فيكتوريا وعبدول

                                            

                                محمود سعيد

              

        


فيكتوريا وعبدول

في زحمة الحياة تنسلّ من صور الحياة أمور مهمّة، يتمنّى المرء لو توقّف عندها، وهذا ما حدث لي عندما رأيت فلم "فيكتوريا وعبدول"، ثم أنسانيه شيطان الأحداث الي عصفت بالوطن، ولحسن الحظّ تذكّرته قبل فوات الأوان.

لست بناقد أفلام، ولا أمتلك أدوات هذا النوع من النّقد، لكني سأتعرض إلى الفلم من حيث القصّة والأحداث، فعسى أن أجد العذر.
يثير الاهتمام بالفلم نقطتان ريئستان، لعبتا دوراً مهمّاً لتقديمه لنا، بمثل تلك القوّة المذهلة، ولا أدري مدى تأثير هاتين النقطتين، لأن التأكد من مدى تأثر الفلم بهما مستحيل، فالفلم (أولاً) يحتفي بشكل عام بالمسلمين والإسلام، ولا يعاديهما، ويكشف وجهة نظر معتدلة جداً لهما، وهذا عكس المتوقّع، وبخاصة في وقت صعد فيه التّطرف والهمجية والتشرذم باسم الأسلام، في غمرة عواصف من التهجم والتسقيط والسبّ لا مثيل لها، فهل كان هذا مما ورد في مذكرات "عبدول" عبد الكريم، ولم يشأ المخرج تغييره لأمانته وخلقه الرفيع؟ أم هو زيادة على المذكرات أقحمها كاتب السيناريو. وهذا غريب جداً.
يعترف الفلم في البداية أنّه مبني على أحداث حقيقية، ونجد تلك الملاحظة في كثير من الأفلام، لكنه عندما يضيف "في الأغلب"، ويقصد أن معظم أحداثه حقيقي في أغلبها يحيّرنا، لأنّه يفرض سؤالاً مهمّاً رغماً عنا، يجعلنا كلما نرى نقطة مهمّة جداً، نقطة جذّابة ساحرة، نتساءل: "أهذه النقطة مضافة أم حقيقيّة؟". يبقى السّؤال يتردّد، يؤرقنا كصرصار الحقول ليلاً، لسبب بسيط أنا لا نعرف الجواب، ولن نعرف.
أحد أهم ّنقاط قوة الفلم كونه يركز على شخصيّتين متناقضتين تبدوان من المستحيل أن يلتقيا، فالأولى، في قمّة لا يعلوها شيء سوى الله. أعظم شخصيّة في زمانها، حسناء، وإمبراطورة عجوز في ثمانيناتها، قابعة في قصر "قلعة" برمينكهام، يحيطها جيش من الحرس، وجيش آخر من الخدم، تجلس على كنوز عالم لا تغيب عنه الشّمس، لكنها أشبه بسجينة في هذا القصر، تمرّ حياتها وئيدة، مملّة، خاملة ضائعة في مراسيم استقبال بليدة، لا يثور فيها أيّ حديث يمتّع ذهناً ذكيّاً متحفّزاً للحياة. أمّا الشّخصية الأخرى فهي في الدّركة السفلى من البشر، هندي "عبدول- عبد الكريم"، موظف شاب فقير، يعمل كاتباً في سجن مدينة أجرا، المحتلة من قبل البريطانيّين. يقضي وقتاً مملاًّ، بليداً، في تسجيل أسماء السّجناء من طلوع الشّمس حتى مغيبها.
لا جامع بين هاتين الحياتين سوى الملل وسيرورة الحياة البطيئة التافهة، ومن شطط الخيال فرض لقائهما، أو رؤية أحدهما للآخر، لولا حدوث معجزة مصادفة، ليست بالحسبان، جمعت بينهما.
ذكاء آمر السّجن جعله يكتشف عبدول قبل أشهر، فحينما طلب منه الحاكم الإنجليزي للمدينة أن يختار أفضل سجاد معروض في السوق للامبراطورة، عهد للمهمّة لعبدول، لأن عائلته تعمل بنسج السّجاد. وكان للقصة أن تنتهي هنا، بعد تجهيز السجاد، وبعثه للملكة. لكن حاكم أجرا، أراد تقديم نموذجاً من عملة المنغول الذهب "موغور"، هديّة للملكة أيضاً، بعد إعجابها بالسّجاد، وربما تنمّ هذه الخطوة عن تملّق حاكم انتهازيّ، لكنّه عبدول استفاد من هذا التّملق من حيث لا يحتسب. اختار الحاكم شخصاً هنديّاً طويل القامة، ليذهب الى هناك لإداء المهمّة، لكنّ هذا سقط من على ظهر الفيل وتحطّم، فاختاروا عبدول بدله لأنّه طويل القامة أيضاً، وربما لأنّه وسيم كذلك، وهكذا تدخلت المصادفات لتجمع بين نجم وهاج قويّ، يتربّع على أعلى سلطة في العالم، وذرة من خردل صغيرة خاملة، لا يأبه بها أحد. وحينما وصل عبدول إلى البلاط، وقام بمهمّة تقديم العملة، صادف وقت تناول الامبراطورة غدائها، كان جسدها قد تراخى، بتأثير الطعام وعادة القيلولة. كانت تغمض عينيها وهي على المائدة، لولا أن يبادر الموظفون إلى تنبيهها، فتفتح بصعوبة أجفانها. وعندما وضعوا أمامها صينية الـ "موغور" لم تنتبه لا إلى العملة ولا إلى الصينية الذهب المحفورة بفن آخّاذ، ولا إلى من جاء يحمل العملة من الهند إلى لندن.
وكان من المقدر أن يرجع "عبدول" مع صديقه، إلى أجرا، بعد تقديم العملة، لكن أحد الضّيوف المهمّين سأل الملكة عن رأيها بعملة المغول "موهور"، فتساءلت "أيّ عملة؟"، عندئذ اضطر صاحب المراسيم بالقصر، على إعادة عمليّة التّقديم، وكان الوقت صباحاً، الملكة في عزّ انتباها، ويقظتها.
هكذا قدّر لعبدول أن يرى الملكة وتراه، ويدخل عالمها الذي لم يفكّر فيه، مطلقاً، أو لم يخطر له ببال، والذي جاء مصادفة، رتبها قدر عابث، ليضع حادثة اللقاء في قلب الأحداث، بين اثنين متناقضين، وليزيد من توهّ اللقاء، عفوية وسذاجة عبد الكريم من جهة، وذكاء الامبراطورة، وشخصيتها المتواضعة البسيطة الحيّة من جهة أخرى.
كان رئيس التّشريفات وهو يدرّب عبدول على تقديم صينيّة الـ"موغور" للملكة، يلح عليه أن يبقي على مسافة بينه وبين الامبراطورة، ان ينحني، ألّا ينظر في عينيها قطّ، وحينما قدّم لها العملة، انسحب، لكنّه ارتكب الخطأ لا يغتفر قطّ، اعتدل، وحينما نظرت إليه بادلها النظر، فأمعنت في تملّيه، وأمعن في التّحديق بعينيها، وربما لوسامته أمتصّت الملكة تجاوزه المراسيم، لكنه بذلك ارتكب جريمة عصيان الأوامر، فحمل هذا المشرفَ، أن يصرخ بأعلى صوته، لتنبهيه: "أحذر النّظر"، عندها تنبّه عبدول، لكنّه ارتكب خطأ ثالثّاً أكبر، وأشنع، خطأً لا يغتفر. انسحب الى الوراء، ثم انحنى، قبّل قدم الامبراطورة، ومسح على أصابعها.
ثم نهض وانسحب، فقالت لرئيس مراسيم القصر بعفوية وطيبة متناهية: لقد شعرت بالعظمة.
ويبدو أن مثل حادثة تقبيل قدمها لم تجرِ لها من قبل. لكنّها كانت بوابة التّعارف. لكن مسؤول التشريفات، لحق به وكاد يخنقه، لتجاوزه الأوامر، وبدأ بضربه، وتأنيبه بجنون واحتداد، وهو يصرخ: كيف تقبل رجلها، كيف تسمح لـ؟. ولولا مجيء رئيس المراسيم، لقتله.
هذه هي النقطة الثانية المحيّرة. لقد انتقد هذه اللقطة من الفلم فئات مسلمة، هنديّة وغير هنديّة، متّهمين كاتب السيناريو، ومخرج الفلم بأنهم تعمدوا أن يقدموا فيه، شخصيّة المسلم متملّقة وضيعة لا كرامة لها. ولكنّهم مخطئون، فلو اطلع هؤلاء على تاريخنا لرؤوا في اللقطة أمراً طبيعيّاً، لا يمكن تحميله إساءة أخلاقيّة تمسّ الشّعوب، فلا كرامة مهانة، ولا تملق ولا هم يحزنون. من يقرأ تراثنا يجد أنّ العباسيّين تأثروا بمملكة فارس التي استعمرت العراق أكثر من 800 سنة، كان من يزور "كسرى"، قريباً أم بعيداً يقبل رجله، وفعل ذلك العباسيّون. ومن يقرأ ألف ليلة وليلة يجد عبارة تكرّر دائماً، عند زيارة أيّ كان للملك أو الخليفة وهي: "وقبل الأرض بين يديه" وهي كناية عن تقبيل الأقدام. وماتزال هذه العادة عند بعض الملوك العرب الآن، لكنّها انتقلت من الأرجل الى الأيدي، لكن كامرات اللقاء لا تركّز عليها، كما يجري في بلاط المغرب على سبيل المثال.
عاد عبدول إلى الملكة، قويّاً واثقاً من نفسه، فادخلته غرفتها، وأخذت تبادله حديثاً ممتعاً زاخراُ بالعفويّة، حديثاً بدأ بتبديل حياتها المملة الجافة، الغارقة بتفصيلات التشريفات والبلاط البليدة. فأخبرها انه هو الذي اختار السّجاد لها، لأن عائلته تصنع السّجاد، واعطاها نبذة عن النسج، وأراها طائر الحرية المنقوش على السّجادة، وتكلم معها عن عمله في السّجن، وماضيه، وكيف حفظ القرآن، وكم سورة وآية فيه، وأن أبوه هو من علمه القرآن، واخذ يقص عليها قصص عالم سحري غريب جميل، أشبه بعالم ألف ليلة وليلة، عالم معبق بأساطير حيّة مشوّقة، مسليّة، كانت، وهي في ثمانيناتها بأشد حاجة لها، لكي تستطيع ان تخرج من تقاليد غبية، لبلاط عريق، لكنه جليدي، يكرس حياة نمطية تافهة، لم يستطع تجميد روح بشرية، ذكية ترنو الى التمتع بالعالم وهي على أعتاب الآخرة. انتقل بها عبدول من بريطانيا إلى عالم جديد غريب، يملأ التاريخ، بعظمة أباطرة المنغول الذين حكموا الهند، مروراً بتاج محل، وبدائع أجرا، وقصة ممتاز، زوجة شاه جهان المحبوبة التي بنى لها زوجها، تاج محل، الذي لا مثيل له في الدنيا، وأقام عرش الطاؤوس، مروراً بقصة الماسة الكبرى "كوهينور" التي غنمها الانجليز من إرث شاه جهان، وأهدوها للملكة فكتوريا يوم تتويجها. لم تكن فيكتوريا تعرف كل ذلك، لذلك استمتعت كثيراً لحديث عبدول، وتألمت كثيراً لما فعله الانجليز بالشعب الهندي، وكيف دمروا آثار المنغول، "عرش الطاؤوس"، وكيف نهبوا النفائس، "ماسة كوهينور"، فجنرالات أيّ جيش لا يفصحون عمّا ارتكبت قواتهم من فظائع، بل يقصرونها على أنباء الإنتصارات فقط.
استطاع عبدول أن يزرق جسدها بدماء جديدة، وأن يدخل في ذهنها أفكاراً وهّاجة، لم تعرفها من قبل. كانت غارقة بواجبات البلاط التي تتالى من دون إثارة أو تبديل، ولكي تشغل ذهنها وروحها وتنقذهما من الموت اكتشفت سحر الكتابة، فالملكة فيكتوريا أغزر الكتاب إطلاقاً، في تاريخ البشريّة، وعلى مرّ التاريخ، كانت تكتب كل يوم 2500 كلمة، أي خمسة أضعاف ما يكتبه يوميّاً كراهام كرين وماركيز، فأنهت 122 مجلداً، بالتمام والكمال.
ماذا تكتب في هذه المجلدات؟ كتبت عن مجريات أحداث زمانها، لكنّ ابنتها أحرقت بعد موتها الكثير، ومع ذلك بقي ما لم يتم تنقيته. كانت تجد في الكتابة مهرباً من الملل وبطء الحياة في بلاط عريق لا يعرف غير تقاليد بالية، يحافظ عليها بسخف شديد. فاستطاع عبدول ان يفكّ أقفالها الصدئة، فأصبحت بفضله حرّة تدخل في كلّ مكان وهي في مكانها، ومثل هذا كان مجهولا لديها، لأنها مقيّدة بقيود الرّوتين الأجوف الفارغ، لا تستطيع أن تسير إلا في جزء من قصرها التي تعرفه كما تعرف راحة يدها، فتغيّرت بفضل عبدول الذي ينبض شباباً وحياة، ويتحرّك بحيوية، شباب غضّ، وكانت مهارة المخرج أنه تركه يتصرّف بحيوية، ونشاط، وعفويّة، كطفل يحبّ أن يلاحظ الآخرون مواهبه، يقول ما يخطر في باله، ولذكائه الشديد، كان يذكر لها ما هو مثير ومشوق، فتراه بعيون مستطلعة تائقة للوثوب نحو الجديد، وتجد سحراً وغرابة وأجواء تغريها باقتحامها، فتفتن بطلاوة حديثه، ورقة كلماته، وروعة تصويراته، وولجوه الى العوالم الجديدة، وترى فيه فتنة سحر كلمات يستحيل أن تسمعها من شخص آخر، وتنصت إليه لتلج عظمة إنشاءات أمكنة أخرى، لم ترها من قبل كقصور ومساجد وحدائق شاه جهان، وتطوي صفحات حياته، وعظمته، وكيف انتهى ودفن الى جانب زوجته، وماذا كتب على قبره "هنا يرقد شاه جهان الذي غادر الدنينا الى قاعة الخلود". لقد اعجبت بتلك الجملة، فسألته إن كان شاعراً. نفى ذلك، ثم انتقل حالاً ومن دون تفكير الى الدعاية إلى بلده، بلد الجمال، والألوان الزاهية والبهارات، والأطعمة الحارة، والـ "صلصات" والفاكهة الغريبة "المانجا" وحتى العدس، والحلوى، مروراً بالدين والتقاليد، وحسب ما يستشف من كتاباتها، كانت شخصية عاطفيّة ، ذكيّة، شديدة الملاحظة، صادقة، وعفويّة، لا تعرف اللّف والدّوران، وبذلك تأثّرت بإسلام عبد الكريم، واستعارت منه عبارات إسلامية، اعتادت ترديدها مثل: "الحمد لله". فطلبت منه أن يعلمها الهندوسيّة، لكنه اقترح لها الأردية، وكان اقتراحه في محله، فالأردية إحدى أجمل لغات العالم، وأرقها، وكلماتها منتقاة مختارة من ألفاظ أجمل وأسلس أربع لغات: الهندوسية، العربية، الفارسية، التركية، فمن العربية على سبيل المثال، انتقت كلمات: عشق، محبة، حقيقة، كتاب الخ. وبهذا الانتقاء تخلصت الأردية من الكلمات الصعبة، وركزت على الشاعرية، لذا يختارها شعراء شبه القارة الهندية لغة للشعر والحب والغرام، فبدأت تتعلمها، وتركت سجلها الممل للتاريخ وتفصيلاته، وركزت على تعلم الأردية وهي في ثمانيناتها، وعندما عرفت أنه حافظ للقرآن ازدادت درجة احترامها له، وأخذت تسميه "المنشيء" المثقف أو المعلم، وأصرت على تعيينه موظّف بلاط "معلّماً رسميّاً لها"، وكان ذلك أحد أسباب، التحرك ضده غيرة وحسداً، فالنار تحرق غيرة أعضاء البلاط، وتجبرهم الى التخطيط في مؤامرات متتالية، واحدة بعد الأخرى، لإبعاده عنها، أو حتى لتحطيمه. فأرسلوا الى الهند يسألون عن عائلته، وهل هي عائلة معلّمين أم عادية، فجاء الجواب أن أباه صيدليّ لا معلم. وعندما صارحوها أهانتهم إهانة جديدة، لأنهم أعضاء بلاط عظيم، يتجّسسون على هندي بسيط. ثم استغلوا مرض صديقه، الذي عتّم عليه طبيب البلاط، فنقل للملكة أنه صديقه مصاب بالسّيلان، بينما كان يبدو بوضوح مسلولاً، يبصق دماً، عندئذ أرجعت الإهانة إليه: "عالجوه إذاً.".
لكن عبدول سقط بامتحان آخر فعندما هاجموه، دافعت عنه، مرددة قوله: إن المسلمين في أجرا دافعوا عن البريطانيين. لكن مسؤول التشريفات والطبيب غيرا حقيقة الواقعة: هذا خطأ فالمسلمون قتلوا 3000 جندياً بريطانيا، وكانت تلك كذبة كبيرة، فالانتفاضة ضد الانجليز، قام بها الهندوس، لانتشار شائعة أن الانجليز كانوا يقتلون البقر لاستخلاص، نخاع العظام منها، وربما شارك المسلمون بالانتفاضة، لأن الانكليز كانوا يعتدون عليهم، ويضطهدونهم، ويحرمونهم من الوظائف والامتيازات، لكن بكل تأكيد لم يلم أحد المسلمين بأنهم كانوا سبب الانتفاضة، ورأس حربتها، لم يفكّر عبدول في هذه النقطة، ولم يدافع عن رأيه، وربما لم يكن مثقفاً بها كي يطلب قراءة التاريخ، فعندما اتهمته بأنه خدعها، أصيب بالإحباط والعيّ، والألم، ولم يحاول قط شرح خطأها، لكنها لطيبتها عفت عنه في آخر لحظة وأرجعته، ولشدة تعلقهما الواحد بالآخر، وللسعادة التي فتحها لها عبدول قرّرت مكافأته، إهداءه وسام فارس، لتضمن له مورداً بعد وفاتها، لأنها تعلم أنهم سيعادونه، وربما يقتلونه. وكانت تلك قاصمة الظهر، فاتحدوا ضدها، وصارحوها بموقفهم الموحد، وبأنهم سيستقيلون كلهم، وسيرفعون الى المحكمة عريضة لعزلها، لإصابتها بالجنون، لكنها واجهتهم بشجاعة لا مثيل لها، تدل على نفسية أبيّة، لا تهزّها العواصف، فذكرت سني حكمها الأطول بالتاريخ "62 سنة" وعدد أولادها وأحفادها، وعدد رؤساء الوزارت، وعددت بذاكرة حيّة إنجازاتها التي اخجلتم وقزمتهم، وأنهت خطبتها بعبارة في غاية الجرأة وهي تواجههم: بهذه الإنجازات، لا أقبل أن تتآمروا علي وراء ظهري، من لا يقبل أن يخدمني ليعلن ذلك الآن أمامي، وسأقبل استقالته حالاً.
خجل الجميع، وانخذلوا، لكن الصراع النفسي أضعف قلبها العجوز، وأدّى الى وفاتها، والهجوم على عبدول وزوجته، وانتزاع كل ما أعطته الملكة، وتمزيق كل ما كتب أحدهما إلى الآخر، ليرجع عبدول وعائلته أخيراً إلى الهند، وحيداً، فقيراً، خالي الوفاض، كما غادرها من قبل باستثناء المدالية التي كان يضمها داخل ملابسه، لتكون شاهداً على علاقة حبّ قويّ رائع مفاجئ لا ينساه.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1067 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع