تعال نرقص سوية انا وانت

                                                                                                    

                           وسام الطاف عبدالحميد

 تعال نرقص سوية انا وانت

وأنا جالس في الفناء المُدور الذي تتوسطه نافورة تتقيئ المياة التي بَنت الضفادع أعشاشها فيها، وولغت في حوضها أجد أطفالاً يستحمون فيها بكل بهجه  تنبعث منهم رائحة فقر متقع نتنه مُتحَدينَ مرضْ الكوليرا سيئ الصيط المنتشر .

هنا في مدينة الحَدباء بعد ان حُملت على الحدباء تصل درجة الحرارة الى يوبل ذهبي، حيث يستحم الاطفال في حوض مدور مياهه أسنه بعد ان سلبهم فقرهم كل شئ ولم يبقي عليهم سوى بضع اوراق ماليه تجعلهم يتاجرون بها تجارة بيع " الكلينس"  كي يمسحوا دموع شعب مزقته الة الحرب بمناديلهم الا انني اعلم ان بائع الكلينس اكثر من يصاب بالزكام  .

هنا في مدينة الموصل

أجلس وحيداً مع  إبن خالي هيثم الذي غدا بائساً تنبعث منه رائحة بؤس بعد ان اصابه تورنادو مالي  ، جليسين نتأمل  في رقصات شباب في عُنفوان شبابهم يرقصون يُغنون يمرحون  تَنصَبُ من وجناتهم شلالات العرق نتيجة الجهد الذي يبذلوه .

انتابني شعور بأن هناك شعب يتنفس الحياة ويرفض الارهاب بكل صورة البشعه مقيماً نصباً تذكارياً برقصة شعبيه  .
أتفرس في تلك الوجوه التي تحاول ان تتغلب على الجاذبية الأرضيه برقصها بقفزات عالية يصحبها " جوبي " على مقطوعه شعبيه غدت اشهر من اغاني ام كلثوم في مدينتي وهي اغنية " يمه الحب يمه " ، أجد هناك صيحات تتعالى واهازيج تعلو على صوت المولد الكهربائي الذي اجلس على مقربه منه  بأمتار .

هنا في هذه المنطقه أكاد اشم الامل الذي ينبعث من الراقصين مُتحدين طعنات الحرب و قنابر المدفعيه وصراخ الارامل  .  

هممت بالنهوض من المقعد المغطى بالالواح الخشبية الذي أصابته الشظايا  جراء العمليات التي حدثت في مدينة الموصل اذ بقت اثارها كجرس يدق في الذاكره مذكرةً بويلات ودم سال طيلة ثلاث اعوام من رقاب اهلها  .

هيثم :  المكان اصبح مغطى بمخلفات الطعام واكياس الصلصه وبقايا خبز على الارض
أنا : نحتاج الى توعيه وتغيير سيكولوجية الشعب
هيثم :هل تقصد اننا نغير افكارهم مثلا ؟
أنا : نعم نغيرها بحملات ارشاديه
هيثم : من يقوم بالحملات هل تقصد منظمات دولية مثلا ام الامر صعب .
انا : والله الشغله صعبه امشي خلي نطلع مايصير النا حل عمي .
رقص الجميع وحرق سعراته الحراريه ورمى الجميع قناني الماء وبقايا الطعام على الفناء ورميت انا قنينة الماء التي بيدي وخرجنا انا وهيثم لنكمل مسيرتنا التسكعيه كبائسين عاجزين عن أسعاد انفسنا ، راجين من الله أن يقوم اعوجاجنا الخلقي مستذكراً البيت الشعري : واذا اصيب القوم في أخلاقهم ... فأقم عليهم مأتماً وعويلا .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

850 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع