ديالى / مدينة البرتقال وبستان العراق وعبق العِلم والحضارة

                                             

                          عباس العلوي

بحث تأريخي :

ديالى / مدينة البرتقال وبستان العراق وعبق العِلم والحضارة

               

ديالى : في اللغة اسمها غير معروف / ويشير لعدّة معاني كالرائحة الزكية والوردة الجميلة  /  وبالسومريّة تسمّى  ديالاس وتعني [ النهر ] والمقصود  نهر ديالى في العراق ومنه اشتق الاسم .
ديالى : مدينـة البرتقـال والبستان الذي أنعمَ على أهـل العـراق بالخيرات
هي جنـة الله في الأرض / أشجار فواكه مثمرة / ونخيل تمور عامرة / وبساتين وأنهـار جميلة تسقي الأرض بماء فضي زلال / وجبـال شامخة وتلول وديعة هادئة < تل أجرب ، تل أشجالي ، تل أسمر > تصلح أن تكون ( مستقبلا ) من أجمل المنتجعات السياحية في العـالم / لو أمتدت إليهـا يد الأعمـار بشكل صحيح / وكنوز اثرية تختزن اسرار الحضارات العراقية عدا بحيرات النفط والغاز والمعـادن الثمينة المكنوزه في أرضهــا وجبالهـا ووديانها .
 كل شييء فيها هبة من السماء .. جمال الطبيعة والمناخ العـليل والأرض الطيبة والأنهار الساحرة والسدود المائية وعيون المياه الكبريتية الرائعة /  فضلاُ عن موقعها الجغرافي المتميّز في ظهر العـاصمة بغـداد / ونسيج سكانها المتعدد الأنواع الذي يشكل في واقعه عراقاً مُصـغراً < مسلمين سنة وشيعة ، مسيحيين ، صابئة ، عرب ، تركمان ، أكراد >
 تذكرنا دائما بالبستان العامر بالورود الزاهية .

ولو انتقلنا الى التاريخ لوجدنا فيها أكثر من 900 موقع أثري تعود لعصور قديمة منها  
[ الزندان ] قال المؤرخون ، :
يعد الموقع الأثري ”الزندان“ الواقع جنوب المقدادية على مبعدة 12 كم / من القلاع التاريخية الشاخصة في ديالى الذي يعود زمن إنشائها الى الفترة الساسانية بحدود القرن الثالث الميلادي..،، وهو بناء باهر ضخم على شكل مستطيل يمثل  نموذجا لطراز البناء في العهد الاخير من تلك المرحلة / يتكون من 16 برجاً طمست معالم اربعة منها وله بابان ويبلغ سمك جدار البرج 19 قدماً يحوي كل برج منها ثلاث فتحات معدة لوقوف حارسين لصد الهجمات الرومانية في ذلك الوقت .

أمّا [ تل اسمر ] تميّز بعدد من المعابد والقصور والتماثيل الأثرية / عبارة عن أطلال مملكة
( اشنونا) الواقعة في نطاق محافظة ديالى التي تتميز بالتلول الأثرية التي تعود إلى بداية الألف الخامس قبل الميلاد وحتى العصور الحضارية المتأخرة .

مواقع أثرية اخرى

ـــ قبة بني ادريس [ جنوب من بعقوبة ] قبة اتخذها المتصوفة وعلى راسهم ابو لحسن محمد بن الحسين اليعقوبي قاضي المدينة مكانا للتصوف والتدريس والعبادة / وهي عبارة عن جدران شاهقة مربعة الشكل بغير سقف سابقا
ــــ السد العظيم / سد قديم من الحجر / يقع على نهر العظيم في مدينة الخالص ويرجع تاريخه الى العهد الساساني 226-637 ق.م  
ــــ قنطرة بهرز / تقع على نهر خرسان داخل مدينة بهرز / مكونة من ثلاث دعامات / يعود تاريخها الى العصر العباسي المتاخر.
ــــ تل شوك الريم / موقع بابلي قديم
ــــ تل أبو قبور / يقع على جرف نهر ديالى / يعود تاريخه الى الفترة الساسانية والاسلامية
ــــ تل الذهب [ 15 كيلو متر عن بعقوبة ]  قادت الصدفة الى اكتشافه / يعود الى عصور مختلفة من تاريخ العراق القديم .
ــــ هناك اكثر من مئة تل أثري آخر / لا تسعفنا هذه العجالة من تعداد اسمائها ومواقعها .

الجوامع التأريخيّة :

جامع المقدادية الكبير < بُني عام 1625 م > / جامع خانقين الكبير < بني عام 1810 م > / جامع مجيد بيك < 1901 م > / جامع وتكية الشيخ فتاح < 1810 م > / جامع مصطفى بيك < 1891م > / جامع الشابندر < 1882 م > / جامع عمار بن ياسر < 1812م > / جامع النقشبندي < 1891 م > / جامع المنصوريّة الكبير < 1570 م > / جامع محمود باشا الجاف < 1893 م > / جامع بلدروز القديم  <  1878 م > / جامع عبد الله بن عباس < 1883 م > / جامع الخليفة < 1700 م >
 فرخ البط عوّام!

 ديالى كانت ومازالت مدينة الشعر والعلم والادب والفن والفكر والابداع / أنجبت رجالاً افذاذ ساهموا في بناء الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية والفكرية للعراق المعاصر:
في السياسة : الزعيم عبد الكريم قاسم < قائد ثورة تموز ورئيس وزراء العراق > / رشيد عالي الكيلاني < رئيس وزراء في العهد الملكي > / عماد احمد < نائب رئيس وزراء كردستان > / إسماعيل العارف < وزير تربية في حكومة عبد الكريم قاسم > / طلعت الشيباني < وزير تخطيط في حكومة عبد الكريم قاسم > / جاسم العزاوي < سكرتير الزعيم عبد الكريم قاسم > / هادي العامري < وزير سابق وبرلماني حالي > / عصام عبد علي < وزير التعليم العالي السابق >
 عسكريون : اللواء عبد الوهاب الشيخ علي < أحد قادة ثورة مايس 1941 > / اللواء الركن وهيب العزاوي < قائد القوة الجوية عام 1973 > / الفريق الركن نوري داود العبيدي  
شقاوات اصحاب غِيْرَه وشهامة :  إبراهيم بن عبدكه
تربويون متميزون : سعدي عبد الرزاق / داود سلمان حمزة < شيخ عشيرة ومربي أجيال > / احمد يوسف علي < مربي قدير > / الدكتورة حياة جاسم محمد < مربيه وأديبة قديرة > / محمد محمود صالح .   
رياضيون : نور صبري < لاعب كرة > .
أطباء كبار : الدكتور آزاد الزهاوي < طبيب وأديب >
مؤرخون :   عباس العزاوي / عبد الرحمن علي الحجي
رجال قانون : عبد العزيز خلوصي < مدعي عام >
علماء : حميد مجول النعيمي < عالم الفيزياء الفلكية >
المسرح والتلفزيون :  ثامر الزيدي < مخرج مسرحي > / سعد خليفة < ممثل > / محسن العزاوي < ممثل >.
مطربون :  صلاح عبد الغفور
تشكيليون : رشيد فليحة < مهندس ورسام >  / منير العبيدي / شمس الدين فارس < متخصص في فن الجداريات > / ناظم الجبوري < مصور ورسام > / خضير الشكرجي / عبد الوهاب الونداوي / عزيز الحسك / شنيار عبد الله / خليل الزهاوي < خطاط ورسام >
في الشعر والادب  والفكر : الدكتور صفاء خلوصي < أديب ومؤرخ وشاعر ومترجم واستاذ في الأدب المقارن > / يوسف عز الدين <  اديب وشاعر وكاتب كبير > / عبد المجيد لطفي < كاتب ومفكر > / علاء الدين المدرس < كاتب واديب > / قيس عبد الكافي حسين < اديب كبير > / محمد جميل شلش < اديب وشاعر وتربوي قدير > / محي الدين زنكنة < اديب وقاص وروائي > / إبراهيم الخياط < اديب وشاعر > / احمد الحمد المندلاوي < كاتب > / مجيد غاندي < كاتب ومفكر > / لطيفة الدليمي < كاتبة صحفية > / وديع العبيدي < شاعر وناقد ومترجم > / انمار الجراح / حسين بستانه / خالد عبد الرضا السعدي /حسين الجليلي <اديب وكاتب وتربوي> .

أخيرا : الدكتور مصطفى جواد [ أشهر من نارٍ على عَلم ]  حافظته عجيبة / وذاكرة حادّه / وشخصيته طريفة / وغواص عظيم في تأريخ العرب / ومعرفة عميقة في اللغة العربية وآدابها ونوادر كتبها المطبوعة والمخطوطة !
موسوعة فريدة ذات أطياف متعددة لايمكن لها ان تتكرر في المستقبل العراقي والعربي المنظور .

ولد في محلة القشلة ــ بغداد عام  1904 /  من اسرة كردية فيليّة ريفيّة في دلتاوه  < الخالص > / وهناك من يقول تركماني الأصل من عائلة < سرايلو > / درس في بغداد  وتخرج من دار المعلمين الابتدائية عام 1924 / مارس التعليم بعدها في محافظات العراق  / ثم عُيّن كاتباً للتحرير في وزارة المعارف عام 1928 / فمدرساً بالمأمونية  والشرقية المتوسطة في بغداد / تعرف خلالها على الأب [ انستاس الكرملي ]  فلازمه  وكتب في  < مجلة العرب > وغيرها من المجلات والجرائد العراقية والمصرية / أرسل سنة 1933 الى القاهرة في بعثة خاصة / ومنها الى باريس 1934 ــ 1939 / نال الدكتوراه في الادب العربي من جامعة السوربون / كان موضوع اطروحته [ الناصر لدين الله الخليفة العباسي ] .
عيّن أستاذا في دار المعلمين العالية / ومفتشاً لدائرة الآثار القديمة / وعميداً لمعهد الدراسات الإسلامية العليا / واستاذاً في كلية التربية 1962 / ثم استاذاً متفرغاً / تولى تدريس الملك فيصل الثاني [ 1942 ــ 1948 ] ورافقه الى لندن وسالسبوري عام 1947 / اختير عضوا في المجمع العلمي العربي في دمشق  1947 وعضوا في المجمع العلمي العراقي  1949 ثم رئيسا في عام 1953  كما انتخب عضوا في مجمع اللغة العربية في القاهرة .
له العديد من الكتب أهمها < سيدات البلاط العباسي > و < المباحث اللغوية في العراق >  و < الضائع في معجم الأدباء > فضلاً عن مئات البحوث والدراسات والمقالات التي نشرها في المجلات العراقية والعربية .
من المعروف عن العلامه الراحل طرائفه اللغوية الشهيرة
ذات مرّة التقى الزعيم عبد الكريم قاسم وقال له : [ أرجو أيها الزعيم أن لا تقول : الجَمهورية بفتح الجيم، بل قلْ الجُمهورية بضم الجيم ] وتقبل الزعيم النصيحة بسرور لكنه سأل عن السبب /  فقال له : < أن المأثور في كتب اللغة هو “الجُمهور” بضم الجيم / ولأن الاسم إذا كان على هذه الصيغة وجب أن يكون الحرف الأول مضموماً لأن وزنه الصرفي هو فعلول كعُصفور > !

ادركت الوفاة  سيبويه العصر الحديث يوم 17 / 12 / 1969 بعد مرض عضال ورثاه كبار أدباء وأعلام العراق / قال عنه الدكتور عناد غزوان :
[ كان امّة كامله في رجل / وعالماً في عالم /  ومدرسة متكامله قائمة بذاتها ]
 تغمّده الله برحمته الواسعة .

من طرائف ديالى [ نكتة جميلة ] بعثها مشكوراً كاتبنا الدكتور مؤيد عبد الستار

زار الشاعر الشعبي المعروف الملاّ عبود الكرخي بعقوبه / فلم يجد من يستضيفه فيها / انتقل الى ديلتاوه < الخالص > فاستضافوه ورحبوا به اجمل ترحيب فقال :

أدعو من الأله اللّي يقبل التوبه
فدوَه لديل تاوه تروح بعقوبه
عباس العلوي  
السويد في :   25/ 6 / 2017

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

859 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع