الافتراق أم الاختلاف مع جار السوء؟!

                                                            

                                    محمد واني

الافتراق أم الاختلاف مع جار السوء؟!

تصور أن شخصا ما له جار سيئ الطباع شرير يؤذيه دائما، وينغص عليه حياته فماذا يفعل؟ إما أن يترك بيته ويذهب إلى مكان آخر ليسكن فيه، وإما أن يتحمل على مضض ويسكت ويداري آلامه ومعاناته، وإما أن يدخل معه في مشادة كلامية يومية ومعارك حقيقية، وإما أن يضع سدا منيعا وسورا عاليا يفصل بينه وبين جار السوء حتى يتخلص من شره ولسان حاله يقول «صباح الخير يا جاري أنت في دارك وأنا في داري»، والحل الأخير اختاره الكرد مع العراق، وفضلوا الانفصال على الاقتتال والدخول في حروب طاحنة لا طائل من ورائها.

وقد جرب الطرفان الكردي والعراقي هذا الحل، ولم يصلا الى نتيجة سوى الدمار والانفصال وتهديم 4500 قرية وقصف مدينة «حلبجة» بالكيماوي، فلم يبق غير الافتراق والإبقاء على البقية الباقية من العلاقات الأخوية بينهما، وهذا ما فعله الكرد بالضبط، حيث قرروا أن يهجروا جار السوء، ويضعوا حدا لتجاوزاته وخروقاته الإنسانية، ويسدلوا ستارا عن حقبة من الصراع الدامي الطويل بينهما امتثالا لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عندما جاءه رجل يشكو إليه جاره فقال له النبي «اذهب فاصبر» فأتاه مرتين أو ثلاثا فقال «اذهب فاطرح متاعك في الطريق، فانطلق فطرح متاعه في الطريق، فاجتمع الناس عليه، فقالوا: ما شأنك؟ قال: لي جار يؤذيني، فذكرت ذلك للنبي، فقال «انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق»، فجعلوا يلعنونه، ويقولون: فعل الله به وفعل وفعل» فجاء «الجار السيئ» إلى النبي فقال: يا رسول الله ما لقيت من الناس، قال: «وما لقيته منهم؟»، قال: يلعنوني، فقال النبي «قد لعنك الله قبل الناس».

هذا هو الإسلام وهذا هو الإنصاف والإنسانية، إذا كان جارك يؤذيك فاهجره وفارقه قبل أن يتطور الأمر إلى حرب وسفك دماء، ولكن مع الأسف الجار العراقي السيئ جدا يصر على إخضاع الكرد لهيمنته الطائفية وإبقائهم تحت رحمته بأي ثمن وإن اقتضى الأمر استعمال القوة ضدهم، هل هذا معقول؟! أن تغتصب إرادة جارك وتجبره على العيش في ظل وصايتك وجبروتك؟

وإذا كانت الدول الاستعمارية الغربية التي قسمت بلاد العرب والمسلمين وزرعت فيها بذور الخلافات العنصرية والطائفية وهي ماضية في هذه الاستراتيجية «الفوضوية» ولن تسمح بالمساس بها لأنها تضمن مصالحها لفترة طويلة، فما بال الدول الإسلامية لا تهتم بما يعانيه الكرد من جور وظلم على يد العراقيين العروبيين أو الطائفيين ولم تقف الدول العربية المتمثلة بالجامعة العربية هذه المرة متفرجة فقط بل رفضت وأدانت الاستفتاء الكردي بحجة أنه غير دستوري!

الحكومة العراقية تحججت بأسباب واهية، فهي الطائفية الموالية لإيران قلبا وقالبا إنما ترتكب خطأ استراتيجيا كبيرا سينعكس بصورة سلبية للغاية عليها وعلى المجتمعات العربية، وتمهد الطريق لتمدد طائفي واسع في المنطقة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

479 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع