مارلين مونرو الأيقونة الحالمة بالتعري أمام الجميع

       

      الحُلم بالناس يتطلّعون إليّ جعلني أشعر أنني أقلّ وحدة

اليتم والفقر والوحدة صنعت منها امرأة أبدية، وتعترف بأن هوليوود مكانٌ حيثُ يدفعون لك آلاف الدولارات مُقابل قُبْلة، وخمسين سِنتا من أجل رُوحك..

العرب/القاهرة - "كنت شابة شقراء ومثيرة، تعلّمت أن أتحدّث بصوتٍ مبحوح مثل مارلينا ديترك، وأن أمشي مشية بهيئة خليعة بعض الشيء، وأن أستحضرَ مشاعر في عينيَّ حينما أريد".

هكذا تحدثت نورما جين التي عرفها العالم باسم مارلين مونرو، عن نفسها. كانت تتذكر حينما حادثها بن هكت الروائي وكاتب السيناريو الفائز بالأوسكار، وكان قد قاطعها وهي تقرأ يوليسيس رواية جيمس جويس، بينما هو يتأمل صورتها على غلاف إحدى المجلات وهي بالمايوه، ليقول لها “تعلمين نورما أن جويس قال إنه سيشغل البشرية لثلاثمئة عام، لكن أنت ستشغلين العالم أبد الدهر؟".

يبدو أن نبوءة بن هكت قد تحققت، فها هي نورما جين مازالت تشغل العالم رغم مرور أكثر من نصف قرن على رحيلها، ومازالت الكتب عنها تصدر تباعا شاغلة القراء عبر العالم.

     

لعل أهم الكتب الصادرة حول مونرو كتاب “قصتي.. مارلين مونرو”، الصادر حديثا عن دار المدى، بترجمة للكاتب باسم محمود، ويضم فصولا من قصة حياة مونرو، كانت قد حكتها لبن هكت، فصاغها ثم ردها لها لتضع لمستها عليها، والكتاب لا يحكي القصة كاملة، فقد تمّ إعداده للنشر عام 1954، لكن تأخر صدوره لما بعد رحيلها باثني عشر عاما، إذ لم ينشر إلا عام 1974، ومثلما يشبه لغز وفاتها الذي لم يوفّق إلى حله أحد، لم يعرف أحد سببا مقنعا لتأخر نشر الكتاب رغم تلهف الناشرين والقراء.

اليتم والفقر
اشتهرت مارلين مونرو كأيقونة للجنس، وكثيرا ما طعن نقادها في قدراتها الفنية، قائلين إنّها تعتمد فقط على أنوثتها الساخنة، لكن مذكراتها ترسم صورة مختلفة، ففي الكتاب تحكي نورما جين عن نشأتها كفتاة يتيمة، تتنقل من منزل حاضن إلى آخر، وصولا إلى قصة ذهابها إلى هوليوود ونجاحها وتحقيق الشهرة.

نورما التي لم تر والدها أبدا، فقد مات قبل أن تولد. تحكي عن تعرفها على صورته “هناك شيءٌ واحد بحجرة أمي كان دائما ما يفْتِنني. هو صورة على الحائط. لم يكن هناك أيُّ صورٍ أخرى على الحوائط؛ فقط تلك الصورة الوحيدة المؤطّرة. متى ما كنت أزور أمي كنت أقِفُ مُحدّقة في تلك الصورة، وأكتُم نَفَسي خِشيةَ أن تأمرني أن أتوقَّفَ عن النَّظر هذه المرّة، أمسكتْ بي أمي بينما كنت أُحدِّقُ في الصورة، ولكنها لم تؤنّبني… بدا الأمرُ باعثا للغاية على السعادة؛ أن يكون لي أبٌ، كي يكون بإمكاني، أن أنظر إلى صورته، وأعلمَ أنّني إليه أنتمي. وما أروعها من صورةٍ كانت!… كنت أشعُر بدفءٍ عظيم وأنا أقف أمام الصورة. كان هذا هو أوّل وقتٍ مُبهجٍ لي؛ وهو: العثور على صورة أبي“.

وتتحدّث قائلة “داخل المقصورة أثناء عزف الأورجون، والجميع يُنشِدون الترانيم، تأتيني الرّغبة في أن أنزع جميع ملابسي. كنت أريدُ أن أقف عارية من أجل الرّب، ولأجْلِ الجميع أيضا كي يرونني. نزوتي أن أظهر عارية، وأحلامي بذلك لم تتضمّن أيَّ شعورٍ بالخزي أو بالذنب. الحُلم بالناس يتطلّعون إليّ جعلني أشعر أنّني أقلَّ وحدة. أظنُّ أنّي أردتُ أن يرَوْني عارية لأنني كنت أخجل من ملابسي التي كنت أرتديها. فستانُ الفقر الأزرق الباهت الذي أبدا لا يتغيّر. أمّا حين أكون عارية؛ فأنا أكون مثل الفتيات الأُخْرَيات، وليس مثل شخصٍ يرتدي الزيَّ الموحَّدَ للأيتام”.

هكذا كانت تفكر مونرو في الكنيسة أيّام الآحاد، بتأثير الشعور بالخجل من رثاثة وبؤس مظهرها. وتتذكر أمها التي كانت تقسم يومها بين فترتي عمل لتستطيع أن تعولها، حين حاولت التخفيف عنها فاشترت لها بيانو كي تتعلم العزف عليه. قالت لها ستعزفين عليه وستكون هناك أرائك تتسع لشخصين يستمعان إليك. الأرائك التي تتسع لشخصين لم تُوجد أبدا؛ فالأم نقلوها إلى مستشفى نوروك للأمراض العقلية. وهناك ماتت، فانتقلت الطفلة للعيش مع العمة جراس.

كبرت جين، لكن لم تحلم بعلاقة حب عادية مع شاب، كانت تتوق إلى حنان مفتقد، ولم تحلم بالأمومة أبدا. تقول “فكرة أن تكون لدينا طفلة كانت توقف شعر رأسي من الفزع”. كانت تحلم بأشياء أخرى تساعدها على تحقيق ذاتها، سعت إلى العمل كموديل في الإعلانات، لتقطع نصف الطريق إلى الشاشة “التمثيل كان شيئا لامعا وجميلا. كان مثل الألوان البرّاقة التي اعتادت نورما جين أن تراها في أحلام يقظتها. لم يكن فنّا. كان مثل لعبة تلعبها، تجعلك قادرا أن تُسرع الخطى، خارجا من العالم المعتم الذي كنت تعرفه، إلى داخل عوالم برّاقة، تجعل قلبك يتقافز”.

ورغم حرصها على النجاح لم تبهرها أجواء الشهرة، تقول “هوليوود التي عرفتُها كانت هوليوود الفشل. تقريبا كلُّ شخصٍ قابلته كان يعاني من سوء المأكلِ أو لديه نزوات للانتحار. هوليوود مكانٌ حيثُ يدفعون لك آلاف الدولارات مُقابل قُبْلة، وخمسين سِنتا من أجل رُوحك. كانت مكانا بشريّا أكثرَ منه جنة قد حلمتُ بها”.

كانت تحلم وتدعم أحلامها بالقراءة، خصوصا بعد أن عرفت ناتاشا لايتس مدربة التمثيل المثقفة “كانت تخبرني ماذا أقرأ.. قرأت تولستوي وتورجنيف. كانا يلهبان حماستي، ولم أكن أستطيع أن أدع كتابا جانبا حتى أنهيه. وكنت أهيم حالمة بكل الشخصيات التي قد قرأتها وسمعتها تتحدّث إلى بعضها البعض”. وتضيف “بدأت أشتري كتبا لفرويد وكتبا لبعضٍ من مريديه المُحدثين. كنت أقرأ الكتب إلى أن أُصاب بالدوار”.

لذلك ضاقت مونرو بالرجال الثرثارين، الذين يتحدّثون بنرجسية عن أنفسهم، فمالت إلى المثقفين “الزاخرين بمعلوماتٍ وأفكار عن الحياة. إنه لمبهج أن تستمع إلى هؤلاء الرجال، لأنهم لا يتحدّثون باختيال”.

وفي النهاية امتلأت إعجابا بذاتها حتى اعتادت أن تسأل نفسها “أي شيء تمتلكينه يا مارلين مونرو كي تختالي به؟”. وكانت تجيب “كل شيء”.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

896 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع