كاليغولا الأميركي

                                                         

                               نبيه البرجي

السعوديون والايرانيون يتوجسون منه، هل يضعون بنادقهم، ايديولوجياتهم، جانباً، ويجلسون الى الطاولة؟

بوحشية منقطعة النظير ادارت واشنطن الصراع المذهبي في المنطقة، السعوديون والايرانيون انخرطوا في مستنقعات النار لاغراض سياسية او جيوسياسية، غريب انهم حتى الآن، وقد احترقت اصابعهم، لم يلاحظوا ان قواعد اللعبة، كما قواعد الاشتباك، في مكان آخر، في نهاية المطاف لن يراقصوا سوى... الحطام.
دونالد ترامب لا يكترث بالمسلمين، سواء كانوا سنّة ام شيعة، يرى فيهم البلاء العظيم. قد يكون تأثر بوصف روبرت كاغان لهم بـ«اكلة الازمنة»، يعتقد انهم يجرون الكرة الارضية الى المقبرة، وقد يتركهم يحطمون بعضهم البعض حتى بعظام بعضهم البعض...
ما يستشف من اقواله، ومن التعليقات الاميركية حول افكاره انه لن يستمر في اللعبة الهمجية اياها، اي ادارة الخيوط المذهبية، لكنه قد يترك الروس يصولون ويجولون في منطقة ابتعدت كثيرا عن القرن واقتربت كثيرا من القرون الوسطى...
لا دليل على انه سيأخذ بتلك الخدعة الساذجة حول «الفصائل السورية المعتدلة». هذه فصائل مركبة استخباراتياً على نحو عجيب لعل النقطة الاساسية هنا انه لا يجد في «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقا)، والتي يحاول الاتراك وبعض العرب تسويقها على انها البديل العقلاني من تنظيم «داعش» سوى «محاولة لاظهار اسامة بن لادن بسروال الجينز».
لم يكن ثمة من داع للقول، ابان الحملة الانتخابية، انه سيلغي الاتفاق النووي سوى اجتذاب اللوبي اليهودي. حاخامات واشنطن يكرهون باراك اوباما مع انه قدم لهم خدمات عسكرية ومالية لا تضاهى، كما انهم يزدرون هيلاري كلينتون انها تمارس السياسة، والديبلوماسية، على طريقة الليدي غاغا...
الليدي غاغا في السبعين. انه لمشهد مضحك فعلاً، من يحللون سبب فوز دونالد ترامب يسألون آلان عن القضية او القضايا التي تحملها هذه المرأة، سوى شبح مونيكا لويفنسكي، وسوى انها تحاول، عبثاً، ان تضع رأس زوجها على كتفيها...
كل ما طرحته يشي بالرتابة، والتذبذب، والوصولية، بعيدا عن اي لحظة ابداعية، في حين كان دونالد ترامب يبدو وكأنه يخترق كل الاسوار، ويضع الشعبوية في وجه النخبوية التي قد تكرر، في اي لحظة الازمة المالية التي كادت ان تطيح بالامبراطورية...
لاحظته كيف ابتهج رجب طيب اردوغان غريب امر هذا الرجل الذي لا تهز ولا تزعزع مواقفه وسياساته الوجدان العربي. من آخر مآثره ان السلطنة تمتد عاطفيا من شبه جزيرة القرم الى الموصل وحلب...
هو الذي استجلب المقاتلين الاشداء من تركمانستان ليقاتلوا في سوريا وهو من طرح مشروع منح الجنسية التركية لثلاثة ملايين سوري وهو الذي قال بإعادة النظر بمقررات مؤتمر لوزان (1923) ولم ينس لحظة  تذكير من يعنيهم الامر «اننا احفاد العثمانيين والسلاحقة».
اردوغان يعتبر انه من سميلأ الفراغ في سوريا والعراق وربما ما هو ابعد، اذا ما انكفأ دونالد ترامب عن المنطقة العربية، ودون ان يأخذ بالاعتبار التداعيات الكارثية لسياساته على الداخل التركي نفسه..
البعض رأى في الرئيس المنتخب «كاليغولا الاميركي» حتما لن يعّين حصانه كاهنا او وزيراً وحين جلس الى جانب باراك اوباما وكان حديث الموقد ازداد اقتناعا بأن الاميركيين اتوا به ليغيّر اميركا...
الذين كتبوا عنه بعد فوزه واستغربوا مدى الذعر الاوروبي قالوا «لا تستهينوا بالرجل، انه ليس غبيا» ومن يعرف بأحوال النساء يعرف بأحوال الدنيا وان كان هناك من يرى فيه رجل الصدمات النووية وليس فقط رجل الصدمات الكهربائىة الذي تتفكك على يديه الولايات المتحدة..
بعد الرجل الاسود جدا كان لا بد ان يأتي الرجل الابيض جدا. اخطأ الديموقراطيون كثيرا حين اختاروا هيلاري كلينتون ولم يأتوا ببرين ساندرز لأنه بطل التغيير الذي تحتاج اليه اميركا. البطل الحقيقي في الشرق الاوسط مثلما يحيط بنا الدم من كل حدب وصوب يحيط بنا الضباب من كل حدب وصوب!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

895 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع