نجاحات إسرائيلية

                                          

                          د. منار الشوربجي

أخبار ثلاثة مثلت نجاحات مهمة لإسرائيل في أميركا، رغم أنها صارت في الآونة الأخيرة من القضايا الخلافية هناك، فقد نشرت الصحف أن البيت الأبيض بصدد توقيع «مذكرة تفاهم» مع إسرائيل تمنح الأخيرة مساعدات عسكرية هي الأكبر على الإطلاق لأية دولة في تاريخ أميركا.

وقد جاء الإعلان استجابة لخطاب أرسله 83 من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي لأوباما يطالبونه بالاستجابة «لحاجة إسرائيل للدفاع عن نفسها والحفاظ على تفوقها النوعي» على الدول العربية مجتمعة. وبمقتضى التفاهم تحصل إسرائيل بدءاً من 2018 على 40 مليار دولار في عشرة أعوام..

بينما تحصل اليوم على 1،3 مليار سنوياً. واللافت أن أنباء تسربت من إسرائيل تقول، إن نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل سينتظر حتى رحيل أوباما في يناير 2017 ليتفاوض مع خلفه للحصول على شروط أفضل، مما دعا السناتور ليندسي جرام، الذي تزعم ضغط أعضاء الكونجرس على أوباما، لتشجيع نتانياهو أثناء زيارته لتل أبيب مؤخراً على قبول الاتفاق المعروض الآن، مؤكداً إمكانية تعديله في أي وقت لاحق. وسواء قبلت إسرائيل العرض الحالي أو انتظرت فهي منتصرة بلا شك في الحالتين.

والخبر الثانى يشير لقرار حملة هيلاري كلينتون بجمع تبرعات انتخابية لحملتها في تل أبيب. ورغم أنه محظور قانوناً على الأجانب تمويل الحملات بأميركا، إلا أن كلينتون تعول على أصحاب الجنسية المزدوجة من الإسرائيليين المسموح لهم بتمويل الحملات. وهيلاري كلينتون تتخذ في الحملة الراهنة مواقف من إسرائيل تكاد تتطابق مع مواقف اليمين الإسرائيلي!

أما الخبر الثالث، فيأتي من الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي على مقعد مجلس الشيوخ بولاية ميرلاند، فقد تنافس في الحملة اثنان من الديمقراطيين الأعضاء بمجلس النواب، أحدهما رجل أبيض هو كريستوفر فان هولن، والثانية نائبة سوداء مناصرة لحقوق الفلسطينيين هي دونا إدواردز. وقد فاز هولن في الانتخابات، التي ساعد بقوة في تمويله، لهزيمة إدواردز، أنصار إسرائيل الديمقراطيين..

وعلى رأسهم الملياردير حاييم صابان المؤيد بشدة لهيلاري كلينتون. وإدواردز ظلت معروفة بمجلس النواب بمواقفها الرافضة للانصياع لكل ما تطلبه منها كبرى منظمات لوبي إسرائيل، التي صارت على يمين الساحة السياسية بأميركا.

وهى سافرت لغزة في 2009 وتحدثت أكثر من مرة عن حقوق الفلسطينيين. ليس هذا فقط، ولكن إدواردز تشبه أيضاً الكثير من سود أميركا في كفاحهم اليومي، فهي أم لولدين قامت على تربيتهما وحدها، وكافحت حتى حصلت على درجتين علميتين إحداهما في الهندسة والأخرى في القانون.

ورغم أن إدواردز لها حضور قوى في دائرتها ذات الأغلبية السوداء بولاية ميرلاند إلا أن انتخابات الشيوخ تحتاج للوصول للأصوات في كل أنحاء الولاية، الأمر الذي يتطلب دعماً وتمويلاً قويين، وكان واضحاً أن حملة إدواردز تعانى من نقص في التمويل، رغم أن مؤسسة «إميلي» النسوية مولتها مثلما تمول عشرات المرشحات للمناصب المختلفة، لكن المفارقة الجديرة بالاهتمام حقاً هي أن أغلب أعضاء «كوكس السود»، وهو الذي يضم أعضاء الكونجرس من السود أيدوا منافسها بدلاً منها.

وقد اتخذ أولئك الأعضاء الموقف نفسه مع هيلاري كلينتون وضد برني ساندرز. ووجه المفارقة هنا هو أن مواقف أغلب الأعضاء السود في الكونجرس من القضايا الداخلية والخارجية تظل على يسار الحزب الديمقراطي في عمومها. ومع ذلك أيدوا في الحالتين مرشح يمين الوسط، سواء للرئاسة، أي هيلاري كلينتون، أو فان هولن..

لكن لعل أهم ما جرى تزامناً مع حملة إدواردز هو ما قالته ستيفاني شريوك، المسؤولة في مؤسسة إميلي النسوية عن التحول الذي طرأ على دور أنصار إسرائيل في الحملات الانتخابية للمناصب الفيدرالية المختلفة، فهي حكت أن الأمر اختلف اليوم عما كان عليه منذ عقدين من الزمن، ففي السابق، لم يكن من الممكن لمرشح إلا أن يتخذ موقفاً مؤيداً على طول الخط، وهو ما اختلف اليوم.

وأضافت أنه رغم الدور الهائل الذي يلعبه تمويل أنصار إسرائيل في حسم الانتخابات، إلا أن تحولاً مهماً طرأ، خصوصاً بعد غزو العراق واتضاح دور المحافظين الجدد من اليهود في دعم قرار الغزو، بينما كانت أغلبية اليهود الأميركيين ضد القرار، ثم إن بروز منظمات ورموز يهودية أخرى ترفض المواقف اليمينية لكبرى المنظمات المناصرة لإسرائيل في واشنطن ساعد هو الآخر على ذلك التحول.

والتحول الأهم هذا العام كان حملة برني ساندرز، اليهودي الأميركي، الذي انتقد إسرائيل علناً ودعا لاحترام حقوق الفلسطينيين، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة يتعلق بمدى قدرة حملة برني ساندرز على التحول من حملة للرئاسة لحركة سياسية، فبرني ساندرز في الطريق لإسدال الستار على حملته خلال أسابيع.

لذلك، فدون التحول إلى حركة سياسية ذات مواقف جد مغايرة في أغلب القضايا، وتضغط بقوة على السياسيين، ستصبح تصريحاته ومواقفه أثناء الحملة مجرد مواقف مرشح لم يفز فيطويها النسيان.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

557 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع