معرض بغداد للكتاب.. مؤشرات إيجابية وأخرى سلبية

      

المعرض في دورته الـ29 تحت شعار "نقرأ لنرتقي" اجتذب جمهورا هاما من الشباب المتعطش للقراءة.

العرب/اختتمت يوم 8 أبريل الجاري فعاليات معرض بغداد الدولي للكتاب هذا العام الذي انطلق في الـ29 من مارس الماضي، بمشاركة كبيرة من العراقيين في الداخل والخارج، بالإضافة إلى مجموعة من الكتاب والأدباء من دول مختلفة، وقد جاء المعرض في دورته الـ29 تحت شعار “نقرأ لنرتقي”، بمشاركة أكثر من 600 دار نشر من 18 دولة عربية وأجنبية، من بينها الكويت “ضيف شرف” هذه الدورة. ولكن المعرض لم يخل من نقائص رغم الإيجابيات الكثيرة التي قدمها.

كتبت في مقالة سابقة عن حجم الإقبال الجماهيري الكبير على فعاليات معرض بغداد الدولي للكتاب وطبيعة الفئات العمرية وأنواع العناوين التي استقطبت اهتمام القرّاء الشباب وغيرها من المؤشرات الإيجابية، من وجهة نظر تسعى لمد المنظمين بالدعم المعنوي والمؤازرة، وفي هذه المقالة أسلط الضوء أكثر على أسباب ذلك الإقبال الجماهيري والكثير من السلبيات التي صاحبت أعمال المعرض.

جمهور شبابي
بالعودة إلى سرّ الإقبال الجماهيري الواسع، لا سيّما من فئة الشباب، فإن الكثير من المراقبين يعزون الأمر إلى ثمار ما أنتجته مهرجانات القراءة والفعاليات المصاحبة لها التي نُظمت في أغلب المدن العراقية، بما فيها تلك المحررة حديثًا من داعش، نتيجة للجهود الكبيرة التي قام به الناشط المدني والناشر المعروف ستّار البغدادي وبعض منظمات المجتمع المدني الأخرى، الأمر الذي خلق جمهورًا شابًّا متعطشًا للقراءة واقتناء الكتب، بعد أن سُدت جميع منافذ التسلية والترفيه أمامه، نتيجة للسياسات الراديكالية المتشدّدة التي تنتهجها الحكومة المركزية والحكومات المحلية في المحافظات، تلك التي تسيطر عليها في الغالب الأحزاب الإسلامية الشيعية، فوجد في مهرجانات القراءة تلك وسيلة لممارسة حياته المدنية والتمتع بعلاقات إنسانية وبحبوحة من الاختلاط مع الجنس الآخر والتعرف إلى همومه وتطلعاته وطموحاته.

لقد أدت تلك النشاطات الكبيرة التي حققت النجاحات المتواصلة، إلى صنع بؤر استقطاب وحركة حيوية باتّجاه الثقافة عمومًا والكتاب بشكل خاص، وبتنا نشاهد إقبالًا جماهيريًا منقطع النظير من فئات الشباب تحديدًا، على شارع المتنبي والفعاليات التي تنظم فيه، حتى بات ظاهرة ملفتة ليس لها شبيه في بقية البلدان، بعد أن نجحت بعض التيارات المدنية في انتشال هؤلاء الشباب من التردد والضياع الفكري واليأس والإحباط الذي زرعته في نفوسهم السياسات المتشددة والمبالغة في تطبيق الشعائر وتوظيفها للهيمنة السياسية.

ونتيجة لتلك التأسيسات، فإن ما شهدناه من ظاهرة الإقبال على معرض بغداد الدولي للكتاب، لم يكن بسبب جودة معرض الكتاب وتنظيمه الدقيق واستثنائيته، بل بسبب تعطش جمهور الشباب إلى الاختلاط وتبادل الآراء والتماس فسحة من الحرية والتّمتع وسط عناوين الكتب واللقاء ببعض الكتّاب والمؤلفين المعروفين والتحدث إليهم والتقاط الصور معهم.

سلبيات المعرض
أما على صعيد السلبيات الأخرى التي رافقت الدورة الأخيرة للمعرض، فهي كثيرة في الواقع، أهمها سوء الخدمات اللوجستية على صعيد توجيه الدعوات وتأمين تذاكر السفر وحجز الفنادق للضيوف، إذ شابتها الكثير من العشوائية واتخاذ القرارات الفردية وعدم تشكيل لجنة تنظيمية عليا تشرف على عدد من اللجان الفرعية توزع عليها المهام، كما هو معروف في بقية المعارض، مثل لجنة الخدمات والاستقبال واللجنة الإعلامية واللجنة الإدارية وغيرها.

ومن السلبيات الأخرى عدم إلزام الناشرين المشاركين بتوفير عناوين جديدة للجمهور، إذ كانت أغلب العناوين المعروضة متوفرة في مكتبات شارع المتنبي قبل انعقاد المعرض بأشهر وستقبى متوفرة هناك بعد المعرض أيضًا، بالإضافة إلى عدم اعتماد فواتير الدفع الأصولية في الكثير من أجنحة المعرض ومراجعتها عند الخروج، الأمر الذي فوّت على الكثير من المختصين والباحثين دراسة توجهات الجمهور وحجم المبيعات وطبيعة العناوين الجاذبة لاهتمامات القرّاء، وهي قضية إحصائية مهمة للغاية كان بالإمكان الاستفادة منها في معارض الكتاب المقبلة.

وفي المحصلة فإن مهمة التصدي لتنظيم مثل تلك الفعالية الكبيرة التي تحمل اسم العاصمة العراقية بغداد، يجب أن تكون في مستوى المنجز الثقافي والقرائي العراقي المعروف تاريخيًا، ولا يمكن حصرها بيد مجموعة صغيرة ومن دون الرجوع لذوي الاختصاص او اعتماد شركات متخصصة في تنظيم مثل هذه الفعاليات.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

740 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع