مهمات مقترحة أمام مؤتمر الشعب العربي

                                          

                        ضرغام الدباغ

مهمات مقترحة أمام مؤتمر الشعب العربي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبتداء نهنئ الجميع، جماهيرنا العربية في كل مكان، وممثليها في هذا المكان، لاستعادتها هذا الكيان السياسي الثوري، الذي كان يوم انطلاقته منبراً يشد في عضد كل مناضل، ويملأ بالأسى قلب العدا، ولكن هذا الكيان للأسف تهاوى بيد الأعداء كما تهاوت الكثير من الخنادق، تهاوت على أيدي الإمبريالية وأعوانها أو بمساعدة الفاسدين والمرتشين الذين تواطؤا وفتحوا باب القلعة، وعلى أيدي من يمتلك السلاح المجاز من القوى العالمية والاقليمية، يقتلون ويغتالون برخصة، واليوم استعدنا هذا الكيان وإن متأخراً، ولكن حذار من الدسائس وممن يضع العصي في عجلة المسيرة فالمتآمرين بخبث، موجودون دائماً وأبداً.

أيتها الأخوات أيها الأخوة .... نعم اليوم نستعيد هذا الكيان، لا نستعيده فحسب، فأستعادته بموجب معطيات ومواصفات قبل خمسة عشر عاماً، سوف لن يفي بالغرض، بل بهمتكم سوف نطوره ليكون كياناً خندقاً منيعاً، لأنه نتاج تضحيات جسيمة في كل مكان من أمتنا العربية الخالدة من المحيط الأطلسي وحتى الخليج العربي، وليعلم من سيكون في الصف الأمامي، أنها ليست وجاهة، بل هي أمانة، وأمانة غالية، وإنها مهمة نضالية ثورية، لا أن يزعم بأنه يعتصم "بالعقل" بين مزدوجين، فيهادن، ويساوم، ويتساهل ثم يقبل في النهاية مقابل رقم يضيفه لرصيده. فبأس تلك الأسماء المخزية، وبأس أرصدتها الغير مشرفة.

حينها، قلت لأحد القياديين العرب، أن تلك الجهات اشترت المؤتمر من بواب البناية، حتى أعلى كرسي فيها، ولم أكن أبالغ، ولا أطلق أحكاماً متطرفة، فالنتائج أظهرت واقعية ما ذهبنا إليه، اليوم نحن لا أرصدة عندنا لنغذيها، ولا وجاهة نسعى إليها، لقد أحرقنا سفننا، العدو من أمامنا والبحر من ورائنا، وجهاً لوجه، مع العدو، وليس لدينا إلا قلوبنا المؤمنة بالأمة العربية وبحقوقها كاملة غير منقوصة، لا نقبل بشبر واحد أقل، فقد جمعنا ما عندنا فلساً فلساً لنقيم هذا المؤتمر، وعمن يأوينا من أوطاننا، فلم نجد سوى تونس الخضراء، فألف شكر لهم حكومة وشعباً، جئناهم بجوازات مختلفة، بعضها أجنبي يا للأسف، كل هذا وبلداننا يلعب فيها الأجنبي، وأموالها تسرق، وثرواتها تنهب، شكراً وسلاماً لتونس العزيزة.

الرمح الموجه إلى صدر الأمة رمح واحد له ثلاث شعب مسمومة، ثلاث قوى معادية للأمة تريد قتلها، ثلاث أعداء كلكم يعرفهم، لاحظوا من يحتل بلاد العرب، فتعرفوهم، دققوا من يقتل العرب، فتتأكدون من الهوية. ما عليكم بالأسماء والمسميات، فوالله شاهدت بأم عيني من يعتبر العداء للإمبريالية دينه وديدنه، ولكنه ويا للأسف قبل أن يكون ياللعار أول المتعاونين مع العدو المحتل. متعاون (Collaboration)، هي وفق القوانين خيانة عظمى، التي لا يطيبها طبيب، ولا يصلحها مهندس معمار.

هذه القوى الثلاثة متحالفة، ليس بالضرورة أن يكونوا من طينة واحدة، المهم أن يكون عدوهم واحد وهدفهم واحد، ولو سألتم طفلاً أو مجنوناً في طول الكرة الأرضية وعرضها، من هم أعدى ثلاثة للأمة العربية لقالوا لك : أميركا وإيران وإسرائيل. وبالفعل راجعت وحكمت هذه القوى الثلاثة عقلها الأسود واتكلوا على الشيطان الرجيم، ووزعوا الأدوار بينهم كفريق يلعب الكرة الطائرة، واحد يرفع والآخر يكبس، ما عليكم بالبالونات المزركشة وشعارات الزرق ورق التي يطلقونها بين الحين والآخر، عليكم بالنتيجة. يزعم بعضهم أنهم يختلفون مع بعضهم حيناً، أقول ربما ولكني لا أرى فيما يختلفون، ولكني أشعر وأحس وأشاهد فيما هم عليه متفقون. هناك من يحاول أن يرمي بقنبلة دخان، ليلهينا ويعمي أبصارنا، وفي عبه قنبلة أو لغم ...فحذار ..

ففي مطلع السبعينات شاعت طرفة بين المناضلين العرب: هو كالسيارة التي تعطي الإشارة لليسار، ولكنها تستدير يميناً، منذ 38 سنة يسوقون برؤوسنا شعارات تسب وتلعن الشياطين، ولكنهم يتحالفون معهم عندما يتعلق الأمر بنا، واليوم تطل علينا تقليعة جديدة أن يؤمن اليسار بالخرافات الطائفية، على أنها ضد الإمبريالية. والنتيجة فأن عتادهم وسلاحهم متحد مع الإمبريالية وموجه ضدنا فقط، ولم يضربوا الشياطين، لا شيطان كبير ولا شيطان صغير بحصوة، والأمريكان يهددونهم بالويل والثبور، ولكن كروز ومروز والطائرات بأنوعها تمطر الصواريخ علينا، عجباً لهذه اللعبة السخيفة التي بلغت نحو أربعة عقود .. وهناك من يصدق، أو لنقل أنه يشتهي أن يصدق، أو دفعوا له وأمروه أن يصدق ... وهم منذ حوالي 4 عقود يهددون الصهاينة، ولكنهم يتآمرون علينا، وسلاحهم لا يضرب إلا على صدورنا. هذه التظاهرة دليل على أن هذه اللعبة السخيفة قد انتهت وبان معدنها الصدي.

هذا المعسكر الثلاثي ليس ثلاثياً عبثاً، ولا نحتاج لمكرسكوب لنكتشف المكروب ... هي حلقة كاملة متكاملة، الإمبريالبة تنهب المال، الصهيونية تنهب الأرض، والفرس ينهبون العقول تمهيداً لنهب ما يتبقى من الأرض والمال.... لعمري أنه تحالف تاريخي في حقارته. الإمبريالية تزعم أنها تريد لنا الديمقراطية، ولكن في الواقع فإن شعبنا وأجياله الصاعدة تثقفت بالكروز و (B52) و (M1) والأباتشي بأنواع الصواريخ والطائرات، بل هم انتقموا حتى من الأجيال القادمة باليورانيوم المنضب. والفرس حولوا الدين إلى طائفية ثم تحول مرة أخرى إلى حزب سياسي، له أهداف توسعية علنية، يغتال خصومه، ويمارس الطغيان صراحة وحيثما تصل يده، يعم الخراب والدمار، والصهاينة كانت أعز أمنياتهم تدمير القوة العربية، ولما عز عليهم هذا الهدف، أوكلوه لمن كان بيننا، أنظروا ودققوا فيما تشاهدون، وأسمعوا فستدركون ما أقول.

أيتها الأخوات أيها الأخوة .... ما بين أيديكم الآن شيئ ثمين، ولكنه إذا وضع على الرفوف العالية فسوف لن يؤدي إلى ما نطمح إليه. طموحنا هو أن يرتقي نضالنا عبر هذا المؤتمر ويتواصل ويتصاعد ويتبلور إلى جبهة وطنية قومية تقدمية، وكل القوى المتنورة، والمتنور هو من يرى الواقع الموضوعي ومفرداته، ويستطيع أن يكتشف بفكره وعلمه آفاق المستقبل، وهي ليست مهمة عسيرة، إذا أسترشدنا بالعلم ومعطياته، واخلاصاً لبرامج ومناهج علمية ستوصلنا إلى أهدافنا، لا أريد القول أن علينا أن نكون براغماتيين مئة بالمئة، ولكني أريد القول أن نخلص لأنفسنا وشعبنا وللحياة قبل أن نخلص للنصوص. نحن جميعاً نريد أن نشيد مجتمعات الحرية والديمقراطية والكفاية والعدل، ليرتقي النضال الوطني والقومي العربي إلى مخاطبة عقل الجماهير، ومصالحها المادية الاجتماعية والسياسية، فقد تجاوزنا سن الرشد، والحركة القومية والوطنية قد تجاوز عمرها القرن، وآن لنا أن نفتتح مرحلة جديدة إلى ثقافة تهدف إلى إرساء الأسس المادية لمجتمعات لا تعرف الاضطهاد الطبقي والاجتماعي والثقافي والسياسي العنصري والطائفي، نريد أن نشيع ثقافة التعايش وأحترام الخلاف والتعارض، وإقامة التحالفات والأئتلافات السياسية، لا تهميش أو أستبعاد لفصيل أو مكون، وتبادل السلطة بالوسائل السلمية، نريد من جماهيرنا العربية أن تتجه لصناديق الأنتخاب وتنتخب من تقتنع به بعد دراسة منهاجه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لا بناء على موقف مسبق مشيد على أساس الدين والطائفية والمناطقية، لا يهمني في المرشح دينه وعرقه وطائفته ولا حتى حزبه، يهمني برنامجه ومشروعه. الأقليات، المكونات، البيت الفلاني، التجمع العلاني، هذه مصطلحات استعمارية دخلت بلادنا مؤخراً على ظهر الدبابات الأمبريالية، فيصح اعتبارها ثقافة التدخل والاحتلال والتجزئة والتمزيق. لا نقبل أن يفرض كائن من كان رأيه بقوة السلاح حتى لو كان رأيه سليماً، وبأي داع من الدواعي، نريد أنظمة تحترم المواطن وحكام لا جيوب لهم ... حاكم يعيش على راتبه فقط وهو غير قليل، نريد أنظمة تحترم كرامة وحرية الإنسان فلا يفر إلى خارج وطنه ليبحث عنها، وللأسف سوف لن يجدها في الخارج ولاسيما في ظروف اليوم المعروفة، والتي نتوقع لها أن تتفاقم في العالم الصناعي. لدي أرقام ومعطيات لا أريد أن أنشرها لأصيبكم بالصدمة، ماذا يفعل ملايين من أبناؤنا في أوربا والغرب، لنفعل شيئاً يوقف هذا النزيف القاتل.

أيتها الأخوات أيها الأخوة .. دعوني أقترح عليكم برنامجاً سياسياً / ثقافياً بسيط جداً يتألف من فقرات سهلة التطبيق إذا كنا نحمل بحق هذه الهويات التي نضعها على صدورنا كممثلين مفترضين لجماهيرنا، كبرلمان عربي شعبي غير منتخب، فإذا شخصنا المرض، يسهل وصف الدواء :

1. تشخيص القوى المعادية للأمة، وتوعية المواطن العربي على فكر يتجاوز الطائفية والمناطقية والعشائرية. وإدانة أي تعبئة أو شحن يقود إلى اقتتال داخلي.
2. تكريس هذا المؤتمر ككيان سياسي له قيمة مرجعية.
3. ليكن هذا المؤتمر وقراراته حجر الأساس في قيام الجبهة الوطنية والقومية والتقدمية.
4. تعميم ثقافة العمل الجماعي القطري والقومي، وسياسة التحالفات والأئتلافات، واستهجان القيادات الفردية، تحت أي مسمى كان.

ودون ريب فإن لكل ساحة عربية ظروفها وخصائصها النضالية، وإذا كنا كيان، أو حركة قومية موحدة الوجدان، فلنوحد إذن الإرادة، بين يدي الآن ملف يتألف من 165 مشروعاً وطني عراقي وقومي.، المشاريع العراقية في مجملها تدور حول نقاط ثلاثة :

1. أستعادة استقلال العراق
2. ـ تأسيس دولة وطنية ديمقراطية.
3. إعادة إعمار وبناء العراق.

وبالطبع أخواتي وأخواتي، في مفردات هذه الفقرات، تفاصيل فنية، سياسية، قانونية / دستورية، واقتصادية / اجتماعية، ففي كافة أقطارنا نواجه هذه الألغام الموقوتة ذاتها في صياغات هي واحدة في جوهرها. فبرنامجنا العراقي يهدف إلى جمع العراقيين في مواقف متحدة أو متشابه، تخدم التناقض الجوهري وهو بين الشعب العراقي وقواه الوطنية، والاحتلال والعناصر الضالعة في ركابه. لا نريد أن نكبر الأهداف فيتذرع البعض بخطورتها، وآخرون بصعوبتها، ولكي لا ندع فرصة لمن يريد تجميدنا عند النقطة التي وصلنا إليها وكفى الله المؤمنين شر القتال. دعونا نبلغ نقطة حسنة، كياناً نتمترس وراءه، يوفر شروط الدفاع، ولكن أيضاً أمكانية تطوير الدفاع إلى هجوم في مرحلة لاحقة، عندما تتعافى حركة الثورة العربية الاشتراكية.

أحييكم أيتها الأخوات والأخوة، يحدوني الأمل أن نشهد خطوة إلى الأمام، أنظروا .. كم نشتم الرجعية العربية، وقوى اليمين .. ولكنهم أنجزوا الجامعة العربية وهو على علاته كالسمك مأكول مذموم، نعيب عليه البطء والكسل، وتأخر ردود أفعاله، ترى هل نستطيع أن نقيم شيئاً أفضل منه ..؟ إنه تحدي مطروح على مؤتمرنا ... أصنعوا أداة العمل العربي الموحد، ففيه إنقاذ لحركة التحرر الوطنية والقومية والتقدمية ...

لنترحم على أرواح المناضلين الذين قضوا في سبيل الوطن والأمة، وتحية للمناضلين خلف قضبان السجون والمعتقلات من المناضلين الأسرى وسجناء الحرية ... من أجل أولئك الذين ينتظرون من هذا المؤتمر شيئاً وهم بالملايين في ساحات وطننا العربي الكبير... أنتجوا شيئاً من أجل أن يبقى الأمل

أشكر لكم حسن استماعكم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـــــــــــــــــــــــــــ

مداخلتنا أمام المؤتمر الشعبي في تونس يوم 9/ كانون الأول ــ ديسمبر / 2017

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

793 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع