الصدر يغيب عن المشهد العراقي ويخطط لتحريك "انتفاضة شعبية"

           

بغداد – الخليج أونلاين (خاص):دفع انسداد الأفق السياسي في العراق، ودخول أزمة استكمال تشكيل الحكومة إلى طريق مسدود، وإصرار الأحزاب السياسية على مبدأ المحاصصة، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى الاحتجاب عن الظهور منذ أكثر من 50 يوماً.

وكان الصدر الذي تصدر تياره الانتخابات التشريعية العراقية التي أجريت في مايو عام 2018 دعا القوى السياسية في البلاد إلى تشكيل حكومة "تكنوقراط" تجاوزاً لمبدأ المحاصصة الذي أرساه الاحتلال الأمريكي منذ عام 2003، إلا أن الأحزاب لم تستجب لهذا الطلب، وشُكلت الحكومة وفق ذات المبدأ، فيما تعثرت جهود رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي في إكمال كابينته الحكومية بسبب خلاف الفرقاء على أربع وزارات هي؛ الدفاع والداخلية والعدل والتربية، حيث فشلت جهود المحاصصة في تعيين وزراء على رأسها.

العودة للاحتكام للشارع
مصدر إعلامي مقرب من مكتب الصدر كشف لـ"الخليج أونلاين" أن سبب العزلة هو وصول عملية تشكيل الحكومة الى طريق مسدود بسبب المحاصصة.

وقال المصدر، طالباً عدم ذكر اسمه إن "تعثر ملف إكمال تشكيل الحكومة، وعدم الانتهاء من مسألة الوجود الأجنبي في العراق، ووصول المحاصصة بين القوى السياسية إلى الخلاف حول الدرجات الوظيفية الخاصة مؤخراً؛ وهي الدرجات التي تكون أدنى من درجة الوزير، وهذه الأخيرة كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير، وهي التي دفعت الصدر لقرار الابتعاد عن التواصل مع القوى السياسية واعتزال الظهور".

وأضاف: أن "اعتزال الصدر الذي أثيرت حوله الكثير من التكهنات، وتعامل مكتب الصدر مع الأمر بتكتم، يأتي استعداداً لموجة جديدة من التظاهرات الشعبية، والاحتجاجات والاعتصامات بهدف الإطاحة برئيس الوزراء عادل عبدالمهدي".

وتابع المصدر أن "مقتدى الصدر بات على قناعة أن حكومة عبد المهدي حكومة فاشلة لم تحقق منذ تشكيلها أي تقدم في البلاد خصوصاً في ملف الخدمات"، مشيراً إلى أن "عدم معالجة مشكلة الخدمات وخصوصاً الكهرباء المشكلة المزمنة في البلاد، وارتفاع درجات الحرارة مع اقتراب دخول موسم الصيف، تثير الرعب لدى الأوساط السياسية لأن الانتفاضة الشعبية الصيف الماضي كادت أن تسقط النظام بأسره على غرار ما حصل في الربيع العربي وليس حكومة العبادي فقط، ومقتدى الصدر يعي هذا الأمر تماماً لذلك هو يسعى لاستباق الأحداث والدعوة لتحرك جماهيري، لكي تبدوا التظاهرات والاعتصامات الجماهيرية الآن ولاحقاً كثمرة لدعواته".

الإنذار الأخير
المصدر تحدث لـ"الخليج أونلاين"، عن إنذار أخير حمله جعفر الصدر نجل مؤسس حزب الدعوة محمد باقر الصدر، وابن عم مقتدى، الذي وصل إلى العراق من محل إقامته الدائم في بيروت بشكل مفاجئ، وباشر بجولة اتصالات ولقاءات مكوكية مع مختلف الجهات السياسية في العراق.

وقال بهذا الخصوص إن "جعفر الصدر التقى خلال الأيام الماضية كلاً من؛ عادل عبد المهدي رئيس الوزراء، ومحمد الحلبوسي رئيس البرلمان، وحيدر العبادي رئيس الوزراء السابق، وعمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، حاملاً إنذاراً أخيراً من مقتدى يؤكد أن عدم حل الإشكالات العالقة سيضطر الصدر لتجيش الشارع ضد المشاركين في العملية السياسية".

وأوضح أنه "بحث مسألة إنهاء تشكيل الحكومة وتسمية وزراء الدفاع والداخلية وإنهاء مناصب الوكالة، ومسالة المحاصصة في حكم البلاد".

وجعفر الصدر كان قد استقال من البرلمان العراقي عام 2010 رغم فوزه وظهور اسمه كمرشح لرئاسة الحكومة، التي فاز فيها نوري المالكي حينها بولاية ثانية، وغادر العراق إلى محل إقامته في بيروت التي انتقل إليها في ثمانينات القرن الماضي.

وأكد المصدر أن "تحرك جعفر الصدر جاء بتنسيق مع مقتدى، وأن الأيام المقبلة التي ستعقب انتهاء مشاوراته مع الجهات السياسية المختلفة، التي علمت أن المرجع السيستاني سيكون آخرها، ستكون حاسمة وتكشف عن متغيرات جديدة، قد تدفع الصدريين إلى قيادة الشارع في موجة احتجاج جديدة".

الصراع على الدرجات الخاصة
ومنذ عودة مجلس النواب العراقي للانعقاد في فصله التشريعي الثاني، يوم السبت (9 مارس 2019)، دخلت قضية جديدة إلى ساحة صراع المحاصصة الحزبية التي كانت ولاتزال عائقاً أمام إكمال تشكيل حكومة عبد المهدي؛ وهي مسألة الدرجات الوظيفية الخاصة، التي تشمل وكلاء الوزارات والمستشارون في الرئاسات والوزارات، ورؤساء الهيئات، ورؤساء البعثات، والمدراء العامون، وهي مناصب تقدر بالآلاف في مؤسسات الدولة.

الصحفي العراقي عبد الحسين الكعبي، قال لـ"الخليج أونلاين" إن "هذه المناصب أخضعت للمحاصصة الحزبية، حيث تضغط كل الجهات على رئيس الوزراء للحصول على نسبة من هذه الوظائف، وأهميتها تأتي من كونها وظائف حساسة تشكل حلقة التحريك الفاعلة في عمل المؤسسات العراقية، ومن يملك بعض المفاصل فيها يؤسس لما يمكن أن نسميه ببنية الدولة العميقة التي تتحكم بالأمور من وراء الستار".

وأشار إلى أن "التغيير في هذه الوظائف خلال هذه المرحلة جاء بناءً على البرنامج الحكومي الذي توافقت عليه الأحزاب مع عبد المهدي، الذي يقضي بتغيير الموظفين الذين أمضوا أكثر من 6 سنوات في هذه المناصب".

تجدر الإشارة إلى أن الفترة التي تولى فيها نوري المالكي رئاسة الوزراء (2006 - 2014)، شهدت زج قيادات وكوادر حزب الدعوة على رأس هذه الوظائف، ولايزال معظم الذين عينهم المالكي في تلك المناصب، ووصل الحال إلى استلام الشخص الواحد 10 مناصب في آن واحد.

وكان البرلمان توصل إلى اتفاق مع حكومة عبدالمهدي على تشكيل لجنة مشتركة تتولى تعيين الموظفين في الدرجات الخاصة بناء على مجموعة ضوابط ومحددات تتعلق بالكفاءة لتجاوز عقبة المحاصصة، إلا أن القوى السياسية أفشلت هذا الاتفاق بسبب ضغوطها للحصول على مكاسب بشتى الذرائع.

وكان الصدر منح في أكتوبر 2018 رئيس الوزراء، مهلة عام لإثبات نجاحه أمام الشعب، وإلا سيواجه "انتفاضة شعبية".

وقال الصدر حينها، في تغريدة له على "تويتر"، إنه "تم الاتفاق على منح عبد المهدي مهلة عام لإثبات نجاحه أمام الله وأمام الشعب، ليسير بخطى حثيثة وجادة نحو بناء العراق وفق أسس صحيحة، كما حاول سلفه من قبله"، لافتًا إلى أنه "أما ينتصر الإصلاح كلياً، وإما ينتفض الشعب كلياً".

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

558 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع