كفيف عراقي يمتهن إصلاح الأجهزة الكهربائية!

         

                        تحدي الإعاقة

فقدان البصر لم يمنع خمسينيا عراقيا من العمل بعدد من الوظائف، وأن يتخصص في إصلاح الأجهزة الكهربائية والميكانيكية، مهما كان حجمها أو درجة تعقيدها، بحرفية عالية تعتمد بالأساس على حاسة اللمس، التي تعلمها بصبر ويقين بأن فقدان حاسة من الحواس لا يعني الاستسلام للعجز.

العرب/بغداد – يحقق كفيف عراقي عمليا الكثير مما لم يستطع العديد من المبصرين تحقيقه، فالرجل، رغم فقدانه لنعمة البصر، يعمل في إصلاح الأجهزة الكهربائية والميكانيكية ولم يستسلم أبدا لليأس ويصر دائما على أن يحقق النجاح ويبذل قصارى جهده حتى يحقق هدفه.

وتعهّد منذر سعدون بألا يستسلم لليأس بعد أن فقد بصره وألا يجلس ساكنا بلا عمل، ومن هذا المنطلق شحن بالعزيمة والرغبة في المشاركة في الحياة العملية، إذ مارس بالفعل عدّة مهن منها صناعة سلال وكراس من الخيزران، ولما تراجعت هذه الصناعة عمل فنيا متخصصا في إصلاح أجهزة الراديو والغسالات وماكينات الخياطة وأجهزة الهواتف القديمة.

فقد سعدون بصره عندما كان عمره 20 عاما بعد إصابته بمرض التهاب السحايا، وهو مرض خطير من الممكن أن يؤدي إلى الموت، لأنه يتمثل في التهاب حادّ بالأغشية الواقية التي تغطي الدماغ والنخاع الشوكي، لذلك قد يكون التهاب السحايا مهددا للحياة بسبب قربه من الدماغ والحبل الشوكي؛ ومن هُنا، يُصنَّف التهاب السحايا كحالة طبية طارئة، يصاب بها الإنسان أحيانا في الحالات الشديدة بفقدان السمع وفقدان الوعي ومن ثم الموت.

ويعدّ الخمسيني العراقي محظوظا عندما فقد فقط البصر وليس حياته.

قال سعدون (58 عاما) “تاريخ فقداني للبصر عائد إلى سنة 1980 حين أصبت بمرض التهاب السحايا، لكن الأطباء حينها عجزوا عن تشخيص المرض إلى أن فقدت البصر بشكل نهائي، وبعد ذلك عرفوا المرض لكن لم يتمكنوا من إصلاح ما ضاع”.

وبدأ سعدون يبحث عن وسيلة مناسبة تهيّئ له أن يعيش حياة كريمة بعد أن أصبح كفيفا، وبالتالي وجد في حاسة اللمس أفضل وسيلة يتابع بها حياته.

وأضاف “عانيت في البداية من صعوبة التعرف على الأشياء بحاسة اللمس، لأنني كنت أحاول أن أتعرف على كل ما تطاله يدي باللمس من خلال تحسسه برفق، إلى أن تعلمت كيف استطيع التعامل مع الأشياء عبر ملامستها بأصابعي”. وتابع “أصبحت أتعامل مع الأشياء باللمس وكأن يدي هي المبصرة بالنيابة عني مثل إنسان عادي، ويمكن أفضل منه”.

ولما تعرضت صناعة الخيزران للإهمال في العراق بدأ سعدون بالبحث عن مهنة أخرى، ففتح ورشة صغيرة في بيته بشرق بغداد لتصليح غسالات الملابس وأنواع متعددة من آلات الخياطة.

وأوضح قائلا “أمتلك في الوقت الحالي ورشة صغيرة داخل بيتي تضم كل ما أحتاج إليه من أدوات لإصلاح ما يصلني من بعض الجيران والأصدقاء ومن يعرفني من أجهزة كهربائية كالغسالات وآلات الخياطة الصناعية والمنزلية بأنواعها، لأقوّم أعطابها”.

وتابع متحسرا “في السابق، إلى جانب الأجهزة التي ذكرتها، كنت أصلح أيضا أجهزة الراديو، والمسجلات، ومجففات الشعر وشاحنات بطاريات السيارات، والهواتف القديمة، لكن كل هذا لم يعد موجودا اليوم”.

وبفضل تغلبه على فقدان البصر وعدم استسلامه لليأس أصبح بمقدور سعدون أن يكسب رزقه من عمل يده ويتزوج، وأصبحت له أسرة.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

988 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع