ثَلاثَة حَرَكات للَموْت

شعر سمير حنا

ثَلاثَة حَرَكات للَموْت
هذا أنتَ
 بعيدُ عنكَ  
 تقترٌبُ منْه
 تَنْسَحِبُ إليٌه
 تَضْحَكُ لَهُ ...
 يسْخَرُ مِنْكَ

 تَدْعُوهُ أنْ يبْقى فِيكْ
 يأبى،
 وله تَخَشَّع
 يَتَكبٌر، يبكِي علْيكَ أَسًى   
لأنٌكَ تُصدِقُ ما تَراه
 يُشٍيرُ عليكَ أنْ ترى سَرِيرةٌ الأَشْيَاء  
وأنْ تتٌسَامى على الوَجَع    
أنْ تَتْركَ الغَدَ للغَدِ، وما عداه
وأن تَعَرَّفَ متى تتَرَاجَع                
وتتعلم متى تفَرَش جَسَدكَ تحت الرَّجْع *  

 أتٌسْمعُ مُوسِيقى صوْتِك ؟
 أتعرف سَيْمَاء صمْتِك ؟
 بعيداً عنكَ  
 يَنْفَصِلُ ويتشَكٌلُ من جَديدٌ      
 ضوٌءاً، لونا ً، مطرا ً أسودا ً
 حُزْناً تَعَشَّقه  
تحاوَلَ الإمْساكَ بِهِ
تفتح كَفيكٌ، خَوَاء
 ضَلٌ  الطَرِيق و تَغَوَّلَ  
 قارئة الكَفّ، تقول :
 أحذر غُولُ يتَرَبُّصُ بكَ
تقاتل شَبَح متَخَيَّلَ         
لا شْيءُ يظلٌُ بين يَديْكْ
 لا شيء ينطَبعُ في عيٍنَيْكْ
 تَمَهَّل
 تعيط ُ به ... سمير .. حنا ... زياد،
 حَسنْ، محمود *
 الصوتُ يتردد في فراغِ الوجُوْد
 ولا صَدَّى
ولا حتى رُؤَى
 تدْنو منهُ بالعِشْقِ، تغْريه بالشٌوْقِ
 وتصيح به يا أنتَ ... يا سميري
 خَيَالكَ يبْتَعِد عَنٌكَ فيك َ     
 يَتِيهُ في زَحْمَةِ المكانْ
لا يَحْمِلْ إسْماً، ولا شَكْلاً
ولا حتى رَائِحَةً
فتلْعقُ ما تَبقٌى عالقا ًفي شفتيك َ
من هِجَاء
أجَسَاد عٌارية صُلِبت في فَضَاء
 تَسخٌر من حَمَاقَتي،  
والجَوْقَة تنشد قداسٌ المَوْتَى *
 ظلامْ ... ضوءْ ...شَجَى
لوحتكَ سُرياليّة الألوان
الجَنَازَةِ تنتظر، والقَبْرُ مَفْتوح
يَاتُرَى ألا توجد في أوراقكِ بُشْرَى
هل لديك عَقْد ألهي مع دَفٌان  

 قٌيْظ، بَرْدٌ
 صَخَب، سَكِينَةٌ  
أراك َ ولا أراك َ
 لا تتركْني وحْدِي
تَحَرَّك حولي، أَخَاف الوَحْدَه
فأنت ظِلّي
 أرَدْع حَاَمل الأَقْنِعَة
مكانه على خَشَبةِ المَسْرَح
أَخْشَى الوجوه المقْنَعة          
ولا تَعْلن السَّاعَة     
فأنا أحترقُ رَغْبَة في بَقَاء
 أَتْلَفتُ كل الأَمْتِعَة  
 وتَوَقَّفَت عن الشَرح            
تَصرُخُ بهِ ؛ قف
أتوسٌلُ به ؛ قف أيها الفارِس  
مِنْ أنتَ، الأنا  
أنتظرُك عارياً من الحبِ والحقْدِ
من النُورِ، من الخْوفِ
عاريا ًقُبَال الموت
 سَرْمَدا
 2
 يَنْخرُ الخْوفُ ما تبقى منك َ
 والقلقُ يتسرٌب من كل المنافِذْ
 ويحلٌ في شَرايينكَ
أفي هذه اللحظةَ أنت موْجُودْ ؟
في اللحظة نفسِها الرَّدَى
 قائم فيك وفي الوُجُود
هل هذا وَجْهكَ أم صُورَته     
مُحَاصَرٌ بالمِحَن       
والفَاجِعَة     
تَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةٌ العَفَن
هو يزْدادُ شبابا ً
وانت تتضاءل ْ
هو يزْدهرُ فيكَ
وأنت تنْطفيء فيه
لماذا تحمْلانٌ نفسْ ٓ الزَمَن
3
مِنْ يَدُلٌك َعلى طريقِ السَكينهْ
هذا أنتَ فوق الأَمْوَاج
 فوق سَطْح سٌفينَة      
ترحل بكَ في صَحْراء
 تُبحرُ في ظلمة المساء
 ترسُو في أي خَلِيج      
تلقي بكَ في مَوَانِئُ بعيدة
 مُرْهَق
فهذا العالمُ هلامِيٌُ الشكل
واللون
والمَذَاق
لماذا يا رَجُلُ  تنفَصلُ عني
وتترُكني وحْدي
وأنتَ صُورَتي  
 تدَخَلَ أول حانة
تفوح منها رائحة الجِنْسَ والخَمْر
 وبَذَاءَة العَاهِرَات
 تتجه الأنظار إليك
تدعوك صاحبة الخَمّارة   
 أمرأة سَمِينة        
تفوح منها رائحة الطٌيب
 والرّذيلة
 أترك في الخارج كل الأسئِلَة
 حَقِقَتك عَارِيَة أَمَامَها  
 أنكَ لا تبحث عن أمرأة المُتْعَة
 شمخات* خادمة المعبد أَذلَّت انكيدو
 ومات فَرْحان بَيْنَ فَخِذَيهِا       
 لا تسَكْب أحزانك في كؤوس الخمر
 أنت  غَارِقٌ في رؤْيَة
 وإِلْغاز
 تقول صاحبة الخَمَّارة
 أَذْهَب مكانك ليس بيننا        
 أو أبقى إذا أردت العَيْش مثلهم
 مُسْتَكيٌن كَئِيبٌ   
 أنظر حولك أنت مُتَمَيِّز عنهم
 أَعْرَفكَ لأنك جيئت من زمن مُضْطَرِب       
 تشبّه وَاحِد حَلّ في  خَمٌارتي
 كان يبحث عن السَّعَادَةِ والخُلُود     
 تَبَخْترٌ، وأخَاف البَحَّارة السَكَرى         
إِسْتَصْغَرَ الرِجال   
 غَضَبَ، ونَثَرَ الشتَائِم
 وتَجَهَّمَ، وصَرَخ أنا سيدَ أوروك   
 جَرَعَ الجِعَة تِلْوَ الأخرى، كان أسمه كلكامش    
 نَصَحَته وقلت له
 أَرْحَلَ وأحمل معكَ ظلكَ               
 " يا كلكامش الى اين أنت سَائِر  
 لن تجد قط الحياة التي تَنَشَّدَ   
 فالآلهة عندما خَلَقَوا البَشَر
 كَتَبوا عليهم الْمَوْت  
وأحتفظوا بالخُلُود لهم "
كانَ رَهِينة أَوْهَام و إِلْتِبَاس
 تَذَلَّلَ مُعاتِب الألهة
 وبكى صَدِيقه انكيدو
 وأَرْدَفَت:
 " أرقص وألعب مساء نهار
 وأقم الأفراح في كل يوم من أيامك
 وأغسل رأسك " بماء الفرات "
 ودلل الصغير الذي يمسك بيدك
 وأخرج الزوجة التي بين أحضانكِ "
 أشرب الخمر،
 تَسَلَّلَ وألْقِي بِنَفْسِكَ في أَحْضانِ النساء
 أنتَ رَجُل بلا تٌارِيخ  
 ولا ذٌاكرة    
 ولا رَجَاء
 هل تركت لي ملامح ؟
 الآلهة لا تسمع الإبْتَهَال
 والصَّلاَةُ إِخْتِرَاع البسطاء            
 أنت أنا
 بعيدُ عنكَ
 قَرِيب منكَ
 وأخذكَ في قُبْلة الوَدَاع
 قُبْلة يهوذا*   
 وإِنْكَفأ
 الخُيُول تَصْهِل بُكَاء   
لا وقت للحُزْن
 والمَعبَد مَلْجَأ الضُعَفاء         
 النٌعْشُ والمشَيٌعون اِحْتَشَدُوا على الطّرِيق
 وقَاتِلي مَاكِرٌ   
 يُفرغ جُيُوبَه من المكان والزمان
 كأنّها ساعة المَنَاحَة
 المهرجون يَحْمِلُونَ نَعْشَ الْمَيِّتِ
 فِي مَوْكِبِ الجِنَازَةِ
 سَحَرَة ومشعوذين يقرأوا التٌعَاوِيذ المقدسة
 وشبيهي تَبَرٌأَ من الإمَاة
 ورَاحَ يَغْسِلُ  يديْه من الدَّم
 ويَتنصٌلُ من الجريمةِ
 كما في بلاد العرب  
 دَوَّنَت ضد مَجْهُول
 ثم يعودُ يغتَسِلُ بالعَطِر  والفَناء   
 هكذا رأيتُ
 هكذا انتهيتُ
 أَشْعَلوا الشُمُوع  
 أنقروا على الدُفُوف
 أضربوا الطُبول              
 وليهطل المَطَر على أَرْض الْعِرَاق
 وأرسلوا النٌعش فوق نَّهْر الفرات
سُكُونٌ هدوءٌ
 الوداع يا رِفاق
 
 * الرَّجْعُ المطر بعد المطر   
* اسماء أصدقاء
*من روائع جوهانس امدايوس موزارت   
 * شمخات خادمة المعبد التي علمت انكيدو الجنس والمدنية في ملحمة كلكامش ؟
 *يهوذا الإسخريوطي هو التلميذ الذي خان المسيح وسلمه لليهود مقابل ثلاثين قطعة فضة وبعد ذلك ندم على فعلته ورد المال لليهود وذهب وقتل نفسه.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

974 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع