اللغة العربية في مجلس منصور اليامي

                                                        

                               د. محمد صالح المسفر

قدر لي زيارة مجلس اليامي في «إثنينيته» الأسبوعية، نسبة إلى يوم الإثنين، لقربه من منزلي والمسجد الذي أرتاده أحيانا، ضم ذلك المجلس جمعا من أهل القلم والفقه ومن الأدباء ومن كبار رجال الإدارة المدنية، ورجال الأعمال، إنه مجلس حافل. وكعادة المجالس العامة يتداول فيها رواد المجلس الكثير من المواضيع التي تشغل العامة والخاصة في آن واحد..

والحق أنه لم يكن للشعراء في تلك الأمسية نصيب من المشاركة بإبداعاتهم، وهي على غير العادة، فحرموا من نشوة قول الشعر وحرمنا من الاستمتاع بما نظموا.

كان الموضوع الذي طغى على كل المواضيع «موضوع اللغة العربية» والمستوى الذي وصلت إليه، أو الانهيار الذي أصابها، وأصبح أولادنا في ضياع ثقافي لا حصر له، ومن المؤسف أن بعض الآباء يتفاخرون بأن أبناءهم وبناتهم يتحدثون في حياتهم اليومية باللغة الإنجليزية والتي كما يقولون ويرددون القول بأنها لغة السوق، ولغة الحاسوب، وتمكُن الابن في مراحله التعليمية العامة من اللغة الإنجليزية يوفر عليه مشقة البحث عن العمل لأنه متوفر، فكل المؤسسات خاصة البنوك وشركات البترول والغاز والشركات الكبرى وجميع المؤسسات التجارية لغتها الرسمية والورقية لغة إنجليزية.
من هنا غفل الناس عن تعليم أو الإصرار على تعليم أبنائهم اللغة العربية. قدم الدكتور أحمدعبد الملك رؤيته في هذا الشأن وتحدث عن تجربته مذيعا وكاتبا وصحفيا وناقدا ومدرسا في الجامعة، وشرح موقفه من كاتب روائي شاب قدم له روايته ليطلع عليها الدكتور أحمد، وأصر الشاب على استعجال الدكتور أحمد في قراءة إنتاجه لأنه يريد أن يطبعه ليتمكن من عرضه في معرض الكتاب القادم، وجد أستاذنا أن المادة غير قابلة للنشر لكثرة الأخطاء اللغوية والصياغية وضعف الموضوع، فاعتذر له عن إتمام ما طلب منه، لكنه أبلغه بأنه يحتاج إلى دراسة اللغة العربية أولا.

ذهب البعض من رواد المجلس إلى القول ما هي أسباب ضعف اللغة العربية في مؤسسات التعليم؟ البعض يرى أن مشروع را ند كان له تأثير في ذلك، والبعض الآخر راح يقول إن ضعف طلابنا في السنوات العشر الماضية في اللغة العربية والتاريخ وبقية العلوم الاجتماعية لا يشمل قطر وحدها وإنما هذه الظاهرة منتشرة في الوطن العربي عامة، وليس هذا الضعف في مجال طلاب التعليم العام وإنما يشمل التعليم الجامعي.
ويعود السبب الجوهري في رأي الكاتب إلى أن الهدف من التعليم والتعلم لم يكن المعرفة وإنما ذهب الهدف إلى «حاجة السوق» وهي دعوة اقتنع بها الكثير من صناع القرار ومن هنا جاءت الكبوة في تعليم العلوم الاجتماعية عامة.

أشير هنا إلى وقائع وقعت في إحدى دول الخليج العربي لتبين مدى الاستخفاف بتعليم العلوم الاجتماعية.. تقدم خريج الثانوية العامة لطلب وظيفة فأجريت له مقابلة، وهذه بعض وقائعها:
سئل الطالب: من هو أبو الرسول محمد؟ قال الطالب: صلى الله عليه وسلم، هذا أبو الرسول؟ نعم. ومن هي أمه؟ ما أعرف؟ سئل الطالب: من هو مؤسس الدولة (ع) ذكر اسم الحاكم الحالي، وليس المؤسس، هذه نماذج وما خفي كان أعظم.
كان في مجلسنا في تلك الأمسية شيخ من شيوخ اللغة العربية من الأزهر، وأنحى باللائمة على الضعف في اللغة العربية في المجتمع الخليجي إلى غلبة الجاليات الأجنبية في كل مؤسسات الحياة الأمر الذي يجبرك على الحديث مع تلك الجاليات بلغة وسيطة وليس باللغة العربية، وإذا تحدثت معهم فعليك أن تكسر أحرف اللغة حتى يفهمك من تخاطبه.
انفض مجلسنا وما برحت اللغة العربية والعلوم الإنسانية الأخرى مطرح نقاش لا ينتهي.

يقترح البعض من المهتمين بأمر اللغة العربية في المؤسسة التعليمية، أن يكون أحد شروط دخول الجامعة إجراء امتحان قبول في اللغة العربية والتاريخ العربي والإسلامي، وكذلك في الالتحاق بأي وظيفة حكومية لكي يكون للطالب حافز لمعرفة اللغة والتاريخ فهما أم العلوم.
آخر القول: لقد صدر القرار السامي باعتماد اللغة العربية في كل مؤسسات التعليم العام، وفي جميع المراحل، وكذلك المعاملات الرسمية والخاصة بما في ذلك قوائم الطعام في الفنادق والمطاعم وفواتير البيع والشراء، وكذلك جميع التعامل في المؤسسات المصرفية وإذا اقتضى الأمر فيكون إلى جانب اللغة العربية اللغة الإنجليزية. لكن السيادة تكون للغة العربية.. وما علينا إلا الالتزام بتنفيذ تلك التوجيهات السامية للحفاظ على لغتنا وتاريخنا.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

750 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع