حال (السدانة بالماي)

                                                   

                                 صبري الربيعي

يخطأ من يظن ان (الأزمة) الراهنة في العراق , أزمة عصيّة , كما يخطأ ايضا من يجد فيها قضية يسيرة المعالجة ..ولا ريب ان دراسة موضوعية لواقع الحال تنبأ ان المسألة تتعلق ببنية النظام السياسي المتصدي للسلطة في أعقاب الإحتلال الأمريكي الغاشم .

وعلينا ان ننظر بإنصاف الى (الشبكة العنكبوتية )المتداخلة والمتقاطعة لما يسمى ب(العملية السياسية), من خلال جملة من المعطيات على الأرض فيما يخص :

1: ان اضطلاع (التحالف الوطني) بتولي السلطة بشكل رئيس , أثار(ذعر) شخصيات من (السنّة) ,الذين وجدوا في تصديهم لقوات الإحتلال أبان الأسابيع الأولى, واحتضان عناصر من تنظيم (القاعدة) صفحة من جهاد العراقيين , لمقاومة ذلك الإحتلال..وهذا في الحقيقة أمر واضح رغم مايحتمله من آراء, إلا أن من غير المفهوم والمطلوب أيضا تدخل دول اقليمية في الشأن العراقي , ولا يمكن أن يعد مقبولا مثل هذا التدخل, كونه يقع تحت طائلة (التخابر) مع دول خارجية , لو أردنا حقيقة تطبيق القانون الوضعي والأخلاقي , ويصبح الأمر في غاية الخطورة ,عندما يسهل لمثل هذه التدخلات الخارجية , في ظروف بالغة الخطورة يتهدد خلالها الأمن الوطني .

2: ليس بعيدا عن الإهتمام , السياسات الإقصائية التي مارستها الحكومة(جهة المالكي) , إذا افترضنا أنها (حكومة شراكة وطنية ) , التي أثارت لدى الأطراف الأخرى مشاعر وقناعات من انها لا تمارس دورا مؤثرا في الممارسات التنفيذية,  بعد أن عجز (مجلس النواب) عن الإفتاء المنصت اليه , أو ايجاد الحلول الناجعة للمشكلات الجسيمة التي يعاني منها العراق , بسبب من أن أعضاء المجلس هم أنفسهم من يسبب الأزمات ..كما ان تلك الأطراف الأخرى قد سمحت لشخصيات تحاول الإستئثار بالسلطة والنفوذ والمال متخذة من (مطالب الجماهير ) المشروعة واجهة  للتسلق ..

3 : تشظي مفهوم القوائم السياسية , و(تفريخ) التيارات والأحزاب سعيا وراء ايجاد موطأ قدم لرموزها في قطار السلطة .

4: لاأظن أن احدا من هؤلاء السياسيين يمكن لهم المزايدة على مؤشرات الواقع  , ليقول لنا " أن مساعيه وركضه اليومي ولهاثه وراء المايكرفونا ت من اجل عيون الشعب " , فقد عرف الشعب جيدا ان هؤلاء المتسلقون ما هم إلا نتاج غث غزا العراق , وفي حقيقة الأمر ان العراق قد ابتلى بهم , ولم ولن يكونوا في يوم ما سببا في حل مشاكل العراق !

5 : أرى ان علينا وعلى كافة الجهات ادراك حقيقة ان (رئيس الحكومة) تتقاذفه إرادات , ولن يستطيع حلا لما يحيط به من أزمات , مع أني شخصيا أثق في افتقاده ارادة حل هذه المشكلات , الا اذا كان حل بعضها سيؤمن له المكوث في السلطة .

6:  لم يولي (رئيس الحكومة) , شخصيا ذلك القدر المطلوب من تحقيق العدالة المفترضة , في الوظائف والتعامل الانساني من قبل القوات الامنية مع المواطنين في مناطق محددة , من غربية وشمال شرقية العراق ..كما ان اغماض عيناه عن الجرائم المرتكبة بحق المعتقلين السياسيين, ان لم نقل ان تلك الارتكابات قد جرت وربما تجري بعلم منه على الأقل . يحمله مسئولية رد المظالم الناشئة بفعل تلك التعديات على المواطنين .

7: ربما يكون علينا الوثوق من أن ما يقال عن حماية (رئيس الوزراء) للوزراء والنواب وذوي الدرجات الخاصة ) المرتبطين به , من محاكمات قضائية بفعل فسادهم وافسادهم , وسرقتهم  للمال العام وسوء تصرفهم بالأموال العامة , أمر ينطوي على الكثير من الحقيقة .. وشواهد ذلك كثيرة ومعروفة , آخرها هروب مدحت المحمود , الخائف من ادانته بارتكابات قضائية كثيرة , وفي مقدمتها تطبيق القوانين بصورة انتقائية  , واضطلاعه بدور(الكابح) لأية اجراءات دستورية وقانونية تصحح من أوضاع المسيرة ,  وهو في كل ذلك كان قد مارس دور (وزير السلطان) !

8 : تحول (المضايف) الى منابر سياسية نجد فيها الأصوات (النشاز) , المؤدية الى الفرقة والتشرذم , وطرح الشعارات المنتمية الى المستحيل , لتزرع في اذهان الناس على انها مطالب مشروعة ينبغي ان تنفذ بين ليلة وضحاها ..لماذا ؟ لأنننا نريد ذلك ! وهذا أمر لا يستقيم مع العمل السياسي الهادف الى حل المشكلات المتراكمة , بسبب من عديد التناقضات السياسية الحاصلة على الأرض , منذ تولي الحكومات المتعاقبة على العراق منذ الإحتلال حتى الآن .والتي كان يتوجب على (المخطط) وأعني به (الطرف الوطني) على الأقل ..ان يحقق الإنفتاح  على كافة مكونات الشعب (الديموغرافية) , من اجل قيام حكومات متجانسة , تشعر الجميع بأن العدالة حاضرة , من دون ان تكون لذلك توصيفات مستحدثة ك(المحاصصة)و (التوافق) و(الشراكة ) وما الى ذلك من الإصطلاحات ,  التي لم نجن منها في النتيجة سوى الخراب ..الخراب في كل شيء , وأخطره خراب النفوس والضمائر في النظرة الى وحدة العراق .

9 :لايهم الشعب العراقي حقيقة .. أي من هؤلاء السياسيين المنتفعين الذين غادرت الروح العراقية ضمائرهم بعد انبهارهم وانشغالهم بالسلطة والمنافع (المشرعنة)  , ولكن الذي يهمه ان يكرس هؤلاء الذين اصبحوا طبقة اجتماعية مترفة , تنظر من عليّ الى الشعب , الذي يأن من نتائج صراعات افراد هذه الطبقة , وعجزها عن ايجاد قاسم مشترك لعملها من اجل العراقيين .

10 : لاشك في ان أي عراقي ذي عقل متفتح  , يقع في حالة الذعر, وهو يستمع الى الأرقام الفلكية عن الأموال المهدورة طيلة السنوات العشر الماضية  ,من دون ان نرى حلا قريبا لمشكلات جوهرية تطال حياة الناس اليومية المتعلقة بالخدمات والبنى التحتية .. واني أبصم ب(العشرة) أن مايتحدث عنه (المسئولون) , ماهي إلا اعمالا جزئية ,لا ترقى الى مستوى الأعمال التي ينبغي حيازة نتائجها بما يتناسب مع كم الأموال المصروفة .

11: لازلت على يقين من ان (غرفة خباثات) تضم امهر (الخبثاء) تعمل من أجل ابتكار وتسيير الأحداث (الدراماتيكية) الجارية ..وعندما كنت اتهم الحكومة  , ارى اليوم ان من واجبي الإشارة الى الأطراف المناوئة لها ايضا , في امتلاك مثل هذه (الغرفة الخبائثية ).. وفيما إذا سالني ساءل عن اسماء اعضاء تلك (الغرف السوداء) بمكن لي ذكرها من دون تحفظ !

12: من المؤسف حقا في كل هذا , ان الزمن يسرع في التهام فرص التطور والبناء , واستثمار ثروات العراقيين ,أما السياسيون فهم لما يزالون ضمن ذات المربع الأول .يجربون , ويتبارون , ويتصارعون,  في بلد تضخ اليه الأموال الهائلة , فيعبث بها العابثون من دون مسائلة تصل الى نهاياتها الرادعة !

13:  ان العراق لا يمكن أن يحكم من قبل طيف واحد منه , بالرغم من صحة الرأي القائل بالتصدي للمسئولية الأولى او الرئيسية من قبل من يمثل المكون الأغلب ..ولكن هذا الأمر يتطلب بعض التوقف..من قال مثلا ان حزب (الدعوة ) أو (المجلس الأعلى) أو (العراقية ) أو تجمعات شيوخ الغربية او الجنوبية  , يمثل ايا منهم الشعب ألعراقي ؟ وإذا كانت الانتخابات قد افرزت شخصيات معينة , فأنها على الأقل تمثل جماهيرها , الذين لا يزيدون في كل الأحوال , عن مادون المليون نسمة ..وهؤلاء حقيقة يمثلون (المؤدلجين) من الناس ..أما غالبية الشعب العراقي فليس لها ( صرماية ) بهذا او ذاك ..المهم عندها ان تجد عراقا حرا يعيش ابناؤه بخيراته بكرامة وأمن .

على السياسيين العراقيين تمثل حقيقة .. أنهم زائلون حتى وان تنعموا (بأمان المصير ) كما قال حيدر الملا , وان التاريخ لايرحم احدا , وليس لهم الا العودة الى مطامح العراقيين في الأمن والتوحد , و بناء العراق من قبل ابناءه, وحقن ضمائرهم بحقن الشرف والوفاء للعراق ليس الا .

ورود الكلام ..

دخلت مبنى السفارة العراقية , ولم تلق السلام على الحاضرين إلا موظف السفارة ..امرأة اجتهدت لتظهر ب( لوك) امرأة عصرية , بحجاب أنيق ..وعندما تحدثت نضحت السذاجة والسطحية من بين كلماتها " تريد الذهاب الى بغداد لتصديق بعض العقود التي حصلت عليها "! ناثرة بعض الأوراق التي لم اعرف سببا لوضعها بين يديها من دون ملف للحفظ ؟  وان(الحجي ..الله يحفظه  بعد ان عرف عمي فلان ,,واعدني بمنصب "( لاعشتوا عليها) ..وعندما قالت لموظف السفارة فحسب "اني رايحة  ".. بادر ذلك الموظف الى( كصها) فقال "هذي صار الها عشر سنين اتدور على منصب ..وهسة سوت جمعية لعرقها من اجل الوصول الى السلطة "..آه ..لوكنت اعرف رقم هاتفها لقلت لها " سيدتي ..ركزي على العقود ..أما المنصب فقد سبقك اليه كثيرون " ..حكاية واقعية ذبلت من سماعها ورود الكلام !

هامش الشروح:

* (السدانه) هي وعاء من الطين يجفف تحت الشمس, من غير شواء, عندما توضع في الماء تذوب فيه.

*(صرماية) كلمة شائعة ,  تدل على الفائدة .

* (لاعشتوا) تقال سخرية في بعض الأوساط النسائية .

*( كصها) نال منها .

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

748 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع