من منكم يتذكر "حســـون الأمريكي"؟

   


      من منكم يتذكر "حســـون الأمريكي"؟

  

اتذكر هذا الشخص . كنا نسكن في شارع الزهاوي ونراه يوميا امام بيتنا عندما يمر ليذهب الى المستشفى الملكي ليعمل في غرفة الاشعه...

  

هو حسون بن كاظم بن عيسى العبيدي من مواليد 1929
 وتوفى رحمه الله عام 1985 على اثر اصابته بجلطة.
" حسون الأمريكي " ولد في محلة الصليخ القديمة في رصافة بغداد واكمل تعليمه في مدرسة الاعظمية الاولى للبنين وتخرج من ثانوية المشرق الاهلية .
مِن الظواهر التي عرفتها بغداد - في خمسينيات من القرن الماضي - ظاهرة حسون الأمريكي كما لقبه البغداديون في ذلك الزمن .. وكان يشاهد عصراً في شارع السعدون حيث كان يمتطي دراجة سباق ويرتدي بنطلون شورت وقميص مزركش وخوذة واقية وجوارب مقلمة أشبه بجوارب لاعبي كرة القدم ايام زمان

                                         

أحيانا كان حسون يتمشى بالعصرية مع كلبه مرتديا بنطلون جينز وقبعة كاوبوي وحذاءه المشهور المعقوف من الامام والذي كان يسمى (چم چم) .. وأحياناً يظهر في الشارع مرتديا بنطلون فاتح اللون وسترة غامقة وحذاء قبغلي مع جوارب صفراء اللون !

  

في أوائل الستينات ضيّفه التلفزيون بصحبة دراجته وبزيه المعتاد ، وأجاب على اسئلة مقدم البرنامج شارحاً وجهة نظره في زيّه ، واعتبره الزي العصري المتمدن ، ثم شارك في تمثيلية عرضت في التلفزيون ، ألفت خصيصا له حيث جرى الحوار بينه وبين أبيه في التمثيلية وطرح فكرته عن تصرفه وملبسه ... ودعا الشباب الى ان يتمتعوا بحريتهم العصرية ، من دون الاعتداء على حرية الآخرين .. وانتقد تصرفات المراهقين في السينما والشارع وتحرشهم بالفتيات .
ان تصرفات حسون الأمريكي كانت تعد تحدياً لذلك العصر وتظاهرة سلمية ، وبعد فترة سنوات اعتزل الناس هروباً من تعليقاتهم الساخرة والمؤلمة أحياناً ، ولكنه أصر على تحديهم لاعتقاده انه يتمتع بحريته الشخصية التي تساير العصر المتمدن .. وصار حسون الأمريكي من ظرفاء بغداد المشهورين وتناولت الصحف أخباره .
وحسون الاميركي هذا الرجل الوديع والمسالم الذي فرض حضوره على الجميع وجعل من شكل ملابسه محط انظار كل من يراه من الناس في الشوارع سبق عصرنا الحالي بعقود طويلة...

         

حيث كان يرتدي ما يحلو له من القمصان ذات المناشئ المعروفة بجودتها وجودة صناعتها من الاقمشة ومن بينها قمصان تحمل علامة”آرو “ وهي العلامة التجارية والممتازة آنذاك .
الكلام عن حسون الامريكي يطول بامتداد الشوارع التي كان يقطعها ويخرج على الناس كل يوم بشكل وزي جديد ، فقد ارتدى القمصان التي تحوي غابات افريقيا وقمصان ذات الوان صارخة لم يستطع غيره ارتداءها والمغامرة بالخروج بها وسط الشارع ،، وتنتصب على صدره قلادة والاكثر من هذا ان حسون الامريكي كان يسحب وراءه كلبه المدلل اينما حل .
هي نزعة من التمرد في ذلك الوقت على التقاليد السائدة انذاك على الرغم من أن الكثير كانوا انيقين بحسب ظروفهم المادية . ولكن نزعة التمرد التي كانت عليها شخصية حسون الامريكي لم تطو تحتها نزعة شريرة او ما شابه ، فقد كان حسون الامريكي محبوبا من الجميع بشهادة اكثر من شخص عايش فترته ، كما لم يكن عاطلا يأخذ مصروفه من اهله ، او يعتاش على ما تجود به ايدي الخيرين فقد كان يعمل مضمدا او ممرضا في مدينة الطب (المستشفى الملكي - المجيدية) سابقاً .
ومن الاعظمية حيث مسكنه ينطلق ماشيا قاطعا شوارع العاصمة وكان يتحدث الانجليزية نوعا ما ويرطن به حسب قدرته .

            

يقال ان حسون الامريكي وبحكم وظيفته مضمدا كان يبدو نظيفا وانيقا ، وكان شغوفا بالاطلاع على احدث مجلات الازياء التي تصدر من دور الازياء العالمية التي كانت ترد الى العراق مع بقية المطبوعات الاخرى التي تعنى بالزراعة والطبخ وف! نون الاتكيت .
ويقال أيضا عن هذه الشخصية الفريدة من تاريخ عاصمتنا بغداد انه كان حريصا على متابعة الافلام الغربية التي كانت تعج بها دور العرض السينمائي يؤكد البعض أن حسون الامريكي وبعد ان يخرج من الفيلم ومشاهدة احداثه يقوم بتقمص شخصيات ابطاله! .

              

اما اختياراته لثيابه من حيث البنطلون والقميص فقد كان يختارها من افخم المخازن واكثرها شهرة وعراقة امثال”اورزدي باك “ و”حسو اخوان “ ومثيلاتها من معارض الالبسة آنذاك ... وينقل عنه انه كان رجلا لا يحب العنف بل على العكس فقد كان موضع احترام الناس وبشاشتهم له حينما يلتقون به او يجمعهم مجلس معه، ويتمتع بروح النكتة البريئة بعبارة ادق كان رجلا خفيف الظل ، ويملأ جو الجلسات بقفشاته الجميلة وان! الذي جعله على شكله وحاله هوم انه رجل اجتماعي وليس انعزاليا كما يقول ناس ذلك الزمن، وحينما يبادره احدهم بـ "صباح الخير" كان حسون يرد بـ"كود مورنينك " باللغة الانكليزية !
ان الكثير من ظواهر العقود الطويلة التي مرت على بغداد افرزت شخصيات في الادب او الرياضة او السياسة او التاريخ، والى جانب هذا وذاك ظهرت شخصيات تفردت بتميزها عن الاخرين على مستوى التصرف او السلوك ومنها ما كان استثنائيا في ارتداء الملابس امثال حسون الامريكي حيث بقي حديث اهالي بغداد عموما لما كان يظهر عليه من ملابس لغرابتها وتميز الوانها ومناشئها..

الگاردينيا:المادة أرسلها الأخ والصديق/ كمال يلدو..للأسف لم نتوصل الى أسم كاتبها..لذلك لابد الأعتذار منه..

رسم اللوحة بريشة المهندسة/ ايمان البستاني سكرتير تحرير الگاردينيا

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

812 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع