الكلدان والعلوم - ١

                                            

                         د. نزار ملاخا

الكلدان والعلوم - ١

هل فعلاً الكلدان سَحَرَة ومُنجّمين؟ وهل ذنبهم ليَتَسَمّوا كذلك لأنهم يملكون ناصية الحكمة والعلم، ولهم معرفة ومقدرة على العرافة والتنجيم ومعرفة الغيب (دا 1: 4 و2: 2 و4). نعم هناك معاني عديدة ومختلفة لكلمة (كلداني)، جاء ذكر اسم الكلدان في القاموس (الكلداني ـ العربي) للمطران اوجين منا معرفا بالشكل التالي، كلداني : فلكي، عالم فلك،منجم،عراف، ساحر، ولكن إحدى معاني كلمة كلدان تعني منجمّين، وجاءت بسبب عدم فهم تلك الأجيال لمعنى علم الفلك والفراسة وعلم النجوم التي كانت من إختصاص الكلدانيين حصرا، والتي سميت بالعلوم المقدسة، وبهذا الخصوص فإن الملوك الذين ذهبوا محملين بالذهب للتهنئة بميلاد السيد المسيح كانوا من علماء الكلدانيين، حيث تمكنوا من خلال علومهم وخبرتهم ومعرفتهم الكبيرة بهذا العلم من أن يتنبأوا بقدوم ضيف كبير جداً وحددوا الوجهة التي سيقصدونها، وذلك بعلمهم الوفير في مسالة الرموز والتقاويم الفلكية التي وضعوها. هل حقاً كان الكلدان سرياناً؟ أم آراميين؟ وهل هناك نقاء عرق عند العرب والكورد والتركمان والآراميين والسريان مقبول ويجوز، بينما يختلف الحال عند الكلدان؟ وهل من حق الجميع أن يعترف ويتباهى بنقاء عرقه بينما محرم ذلك على الكلدان، لا بل مطلوب منه أن يثبت إنه من سلالة حمورابي أو نبوخذ نصر وإلا هو ليس كلداني ولا ينتمي إلى تلك السلالة، يعني هو كلداني مُزَوَّر؟ ومَن يستطيع أن يثبت ذلك ؟ هل للعربي شهادة حُررت قبل أكثر من ألفي سنة تثبت نقاوة عرقه ؟ لماذا هذه الحملة المسعورة على الكلدان تحديداً من أشخاص لا يمتون بصلة الى التاريخ ويحشرون أنفسهم بما لا علاقة لهم به ؟ ما الغاية منها ؟ وهل تكرار المعلومة الخاطئة دلالة على صحتها؟ هل لأن الكلدان غزوا إسرائيل ثلاث مرات واليوم بدأ يوم الإنتقام؟ وليكن كذلك، فأجدادنا فعلوها ونحن نفتخر بذلك، مادام الكتاب المقدس قد ذكرها ووثقها. وهل نؤمن بأن عرب اليوم هم عرب قبل ألفي سنة وأكراد اليوم هم أكراد ما قبل التاريخ بينما كلدان اليوم هم يهود، هم من أصول غريبة، لا يمتون بصلة لكلدان الأمس!!! غريبة هذه التناقضات، والأغرب منها أن يوثقها أشخاص لا دراية لهم بالتأريخ، لذا أعتبرها من وجهة نظري الشخصية سموم تُبث والغاية منها معلومة ومعروفة.

هذه الأسئلة سأحاول أن أختصر الإجابة عليها رداً على بعض الإخوة الطارئين على التاريخ، والذين يعتبرون التاريخ دكان بقالة يستنقون منه ما يعجبهم من الفاكهة. ولو كان التاريخ على الأهواء والإختيارات والرغبات لماذا نسميه تاريخ ؟ وهل نعرف ما هو الفرق بين التأريخ والتاريخ ؟ هناك مثل عراقي وعربي يتداوله الناس في كل مكان وهو " أنطي الخُبُز للخباز ولو ياكل نصّه " كما أن هناك مثل آخر يقول " مو كلمن ... صار حداد ،،، ولا كُل أمْدَعْبَل جوز، ولا كل ما يلمع ذهب" والأمثلة تُضرب ولا تُقاس

لم يعد يُخفى على أحد مدى التأثير العلمي الكلداني على العراق والعالم أجمع، والكل يعرف بأن علوم الكلدانيين شعت وأستبصرت بها الدنيا كلها، لا بل علماء اليوم مدينون بفضل كبير لعلماء الكلدان بإكتشافاتهم العلمية والفلكية وغيرها.

الكلدان كانوا كهنة الآلهة البابلية، يقول هيرودوت " اما الهيكل فلا يحتوي على اية صورة أو تمثال .. ولا يقيم في هذا المعبد كما أخبرني الكلدانيون وهم كهنة الإله".

المصادر

أحمد فؤاد أنور، الكنز الثمين في قواعد اللغة العبرية، ط1، مركز الراية للنشر، 2000م

أدوارد فان دايك، إكتفاء القنوع بما هو مطبوع، مطبعة الهلال، مصر 1896م.

عامر حنا فتوحي(المؤرخ)، الكلدان منذ بدء الزمان، دار النعمان للطباعة والنشر،بغداد 2002 م

يعقوب أوجين من (المطران)، قاموس كلداني ـ عربي

مارگريت روثن، علوم الكلدانيين، ترجمة الأب الدكتور يوسف حبي تحت عنوان علوم البابليين. دار الرشيد للنشر- بغداد 1980م

هيرودوت، تاريخ هيرودوت، ترجمة عبد الإله الملاح، الكتاب الأول، المجمع الثقافيـ أبو ظبي، 2001م

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

947 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع