الثوابت فى السياسات لايعنى انها ليست بحاجة الى التغير

                                                 

                               فلاح ميرزا   

الثوابت فى السياسات لايعنى انها ليست بحاجة الى التغير

استخدام عوامل الزمن وادواته يدفع باصحاب السياسات الى التعامل مع مفرداته بمقياس ليس بالضرورة ان يكون واحد كالطريق المستقيم الذى  يجمع بين نقطتين فالدائرة ايضا قياس تبدا بنقطة ونتهى باخرى ولكنها اوسع مكانا وسعتا وكما ان الكرة الارضية تدور حول نفسها ولكنها تمر بمراحل متعددة وفصول اربعة ترى فيها كل المتغيرات فالسياسات ايضا يمكن ان تتكيف مع تلك القوانين صحيح انها بحاجة الى قيم ومبادئ ثابته لا تتخلى عنها ولكنها ايضا بحاجة ان تتكيف مع الزمن ومتغيراته   .
 الدول الكبرى ليست كبقية الدول فى نظرتها للمستقبل الذى ترى فيه  مصالحها فوق كل اعتبار اى  انها لا تعمل في الفراغ ولا تتخبط عشوائيا ولا تنتظرالاحداث وما تشهده من متغبرات   حتى تقرر ماتفعل ولكنها احيانا تقود نفسها الى مواقف متباينة لاتتمكن من التخلص منها حتى وان كانت قد خططت مسبقا لما سيحدث . كالذى حصل للاتحاد السوفيتى والصين فى السنوات الاخيرة من زعامة ماوتسى تونك . بخلاف الولايات المتحدة ومنذ انتصارها على المانيا فى الحرب العالمية الثانية اعتادت الى وضع خططها لعقود من الزمن وتسعى الى برمجة نشاطاتها وفق حاجاتها ومصالحها بالرغم من حصول تغيرات سياسية فى اداراتها بين الحزبين الرئسيين الجمهورى والديمقراطى كل اربع سنوات , الادارة الامريكية تؤسس لعلاقة مختلفه مع العالم ضمن منطق القوة الذى تأخذ به تحت مختلف الذرائع والحجج بزرع الفوضى وعدم الاستقرار هذه المنطق يطيح بالانظمة التى لاتراها مناسبة ولكنه ايضا يقوض معها المنظمات الدولية وركائزها الشرعية لذلك تثار اليوم اسئلة جديه حول موضوع الهيمنة على العالم ,  ولكن مع ذلك فهناك احيانا مفاجئات تاتى بها الانتخابات لم تكن بالحسبان كالذى حصل بالانتخابات الاخيرة وترشح دونالد ترامب لرئاسة البيت الابيض التى تفاجئ بها الكثيرين بخلاف التوقعات التى قد وضعتها مراكز النفوذ فى الولايات المتحدة التى اعتبرتها بمثابة صدمة قد يكون ورائها مفاجئات ليس من السهل االتعرف عليها خصوصا وان الرئيس المنتخب قد اشار فى حمتله الانتخابية الى مسائل تمس الاخطاء التى وقعت الادارات السابقة بشان الاوضاع الدولية وصفها المحللون بما يشير الى التلويح  باستخدام القوة  وبعودة افلام الكابوى فى طريقة التعامل مع الاخرين وخصوصا بالنسبة للشرق الاوسط وفسر البعض الاخر الشيطنة التى يتبعها  مرشحي الانتخابات لتسليط الضوء على شخصيتهم واعتبرها البعض قنابل صوتية لتخويف اعداء امريكا وتطمين لحلفائها . لكن ماوراء ذلك يبقى غامضا  لايعرفه احد سوى من هم اصحاب القرارفمثلا البرامج التى وضعتها الادارات السابقة حول استمرار الولايات المتحدة الامريكية في قيادة العالم خلال السنوات القادمة واستمرار هيمنتها لازالت محل اعتبار . فالدراسات التى وضعها الخبراء ومحللى السياسة الخارجية للبرامج الامريكية للسنوات   من عام 2000 ولغاية 2020 قد اقرت وجرى العمل بها وهذا يعنى ان امكانية حدوث تغير فى الخطط الموضوعة لمنطقة الشرق الاوسط غير واردة وبلاشك فان السياسات الثابته والاستراتجيا ت الموضوعة سلفا قد لاتغير من الامر شيئا سوى التغير الذى يحصل فى لغة التعبيرعن بعض المواقف التكتيكية التى تسعى للقيام امام الدول ,  فالبرامج المعدة سلفا للسياسة الامريكية امام الاحداث الدولية وخاصة موضوع الهيمنة وحاجتها من النفط والعولمة والسيطرة على الاسواق العالمية والارهاب تلك امور لازالت مبهمة لا يستطيع الرئيس الامريكى ان يجيب عليها مباشرة لانها اساسا قد اقرت سلفا باعتبارها سياسة ثابتة يجرى العمل بها على الرغم مما ستكون عليه نتائج الانتخابات باعتبارها اولوليات لسياستها الخارجية. لذلك فان استخدام تكنولوجيا المعلومات وما ينتج عنها من توقعات مستقبلية وتكثيف البرامج فى وسائل الاعلام بما يتلائم مع  الاوضاع الدولية تلك مسائل لابد منها وتقوم اجهزتها المخابراتية باستثمار خصائص ما تتوصل اليه قنوات العمل فى المجال الاقتصادى والتجارى سعيا للحصول قدرا واسعا  فى السيطرة على الاسواق الدولية وهو منطق السياسة الراسمالية . وسبق ان تحدث فى هذا الموضوع الخبير الفرنسى الان جوكس واخرين  عن تلك السياسة التى تمارسها الادارة الامريكية منذ عهد الرئيس كلنتن وبوش الابن  داعيا الى قيام تضامن ضدها  واشار الخبير الفرنسي ان الامبراطورية الامريكية لاتخلق نظاما مستقر للعالم فحالة الاضطراب التى تمارسها بوسائط مالية او احيانا من خلال تدخل عسكرى شكلا من اشكال التدخل  وان الاحتمالات الايجابية الموضوعة للهيمنة الامريكية فى استخدامها لوسائل تطبيع المبادلات التجارية بنظرية العولمة قد تتعرض الى المطبات الغير محسوبة او انها لم تؤخذ بعين الاعتبار عند اعداد برامج الهيمنة  خصوصا وان هناك اختلافا بين النظرة الامريكية السائدة حول العولمة كعملية هدم للحدود السياسية والنظرة الاوروبية التى ترى ان العولمة الاقتصادية تستدعى نشوء اشكال فوق القومية للسيادة والهوية السياسية وان التحدى الذى ينطوى  علية التفكير فى الاشكال الجديدة لضم جماعات من البشر ضمن رقعة مكانية محددة فى انماط السيادة والحماية الجديدة قد اصبح يفرض نفسه بقوة فى سياق الانتقال من الامبراطورية التعبوية الى الامبراطورية المفترسة ففى النمط الاول تفرض مصالح اقتصادية قيودا على العنف وتتولى الامبراطورية التغلغل بطريقة حاذقة متخطية الحدود  بفضل  التجارة اما فى الامبراطورية الضاربة يصبح الاقتصاد تابعا للعنف ومن الجانب الاخر هناك مخاوف من الاضرار التى تلحق بنمط الانتاج قد يتم تلافيها عبر اقتسام المغانم , لقد حدد الان جوكس صاحب كتاب امبراطورية الفوضى الى السياسة الامريكية قد تم برمجتها بشكل دقيق وفق منطق الهيمنة التى تتضمن ايجاد حدود للدولة المدينة من اجل حصر اصوات الناخبين لادارة النزاعات بين الطبقات مع وجود اشكال للديمقراطية خارج اطار الدول لكن ليس دون حدود المكانية كيفما كانت وان التحدى الذى ينطوى التفكير فى الاشكال الجديدة لضم الجماعات من البشر ضمنن رقعة مكانية محددة وفى انماط السيادة والحماية الجديدة قد اصبح يفرض نفسه بقوة فى سياق الانتقال الظاهر للامبراطورية التعبوية الى الامبراطورية المفترسة  وان خشيتها ايضا تزداد من النمو السكانى لدول اسيا ( الصين والهند) كون النمو هذا قد يحولها الى قوة اقتصادية ضاربة لكنها لن تتحول الى قوة عسكرية تسبب لها حروب كالتى تحدث فى كل قرن اى ان خشية الولايات المتحدة ان همنيتها قد تتعرض لبعض الزعزعة من قبل القوى العظمى الاسيوية ويكون القرن الحالى قرنا اسيويا وليس امريكيا كما يشاع يضاف الى ذلك موضوع الجماعات الارهابية واحتمال ان تتحول تنظيماتها الى خلايا صغيرة منفصلة لاتجمعها البنية الجغرافية بقدر مايجمعها وحدة العقيدة والايدلوجية ولا تنحصر فى منطقة محدده فى العالم, وهناك من يقول ان هناك اسباب اخرى غير الفقر والجوع والتكاثر وانعدام افق العيش تدفع بهذا الاتجاه وانما هجرة الشباب من الريف الى المدينة قد يساعد على تقوية الحركات الراديكالية  لوجود قناعة ان هناك اسباب عقائدية واسباب اقتصادية تدفعهم الى الاتجاه  الاصولي ولا يعجبهم التطورالذى يشهده العالم الغربي لكونه تطور مزيف عديم الاخلاق وبعيد عن الدين, وبلاشك فان محاولات تجفيف ينابيع الفقروخصوصا فى العالم العربي  لانه سوف لايودى الى انهاء التطرف او القضاء عليه بل ان المشكلة اعقد من ذلك ولها عواملها المختلفة منها العامل اللاهوتى والفقهى الطائفي لذلك يستوجب الانتباه الى تغير مناهج التربية الى جانب اهمية تغير الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للمجتمعات العربية وبلا شك ان موضوع النفط الذى يشكل اهمية بالغة للدول العربية سيتحول الى عامل مساعد فى نمو الاقتصاد الاسيوى الصينى والهندى وهذا يعنى ان الحاجة اليه سوف تزداد وربما سيحصل صراع او تنافس شديد على مناطق النفط الاساسية وخاصة فى منطقة بحر قزوين ودول الاتحاد السوفيتى السابق وفنزويلا ودول غرب افريقيا واكيد ان الوصول الى نفوطها لن يكون سهلا بسبب عدم استقرار تلك المناطق وهذا يعنى ان الصورة ستكون قاتمة للعالم العربي وعلى الرغم من منظور الولايات المتحدة المتفائل لمستقبلها . وبالتاكيد فان العراق سيكون جزء من تلك السيناريوهات الا ان بعض الدوائر تشير الى احد تلك السيناريوهات يشير الى محاولة تجنب الحرب الاهلية قدر الامكان لان بوقوعها ستكون نتائجها كارثية بالنسبة لمصالحها  قد تنتقل الى دول الجوار لتتحول الى حرب اقليمية فى حين نجد انها لا زالت تتفرج على مايحدث من تعامل المجموعات المسلحة تجاه محافظات التى يسكنها عراقيين لاتتفق ارائهم والحكومة . ان الاوضاع المأساوية التى مرت على العراق وهو يعانى من حالة التشرذم لايمكن اعطاء اى تفسيرلها الا  بحدود الخطط التى وضعتها الادارة الامريكية وحلفاءها ويجرى تطبيقها  تدريجيا بدقة خطوة تتبع خطوة وان اية محاولة للتنصل من ذلك  لا يبرر فقدانهم للرؤيا  الواقعية ,  بخلاف ذلك فان الادارة الامريكية الجديدة اعطت مساحة معينة للقوى السياسية لتبدى رايها بالحلول الموضوعة للمرحلة القادمة واستمعت الى تصوراتهم سواء كانوا فى الولايات المتحدة او في خارجها واستطاعت من خلالهم منهجة التصريحات التى اعلنتها حول مستقبل المنطقة بعد الانتهاء من المنظمات  الارهابية وتدخلات ايران فى العراق وسوريا واليمن ولبنان  فانها عوضا ان تاتي بالاحسن كما اشارت تصريحات مسؤليها واهمها تغريدات الرئيس ترامب ولعل مااشار اليه الرئيس دونالد ترامب عندما تحدث عن العراق قائلا بان الجنود الامريكان قد مارسوا السرقة وتلاعبوا بممتلكات القصور الرئاسية للرئيس العراقى عندما اكتشفوا ان هناك مقتنيات ذهبية وهو اعتراف من رئيس امريكى بالسرقة الى جانب ان القرارات التى تولى الحاكم الامريكى بول بريمير اصدارها هى من شجع على ذلك فقرار حل اجهزة الامن والشرطة والمخابرات والجيش فسح المجال للفلتان وهجوم اللصوص على منشات الدولة والبنوك ناهيك عن ابطال عمل المحاكم والعمل بقوانين الدولة التى تراعى الحفاظ على ممتلكات الناس والدولة,   وبهذا السلوك اسقطت كل الذي عرفناه عنها بالتاكيد فان تلك المواصفات هى ليست مواصفات الشعب الامريكى الذى نحبه وتجمعنا معه علاقات وصلات اجتماعية وثقافية وتاريخية ايضا انهم ارادوا ازالة هذا الموروث التاريخي ولكونه يتميز بعمقهه واصالته فانهم لن يتمكنوا من ذلك ايضا مهما استخدموا من وسائل المكر والخداع امام شعبهم وشعوب العالم , لذلك فانهم مطالبين بالتراجع عن حقيقة مافعلوة فى احتلالهم للعراق انها مسؤلية دولية كالتى حصلت بالنسبة لشعوب اخرى فى ايام الحكم النازى انها مسؤلية اخلاقية امام العالم وعليهم تحمل اضرارها المادية والمعنوية  بدلا من التعامل مع الموضوع بطريقة رمي الكره فى ملعب القوى السياسية والدنيية التى اتوا بها  من خلال زرع النعرات الطائفية . ان ظاهرة تسليط الاضواء على الاحتفالات والمناسبات الدينية التي تشجعها ايران بشكل غريب جدا فاق ما تمارسه بقية الدول فى مناسبات دينية ووطنية وتغطيتها فى القنوات الفضائية بصورة واسعة امر يثير الشك والريبة لان تلك الظواهر هى اصلا غير مسموح بها في ايران ولا يسمح للايرانيون ممارستها وهذا ايضا مما يساعد الامريكان على العودة الى العراق  لذلك فانها ستعمل على تغير فى طريقة الادارة عن طريق تهيئة طاقم جديد يتولى مهمة اصلاح الامور وهذا ماسوف يعمل على تحقيقة الرئيس الجديد ترامب من خلال تشكيليته الجديدة التى ستكون اكثر تشددا مع عملائها فى العراق وايران . ان عام 2017 سيكون فرصة كبيرة للعراقيين ان يعيدوا النظر بخلافاتهم التى يحاول الاخرون من تشويها وتوسيعه بين المذاهب التي لم يعرفها من قبل والتى وفى احسن احوالها لاترقى الى الكراهية ونبذ الواحد للاخرولانهم ذو انتماء واحد وتحت خيمته فلا فائدة اذن الى مايرسمه الاخرون له لانها عديمة الجذور ولان العراق عظيم فانه عظيم بمكوناته وجذوره وحضارته التى يحتفظ بها ابناءه فى عقولهم وجيناتهم الموروثة لديهم منذ الاف السنين  , ولو تركت الشعوب لخيار العيش لفضلوا العيش فوق ارضة وبين ابناءه  وهو فى اسوء احواله , فتلك ليست المرة الاولى تكون حالته بهذا الشكل  والتاريخ  يشير الى ذلك وغزوات الروم والفرس والعثمانيين والانكليز واخيرا الامريكان  اشعلت الاخضر واليابس فوق الارض وتحتها ولكنهم وجدوا ان هناك اصرار من ابناءه للبقاء واعادة مادمر وهو بلا شك اصرار موروث من التاريخ وهو بلا شك تاريخ مظلم لايفرح احد , فسيناريو الفوضى التى تبنتها الادارة الامريكية  خلال الربع الاخير من القرن الماضى وبداية القرن الحالى بعد لجوء الانظمة الوطنية الى تبنى شعارات تاميم النفط والسيطرة على انتاجه وتسويقه قد وضع مصالح الدول الغربية فى مواجهة الخطر الذى يتاتى من وراء ذلك خصوصا وان دول المعسكر الاشتراكى والاتحاد السوفيتى قد شجع على تبنى هذا الاتجاه الامر الذى دفع دول تلك المصالح بزعامة الولايات المتحدة الى  تبني سياسة تنمية النزاعات بين دول المنطقة واشعلت الحروب واتباع سياسة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتى وحلفاءه نزولا الى الدول التى تتعاون معه ومنها العراق فقد كانت محاولة للضغط الاقتصادى عليه بدفعه الى نزاع حدودى مع ايران والكويت تطور الى حرب ومن ثم تشديد الحصار عليه بصورة ظالمة انتهت باحتلاله فى نيسان 2003  وهذا الذى حصل , عند هذه المرحلة ارتكبت الولايات المتحدة حماقة سياسية انتقاما من الرئيس العراقي وحزب البعث عندما  تخلت عن دورها فى تطبيق مااعلنته من برامج في المجالات الانسانية والاقتصادية وتوفير الديمقراطية التى لم يرى منها العراقيون ولو بالحد الادنى بل الادهى والامر تخلت عن مشاريعها ورحلت الامر الى اسرائيل وايران لاكمال المهمه التى تلخصت بالقتل وتدمير اجهزة الدولة والقضاء على الحريات وتهجير الخبرات واشاعة الفوضى والفرقة بين العراقيين وتحويل المحافظات الى مراكز للعصابات وحملة السلاح . ,الخ وبلاشك فان عودة الادارة الامريكية الى اعادة ترتيب المنطقة عن طريقها مباشرة وليس من خلال وسطائها اسرائيل وايران بحاجة الى وقت وبحاجة ماسة ايضا الى صدق نواياها خصوصا وان العراقيين ادركوا ذلك وكذلك فانها فرصة امام القوى الوطنية ان تتعامل مع هذا الاتجاه سعيا وراء اعادة الاستقرار الذى تحتاجه المنطقة .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

718 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع