قصص وطرائف من التراث العراقي

    

 

          قصص وطرائف من التراث العراقي

    

                        
توليف /أ. د. عبدالرزاق محمد جعفر
أستاذ جامعات بغداد وطرابلس وصفاقس / سابقا

  
المقدمة /

كم نحن بحاجة لعودة الروح للنوادر و الطرائف التي تعودنا على سماعها في مجالسـنا, وخاصة في  المدن الصغيرة والقرى التي لم يدخلها التلفاز, من أجل  ان نخفف من قساوة  واقع الحياة الأجتماعية في العهود السياسية المختلفة التي سـادت المنطقة العربية عموما و العراق خصوصا!        
لذا عرجت الى موضوع النوادروالطرائف والحدوثات التي جمعتها من حديقة العمر في كراسـة خاصة, ونشـرت منها مقتطفات في الصحف المحلية و الألكترونية, واحاديث السـمر مع الأصدقاء منذ عدة سـنوات , ولمسـت استحسانا من العديد منهم , زاد من رغبتي في تدوينها في هذا الكتيب, حتى تحفظ من الأندثار, آملا  ان تروق للقارئ الكريم , والله من وراء القصد.

                          



1/الأستاذ الجامعي !

سافر استاذ عربي مقيم في انكلترا الى احدى الجامعات الأوربية في مدينة اخرى بسيارته لحضور مؤتمر علمي فيها, وفي الطريق تعطلت سيارته عدة مرات وحل الظلام ففضل ان ينام تلك الليلة في اقرب قرية يصلها, وبعد الغروب عرج الى بيت ريفي و طرق الباب وفتحت  له امرأة جميلة, في الثلاثينات من عمرها, فرحبت به وشرح لها امره ورغبته في تأجير غرفة لتلك الليلة فقط, -- تفحصت المرأة ذلك الشرقي الوسيم وأجابته : انني اعيش بمفردي و يمكنك النوم في الصاله من دون اجر ان رغبت بذلك,...ولسان حالها عبر عنه الشاعر اللبناني الأخطل الصغير:

 بصرت به رث الثياب = بلا مؤى بلا أهل بلا بلد
فأسـتلطفته وكان شفيعه = لطف الغـزال وقوة الأسـد !
 
               


المرأة الأنكليزية
وافق الأستاذ و جلب حقيبته وابحاثه و ركنها جانبا, وبعد ان حلت السهرة وضعت السيدة على المائدة ما لذ وطاب من المشروبات والمأكولات وقد

    


مائدة العشاء

ارتدت بدلة جميلة زادتها رونقا واغراءا, و حاولت استمالته بشتى اساليب حواء ودهائها, الا ان الأستاذ اكتسى برداء الحشمة وراح يشرح لها الوضع في كوانتنامو وافغانستان وزيمبابوي ! الى ان دب اليأس والملل عند المرأة, فلعنت حظها المنيل الف نيله وودعته ودخلت غرفتها للنوم.--  استلقى الأستاذ على الكنفة و غط في نومه حتى الصباح !
افاق الأستاذ مبكرا و خرج الى الجنينة ووقف بجانب خم ( قفص), يحتوي على عدد من الدجاجات وديكاً واحداً يقف منزوياً في احدى زوايا الخم !
وبعد دقائق اقتربت السيده من ضيفها و سألته عما يقلقه في داخل الخم؟
فقال لها : لماذا هذا الديك منطوي على نفسه ؟!
وعلى الفور قالت له : أنه أســتاذ جامعي!!



                                               
2 / ذكاء جارية

 تعود سكان العراق على القيلولة (النوم بعد الظهر), وفي احد الأيام اراد الخليفة العباسي (المعتضد), ان يستريح وقت القيلولة في المكان المخصص له, واستقبلته جاريته او قل محظيته التي تعود ان يضع رأسه في حجرها الى ان يغفو !..ثم تنسحب, وفي احد المرات شعرت باحراج من نومه الثقيل !...  فسحبت فخذها فورا ووضعت تحت رأسه المخدة وانزوت بعيدة عنه, الا ان الخليفة استيقض ووبخ الجارية على فعلتها وطلب منها تفسيرا لذلك,..اعتذرت الجارية بكل ادب وقالت :

- هكذا تعلمنا يامولاي,..فقد شعرت بنومكم الثقيل, ولا يجوز ان اقعد في حضرتك وانت في تلك الحالة !.
.ففهم الخليفة قصدها وشكرها على ذكائها.
كما كان للخليفة الواثق ( جارية), اهديت له, فوجدها( ثيبا), فقال لها : حسبتك (بكرا), فقالت له: ياسيدي كثرت الفتوحات في زمان الواثق اعزه الله ورعاه!
                                   

                          الجارية

                              

   


3/ كذبة بيضاء

يحكى ان فلاحاً من جنوب العراق  يعمل في مزرعة في احدى ضواحي البصرة المطلة على شط العرب  , وفي موسم الحصاد سقط منه المنجل في قاع البحر عندما كان ينظفه من الأوساخ بعد انتهاء عمله , فراح يبكي بشدة,
 وفي تلك اللحظة خرجت له جنية , فأرتعب , وسألته عما يبكيه؟!... , فشرح لها الأمر, وفوراً غطست  واخرجت له منجل يلمع من النحاس , وسألته هل هذا منجلك؟.. , فقال: لا, هذا ليس منجلي!
 وعلى الفور غطست وأخرجت له منجلاً آخراً مصنوعاً من الفضة, ولما سألته ,..وهل هذا هو منجلك؟.. فنفى ايضاً, ... وفي الحال غطست في البحر للمرة الثالثة, واخرجت له منجلاً من الذهب,.. وسـألته ان كان هذا هو منشاره,أم لا,  فنفى على الفورملكيته ايضاً,..وفي الحال قالت له الجنية :
خذ هذه المناجل الثلاثة , فجميعها هي ملكاً لك ,لأنك لم تكذب وكنت صادقاً !
شكر الفلاح  تلك الجنية,وما ان ودعته, حتى ذهب الى كوخه مفعماً بالسعادة!
وبعد مرور عدة اشهر, سمعت الحورية بكاءاً, ولما خرجت , وجدت نفس الفلاح  يبكي , فسألته,..فقال :
لقد غرقت زوجتي , ولا استطيع العيش من دونها !!
فانا واياها في غرام منذ طفولتنا, ولن استبدلها بخزائن الأرض !!
هونت عليه الجنية الأمر, وعلى الفور غطست واخرجت له هيفاء وهبي!, وسألته :
هل هذه زوجتك؟.. وعلى الفور وبلهفة قال: نعم انها هي زوجتي وحبيبة عمري!!

                       


فقالت له الجنية : لا,..يا كذاب, دي مش مراتك,... ليش بتكذب؟؟
 فقال لها: ان قلت لك لا, فسوف تخرجين لي امرأة جميلة اخرى مثل الفنانة "اليسا" , واذا قلت لا , فسوف تخرجين لي ثالثة مثل " سعاد حسني" , واذا قلت لا فسوف تخرجين لي رابعة مثل " المطربة  شـاديه!!", ومن ثم تقولين خذ جميعهن,..  وكما تعلمين انني رجل طاعن في السن, وبالرغم من ان الله سمح بالزواج من اربعة ,الاانه أمر بالعدل, حيث جاء في سورة النساء الآية 3
" ..فأن خفتُم ان ألا تعدلوا فواحدة,.."

       

ولهذا رضيت بهيفاء وهبي!!

           

                     

3/ أستاذ الفيزياء الملحد,....
 كنت في أوائل الستينيات طالب بعثة لنيل شهادة الدكتوراه في جامعة موسكو/ كلية الكيمياء , والتي كانت تعتبرمن ارقى جامعات الأتحاد السوفيتي آنذاك .
كان نظام الدولة علماني , وان كافة الصحف ووسائل الأعلام تروح للألحاد , وقد اصبنا المسلمون بالذهول مما نسمع , وسارقسم من ضعاف النفوس مع التيار واهملوا الواجبات الدينية وانغمسوا في الحياة الأجتماعية التي نلاحظها في معظم الدول الأوربية وأمريكا!
كنت اتردد مع احدى الطالبات الروسيات في كل يوم أحد على كنيسة قرب الجامعة, واشد ما لفت نظري خلو الكنيسة من الزائرين,..وبعد ان تؤدي الزميلة طقوسها,...انتهي من صلاة ركعتين تحية لدارالعبادة,..وفي احد الأيام سألتها عن سبب عزوف الناس عن تأدية الشـعائر الدينية , فشرحت لي بأسهاب لا مجال لتكراره هنا,  حيث ما من احد لا يعرف بواطن النظرية الشيوعية التي انهارت في بداية الثمانينيات على يًد" كرباتشوف" امين اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي آنذاك!
 حدثتني الزميلة الروسية عن حدوثة او قل " ق.ق.ج.", كما يحلوا لبعض امراء هذا النوع من القصص في واتا الغراء, التي تشبه الخبر العاجل او الطرفة المهذبة احياناً !!
قالت الزميلة: اشيع في احد الأيام عن عـزم استاذ الفيزياء في كلية الفيزياء بجامعة موسكو( نسيت اسمه), على ان يبرهن بأن حياته بيده وليس بيد قوة اخرى كما تنص الكتب السماوية " بأن الأنسان لا يعرف متى واين يموت!!" , ونشر اعلاناً يدعو الناس لمشاهدة نهاية حياته في المكان الفلاني وفي اليوم بالساعة والدقيقة!,..
استغرب الناس وهرعت الجماهير , وخاصة ممن يريدون معرفة الحقيقة , وانتظروا في احدى الغابات التي عينها ذلك البروفوسور ,..وحلت ساعة الصفر, والأنظار متجهة نحو المنصة التي اعدت لذلك الغرض ,..فأخرج البروفوسور المسدس وصوبه نحو رأسة منتظراً الوقت المحدد, وما ان اعلن الوقت,.. ضغط البروفوسور على الزناد ولم يعمل المسدس, وكرر المحاولة ولم ينجح, فذهلت الجماهير,وضجت بالضحك عليه وشـتمه, فرمى المسدس من يده وراح يركض هائماً في الغابة,...

 

وبعد دقائق سـمع دوي بندقية صـيد, وما ان وصلت الجماهير الى ذلك المكان حتى شاهدوا البروفوسور قد فارق الحياة ,حيث اصيب بعيارات بندقية صياد كان مصوباً بندقيته نحو قطيع من الغزلان , فعلت الأصوات مكبرة بأسم الجلالة , وانزوى الملحدون جانباً,.. وعاد للأيمان العديد منهم بعدما اهتزايمانهم لسنوات طويلة, وآمنوا بالحقيقة التالية :
ما من أحد يعلم,... اين ومتى سيموت!!


                               

4/ ذهـب مـع الريح!!


                                   
 الموهبة كالبذرة ان لم تجد لها البيئة الملائة تموت, والدراسة هي التي تصقل مواهب الأنسان, وتطورها يعتمد على السعي وتخطي كل العقبات مهما كانت جسيمة, والعكس صحيح,..حيث تموت المواهب وتضمحل تدريجياً مثلها مثل الجليد المعرض لأشعة الشمس والريح!
شاهدت قبل ايام فلم امريكي طويل ( حوالي الخمسة ساعات),يعتبر من اطول الأفلام الذي انتجته هوليود / امريكا / في سنة 1939 , ذهب مع الريح! ...والذي ظل (Gone with the wind)أسـمه حاملاً الشهرة المطلقة في كل انحاء العالم الى يومنا هذا,..  وتحتفظ الحكومة الأمريكية بنسخة منه في مكان امين كأحد الكنوز الوطنية االتي لا تثمن بثمن !
تسرد قصة الفلم الحرب الوطنية الأمريكية بين الشمال والجنوب, والتي دامت حوالي الخمسة سنوات, ذهب ضحيتها الملايين من السود والبيض! !
ان كاتبة قصة الفلم لم تكتب في حياتها قصة واحدة لا طويلة ولا قصيرة او قصيرة جداً ماركيت ميخائيل المولودة سنة1900,والمتوفية( Margaret Mitchell ) اسـمها في سنة 1949 ,..ولقد بيعت من هذا الكتاب اكثر من 30 مليون نسخة وترجم لعدة لغات, الا العربية!
..الكاتبة  ربة بيت,اي لم تكن خريجة السوربون او اكسفورد, فقد كتبت ما شاهدته واحسته,..وهذا هو الأبداع الخالد, فأين نحن من مواهب النساء ,.. فما من مرة تكتب فيها المرأة ما يختلج في صدرها من نيران لا يقل سعيرها  عن بركان متفجر, ...حتى يتصدى لها بعض العباقرة من الرجال لأتهامها  بشتى  التهم , منها الخروج عن الحشمة والأدب !!  

    


6/ روح فهم حاج أحمد أغا!
 اعتاد احد الشباب على مداعبة والدته لأخذ مصروفه منها بعد وفاة والده, وقد اسرف كثيرا وقررت الأم تقليل المبلغ, ولم يوافق الشاب على ذلك الأجراء ودخل معها في شجار و اساء الأدب مع امه, فأقسمت الأم على رفع شكوى
ضد ابنها الى  الوالي الحاج احمد اغا, ..وهكذا نفذت الأم قسمها و ذهبت الى الوالي وشرحت له الموضوع, فأنزعج الحاج احمد, وقال لها: (هازا عمل قبيح), الله يغول: لا تقل لهما أف ! كيف هازا, ولد صايع يشتم حضرتكم !..ثم نادى على الجلاد وطلب منه الذهاب مع المرأة واحضار ابنها الى هنا بالقوة ! ..خرجت المرأة مع الجلاد وكان ضخما و مدججا بكافة الأسلحة !.. ولما رأت الأم الشرر يتطاير من عيون ذلك الجلاد, خافت على ابنها وبنفس الوقت لم تستطع التراجع عن الشكوى, لذا اشارت الى شاب يسير بمفرده في الشارع, وقالت للجلاد, ذاك ابني !...ثم نادى الجلاد على ذلك الشاب و اقتاده بعنف الى مقرالوالي الحاج احمد, والشاب يتوسل بالجلاد لمعرفة السبب ولكن من دون جدوى.                               
بدأ الحاج أحمد بالمحاكمة وقال للشاب :( لمازا انتي يكلم امك كلام يغزب ربنا؟ ), تعجب الشاب وقال للحاكم : مولانا, امي ميته من زمان وهذي المرأة لا اعرفها !
غضب الحاج احمد من نكران الشاب لأمه بالرغم من توسل الشاب وقسمه بعدم معرفة هذه المرأة. كل هذا والمرأة صامته لم تنطق بكلمة وانتظرت قرار الحاج احمد الى ان انتهى من الكتابة وامر الجلاد ان يعاقب الشاب بالجلد اذا انكر امه واذا اعترف, عليه ان يحملها على كتفيه ويدور بها في شوارع المدينة الى ان يصل الى بيتها !
 وافق الشاب على حمل المرأة والتجول بها والجلاد خلفه للتاكد من تطبيق الشاب لبنود الحكم الذي اصدره الحاج احمد, وهكذا وبعد دقائق التقى الشاب مع اخيه وجها لوجه وقال الأخ له : ويلك-- هاي شنو؟ انت ألمن شايل ؟ -- فقال الشاب لأخيه : هاي امنا !
فقال الأخ : ويلك,.. امنا ماتت من زمان ! --- فأجاب الشاب:
 آني اعرف لكن روح فهم حاج احمد آغا !

             

      


7- قاضي يعض اذن المتهم
وصلت اخبارية للخليفة العباسي ان القاضي الفلاني يعض المتهم من اذنه اثناء المحاكمة !استغرب الخليفة ولم يصدق الرواية واراد التحقق بنفسه.
وفي احد الأيام تنكر الخليفة بلباس تجار بغداد وحضر مع  مجموعة من حراسه الذين تنكروا بلباس العوام, ودخلوا قاعة المحاكمة وجلسوا في المقاعد الخلفية. ولما حضر القاضي نودي على المدعي و المدعى عليه. وبعد الأجراءات الروتينيه, سأل القاضي صاحب الدعوة عن قضيته, فقال:
- سيدي القاضي سلفت صديقي مائة دينار ولم منذ اكثر من سنة ولم يسدد منها حتى درهما ليومنا هذا !
 استغرب القاضي وسأله عن السبب فقال:
والله ياسيدي انا غير قادر على تسديد هذا المبلغ !
 وهنا قال المدعي:
- ليعطيني نصف المبلغ !
 الا ان المتهم لم يوافق, وهكذا راح المدعي يقلل من المبلغ الى ان اوصله الى دينار واحد فقط !
 ومع ذلك لم يوافق المتهم, والخليفة يسمع ذلك, وراح يغلي, الا انه ظلً صابراً لمعرفة حكم القاضي.
وبعد ان يأس المدعي من الحصول على اي شيئ , تنازل عن المبلغ,... الا ان المتهم احتج ورفع يده مطالباً القاضي ان يستحصل له مبلغ خمسة دنانير كتعويض له نتيجة تغيبه عن العمل !
وهنا نهض الخليفة وعض المتهم من اذنه!


  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

815 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع