حكايات من ذاكرة كركوك

                                               

                        جمهور كركوكلي

حكايات من ذاكرة كركوك

       

مِنْ طريفِ ما سمِعتُهُ عنِ العَلاّمة ِالراحل الأستاذ عطا ترزي باشي ، ما رَواهُ لي عَن دخولِ الجيش البريطاني إلى كركوك في أيار سنة ۱۹۱۸ ، حيث أفاد :

أنّ الجُنودَ الانگليز قاموا بتوزيعِ (البسكت) عَلى سُكاّنِ المدينة ، كَبادرةِ حُسنِ نِيّة ، ولِبناءِ جُسورَ الثقةِ وتعزيز العَلاقاتِ بينهم وبينَ أهلِ كركوك ، ولّما لَم ْتكن ( البسكت ) مَعروفةً عِند الاهالي وقتذاك ، فقد أُصيبوا بالحِيرة ، في إيجاد تسمية تركمانية لهذا النوعِ الغريبِ مِن الحَلوى ، حَتّى تَفتّقت قَريحةُ أحَدِهم فأطلق إسم (انكليز اكمه گي) أي ( خبز الانگليز ) على البسكت ، فَصارَ إسمُ خبزِ الانگليز يُطلق على كل أنواعِ البسكويت التي ظهرتْ في الاسواق بعد ذلك اليوم وإلى وقتٍ طويل .
وكذا الحالُ مع دخولِ الدرّاجةِ الهوائية إلى المدينةِ لاول مرّة ، إذ لم يَعتدْ السكّانُ على تسميةِ ( البايسكل ) لصُعوبةِ اللفظ ِوغرابتهِ على اللغةِ التركمانية ، فأطلقوا إسمَ (دميرات ) أي الحصان الحديدي ، على الدراجةِ الهوائية ، ومازال بعضُ كبار السّنِ ،يطلقُ هذه التسميةِ على ( البايسكل )
تماماً مثلما أعتاد العراقيون على إطلاق إسم ( تايد ) على كل انواعِ مَساحيقِ الغسيل الجاف ، لِحدِ اليوم منذ دخول أول نوعٍ من مسحوق الغسيل الجاف الى العراق والذي كانَ يَحملُ إسمَ الماركةِ التجارية ( تايد )
ويبدو أن تسمية الاشياءِ ( بالحَدس ) وبالتشبيه هي عادةٌ مُتأصلة لدى الكركوكليين ، فَقدْ سَمّوا ( الطماطة ) في بِدايةِ ظهورها في الاسواق مُنتصف عشرينياتِ القَرنِ الفائت ( فرنگ گوجه سي ) أي ( گوجه اجنبية ) للشبه الكبير بين حَبّة الطماطة و( الگوجة ) او الإجّاص ، وعَلى ذِكر الطماطةِ أو ( البندورة ) كما تُسمّى في بلادِ الشام ، فلم يَكُن المطبخُ الكركوكلي يَعرف عنها شيئاً حتى دُخول البريطانيين الى المدينة ، حيث جَلبوها مَعهم الى العراق ، وزُرِعت أولَ مرّة في بعضِ قصبات وقرى محافظةِ ( لواء ) ديالى، ومِنها إنتشرتْ في باقي مُدن العراق ، وصَارت الطماطة من إساسيات المطبخِ العراقي ، وقبلها كانت رّبة البيتِ التركمانية في كركوك ، تُضيف عصيرَ الرّمان أو ( السُماق ) الى الطعام ، لإكسابهِ اللونَ الأحمر..
وكَذا الحالُ مع الرُز او ( التمّن ) والذي سمّاهُ الكركوليون ب ( باياز كومبت ) أي ( القبة البيضاء ) أذ لم يكونوا يَعرفون الأرز في غذائِهم وإنما كانوا يعتمدونَ على القَمح والشعير والذُرة. كغذاءٍ أساسيٍ لهمْ ، وهذه الحبوب تزرع في اراضيهم منذ القدم ، وَعلى ذِكرِ الرز أو ( التّمن ) فلا بأسَ مِن أيضاحِ سببَ تسميتهِ بهذا الاسم من قبلِ العراقيين ، فقد قرأتُ في بعضِ المصادر أن ( العراق هو البلدُ الوحيد الذي يطلق شعبُهُ كلمةَ (تمّن) على الرزِ والسبب يعودُ الى أيامِ الحربِ العالميةِ اﻻولى عندما رَفضَ أهلُ البصرة الوطنيون أن يُموّلوا قطعاتِ الجيشِ البريطاني في البصرةِ بكمياتٍ من الرزِ تكفي لسّدِ حاجة الجُنود عِندها كتبَ القائدُ البريطاني الى وزارة الدِفاع في إنكلترا طلباً لتزوِيدهم بالرز .
و تَمّ إرسال كمياتٍ كبيرة مِن الرز الفاخرِ المُسمّى ( بسمتي ) معبأ في اكياسٍ يتوّسطها خطٌ أحمر مُرسوم عليهِ شكلُ كرتوني لعشرةِ رجالٍ يمسكُ أحدُهم يدَ اﻻخرِ وكُتِبَ تحت الرسمِ : ( Ten Men )
وكانَ الجندي الانگليزي يقولُ للحّمالِ العراقي عندما يأمرهُ بتفريغِ الحمولة من الباخرة : Come on bring Ten Men
وكانت لُغة الجندي الانگليزي مُدمجة فتقع في أذن العراقي (تم من) فظّن العراقي أنّ هذهِ الكلمة معناها رُز ومنذ ذلك اليومِ وجميعُ العراقيين يطلقون إسم (تمّن) على الرز..!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

669 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع