مؤتمر باريس وقرارات المماطلة

                       

                             يوسف علي خان


انتفضت الدول واستفاقت بعد طول رقاد لتكتشف بان الخطر قد مسها ووصل شواطيء بلدانها فهبت لمعالجة الموقف ومحاولة ايجاد السبل لابعاد هذا الخطر عن سواحلها واختراق حدودها والانتشار في ربوعها الامنة بعد ان اكتوت بما جرى منذ اربعة عشر عام في احداث سبتمبر..

فاطلقوا الصرخات وقدموا الخطب والبيانات والمقترحات فقد انطلق المارد من القمقم واضحى سحابة هائلة من دخان تملأ كل مكان فعقدوا المؤتمر الميمون واستبشر به المكتوون بنار الفوضى بعض الخير كي يتخلصوا مما هم فيه من نيران .. فتداولوا  وتناقشوا لبضعة ايام  وتوصلوا لعدة قرارات وكان المؤمل من كل
 هذه القرارات انقاذ المكتوون بنيران اللهيب غير ان ما صدر خيب الامال .. فهناك الالاف مما يحترقون وتدك بيوتهم بالمدافع والطائرات المجهولة ويقتل الالاف كي يضافوا الى من سبقهم ايام زمان وهجر الملايين واصطف الشعب العراقي والعراق الى صفوف بقية البلدان العربية التي اغرقتها الفوضى وعمها الخراب ودكت بيوتهم فوق رؤوسهم واصابهم الهوان وهجر الملايين الى المخيمات وتركوا الغالي والنفيس لكي يكون نهبا للدخلاء .. فاعتقد الكثيرون بان الفرج أت عن قريب فكل هذه الدول الاربعين التي دعيت الى هذا المؤتمر تمتلك من القوة ما يمكنها ان تقضي على دول في
 ايام كما فعلت مع صدام فاخرجته من الكويت في ساعات وهم بلا شك قادرون ان يفعلوا ذلك مع هؤلاء المسلحين من كل الاطراف داخل ربوع العراق .. وإذا بالخيبة تعم الجميع ويركبه الخذلان .. فقد اتضح من القرارات والتصريحات بان الامر سيطول الى عدة سنين وليس الى ايام والمسلحون مسيطرون في الشمال وفي الجنوب ممسكين بالارض الحرام وليس هناك سوى طلعات خجولة تقتل الابرياء لا يعلم احد إن كان ما تفعله عمدا او سوء توجيه أم هو حقد دفين يبدو جليا للعيان بما تفعله من قتل للابرياء وتدمير للبنيان دون أن يكون هناك اجراء فعال لانهاء الفوضى وفرض الاستقرار... واعادة
 السيطرة الحكومية استنادا للدستور ومن منطوق السيادة على كل البلاد دون أي استثناء بجيش عراقي موحد يحمل ألهوية الحرفية العسكرية ويحافظ على حدود العراق من جميع الاركان ..واجتثاث جذور الارهاب والتمرد الذي وضحت معالمه وكشفت خفاياه وغدى على كل لسان فعرفت حقائق الامور وبان المستخبي وانقشع اللبوس والغموض كما كان يشاع فقد أن الاوان ..أما إذا كانت النية متجهة الى الفتك باحدى الطوائف ومحاولة ابادتها فسوف لن يصيب هذه النية سوى الخذلان ومهما تمت المحاولة عن طريق الطائرات المجهولة باعتبار كل  من هو ظل  مقيم داخل هذه المحافظات المغيبة ولم
 ينزح الى المنافي والمخيمات هو عدو أو مناويء  من منطلقات فئوية ضيقة وهوية طائفية متزمتة فهو مخطيء وهو اتهام باطل وغير صحيح... فالجميع  عراقييون فمن لم يخرج فله العذر فهو اما عاجز فقير معدم لايستطيع الهرب فالهرب بحاجة الى مال...أو ليس لديه وسيلة تؤهله ان يفعل ذلك... او كونه لا يحتمل المصاعب والارهاق داخل تلك المخيمات  المهينة  المتواضعة  كما ليس له الامكانية للذهاب الى داخل محافظات كردستان لارتفاع الاجور في الفنادق والدور فهي تتطلب الملايين من الدولارات فهي محجوزة لاصحاب الجاه ... كما ليس له القدرة على السفر الى خارج البلاد  فهي بحاجة
 الى الملايين وقد لا يتوفر له جواز سفر .. أو انه يخشى على داره من الاغتصاب والنهب والسلب وهو ما حدث ويحدث كل يوم .. فالمقيمون اناس مسالمون لا علاقة لهم باي تنظيم .. وأن محاولة الصاق مثل هذه التهم  سيثير الضغائن والاحقاد ويزيدها اشتعالا فوق ما هي عليه الان... فالتعي السلطات وتتدبر الامر قبل فوات الاوان وتحاول لملمة الشتات  ولا تزيد الاعداء وتحيل المسالمين الى مقاتلين دفاعا عن النفس... وقد يدفع العديد من الجهات الدولية المجاورة الى مساندة المحاصرين والوقوف الى جانبهم ومدهم بالسلاح مما يشعل حربا اهلية شعواء لا هوادة فيها ولا يعرف فيها
 المنتصر ومن سيكون في نهاية المطاف .. وهو امر قد يحقق مطامع الاجنبي ويرضي طموحاتهم .. فعلى الحكومة الجديدة أن تعيد حساباتها من جديد وتترك الماضي للماضي وتبدأ بقلب مفتوح وصدر رحب يضم الجميع فهي حكومة كل العراقيين وعلى كل الاطراف في الشمال والجنوب ان يعوا بان المواقف المتصلبة لا تجدي نفعا وفي نهايتها الخسران فتفتيت العراق ليس بمصلحة احد من هذه الاطراف فجمع الشمل اولى من فرقته ولنكن قوة واحدة متراصة في مواجهة الاعداء ..فليس هناك عرق واحد او طائفة واحدة في كل دول العالم... يجب ان نعي هذا الواقع وندركه قبل ان تضيع الفرص .. فاتهام جهة
 معينة بالاجرام فرضيات مغلوطة يجب ان نتجنبها قدر الامكان والاعتداء بعضها على بعض خطا اكثر فداحة فالكل عراقييون فقد تكون جهة متهيجة لشعورها بأنها مهضومة الحقوق فهي مسلوبة الارادة من قبل اناس معتدين ..فجميع الشرائح في العراق شبيهة بعضها مغلوبة على امرها مستسلمة لاقدارها.... فحتى الطائرات التي تحوم فوقها وفي سماء مدنها مثل الانبار والموصل وصلاح الدين فهي لا  تتوخى الدقة في ضرب الاهداف  ان كانت طائرات وطنية غير مجهولة الهوية... فلا تضرب السكان الامنين بحجة التصدي للمسلحين فهي ليست الوسيلة الملائمة للكفاح... فهناك طرق اخرى لمعالجة
 المواقف...كما أن على المؤتمرين في باريس أن يسلكوا اسلوبا انسانيا  دون الحاجة الى كل هذا الابتزاز من قبلهم في لندن وباريس.... فالشعب العراقي ليس الهنود الحمر وليسوا الهنود السود وإنما هو شعب له حضارته وتاريخه المجيد الممتد الى الاف السنين من سومر واشور فلا يحاول البعض اجترار العداء لمضغه من جديد... فاللعب بالنار اجراء خطير والدعوة اليه تحرق الجميع فعلينا جميعا أن نبحث عن الحل في مؤتمر وطني لا يدخل فيه حليف او رفيق .. فالاوبئة دائما تفد من الخارج وقد ابتلينا بها كلنا وعلينا ان نتصدى لها بحقن الهوية الوطنية العراقية الموحدة فكلنا في
 مركب واحد فلا يخز احدنا بابرة في احد جوانب صاحبه معتقدا بان ذاك الجانب هو الذي سيغرق لوحده   بل سيغرق معه الجميع ومن يريد ان يستمر يركب رأسه فاليستمر وسوف يرى ماذا سيحيق بالعراق وهو فيه لايستطيع الخلاص.. وعلى دول مؤتمر باريس أن تعلم بأن العراق ليس حقل تجارب أومناطق لتجميع النفايات ولا يصلح أن يكون معسكر تدريب كما لا يمكن أن يكون محرقة هوليكوس اخرى لمستبدين ظلمة وطغاة ولا منافي لشذاذ الافاق من المجرمين .!!! مدقق 16/9/2014 الاساسية  
 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

922 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع