رذيلة الخوف.. فضيلة الابتعاد!

                                     

                      عائشة سلطان

رذيلة الخوف.. فضيلة الابتعاد!

لدى كثيرين منا عادة متأصلة، اسمها إطلاق الأحكام العامة، أو بناء الرأي على حكم مسبق لم يتم اختباره على أرض الواقع، ببساطة: كثيرون منا يحكمون على شعب أو بلد بأكمله بأنه بلد لا يطاق أو شعب محتال وكذاب ومنافق، وإلى ما لا نهاية له من الصفات السلبية، فقط لأن أحدنا أو مجموعة منا تعرضوا مرة أو حتى مائة مرة للنصب والاحتيال على يد أشخاص ينتمون لهذا البلد أو ذاك، تلك عادة منتشرة ومتأصلة وأحياناً لا نقبل أن نناقشها لأنها تحولت لدينا إلى ما يشبه اليقين الثابت، فنصير نقولها بثقة وبصوت عال: هؤلاء لصوص، كذبة، محتالون، لا يمكن الوثوق بهم، ثم ماذا؟

إننا نظلم أمة كاملة، بل ونتجاوز الظلم إلى ما هو أكبر، إلى الإساءة والتعدي على الكرامة الوطنية، لذلك علينا أن نعرف وبسرعة الطريقة العملية للتمييز بين إطلاق حكم على شخص بأنه سيئ وبين سحب السوء على شعب كامل، فنحن حين نقوم بذلك نقنع أنفسنا بأننا أمة من الملائكة والصالحين، ليس منا كذاب أو لص أو منافق، وإن هذه الموبقات تتركز في أولئك الآخرين القاطنين حدود دول أخرى، والحقيقة أننا وهم وغيرنا وغيرهم وكل العالم، عبارة عن مزيج من البشر والبشر، ليس هناك ملائكة على هذه الأرض، هناك صالحون آخذون في الانقراض التدريجي، ومع ذلك فإن للبشر ميزات كثيرة رائعة، منها على سبيل المثال أنهم ليسوا ملائكة ولا قديسين!

الأحكام العامة كالأحكام المسبقة على الشعوب والدول والأمكنة والطعام ونوعيات البشر وأشياء كثيرة لا تحصى، فلسبب ما مجهول أحياناً وغير معروف على وجه الدقة أحياناً، ومستعار من قناعات الآخرين في بعض الأحيان، نجد أنفسنا نردد حكماً قاطعاً هكذا: هذه المدينة لا يمكن أن أطأها في حياتي، هذا الشعب أكرهه، هذا المكان سيئ السمعة، هؤلاء الناس لا يستحقون التوقف عندهم، هذا الفن حقير، هذا الكاتب ساقط.. إلخ، نحن هنا نبحث عن المضاد لكل النعوت والصفات التي كرهناها، نبحث عن مدن وكتّاب وأطعمة وأمكنة وفن وشوارع ووو...إلخ مقدسة أو ذات فضيلة عالية جداً، أو لا ندري ماذا بالضبط؟ لا علينا عن ماذا نبحث، لكن لنفكر ماذا يعني ذلك؟وماذا نخسر بهذا السلوك غير الناضج؟

أولاً، الخوف من الاقتراب من الأشياء والأشخاص المختلفين، معناه أننا لم ننضج فعلاً، ولا نمتلك الثقة الكاملة في قدراتنا على ترك مسافة حرة بيننا وبين أي شيء لا نريد التورط فيه، ذلك الخوف بجب ألا يمنعنا من الإطلالة العامة على أي شيء ومعرفته، إن الخوف من التورط أو السقوط فيما حولنا يعني عدم الثقة في أنفسنا وفي الحصانات الداخلية فينا، لذلك، نحن لا نقترب من أي شيء أقوى منا، خشية أن نتعرض لما لا يمكننا دفعه، أو التغلب عليه!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

755 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع