كانون الثاني شهر الشاي ... المشروب المفضّل بعد الماء

         

الشاي نبتة أساسية في حياة الإنسان منذ أقدم العصور، فهو مكوِّن مشروب يتناوله الملايين بأشكال وطرق مختلفة، وزراعته مصدر رزق لأعداد غفيرة من المزارعين والعمال والتجار... شاي أخضر، أسود، أبيض، عادي. أشكال وألوان وعادات وتقاليد.

في الصين ولدت نبتة الشاي التي يحتفل العالم بها طوال كانون الثاني (يناير) من كل سنة، وتفيد بعض الروايات الصينية بأن الأمبراطور شينونغ هو من عرّف الشعوب بتلك النبتة بعد اكتشافها من طريق الصدفة. فهو كان يحب شرب الماء مغلياً ليتأكد من نقاوته. وذات يوم، وبينما كان يجلس في حديقة مزروعة بأشجار ونباتات كثيرة، وقعت ورقة شاي في كوبه ما أدى إلى تغيّر لون الماء. وعندما تذوق شينونغ «السائل البني» وجده لذيذاً ومنعشاً. ومن الصين، انتقل الشاي إلى مناطق آسيوية أبرزها اليابان والهند ووصل إلى تركيا التي ساهمت في انتشاره في المشرق. وتبقى أهم الدول المنتجة له سريلانكا والهند والصين وإندونيسيا واليابان حيث تشكّل حقول الشاي لوحات فنية تجذب السياح من كل حدب وصوب للتأمل في خضرتها ونقاوتها. أما أبرز الدول المستوردة للشاي فهي بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا وروسيا.

وعلى رغم أن الشاي نبتة واحدة فإن أنواعه مختلفة. فالشاي الأخضر يجفف بالبخار ما يجعله يحتفظ بخصائصه، لذلك يعتبر أكثر فائدة من الشاي الأسود الذي ينتج عبر فرم الأوراق وفركها وتخميرها لتجفف في وقت لاحق. إلا ان النوعين يشتركان في احتوائهما على كافيين طبيعي. ويتميّز الشاي الأبيض بنكهة خفيفة وهو من أندر أنواع الشاي، ويتطلب إنتاجه قطف البراعم والأوراق الصغيرة وتجفيفها بعناية كبيرة. وحالياً، يشهد ذلك المشروب القديم «ثورة» في سوقه، فقد أصبح الشاي منتشراً بنكهات كثيرة مثل الفانيلا والفراولة والبرتقال والزنجبيل والعسل.

على رغم أن الشاي هو المشروب الثاني الأكثر استهلاكاً بعد الماء في العالم، تختلف طرق تقديمه ومكوّناته بين دولة وأخرى. فمثلاً في بريطانيا يمكن وصف الشاي بأنه المشروب الوطني منذ العام 1660، تاريخ بدء استيراده. والشاي في بريطانيا أكثر من مجرد مشروب ساخن، فهو يجمع الأصدقاء والأهل إلى طاولة واحدة في اوقات محددة أبرزها «شاي السادسة صباحاً» و «شاي الخامسة عصراً». وهم يفضّلون شرب الشاي الأسود و «الإيرل غراي» (المنسوب إلى رئيس الوزراء البريطاني عام 1830 تشارلز غراي) وشاي الياسمين والشاي الأخضر الياباني الذي يضيفون إليه السكر أو الحليب أو الليمون. أما الروس الذين يستهلكون بدورهم الشاي بكميات كبيرة، فيفضّلون الشاي الخفيف الذي يكون ثقيلاً في إبريق، ويخفف عند سكبه في الفناجين مباشرة بماء مغلي. وهم يتناولون الشاي مع مقبلات وفطائر وحلوى وفاكهة. وفي اليابان، يرتبط تناول الشاي بطقوس مستمدة من التقاليد المحلية. فيحضّر المشروب وفق طقوس معينة ويقدّم خلال ما يعرف بـ «حفلات الشاي» أو «سادو». وعند صبّه، يجب الحرص على استقامة الذراع وملء الكوب الأول إلى الربع، والثاني إلى النصف والثالث إلى ثلاثة أرباع، ثم يعاد الصب لملء الأقداح بمنسوب واحد لضمان أن يكون الشاي في كل الأكواب بلون واحد.

في الصين، يفضل المواطنون شاي الياسمين الذي يتميّز بنكهة ورائحة عطريتين مغريتين، ولا يضاف إليه السكر. أما التايلانديون، فيحبون الشاي المثلج، وعادة ما يقتصر شرب الشاي الساخن على الأجانب. ويعتبر الشاي في الهند من أهم المشروبات الساخنة وأكثرها شعبية، ويستهلك يومياً مع إضافة الكثير من الحليب، مع التوابل أو من دونها. أما في التيبت حيث يحصل السكان على الشاي من الصين في شكل قوالب مضغوطة، فيحضّرون مشروبهم اليومي عبر وضع قطع من القالب في وعاء ماء ويغلى المنقوع حتى يصبح لونه أسود، ثم يضيفون إليه الملح والزبدة ويشربونه. وفي المغرب، أصبح تناول الشاي عادة شائعة بعد كل وجبة، ويقدم عادة مع أوراق النعناع الطازجة والسكر البني. واللافت في تقديم الشاي المغربي هو الأدوات الفضية المنقوشة التي تستخدم لتحضيره وتقديمه. أما في مصر فيعتبر الشاي المشروب الأول في البلاد، ويختلف استهلاكه بين منطقة وأخرى. فالبعض يفضله ثقيلاً والآخر خفيفاً، كما يفضّل البعض تحليته بإضافة الحليب أو السكر الزائد إليه.

ولا ننسى أن للشاي فوائد صحية جمة، منها حرق الدهون وخفض مستوى الكولسترول ومعالجة الاضطرابات المعوية وتعزيز الجهاز المناعي والوقاية من السرطان وغيرها.

وهكذا يكون هذا الشهر مناسبة للاحتفال بمشروب صحّي يلتقي حوله أفراد العائلة والأصدقاء، ولعلهم يجب أن يوجهوا شكراً إلى ذلك الأمبراطور الصيني الفضولي!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1213 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع