تاريخ البطاقات البريدية في البصرة

                                             

                         محمد سهيل احمد

              

               تاريخ البطاقات البريدية في البصرة

المعروف ان البطاقة البريدية عبارة عن مستطيل من الورق او او الورق المقوى او رقائق النحاس توضع او لا توضع داخل مظروف يلصق عليها طابع قبل ارسالها لأغراض يتصل معظمها بتهنئة او تعريف سياحي او ما اشبه. وقد ارتبطت البطاقة البريدية بتاريخ البريد عالميا . في بريطانيا عرفت منطقة فولام Fulham  بلندن اقرب الأشكال للبطاقة البريدية الحالية على يد الكاتب تيودور هوك عام 1840 الذي  قام بتصميمها وتلوينها يدويا ملصقا عليها طابعا من فئة البنس الاسود وكانت العملة الأصغر التي تقارب المللم المصري او الفلس العراقي في أواخر عهوده . وثمة احتمال انه أرسلها من باب التفكه الى نفسه على سبيل السخرية من الخدمات البريدية اذ يظهر الرسم لوحة كاريكاتيرية لرجال البريد وقتذاك . ومن غرائب الامور ان تلك البطاقة المصممة بشكل بدائي بيعت عام 2002 في احد مزادات لندن بمبلغ خيالي يناهز 31750 باونا انكليزيا !

                 

        نهر العشار كان مصدر الهام لتجار البطاقات البريدية

البصرة مثالا
عرفت البصرة عبر تاريخها الأقرب البطاقة البريدية عن طريق بعض المطابع التي أخذت على عاتقها طبع مئات الصور على البطاقات البريدية كان الغرض منها سياحيا بمعنى التعريف بالمدينة او الشارع الذي يقطن فيه المرسل .

         

    دائرة بريد البصرة بشارع الساحل المطل على نهر العشار

ومع الزمن اصبحت البطاقة البريدية جزء لا يتجزأ من عملية التوثيق التاريخي لمدينة او لبلد ما . وقد اشتهر عدد من استوديوهات المدينة  في سنوات الخمسينات والستينات والسبعينات بالصور الملونة وغير الملونة والتي استفادت منها المطابع التي كانت تتولى اصدار البطاقة البريدية كستوديو قاسم وهايك وفينوس، على سبيل المثال . غير ان تجربة الأخوين سالمين(عبد الرضا وعبد المحسن سالمين ) كانت الأبرز في مضمار اصدار مئات البطاقات البريدية التي كانت تصور شتى المناظر الطبيعية الجميلة لمدينة البصرة وفي شتى مراحلها ، حيث أسسا مكتبة الشرق في بداية سوق حنا الشيخ من جهة عمارة النقيب والتي كانت واجهتها تطل على جسر المغايز المعلم الأبرز للعشار مركز المدينة .
غير ان الدكتور صباح الناصري( دكتوراه في الادب مقيم في مقاطعة النورماندي بفرنسا ) ، اشار عبر المعلومات القيمة التي نشرها في مدونته  الى بداية التعامل البريدي بالبوسكارد او البطاقة البريدية لمدينة البصرة . لنقرأ معا ما يقوله الدكتور الناصري :
بـطـاقـات بـريـديـة عـن الـعـراق نـشـرتـهـا شـركـة ر. تـك في لـنـدن
شـركـة رفـائـيـل تـك في لـنـدن :

           

                 شركة روفائيل تك واولاده

بـدأ رفـائـيـل تـك Raphael Tuck  يـمـارس الـتّـجـارة بـمـسـاعـدة زوجـتـه في لـنـدن. وشـرعـا عـام 1866 بـبـيـع صـور لـرسـوم ولـبـطـاقـات تـهـاني. وتـحـسـنـت تـجـارتـهـمـا عـنـدمـا أضـافـا إلـيـهـا بـيـع الـبـطـاقـات الـبـريـديـة. وأصـبـحـت شـركـتـهـمـا بـعـد سـنـوات قـلـيـلـة مـن أهـم الـشّـركـات الـبـريـطـانـيـة الـمـخـتـصـة بـطـبـع الـبـطـاقـات وبـيـعـهـا في نـهـايـة الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر وبـدايـة الـقـرن الـعـشـريـن. وشـارك ثـلاثـة مـن أبـنـائـهـمـا في تـسـيـيـر الـشّـركـة فـأصـبـح اسـمـهـا :R. Tuck & Sons  ثـمّ أدار الإبـن الـثّـاني أدولـف الـشّـركـة حـتّى وفـاتـه في 1926.
وقـد قـصـف مـقـر الـشّـركـة في بـدايـة الـحـرب الـعـالـمـيـة الـثّـانـيـة عـام 1940 ودُمـرت الـمـسـوّدات الأصـلـيـة لـلـصّـور الّـتي كـانـت فـيـه، ومـن بـيـنـهـا صـور الـعـراق في بـدايـة الـقـرن الـعـشـريـن. ولـم يـبـق لـنـا إلّا الـبـطـاقـات الـبـريـديـة الّـتي كـانـت قـد طـبـعـت عـنـهـا.

من هو كريم البصراوي الذي تعاقدت معه شركة تك ؟
نـعـرف مـن الـنّـص الـمـكـتـوب عـلى ظـهـر عـدد مـن الـبـطـاقـات الـبـريـديـة أنّ الـشّـركـة الـلـنـدنـيـة طـبـعـتـهـا لـحـساب كـريـم الـبـصـراوي وعلى النحو التالي :

.Copyright Kerim

.Raphael Tuck & Sons’ « Collo- Photo » Post Card

.Art Publishers to Their Majesties The King & Queen

.Published for A. Kerim, Basra, Persian Gulf

إنّ اسـم    A. Kerim ربّـمـا كـان إخـتـصـاراً لـعـبـد الـكـريـم :Abdul Kerim. ويُـحـتـمـل إذن أن يـكـون الـمـقـصـود بـه عـبـد الـكـريـم إبـراهـيـم يـوسـف تـبـوني المسيحي الكلداني مـن الـبـصـرة، سـافـر إلى الـهـنـد في نـهـايـة الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر ودرس في بـومـبـاي. وقـد اشـتـرى هـنـاك آلـة تـصـويـر عـاد بـهـا إلى الـبـصـرة وفـتـح اسـتـوديـو تـصـويـر فـيـهـا.

   

               ثكنة القشلة في قلب العشار

وقـد وجـدت 42 بـطـاقـة عـلـيـهـا في أسـفـل يـسـارهـا عـلامـة الـشّـركـة، وفي أسـفـلـهـا أيـضـاً تـعـلـيـق بـالـلـغـة الإنـكـلـيـزيـة يـصـف الـمـشـهـد والـمـكـان الّـذي الـتـقـطـت فـيـه الـصّـورة.
ويمكن ان نصنف مجال اشتغال الشركة في ثلاث مجموعات :
المجموعة الاولى وتتضمن صـورا تـتـعـلـق بـالـسّـلـطـات الإداريـة لـلـجـيـش الـبـريـطـاني في الـبـصـرة والـمـبـاني الإداريـة الـتّـابـعـة لـهـا  مثل صـورة لـمـبـنى الـحـكـومـة   »The Government House «  في الـبـصـرة. ونـلاحـظ الـعـلـم الـبـريـطـاني يـرفـرف فـوق الـمـبـنى، مـمـا يـدلّ عـلى أنّـه كـان مـقـرّ الإدارة الـبـريـطـانـيـة لـولايـة الـبـصـرة بـعـد أن دخـلـتـهـا الـقـوات الـبـريـطـانـيـة في 1914.

      

ولا شـكّ في أنّـه اسـتـعـمـل حـتّى عـام 1921، عـنـدمـا تـكـوّنـت الـمـمـلـكـة الـعـراقـيـة وضـمّـت ولايـة الـبـصـرة إلى ولايـة بـغـداد. كما ضمت صورا لورشات ورشـات الـجـيـش الـبـريـطـاني الـهـنـدسـيـة  “Engineer Field Park”  في الـبـصـرة  ومـخـزن الـعـتـاد “Ordnance Depôt” في الـبـصـرة
ورشـات الـبـحـريـة لـلإصـلاح والـصّـيـانـة،  ومـبـنى الـجـمـارك  “Marine Repair shop and Customs” في الـبـصـرة. ولـديـنـا صـورة أخـرى لـمـبـنى الـجـمـارك “Customs House” الـتـقـطـت مـن جـهـة أخـرى  اضافة للـمـسـتـشـفى الـبـريـطـاني  British General Hospital في الـبـصـرة . وكذلك مـكـتـب الـبـريـد والـبـرق، شـارع الـسّـاحـل، الـبـصـرة The Strand. Post & Telegraphs .
المجموعة الثانية كانت تضم مناظر لمدينة البصرة وعموم الجنوب العراقي بينما اقتصرت المجموعة الثالثة على صور ملتقطة لبغداد ماقبل وبعد دخول الجنرال ستانلي مود 1917 والمناطق المحيطة بها .
 وقد استخدم العديد من تلك الصور كبطاقات بريدية اعتاد جنود الامبراطورية البريطانية ارسالها الى ذويهم تذكرة بأنهم احياء وتعريفا بما وصلوا اليه من بقاع ارتبطت لديه بالف ليلة وليلة .

       
شركة حسو اخوان
ومثلما تعاونت مؤسسة رافاييل تك مع المصور البصري عبد الكريم تبوني الذي استمر في بيع بطاقاته لسنوات طويلة ، تعاونت مع حسو اخوان Hasso Bros.  
والتي قام بتأسيسها بشارع الرشيد ببغداد الشقيقان ناصيف واخوه بشير وبأشراف اداري من لدن ابن عمهما الياس . وقد تبنت هذه الشركة ، منذ نشوئها تنويع أنشطتها  وهكذا نشرت بطاقات بريدية عن العراق لون بعضها باليد لتلبي طلبات الاوربيين والعراقيين على حد سواء . وكان سوق طباعة البطاقات البريدية وبيعها مزدهرا في بغداد وفي فرع الشركة بالبصرة ولهذا كان من الطبيعي ان تنشر مجموعة من الصور عن عراق ما قبل وما بعد 1925 التقطت في شتى المدن العراقية اختير قسم منها ليكون بمثابة بطاقات بريدية امتازت بخفة ثقلها وسرعة وصولها .
   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1019 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع