نشيد البعث "مرحباً يا معارك المصير" الفخ الذي أوقعوا فيه العبادي في الإستعراض العسكري ليوم النصر

                                          

                         بقلم: سالم إيليا
نشيد البعث "مرحباً يا معارك المصير" الفخ الذي أوقعوا فيه العبادي في الإستعراض العسكري ليوم النصر

جرت في الأيام القليلة الماضية مراسيم الإحتفال بالإنتصار على داعش بمسك الحدود وتمشيط المناطق الصحراوية التي تقع ما بين محافظات الموصل والأنبار وصلاح الدين والتي كانت لوقتٍ طويلٍ الحاضنة لتنظيمي القاعدة وداعش.

وقد أعلن السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي يوم السبت الماضي الموافق التاسع من كانون الأول/2017م بيان النصر الذي وقع في فخهِ الصغيرٍ تمهيداً لوقوعه في الفخ الأكبر وكما سأبين لاحقاً، وحيثُ هنئ وشكر في كلمته جميع صنوف الجيش والحشد الشعبي والقطعات والوزارات الساندة وأسقط (عن عمد أو دونه) التهنئة والشكر لقوات "البيشمركة" التي إشتركت في تحرير الأراضي من داعش وقدمت الشهداء حالها حال جميع الصنوف المشاركة الأخرى!!، مما وضع علامات الإستفهام الكثيرة وفي هذا الوقت المتأزم والمحسوبة فيه أنفاس السياسيين، إذ بدأت منذ الآن حمى التسقيطات السياسية بكيد الكائدين من السياسيين وحيثُ لم يتبقى غير أشهر معدودات على الإنتخابات القادمة، وهذه "الهفوة" سرعان ما تفاعلت معها وكما هو متوقع حكومة الإقليم، فأصدرت وزارة "البيشمركة" بياناً ردّت فيه على هذا التجاهل الذي عززته كَرَدِ فعلٍ الى رفض حكومة الإقليم في الحذو حذو المركز بإعتبار يوم الأحد الذي تلا بيان النصر عطلة رسمية في المناطق التابعة لها، الرابط أدناه لبيان وزارة "البيشمركة":

http://www.ishtartv.com/viewarticle,78483.html

وفي اليوم التالي أقيم مهرجان عسكري كبير في ساحة "الإحتفالات الكبرى" لصنوف الجيش والقطعات المساندة من الحشد الشعبي وطيران الجيش والقوة الجوية والهندسة العسكرية والإستخبارات العسكرية وبقية الأجهزة الأمنية وبرعاية رئيس الوزراء حيدر العبادي، وكم كان مستغرباً لي كمتابع أن أشاهد كتائب وكراديس القطعات المستعرضة من أمام منصة التحية وهي تستعرض على أنغام النشيد الذي حفظه كل العراقيين المؤيدين والمعارضين للنظام السابق وهو نشيد "مرحباً يا معارك المصير" الذي بدون أدنى شك كان نشيداً حماسياً متكاملاً من الناحية الفنية والمُلَّحَن بنوتات المارشات العسكرية التي تصلح لمثل هذه المناسبات وحيثُ إتخذته الكلية العسكرية العراقية في عهد النظام السابق المارش العسكري الذي تسير عليه جحافل طلاّبها يوم تخرجهم وإستعراضاتهم وأصبح جزء لا يتجزأ من تراث الموسيقى العسكرية العراقية (ربما لهذا السبب لم ينتبه الى أمره القادة الجدد)!!، وحيث تتغنى كلماته بشكلٍ واضح بأمجاد الحزب الحاكم حينذاك وأهدافه ورسالته الخالدة!!، وحيثُ يقول أحد مقاطعه "أيها المشردون ـ ـ أيها المعذبون ـ ـ وحّدوا الصفوفَ ـ ـ وإرفدوا مسيرة البعث العظيم ـ ـ طلائع الرفاق شبت كاللهب وفجرت بأرضنا منابع الغضب ـ ـ من المحيط الى الخليج دولة العرب" !!، وحيثُ من المفروض أن يكون مرفوضاً جملةً وتفصيلاً عند من جاءؤا بعد سنة 2003م والذين يعلنون دائماً بمناسبة أو بدونها عدائهم لما أطلقوا عليه "نظام البعث" ولا يزالُ يطاردون أعضائه ومؤيديه!!.

ولقد خمنتُ في بادئ الأمر على أنّه ربما هنالك "تشويش" وتداخل الكتروني عالي الدقة في زمن "الفوتوشوب" وغيره من الحيل الألكترونية، لكن زالت ظنوني حين شاهدتُ الإستعراض على قناة "آفاق" المنسوبة الى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي!!!، فشعرت بأن هنالك مَنْ أعلن ساعة الصفر للإيقاع بحيدر العبادي من خلال هذه الفخاخ المتزامنة التي بدون أدنى شك سيستخدمها خصومه للنيل منه في الإنتخابات والتي لم تأتي إعتباطاً!!.

الرابط أدناه للإستعراض العسكري الكامل على القناة الفضائية "آفاق" التي قصدتُ فيها الإستشهاد برابطها حصراً لغاية توكيدية لا تقبل التأويل والجدل، وحيثُ عُزف هذا النشيد في الدقيقة (7:57) ثمّ أعيد عزفه عدّة مرات خلال الإستعراض:

https://www.youtube.com/watch?v=awyhfSlmFro

وما دمنا بصدد هذا الإستعراض الذي ظهر فيه الجيش بكافة صنوفه أفضل بكثير من الإستعراضات السابقة، لكن يبقى دون مستوى الطموح لما كان عليه سابقاً، أود أن أطرح بعض الملاحظات التي لا تخدم العملية السياسية ولا الوضع العراقي المجتمعي بشكلٍ عام الذي يحاول فيه بعض السياسيين إعطائه "قبلة الحياة" بتصريحاتهم المتفائلة دون أن نلمس لها وجود على أرض الواقع.

ولأبدأ مع بداية دخول القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء حيدر العبادي وإعتلائه لمنصّة الضيوف وحتى آخر دقائق العرض العسكري:

ـ حرص رئيس الوزراء على أن يلقي السلام على عوائل الشهداء الذين وجهت الدعوات اليهم لحضور الإحتفال وهذا موقف يحسب له (لم يظهر هذا المقطع في الرابط أعلاه، لكنه موجود على اليوتوب)، وكان لتسارع ذوي الشهداء في تمرير (عرائض) ورسائل له يؤكد من أنه لا يزال هنالك غبن وعدم متابعة وخلل في القوانين لإنصافهم وإلاّ ما كانوا ليستغلوا رؤيته لطرح معاناتهم من خلال تمرير عرائضهم له، ثمّ على الحكومة أن تقضي على هذه الظاهرة التي إستشرت في المجتمع العراقي منذ زمن النظام العراقي السابق الذي شجّع فيه الرئيس الأسبق هذه الظاهرة الغريبة والغير موجودة في كافة بلدان العالم!!، فإنصاف المغبون أو المظلوم لا يتم بمعالجة الحالات الفردية من خلال العرائض وإنما من خلال سن القوانين للحالات المتماثلة لإنصاف الجميع على حدٍ سواء، إلاّ اللهمّ يريدون القادة الجدد الحذو حذو الرئيس الأسبق ويعتبرونها مكرمة من مكارمهم!!، وهذا بالضبط ما حدث مع الدكتور حيدر العبادي الذي تردد في أحيان كثيرة لإستلام تلك العرائض محاولاً تخطي الحماية التي فصلت بينه وبين محدثيه من عوائل الشهداء الذين بكل تأكيد تم تفتيشهم بدقة قبل الدخول الى ساحة الإحتفالات، فلِما كل هذه الإجراءات الشكلية داخل منطقة آمنة من مناطق الخضراء والتي تعطي إنطباع سلبي وتذكرنا بالرئيس الأسبق وحماياته وتزيد من مخاوف العراقيين بإحتمالية قيام دكتاتور آخر!!.

ـ دأب رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة في الجلوس تحت سقف منصة التحية منفرداً دون مشاركة بقية القادة السياسيين والعسكريين له، وهذه الطريقة تستخدمها الأنظمة الشمولية والدكتاتورية وربما تم تصميم منصة التحية سابقاً على هذا الأساس، لكن: اليس من المفروض تغيير تلك التصاميم بما يتلائم والعهد الجديد وإبعاد شبح قيام دكتاتور آخر كما كان سيحدث مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لولا (إجباره) في التنحي عن الولاية الثالثة؟؟!!، وفي هذا الصدد ربما على رئيس الوزراء الحالي الإنتباه الى محاولة المخضرمين المتزلفين من المحيطين بموقعه لتوريطه في بروتوكولات تقوده في نهاية المطاف الى ان يصبح دكتاتوراً ينتهي مصيره الى ما إنتهى اليه من قبله الرؤساء السابقين وحيثُ نبذهم العراقيون والعالم أجمع، وهذا واضح من خلال كثرة إستخدامه في الآونة الأخيرة لمفردات في خطاباته تعزز هذا التخوف، فبدأ (يحذر) الأفراد وحتى الدول العظمى!!، ومفردة (أحذّر) قوية بمعناها اللغوي ولا يستسيغها المتلقي إن كان فرداً أو دولة لأنها تعطي معنى التهديد!!، وحيثُ يستطيع إستبدالها بكلمة (أنبه أو أجلب إنتباه) الأقل حدّة والأكثر تهذيباً.

ـ غياب رؤساء السلطات الأخرى من رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان والقادة السياسيين الآخرين عن الإستعراض يؤكد عمق الشرخ والتصدّع في علاقاتهم مع بعضهم البعض ويبين حجم صراعهم على السلطة، فمن المفروض أنّ جميع القادة ساهموا في إنجاز النصر وهو نصر لكل العراقيين!!، لكن ربما رئيس الوزراء لديه رأي آخر وكما كان يردد من أنّ الكثير من هؤلاء القادة قد حاولوا ثنيه ووضع العراقيل أمامه لعدم طرد داعش وإبقاء الوضع على ما هو عليه لمنافع شخصية ومنها عدم إجراء الإنتخابات في موعدها المحدد بحجة وجود داعش على ثلث أراضي العراق مما يتيح لهم الإحتفاظ بمناصبهم لأجل غير مسمى!!!.

ـ إبتدأت جحافل الإستعراض بالمرور من أمام منصة التحية وإنتهت على أنغام وإيقاع نشيد البعث "مرحباً يا معارك المصير" وكما أسلفتُ!!، وربما فات الأمر على العبادي وقلّة أخرى هذا الأمر لكونهم كانوا خارج العراق منذ نهايات السبعينات للقرن الماضي ولم يسمعوا بهذا اللحن أو النشيد، لكن هذا "الفخ" الذي وقع فيه يعطيه الفرصة لتتبع خيوط "المؤامرة" عليه وأدواتها وهي بكل الأحوال ليست ببعيدة عنه!!، ويقيناً هذه "المؤامرة" أُعدّت داخل "البيت" وليس خارجه، أي لا علاقة للبعثيين بها، وإنما هنالك مَنْ رتّب هذا الفخ من المتنافسين على رئاسة الوزراء للمرحلة اللاحقة!!.

ـ من الملاحظ غياب صنف مهم يمثل السيادة الجوية وحماية السماء العراقية وهو صنف مقاومة الطائرات بمدافعه المتوسطة والثقيلة (57ملم و100ملم) وقواعده الصاروخية من عائلة "سام" أو غيرها من الصواريخ ومن مناشئ أخرى، وهذا الغياب يؤكد (الإشاعات) من أنّ سماء العراق محمية بشركات أو دول أجنبية ولا نعرف مدى صحة هذه الإشاعة!!.

فتزويد دبابات (تي 72) الروسية الصنع بمدافع خفيفة لمقاومة الطائرات لا يتجاوز مداها مئات الأمتار أو الكليومترين بأقصى الأحوال يعتبر "نكتة" لا يمكن الإعتماد عليها حتى ميدانياً أمام التطور الهائل لهذا الصنف ومضاده من الطائرات التي تطلق على الهدف من مسافة تتجاوز الأربعين كيلومتر، وهذا هو السبب الرئيسي لخسارة العراق المعركتين الأخيرتين لحرب الخليج (1991 و2003م)، أي كانت حرباً أحادية التدمير بطيران حربي أمريكي متطور جداً يقابله دفاع جوي متأخر نسبياً للعراقيين، فأنفردت الطائرات الحربية الأمريكية وتسيدت الأجواء العراقية.

فهل ستتعاطف الجحافل المُسْتَعرِضة مع حيدر العبادي وخاصة الحشد الشعبي العقائدي بمعظمه المثير للجدل الذي إختتمت جحافله الإستعراض على إيقاعات هذا النشيد كون أنّ العبادي كان ضحية لمؤامرة بدأت خيوطها بأول الغيث الذي ينذر بالأسوأ فيما لو تمادت "الضحية" بعدم الدفاع عن نفسها وترك من يحيكون الدسائس للقضاء عليها أحراراً دون عقاب؟؟؟!!!.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

944 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع