الگاردينيا تحاور الفنان التشكيلي المغربي عمر الشناعي

  

حوار فني الفنان التشكيلي المغربي عمر الشناعي لمجلة"الگاردينا"

   أنا ابن المحيط والمركز لا يشكل لي أي إحساس بالتهميش

            

                   

            الدار البيضاء: لحسن وريغ

         

                     

عمر الشناعي من التشكيليين المغاربة العصاميين الذي يبحث له عن مكانة داخل المشهد الفني الوطني.

ابن مدينة الخميسات الأطلسية، عاشق للريشة ومدمن على الصباغة من أجل رسم لوحة تشكيلية تعكس حياته وشخصيته وبيئته. في رصيده عدد لا يعد ويحصى من الأعمال التشكيلية التي حظيت بالعرض في كثير من المعارض الوطنية والأجنبية. في الحوار التالي الذي خص به المجلة الإلكترونية " الگاردينا" يتحدث عمر الشناعي بكل تواضع،  عن بعض المحطات الأساسية لهذا المسار الفني الذي مايزال في مراحل تشكله.. لنتابع:

  *: أنت واحد من الفنانين الذي يعيش بعيدا عن المركز حيث تزدهر الحركة التشكيلية المغربية بشكل مستمر ودائم. ألا يشكل لك هذا إحساسا بالتهميش والإقصاء من طرف المركز؟

**: لا يشكل لدي هذا البعد عن المركز أي إحساس بالتهميش، لأن الفنان الحقيقي يجب أن يعتمد على طاقته الفنية، وأن يتحايل معها ليستخرج منها أكبر قدر ممكن من الإبداع. أنا على وعي كبير من أن أحد الأدوات الأساسية التي تشكل القيمة الإبداعية لما ينتجه الفنان  هو المحيط الفني، حيث يتفاعل فيه المبدع مع باقي الفنانين ، إذ كل واحد على شاكلته يأتي بالفرداني والخصوصي اللذين يميزانه، وهنا يكمن السر الحقيقي للفنان الذكي الذي يستفيد من باقي الفنانين حتى يخرج عملا ممتازا تظهر فيه الشخصية الفنية  . إذن، بالرغم من بعدي عن المركز، الذي يشكل جزءا كبيرا وأساسيا في المحيط الفني،  أحاول أن أتحايل على طاقتي الفنية، و أحاول بطريقتي الخاصة أن أتواصل مع المركز  البعيد عني. الهدف من هاتين المحاولتين هو الوصول إلى استلهام ما يلزمني من المادة الخام لإنتاج لوحاتي.

* :ألا يؤثر هذا الإحساس على طبيعة المواضيع والقضايا التي تعالجها في  لوحاتك التشكيلية؟

**: بطبيعتي كفنان فطري، أعتمد منذ بداية ممارستي الفنية على الموهبة أكثر من الدراسة. وبكل تلقائية وكأي إنسان، أتعامل مع جميع المجالات والقضايا بما يفرضه علي طبعي، وأطمح أن تكون مسيرتي الفنية متواصلة في نفس هذا الاتجاه الذي يجمع بين التلقائية والفطرية والموهبة…إلخ. فكما جاء في السؤال الأول، لا يشكل لي البعد عن المركز أي إحساس بالتهميش، ولا وجود لأي تأثير لذلك على طبيعة المواضيع والقضايا التي تعالجها لوحاتي. *: في نفس هذا السياق دائما، نود منك أن تضع قارئ موقع مجلة " الكاردينيا" أمام المحطات الكبرى التي قادتك إلى امتهان هذا الفن الجميل ؟ **: منذ نعومة أظافري، ومنذ وعي بالمحيط، أعيش في قرية ولماس الأطلسية حيث الخضرة والطبيعة الساحرة. هذه الطبيعة ألهمتني وساعدتني على اختبار واختيار أشكال وألوان لوحاتي، حتى أن ذاكرتي تختزن  مجموعة من الصور الجمالية الخلاقة التي تشكل أسس موهبتي .  منذ بدأت تعلم الكتابة، وجدت نفسي مدفوعا ومحاصرا من قبل طاقتي الفنية كي أرسم على  كل ورقة وجدتها أمامية؛ كنت مهووسا بمحاولة رسم ما كانت تختزنه ذاكرتي الإبداعية من جماليات الطبيعة .يجب علي ألا أنكر أن من أهم محطاتي في هذه الرحلة الإبداعية، لقاءاتي ببعض الفنانين الحقيقيين الذين كان لهم  الفضل في إظهار جوانب ظلت متخفية في موهبتي. جانب الاحتكاك هذا، حرك بداخلي جوانب أخرى من الإبداع قد لا أ صل  إليها إذا مالم أستلهم من جماليات وأفكار المبدعين الآخرين .. وكما في علمكم أن لكل فنان موهبته الخاصة وذاكرته الفنية اللتين يتميز بهما، غير أنه من المستحيل أن ينجح هذا الفنان  دون أن يستلهم بعض الأسرار من الفنانين الآخرين. ومن يقول عكس ذلك، سيبقى نجاحه محدودا في الزمان والمكان.  أود أخيرا أن ألخص للقارئ محطاتي وأهدافي المستقبلية في كوني:  تشكيلي يطمح دائما في أن تكون أعماله الآتية حاملة لإبداع جديد وأن يلامس جوانب وقضايا لم يعهدها المتلقي من قبل في لوحاته.

  

* : يظهر لنا من خلال لوحاتك الفنية أنك بمثابة الابن البار للمدرسة الواقعية.لماذا هذا الاختيار الفني، وماهي أسبابه؟

** : فعلا، في بداياتي الأولى، كنت منجذبا للمدرسة الواقعية. والسر في  هذا، حسب ما أعتقد، بدايتي رسم المخزون الفني الأول الذي استلهمت عناصره من طبيعة قرية والماس كما أشرت من قبل. ففي هذه المرحلة كنت أحاول خلق الجمالية بملاعبة الألوان والأشكال. وقد حتم علي ذلك التموضع في المدرسة الواقعية . وجاءت مرحلة أخرى تناولت فيها التراث من خلال رسم مواقع أثرية  وجدتني أيضا مرغما على الإخلاص  للمدرسة الواقعية. غير أني تعمدت في مرحلة موالية ألا أبقى حبيس مدرسة بعينها، فقد اشتغلت في إطار عدة مدارس و لاسيما المدرسة التجريدية و المدرسة السريالية وغيرهما…

* ماهي قراءتك للفن التشكيلي بالمغرب؟ وماذا عن حضوره في الساحة العالمية ؟ وماهي الاتجاهات التي تطغى عليه ؟

**: هذا السؤال يشكل أهمية كبيرة بالنسبة لي. فمن هذا المنبر الإعلامي، أتوجه إلى كل المغاربة عامة، وإلى الفنانين التشكيليين على  وجه الخصوص، بأن يضعوا الثقة في أنفسهم حتى يتخلصوا من الإحساس بالدونية أمام الفنانين الغربيين .  الفنانون التشكيليون المغاربة لديهم طاقات إبداعية ، ولديهم الإمكانيات الكبيرة للخوض في جميع المدارس الفنية، لكن من بين العوامل التي تقلل من مكانتهم هو الشعور بالدونية؛ إذا استطعنا التخلص من هذا العائق النفسي، سيكون الفن التشكيلي في ظروف جيدة  خاصة على مستوى الإبداع . أما بالنسبة لدور وزارة الثقافة المغربية باعتبارها الجهة الوصية على هذا الفن، هناك أوراش كبيرة  يجب أن تفتحها هذه الوزارة أمام الفنان التشكيلي لكي يطلق العنان لملكته الإبداعية ويصبح في مستوى من المنافسة مع الإبداع التشكيلي العالمي.  

*: ثمة شبه إجماع على أن حركة الفن التشكيلي بالمغرب ضعيفة وبالكاد يستطيع الفنان ترويج لوحاته. ترى ما هي في نظرك أسباب هذه الأزمة ؟ ** : في الحقيقة، هذا السؤال يحتاج إلى نقاش طويل كي نحدد فعلا هل حركة الفن التشكيلي  ضعيفة  فعلا أم لا ؟. في اعتقادي الشخصي المتواضع، ليست  الحركة  التشكيلية ضعيفة من حيث الإبداع  والإنتاج الفني على الأقل، لأن هناك  لوحات كثيرة تدل على أنه ثمة عباقرة في الفن التشكيلي بالمغرب. لكن تبقى المشكلة هي الشعور بالدونية وقلة الإمكانيات، أما الطاقات الفنية فلا أحد يختلف معي  في كونها موجودة و بكثرة. وارتباطا بقضية أزمة الفنان التشكيلي المغربي، اسمحوا لي أن أضيف بعض الأفكار إلى ماقلته في الأسطر السابقة. إن ما يعانيه هذا القطاع  يتجلى أساسا في الأزمة الاقتصادية التي مست وتمس كل القطاعات الأخرى. إذا كان بلد ما متأزما اقتصاديا، فإن خيوط هذه الأزمة تمتد إلى باقي المجالات الأخرى بما فيه المجال الفني عامة والتشكيلي على وجه الخصوص . أعطيكم مثالا على ذلك : لنفرض أن المغرب لديه مواد خام كثيرة ، لكن ليس له من الإمكانيات المالية الكافية لاستخراج هذه المواد النفيسة.. ما العمل؟!.هذا التشبيه ينطبق  تماما على  الطاقات الفنية الموجودة ببلادنا، غير أنها لا تجد من يقوم بمساندتها ومساعدتها  على الخروج من حالتي الاختناق والكمون.  معنى هذا الكلام هو أن الإمكانيات الاقتصادية وحسن التدبير والتسيير هما الكفيلان بتجاوز كل الأزمات مهما كانت درجاتها.

* : ما تعليقك  الخاص على المعارض التشكيلية بالمغرب؟ و أي إضافة  تضيفها إلى رصيد الفنان التشكيلي ؟

**  : لا يمكن للفنان أن يحقق نجاحه وانتشاره  دون الاعتماد على المعارض التشكيلية. إنها الفضاء الذي يلتقي فيه التشكيلي مع جمهوره  و يحصل النقاش و تبادل الآراء و الملاحظات حول الأعمال المعروضة؛ المعرض  فضاء لمواجهة الانتقادات والتوجيهات التي ستشكل دفعة قوية لتطور و رقي مستوى أعمال الفنان نحو الأفضل والأحسن، ثم لا ننسى أن المعرض  يبقى بمثابة الأرض التي تنمو وتزدهر فيها الثقافة الفنية للفنان التشكيلي.

* : قبل أن نختتم معك هذا اللقاء الصحفي، نريد منك أن تحدد لنا المقاييس التي يتم عبرها تحديد القيمة المالية للوحة التشكيلية ؟

**: إذا كنا نتحدث عن الفن الحقيقي، فهو خاضع لمقاييس تبدو غريبة، لكن المنطق العلمي للفن يكمن في كون القيمة المالية للوحة التشكيلية يحددها المبدع نفسه الذي أنجز اللوحة؛ الفن هو البضاعة الوحيدة التي لا حدود  لقيمتها المالية. ولكن بالنسبة لي، يجب أن يكون ثمن اللوحة مقترنا بقيمتهاالفنية .. هذا هو واقع الحال ومنطقه.  

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

888 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع