهن يجب ان تتجنبها كل حكومة فيما بعد في مثل هذه الظروف.
وقد تنبأت ! الجريدة المذكورة " ان الحكومة البريطانية مستعدة لاستعمال نفوذها في سبيل السلام وصيانته"
فكل ما يتمناه العراقيون، ان تحافظ الحكومة البريطانية على حيادها تجاه هذه القضايا بصورة عامة وتنصح هذه الفئة نصحا حقيقيا - لارسميا ظاهريا - بان ينزعوا من نفسيتهم هذا العداء الذي يحملونه لاهل البلاد، وان تقطع كل اتصال بهم سواء كان مباشرا او غير مباشر والا سوف تجر عليهم هذه النفسية اكبر المصائب والويلات.

انتهى الاقتباس

ملاحظة - اغتيل مار شمعون في امريكا عام 1975
وتقبلو تحيات معد قراءات في صحف عراقية قديمة

ماجد عبد الحميد كاظم

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

609 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع