صورتين وموقف واحد

                                         

                            مثنى عبيدة

          

 

مثنى عبيدة ، د يعرب الشريدة ، د غانم الجميلي ممسك بالكرسي المتحرك لأحد أبناءه من معاقي العراق

جميل جداً ان تتعرف خلال مسيرتك المهنية أو العلمية أو الإنسانية بإشخاصٍ وكفاءات ٍ متنوعة ومتعددة وكثيرون هم من تعرفنا أو تعرفت عليهم خلال مشوار العمر ولكن ليس كلهم يبقى ذكرهم حيةٌ في قلبك او روحك لذا نرى الذاكرة احياناً تشطب أسماً وتـُبقي على إسماءٍ خالدة فيها .
الدكتور غانم الجميلي شخصية عراقية نبيلة ساقتني الأقدار الكريمة للتعرف عليه يوم بدأت مشواري الذي اتشرف فيه وهو تأسيس جمعية المعوقين العراقية في عام 2003 برفقة مجموعة خيرة من أبناء العراق العزيز ، وقتها لم نكن نملك أي شيءٍ يساعدنا في المضي قدماً نحو تحقيق حلمنا المشترك في رؤية حقوق المعاق أو الاشخاص ذوي الإعاقة وقد تحققت على ارض الواقع ، لكن كنا نملك الصدق والأخلاص والهمة العالية والرؤية المستقبلية لما كنا قد عقدنا العزم عليه .
في تلك الأيام الصعبة وكل شيء ينهار ويتم سرقة ممتلكات الدولة ولا توجد سلطة ولا قانون أنطلقنا متوكلين على الله تعالى وحده صوب مركز عكرمة للمعاقين الواقع في مدينة اليرموك البغدادية حيث باشرنا بالاطلاع على مركزنا وبيتنا الذي كان مخصص لخدمتنا وتضميد جراحنا وتأهيلنا ولكن حاله اليوم لا يسر عدواً ولا حبيب فما العمل وقضيتنا يجب أن تبقى حاضرة ؟
في القصر الجمهوري الواقع على نهر دجلة الخالد كانت تلتقي المنظمات الدولية والجمعيات المحلية حديثة التاسيس هناك أسعدني الله برؤية الدكتور غانم الجميلي والدكتور يعرب الشريدة والأخت الأمريكية المسلمة فيكي روب معهم شاب عراقي خلواق ورائع أسمه د عادل النعيمي ، عرفت أنهم يمثلون منظمة الحياة للإغاثة والتنمية وهي واحدة من المنظمات الأمريكية ولكن كل مؤسسيها من أهل العراق الكرام الذين سعوا الى خدمة أهلهم العراقيين إبان الحصار الإقتصادي الذي فرض في اوائل التسعينيات من القرن الماضي .
تحدثت للوفد الزائر عن المعاقين في العراق ، أعدادهم أحتياجاتهم حقوقهم مراكزهم التاهيلية مستشفياتهم وكل ما يتعلق بهذه الفئة الأجتماعية المهمشمة ، يومها رأيت تعاطف د غانم ود يعرب مع هذه القضية وأحسست بدفْ كلماتهم ومشاعرهم العراقية المتدفقة الصادقة رأيت طيبة ونخوة العراقي الذي لم تغيره سنوات الأبتعاد عن العراق . قلت للدكتور غانم الجميلي وقد عرفت أنه رئيس منظمة الحياة للإغاثة والتنمية أرجوك سيدي الفاضل أن تزور مركز عكرمة للمعاقين لأنه المركز الوحيد تقريبا الذي تبقى لدينا من أحد عشر مركزاً تاهيلياً في عموم العراق وقد وعدني الرجل بزيارته وفعلاً في احدى أيام الصيف الحار جداً زارنا د غانم الجميلي والمعاقين يلتفون حوله وكل يبث شكواه ورجاءه بالله تعالى ثم بالعراقيين من أمثاله وكل الخيرين بالعالم أن يقفوا مع حقوق المعاقين تجولت بالرجل في أرجاء المركز وأنا أتحدث بفيض من مشاعر متدفقة وحرارة في الكلمة ورجاء في الأمل المنشود وأُشهد الله تعالى ان رأيتُ الدمع في عينه وهو يتحسس ويتأثر بكل كلمة وبما شاهده في المركز وفي وجوه المعاقين وقد وعدني خيراً وأنه سوف يسعى بكل أمكانياته والمنظمة لكي يتم إعمار وصيانة المركز وقال هذه قضيتي مثلما هي قضيتكم وسوف أعمل لتوفير ما تحتاجونه من مستلزمات وأدوات تساعدكم على تحمل جراح الأعاقة ومشاكلها الكبيرة .
ذهب الرجل وتحدث مع قيادات الجيش الامريكي المختصة بالشؤون الإنسانية والطبية وقال لهم تعالوا شاهدوا بإعينكم وفعلاً تم الدعوة الى لقاء مع المعاقين مباشرة في مركز عكرمة وكم كانت المفاجاءة كبيرة حيث توافد المعاقين رجالًا ونساءً وأطفالاً الى قاعة المركز التي أمتلأت عن بكرة أبيها وكذلك الممرات وأقسام المركز في يوم لن ينسى من الذاكرة ولا توجد كهرباء ولا ماء في المركز وبدأت جموع المعاقين تهتف وتتحدث بحقوقها وفي مقدمتها حقها في الحياة الكريمة .
مضت الايام وغادر د غانم الجميلي الى أمريكا حيث يعمل ويعيش أما جمعية المعوقين العراقية فقد بدأت مرحلة جديدة من العمل المثمر والبناء وخصوصاً مع منظمة الحياة للإغاثة والتنمية التي دعمت الجمعية بكل الإمكانيات والوسائل ، في أحدى لقاءاتي مع د يعرب الشريدة والذي لن ننسى مواقفه الكريمة مع المعاقين وكان المدير الإقليمي لمنظمة الحياة في العراق أذا به يبشرني بإن هناك شحنة  كبيرة من الكراسي المتحركة سيتم توزيعا على  المعاقين وعن طريق جمعيتنا ، باشرنا العمل وأعداد خطة التوزيع ودعوة المعاقين لإستلام هذه الكراسي المتحركة
في يوم الحفل المخصص لتوزيع الكراسي أذا بالدكتورغانم الجميلي يصل المكان برفقة د يعرب وبقية كادر المكتب الاقليمي في العراق للمنظمة ويبدأء يوم من ايام العمر والفرح والسعادة تملأ الوجوه وهم يتسلمون الكراسي المتحركة الجديدة بكل محبة وأخوة أحترام .
تمضي الايام وقد أنتقلتُ من رئاسة جمعية المعوقين العراقية الى العمل في منظمة الحياة ومكتبها في بغداد لكي أمسك رئاسة قسم المعاقين بالاضافة الى الناطق الاعلامي للمنظمة ومنسقاً لشؤون الاغاثة العاجلة وهناك التقيت الدكتور غانم الجميلي مرة أخرى ولكن هذه المرة جاء الرجل وهو في طريقه لكي يتولى منصب سفير العراق في اليابان وبدأت أسمع أخباره من التلفاز والاعلام ومن الأحبة الكرام حيث عرفت انه ترك اليابان ليكون سفير العراق في المملكة العربية السعودية ولم ألتقي به بعد ذلك


  

يوم السبت الماضي الموافق 23 / 7 / 2016 م وقد كنتُ مدعواً لحضور حفل زفاف شاب عراقي من عائلة عراقية كريمة وأذا بي أرى الدكتور غانم الجميلي قد دخل القاعة لكي ينضم لمجوعة خيرة من أبناء العراق الكرام وأبناء الجالية العربية والمسلمة في ميتشغن الأمريكية
الله كم كنتُ سعيداً وأنا ألتقي بالرجل الذي دعم قضية المعاقين في العراق وهي في أولى مراحل بناءها وسعيها الانساني النبيل تعانقنا طويلاً وتبادلنا أطراف الحديث ووجدت الرجل هو هو متواضعاً خلوقاً كريماً لم تبدله الأيام او المنصب الذي شغله ثم تركه وهو سعيد لانه خدم أهله وشعبه وعمل على ذلك في اليابان التي سعى لديها لكي تبني مستشفيات في بعض محافظات العراق وتسهم في مساعدة العراقيين الكرام
نعم من حقنا كعراقيين أن نفخر بالدكتور غانم الجميلي رعاه الله وبارك به وفي مسعاه كما من حقنا أن نفخر بكل شخصية عراقية كريمة قدمت للعراق الكثير وأسهمت في وضع أسمه في سجل الحضارة والتقدم ، أرجو الاطلاع على السيرة الذاتية للدكتورالإنسان العراقي النبيل غانم الجميلي لكي نعرف جوهرة من جواهر العراق العزيز ..
https://ar.wikipedia.org/wiki/
مثنى عبيدة حسين

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

807 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع