عفوا من هو رئيس وزراء العراق: حيدر العبادي أم هادي العامري

                                     

                            هارون محمد

الذي نعرفه، وكما هو معلن، فإن رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة هو حيدر العبادي، الذي شكل حكومته الحالية في الثامن من سبتمبر الماضي،

ولكن ما يجري على الأرض يوحي بأنه ليس كذلك، لأن زعيم ميليشيات (بدر) الشيعية هادي العامري يتصرف وكأنه هو رئيس الحكومة وهو القائد العام، بل إنه يضيف إلى نفسه منصبا سياسيا وعسكريا آخر هو قائد الحشد الشعبي، رغم أن بيانا حكوميا صدر في نهاية ولاية نوري المالكي عيّن بموجبه مستشار الأمن الوطني فالح الفياض رئيسا لهيئة الحشد، ولكن جميع المعطيات الميدانية تؤكد أن الأخير مثل الزوج المخدوع، آخر من يعلم.

هادي العامري، المولود في قرية الجيزاني التابعة لقضاء الخالص بمحافظة ديالى عام 1954 لأسرة وافدة على القرية التي يسكنها جمع من فلاحي البو عامر، والموظف السابق في مديرية تربية الرصافة ببغداد، والنصير في حزب البعث الحاكم حتى عام 1980، عندما دق عرقه الدساس جرس الإنذار في نفسه الأمّارة بالشر وطلب منه مغادرة (التقية) والعودة إلى أصوله، فاستجاب الرجل لنداء الولي الفقيه آية الله خميني الذي أعلن الحرب على العراق ودعا أنصاره وأتباعه ومحبيه إلى المشاركة فيها بلا تردد أو خوف.

لم يكن أبو حسن، وهذا اسمه الحركي الذي اختاره لنفسه عندما هرب إلى إيران، غير شاب أعزب ظلت عضويته البعثية البسيطة ووظيفته الإدارية المتواضعة في الحكومة العراقية (الكافرة) تلاحقانه وتشككان في ولائه الجديد إلى أن أثبت العكس، عندما انخرط في حرس الخميني كمقاتل شرس ضد الجيش العراقي، وشارك حسب اعترافاته في حوار أجري معه بعد عودته إلى بغداد عقب الاحتلال وقال فيه إنه لم يترك قاطعا من جبهات القتال على مدى ثماني سنوات من الحرب، إلا وكان في طليعة المهاجمين على جيش صدام حسين، ممّا أثار انتباه قادته العسكريين الإيرانيين، فاهتموا به وأثنوا على شجاعته.

هادي العامري اليوم يصول ويجول على السنة العرب في محافظتي ديالى وصلاح الدين، ويمارس أشنع الانتهاكات والجرائم ضدهم دون أن يخشى الله تعالى، ولا يدرك أنه جلّ وعلا، يُمهل ولا يهمل، رغم أنه يدّعي بأنه مسلم و”حجي”.

ويوم الأحد الماضي استدعاه رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بعد أن تزايدت جرائمه وكثـرت أفعاله المشينة، وفاحت روائح فضائحه الدموية في مناطق شمال قضاء المقدادية وفيها 30 قرية، لم يترك “أوباشه الحقراء” فتاة أو سيدة أو امرأة مسنّة إلا وتحرّشوا بها أو نزعوا ثيابها والتقطـوا الصـور والأفـلام لهـا، بعد أن عزلوا الشباب والرجال والشيوخ في مبنى مدرسة مهجـور في أطـراف ناحيـة أبي صيدا.

وحسب بيان صدر عن ديوان الرئـاسة فإن معصـوم تمنى أن يعمل العامري، بعـد أن أشاد ببطولاته وتضحياته، على تحقيق ثـلاث غايات؛ الحفاظ السلمي في ديالى، ومساعدة المهجّرين في العودة إلى مناطقهم وبيوتهم، والسعي إلى تقديم الخدمات الممكنة لهم.

وخرج العامري من اللقاء مع رئيس الجمهورية، وأطلق هو الآخر تصريحا وكأنه يرد على بيان الرئاسة نقلته جميع الصحف ووسائل الإعلام المحلية، قال فيه إنه أبلغ الرئيس بأننا لن نترك محافظة ديالى المحتلة من “الدواعش” إلا بعد تحريرها منهم، في حين يعلن قائد عمليات دجلة الفريق عبدالأمير الزيدي، وقائد شرطة ديالى الفريق جميل الشمري أمام نائب رئيس الوزراء بهاء الأعرجي عند زيارته لمدينة بعقوبة مركز المحافظة قبل يوم واحد من لقاء معصوم والعامري، بأنه تم تحرير 97 بالمئة من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في ديالى، ولم يبق غير 3 بالمئة، وحددا النسبة الأخيرة في مرتفعات حمرين، مما يؤكد أن المسألة ليست تحرير ولا تطهير، كما يزعم العامري، وإنما هي عملية منظمة لتهجير 300 ألف نسمة من سكان قضاء المقدادية وتوطين إيرانيين بدلا عنهم، وسط أنباء تؤكد أن أكثر من مئة ألف إيراني كانوا جزءا من مليون زائر شاركوا في الزيارة الأربعينية (الحسينية) تخلفوا عن العودة إلى بلادهم، ويقال إن القنصلية الإيرانية في كربلاء طلبت منهم ذلك بقصد إسكانهم في المقدادية وسامرّاء بعد الانتهاء من عمليات تشريد السكان الأصليين للقضاءيْن.

في الثالث من الشهر الحالي أعلن رسميا عن تحرير مدينة الضلوعية في جنوب سامراء ذات الأغلبية السنية وخصوصا من عشيرة (الجبور) المعادية لـ”داعش” أصلا، وأقيم احتفال بالنصر في وسط المدينة وجلس قائد ميليشيات بدر العامري ونائبه أبو مهدي المهندس وبدأ عدد من الوجهاء والشيوخ الجبوريين يتوافدون ويسلمون على “القائدين المظفريْن”، خصوصا أن أغلب هؤلاء الشيوخ نزحوا من المدينة عقب استيلاء مسلحي تنظيم الدولة عليها في نهاية يونيو الماضي وعادوا إليها بعد سماعهم بتحريرها.

وبعد أن استقر الشيوخ وكان عددهم 36 شيخا في أماكنهم وتناولوا الشاي والقهوة طُلب منهم التوجه إلى مبنى مديرية الشرطة وأُجلسوا في قاعة فيها، وجاء إليهم العامري ونائبه المهندس (وهنا أنقل ما جرى من شهود عيان أحياء يرزقون). خاطبهم العامري قائلا: شكرا لكم على حضوركم احتفال النصر، وأعرف أنكم تضررتم كثيرا طيلة الأشهر الماضية، ولكي أكون صريحا معكم فإنني أنصحكم بمغادرة المدينة نهائيا، فلا تتعبوا أنفسكم ولا تصرفوا أموالكم لتعمير دوركم.. والله وياكم..! (في تلميح إلى قرار جعل أقضية سامراء وبلد والدور ونواحيها وقراها محافظة شيعية ترتبط بشمال محافظة ديالى، وهو الأمر الذي أوشك هادي العامري وحشده على الانتهاء منه). وخرج الجبّوريون يجرون أذيال الخيبة والخذلان.

 وبعد هذا وذاك، نسأل من هو رئيس وزراء العراق؟ حيدر العبادي المنزوي في المنطقة الخضراء (لا يحل ولا يربط)، أم هادي العامري صاحب الأمر والنهي والطرد والتهجير.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1164 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع