بوتين يرد على منتقديه ويدافع عن طيرانه لتوجيه أسراب طيور معرضة للانقراض

    

بوتين يرد على منتقديه ويدافع عن طيرانه لتوجيه أسراب طيور معرضة للانقراض

جزء من عملية تعرف باسم «رحلة الأمل»

لندن: «الشرق الأوسط» موسكو: آندرو كرامر *

يوم الخميس الماضي نشرت لقطات أظهرت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طائرة شراعية ضمن محاولاته لحث طيور الكركي على الهجرة، أثارت انتقادات واستهجان معارضيه. وعلق بعضهم بأن الصور تظهر أن الطيور المهددة بالانقراض تبدو مترددة في الاقتراب من بوتين أو طائرته الخفيفة. ولكن السخرية لم تمنع بوتين من الرد عليهم، موضحا أن بعض الطيور كانت ضعيفة بدرجة لم تسمح لها بالطيران إلى جانب طائرته، وقال إن ذلك يعود بالدرجة الأولى لخطأ «قائد الطائرة» الذي زاد من سرعته إلى درجة لم تمكن الطيور من اللحاق بها.

وفي العادة، يرى الروس بوتين قائدا معروفا بنظرته الباردة وأساليبه الحادة. ويبدو أن ذلك كان من الأسباب التي دعته لمحاولة تبني دور قيادي جديد، ربما يكون أكثر رقة بأن يقود سربا من الطيور في الهواء.

       

وحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، فقد قاد الرئيس الروسي طائرة شراعية انزلاقية آلية فوق براري المنطقة القطبية الشمالية، وهو يحدو ستة طيور كركي سيبيرية معرضة للخطر نحو مبيتها الشتوي، بوصفه جزءا من عملية تعرف باسم «رحلة الأمل»، حسب ما أكد مكتبه الصحافي.

وفي حين لقي بوتين مؤخرا بعض المعارضة لنهجه في أرض الوطن، وجد جمهورا أكثر ترحيبا بين أتباعه من الطيور. ويقول خبراء إنه عندما تربى طيور الكركي هذه في الأسر، سرعان ما تشكل روابط مع شخصيات تعدها بمثابة آبائها. ويعتبر هذا دورا كان يتدرب عليه بوتين.

يقول يوري ماركين، مدير المحمية التي تربت فيها الطيور الصغيرة، لشبكة «نيوز سيرفيس» الإذاعية الروسية: «بالنسبة لطيور الكركي، يمثل الأب رجلا في زي أبيض. إنها لا تتذكر شخصا بعينه. بل تتذكر الرداء والخوذة الأبيضين، أو في الطائرة الخفيفة، الخوذة البيضاء، ومنقار خاص يلبس على الرأس».

ارتدى بوتين زيا أبيض لرحلاته. وفي يوم الأربعاء الماضي، أذاعت وكالة الأنباء «إنترفاكس» أن الرئيس قد سافر ثلاث مرات على متن طائرة خفيفة الوزن في مركز الأبحاث الخاصة بالطيور على شبه جزيرة يامال في القطب الشمالي. وفي رحلتي طيران، تبعته طيور الكركي، حسب ما أفادت وكالة الأنباء.

بدأ فيلم رسوم متحركة سياسي في الإعلان عن المبادرة في الصباح، مظهرا طيور الكركي ذات المظهر الممتعض وبوتين وهو يرتدي أجنحة من الكرتون، محدثا إياها بقوله: «لنعين الأدوار الآن. سأكون أنا أكبر طائر كركي». وسار فيلم كرتون آخر على هذا النحو: نظر بوتين إلى الكركي وقال: «سوف أنقذك!». تطلع طائر الكركي إلى الرئيس وقال: «ربما أكون معرضا للانقراض!».

وعلى الرغم من أنه ربما كانت رحلة بوتين هي أول رحلة على الإطلاق لرئيس روسي، فإنها لم تكن المرة الأولى التي حاول فيها تلميع صورته العامة على أنه رجل أنشطة خارجية حنون، أو رجل مسيطر محب للمغامرة. وقد قام بوتين في رحلات استكشافية سابقة بتخدير نمر، واستخدم سهما في استخراج نسيج من جسد حوت ووضع قلادة حول رقبة دب قطبي للمساعدة في تتبعه. انتشرت أخبار آخر خططه عبر الإنترنت على مدار يوم الأربعاء، على نحو أثار كثيرا من مشاعر البهجة والمرح. وقد تساءل البعض عن المدى الذي قد يصل إليه. هل سيحاول محاكاة الصيحات العالية للكراكي من أجل غرس المزيد من الثقة في قيادته؟

      

وقد ظهر أيضا عاري الصدر ممتطيا حصانا في سيبيريا، وطار على متن طائرة مقاتلة نفاثة، وطائرة قاذفة، وطائرة مكافحة حرائق برمائية. وفي الصيف الماضي، غاص في أعماق مضيق كيرتش في البحر الأسود، وسرعان ما اكتشف حطام وعائيين معدنيين يونانيين قديمين.

إلا أن المتحدث باسم بوتين، ديمتري بيسكوف، أجبر لاحقا على الاعتراف بأن الاكتشاف كان منسقا. في واقع الأمر، بدا في العام الماضي أن حركات بوتين الخطيرة قد بدأت تبوء بالفشل. بالنسبة للشباب البارعين الذين يسيطرون على الإنترنت في روسيا، بدت عنيفة وزائفة، وعودة إلى الأيام التي عمل فيها جهاز الدعاية السوفياتي الضخم على تمجيد رجل واحد.

تحاشاهم بوتين على مدار الأشهر المحفوفة بالتوتر قبل الانتخابات، لكن هذا المشروع يشير إلى عودة للثقة.

أكد بيسكوف للصحف الروسية أن الرئيس كان يتدرب على قيادة الطائرة الشراعية الانزلاقية الآلية بهدف إرشاد طيور الكركي.

بدأ الرئيس في توجيه الطيور إلى ملجئها الشتوي قبيل افتتاح مؤتمر قمة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي يوم الجمعة.

وبالنسبة لمنتقديه، ربما كانت صورة بوتين وهو يرتدي زي طائر ويحلق في الجو بمثابة فرصة للانتقاد. كتب أليكسي نافالني، أحد رموز المعارضة والمدون على الإنترنت، على موقع «تويتر» يوم الأربعاء: «قالوا عن ستالين: (في الليل، سوف ينعكس ضوء على النافذة). وعن بوتين سوف يقولون: (حلق فوق منازلنا مع سرب من طيور الكركي)».

وجاء في رسالة متداولة على موقع «تويتر»: «لكي يلاحظه السرب بوصفه قائدا، وضع ثلاث ريشات على مؤخرته».

انتشرت أعماله المثيرة في السياسات الروسية بصور أخرى أيضا.. تمت إقالة ماشا جيسن، رئيس تحرير مجلة «فوكروغ سفيتا»، أو «حول العالم»، ومؤلفة سيرة ذاتية مثيرة للجدل عن بوتين، هذا الأسبوع بسبب، على حد قولها، رفضها إرسال مصور لأخذ لقطات لتحليق بوتين مع طيور الكركي. وقالت الناشرة إن المعارضة طويلة الأمد الأوسع نطاقا أدت إلى إقالتها.

وفي حين يبدو اهتمام بوتين أحدث، حاول علماء الطيور الروس استخدام الطائرات التي تطير ببطء في إرشاد طيور الكركي التي تربى مع الأسر في الجنوب منذ عام 2002، حسب ما أشارت صحيفة «فيدوموستي». وقد حاكوا هذا الجهد من خلال تجارب أجراها متخصصون في الحفاظ على البيئة من أميركا الشمالية، التي تجلى أشهر ظهور لها في فيلم «فلاي أواي هوم» الذي تم إنتاجه عام 1996 والذي يدور حول سرب من الإوز في كندا تقوده فتاة إلى الجنوب على متن طائرة خفيفة.

وبعد رحلات بوتين بالطائرة، سلم عصا قيادة سرب الطيور لطيار محترف سوف يتولى مهمة استكمال بقية الرحلة إلى موطن الطيور الشتوي في وسط آسيا.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1054 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع