انقلاب 8 شباط جريمة لا تغتفر

                                     

                 د.مؤيد عبدالستار

في الثامن من شباط عام 1963 اقترفت مجموعة متآمرة  جريمة كبرى  بحق الوطن والشعب ، تآمرت على حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم  فهاجمت صباح الجمعة  يوم 8 شباط  مؤسسات الدولة وتمكنت  بعد اغتيال قائد القوة الجوية  من الاستيلاء على طائرات مقاتلة شاركت في الهجوم فاستطاعت السيطرة على بغداد وتطويق وزارة الدفاع ،

وهناك من اعترف مؤخرا بمشاركة طائرات من خارج العراق في تلك المؤامرة القذرة ،  ما ادى الى محاولة الزعيم عبد الكريم قاسم حقن الدماء فاتفق مع المهاجمين على تسليم نفسه آملا  انهاء التمرد وحقن دماء العراقيين ، ولكن الذي كان في جعبة المجرمين اكبر من استسلام الزعيم عبد الكريم قاسم واغتياله .
 كان المطلوب  القضاء على تطلعات الشعب العراقي في السير على طريق التقدم والرخاء .
وفعلا ما ان تمكنوا من السيطرة على المؤسسات الامنية حتى هاجموا المواطنين وشنوا حملات الاعتقال والاغتيالات فامتلأت السجون وقامت قوات الحرس القومي وهي ميليشيات شكلها الانقلابيون لملاحقة المواطنين المخلصين لشعبهم والرافضين للانقلاب الاسود الذي عرفوا هويته الدموية منذ اليوم الاول الذي تمكنوا فيه من استلام السلطة ، فاشاعوا الدمار والخراب باسم حزب البعث الذي استمر طوال اربعة عقود  يعمل على ملاحقة المواطنين وعرقلة اي تقدم محتمل للبلاد .
كان من نتيجة استيلائهم على السلطة في شباط 1963 تراجع وانكفاء البلاد واعتقال الالاف من المواطنين وفصل العمال والموظفين من اعمالهم وانتشار العنف وشيوع الظلم الذي حاق بالقوى السياسية وعلى الاخص الاحزاب والقوى الوطنية ، وما لبث قادة انقلاب شباط ان اججوا نيران الحرب مع  كردستان فاستخدموا لاول مرة في العراق سياسة الارض المحروقة  وضرب كردستان بالقنابل الحارقة والاسلحة الفتاكة .
لم يستطع الانقلاب البعثي الاستمرار على نهجه الفاشي فازاح الجيش قادة الانقلاب ولكنه ابقى معظم رجاله العسكريين في الحكم ، مما مكنهم من العودة ثانية عام 1968 ليعيثوا من جديد في البلاد فسادا ، وكان نتيجة حكمهم البلاد المزيد من التراجع والتخلف والحروب ، حتى تركوا الوطن ارضا خرابا ، والشعب يعيش بؤس البطاقة التموينية والحصار والهوان ، وكان خاتمة حكمهم عراق محطم ينوء تحت وابل المشاكل وشعب يعيش العوز والفاقة ، وما زال يدفع ضريبة حكمهم  الهمجي  المتخلف الى اليوم .
ان انقلاب 8 شباط 1963 جريمة لا تغتفر لما خلفه  من مصائب ومشاكل للوطن والشعب ، والمطلوب اليوم استخلاص الدروس من تلك المأساة التي حاقت بشعبنا ، وضرورة تبني القوى الوطنية سياسة المشاركة في الحكم واعطاء الديمقراطية فسحتها الحقيقية ، لا الالتفاف على حقوق الجماهير وسلبها ، لانها ستدرك عاجلا وليس آجلا استخفاف القوى الحاكمة بالمبادئ الديمقراطية ومصادرة حقوق المواطنين .
ان ما يواجهه شعبنا اليوم يتمثل في عجز العديد من القوى السياسية المتنفذه من فهم معادلة الواقع المعقد الذي اسبغ سحابة مظلمة على البلاد ، فطوقت المشاكل الاقتصادية والسياسية والادارية والفساد المالي المواطن كما تطوق شبكة العنكبوت الفريسة ، ومن واجب القوى السياسية البحث الدائم عن الحلول لا السقوط في فخ المشاكل وتضخيمها الى درجة تصبح مستعصية على الحل .
لقد مرت العديد من الدول التي خرجت من الحروب والصراعات في تجربة مماثلة لما يمر به بلدنا ، ولكن الاستعانة بالخبرات المحلية والدولية ساعدتهم على الوقوف من جديد واستطاعوا التوجه باوطانهم نحو الاستقرار والبناء ولنا في مثال البوسنة وجنوب افريقيا خير شاهد على الانتقال من وضع الكارثة الى وضع الاستقرار والسير الحثيث على طريق التقدم  وبناء السلام الاجتماعي في البلاد رغم المشاكل الشائكة التي ورثوها من الماضي .
مجدا لشهداء وضحايا  انقلاب 8 شباط  وعلى رأسهم الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه الابرار  

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

459 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع