ما قصة العرب مع شارع "إدجوار رود" وسط لندن؟

           

أحمد علي حسن – الخليج أونلاين:هنا محلّ لبيع الشاورما، وآخر لبيع الكباب والمشاوي العربية، وعلى الطرف المقابل دكان يجمع ما لذَّ وطاب من الأطعمة والبهارات واحتياجات المواطن العربي، وإلى جانبه مقهىً يرتاده عشرات الجنسيات أصحاب الملامح العربية.

وفي مشهد معتاد، تجد على ناصية أحد المقاهي عشرات الزبائن العرب الذين يتجاورون في جلستهم، وأمام كل واحد منهم أرجيلة بنكهة تبغ عربي جابت رائحتها أرجاء المكان، وصوت أغاني فيروز وأم كلثوم الذي يكاد لا ينقطع.

أهلاً بكم في "إدجوار رود"، أحد أبرز الشوارع التقليدية والتاريخية في العاصمة البريطانية لندن، حيث ملتقى الجاليات العربية المختلفة، ومجمع المغتربين المشتاقين للوطن، الذين يجدون فيه فرصة مؤقتة لإحياء ذكريات وتفاصيل عاشوها في بلادهم.

الشارع الشهير -كما يقول مرتادوه العرب إنه لا يمكن لشخص أن يأتي إلى لندن دون زيارته- من غير الممكن تفريقه عن الشوارع العربية؛ لكونه يكتظ بالعرب والمحلات التي يعلوها يافطات كُتبت بالأحرف العربية.

تاريخ الشارع
الشارع اكتسب اسمه من شركة تجارية تأسست منتصف القرن السابع عشر، تدعى "إدجوار كيلدن"، لكنه اليوم تحوّل إلى شارع إنجليزي يجمع ثقافات وجنسيات عربية مختلفة، اتفقت جميعها على أنه نجح في جمع العرب على طاولة واحدة.

قصة الشارع الذي بُني على يد الرومان ترجع تاريخياً إلى سنة 43 قبل الميلاد، إلا أنه بدأ يستقبل المهاجرين العرب منذ أواخر القرن التاسع عشر، تحديداً خلال فترة ازدهار التجارة العثمانية؛ إذ استقطب العديد من التجار المصريين خلال خمسينيات القرن التاسع عشر.

توافُد العرب إلى لندن وقدومهم إلى الشارع، ارتبطا بالأحداث السياسية في بلادهم؛ إذ إنه شهد إقبالاً من اللبنانيين خلال فترة الحرب الأهلية، في سبعينيات القرن الماضي، وكذلك بالنسبة للجزائريين الذين جاؤوا إليه في أعقاب الاضطرابات التي شهدتها البلاد.

يبلغ طول الشارع 14 كيلومتراً، ويضم مطاعم ومراكز التسوق وفنادق فخمة، إلى جانب العديد من الصيدليات والمرافق الصحية؛ لكونه لا يبعد سوى 300 متر عن مستشفى "لندن كلينيك"، وكذلك يقيم رئيس الوزراء الأسبق، توني بلير، بالقرب منه.

شارع عربي
بحكم قرب الشارع من الأحياء التي تعتبر من أكثر المناطق كثافةً سكانيةً للجالية العربية، خاصةً حي "ساكس غاردنز"، فإنه يشهد على مدار اليوم إقبالاً من أبنائها الذين لا ينقطعون عن إضفاء الطابع الشرقي على الشارع، من خلال حديثهم باللغة العربية.

على أرصفة الشارع، تجد ما لا يوصف من المقاهي العربية التي يجلس على أبوابها العرب بشكل دائم يصل إلى ساعات متأخرة من الليل، ملتفين حول طاولات تجمّعت فوقها أكواب الشاي والقهوة العربية، في جلسة سمر تذكّر بالوطن.

كل ما يحتاجه المغترب العربي يمكن الحصول عليه من المحلات العربية المتنوعة المنتشرة في الشارع؛ إذ يوجد به أزيد من 15 مطعماً لبنانياً، والعديد من المطاعم الجزائرية والمصرية والعراقية والإيرانية والتركية، التي نجحت جميعها في جذب العرب.

الشارع ليس وجهة العرب فحسب؛ فالكثير من الجنسيات الأوروبية وأبناء البلاد، ممن لديهم الفضول في تجربة الأكلات والتعرف على الثقافة العربية، يحرصون على زيارته بشكل دائم؛ إذ يكاد الشارع لا يخلو من بريطاني أو أوروبي في أي وقت خلال اليوم.

لماذا يقصده العرب؟
وفي الحديث عن أسباب توافد العرب إلى الشارع الشهير، يقول أحدهم إن المغتربين العرب في بريطانيا لغتهم ليست جيدة بالقدر الذي يمكّنهم من الشراء وإجراء معاملتهم، فيلجؤون إلى "إدجوار رود" الذي يمتلئ بالمكاتب والمحلات العربية.

فئة من مرتادي الشارع يجدون فيه متنفَّساً، بعد ساعات طويلة من العمل، فيذهبون إليه في محاولة لقضاء وقت تتخلله أحاديث تتعلق بالأوضاع السياسية في بلادهم، وسِيرٌ أخرى كمواضيع الشباب ومشاكلهم في الوطن العربي.

وإلى جانب الأهداف الربحية والاقتصادية التي يحققها أصحاب المحلات العربية، تجد أن بعضهم يذهبون نحو استثمار التوافد العربي لجمع تبرعات، بهدف مساعدة الفقراء والمحتاجين من أبناء العوائل الأخرى في الجالية العربية ببريطانيا.

أحد أصحاب المقاهي العراقية الموجودة في الشارع يقول إن الزبائن العرب تربطهم علاقة قوية بالجلسات البسيطة التي تذكّرهم بالوطن، "فتجد أن عدداً كبيراً منهم يأتون إلينا فقط لأجل تناول الوجبات والمشروبات الشعبية التي لا يجدونها في مكان آخر".

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

738 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع