يوم في حياة سائق (كيا)

                                                     

                         عبد الكريم إبراهيم

يوم في حياة سائق (كيا)

يمتلك " أبو علي " سائق سيارة ( الكيا ) على خط باب الشرقي / الجوادر بمدينة الصدر قدرة فائقة ومهارة عالية في تخطي الزحام المروري الذي شّل حركة السيارات وسط العاصمة بغداد خصوصاً في أوقات الذروة . جاءت هذه المهارة من خلال خبرة طويلة في عالم قيادة السيارات تمد لأكثر من ربع قرن من الزمن . " كنت سائق سيارة لاندكروز ثم تحول إلى الكيا ؛ انه التطور والمواكبة هما من فرضا نفسيهما في هذا التحول " . اليوم يعاني أصحاب سيارات الأجرة ومنها ( النفرات ) من قلة الركاب ومنافسة الآخرين ؛ولكن (أبو علي) يختصر هذا الصراع بجملة قصيرة " الرزق على الله ،وكل يأخذ ما قُسم له ". زيارة أعداد السيارات بعد 2003 أثرت سلبياً على أصحاب سيارات الأجرة مع اشتداد المنافسة مع وسائل النقل الأخرى خصوصاً الوافد الجديد على عالم النقل في العراق (التوك التوك ) وضيق الشوارع والتجاوز عليها من قبل كثير من المواطنين . ( أبو علي ) ينفد نظرية المنافسة التي يؤمن بها اغلب زملاء المهنة بقوله " القناعة هي الأساس ، ورزقٌ حلال خيرٌ من كثير فيه شبهات " . ويمتاز هذا الرجل الأربعيني العمر بموهبة قد لا نجدها عند بعض سواق سيارات (النفرات) هي : فصاحة اللسان مع أسلوب أقناع والمجاملة استطاع من خلال هذه الصفة كسب صداقة أغلب رجال المرور والقوى الأمنية ،وهو يناديهم بأسمائهم التي حفظها ، أحيانا يشرح لركابه الذين قد يصابون بالملل من كثرة توقفاته على الطريق " هذا فلان من سكنة قلعة صالح في العمارة ، وهذا الشرطي ابن منطقي ..الخ " وفي نهاية الأمر يستلم ركاب (الكيا) في الانتظار بعض الوقت أمام حلاوة لسان ( أبو علي ) وهو يسرد بعض تعليقاته على شيء ما معزز هذه الأحاديث بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأشعار الجميلة .ولعل تحصيله الدراسي الحكومي وفضلا عن دراسته الدينية زادت من براعته اللغوية حيث يمتاز عن أقرانه السواق بنوع من الثقافة الجيدة مع خبرة اجتماعية اكتسبها من خلال عمله في مهنة السياقة تمد لأكثر من 25سنة ،من خلال هذه الثقافة المكتسبة يستطع امتصاص غضب احدهم من شيء ما خصوصاً تصيد الزبائن في الطريق الذي يلزم الانتظار بعض الوقت . يخرج ( أبو علي ) في ساعات الصباح الأولى مع بداية دوام موظفي الدولة ،حيث تكون ذروة العمل التي يعول عليها اغلب سواق (النفرات) ،ثم يأخذ استراحة للغداء والصلاة ليعاود عمله في الشارع بعد الظهر حتى المساء برغم أن هذا الوقت يقل فيه الزبائن ولكنه يؤمن بمقولة " المكتوب الك لا يأخذه غيرك " .هذه القناعة هي سلاح (أبو علي ) في مواجهة الحياة الصعبة بعد أن بدأت مدخولات أصحاب سيارات الأجرة تقل تدريجيا مع زيادة اعداد المركبات والمنافسة القوية من قبل الطارئين على هذه المهنة ودخول وسائل نقل جديدة من قبل (الستوتة ) و( التوك التوك ).

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1012 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع