يد عالية ضد الفساد لنحات عراقي في جنيف

           

العربي الجديد/جنيف ــ معن البياري:عند زيارتك مبنى الأمم المتحدة في جنيف، ومن أي شارعٍ قدمت إليه، وفي واجهة المبنى الرئيسي، وعلى مسافة أمتار في ساحة أمامه، وسط شوارع متصلة، ورئيسية، تتوزّع على مربع دائري، تنتصب أمام عينيك كفُّ يدٍ عاليةٍ من فولاذ، ارتفاعها خمسة أمتار، في مجسّم تركيبي، متناسق.

وإذا حدّقت فيها، ووزّعت عينيك في تفاصيلها، سترى الكفّ المنبسطة، بالأصابع الخمس، في رمز إلى احتجاجٍ ما، إلى موقفٍ ما. وليس صعبا أن تحسم أمر حيرتك بشأن هذه المنحوتة البصرية من تصميم الفنان والنحّات العراقي، أحمد البحراني، فتؤكّد لنفسك أنها رسالةٌ ظاهرةٌ في هذه الكفّ تشهر موقفا واضحا ضد الفساد، ولا شيء غيره، طالما أنها تنطق بالمفردة، أو الصرخة: كفى.

مشهد المنحوتة الفولاذية اللامعة العالية أمام أنظار العالم، حيث أعلام جميع الدول على مبعدة أمتارٍ منها في الساحة الداخلية لمبنى مكاتب الأمم المتحدة في مقرّها الثاني في جنيف، صار من تفاصيل المدينة السويسرية الباردة، بعد أن أزاح الستارة عن المنحوتة الممثل الشخصي لأمير قطر، الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني، صباح أول من أمس الجمعة، في احتفال تابعته تلفزات ووسائل إعلام عربية وعالمية، بحضور وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والنائب العام القطري، علي بن فطيس المرّي، والمدير العام لمكتب الأمم المتحدة في جنيف، ورئيس مجلس الدولة السويسري، فرانسوا لونغشتاب، والمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، يوري فيديتوف، والرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، ومسؤولين قطريين ودوليين آخرين. وجاءت إزاحة الستار عن منحوتة اليد المرفوعة بالكفّ العالية، في إطار الاحتفال في مكتب الأمم المتحدة في جنيف بتكريم الفائزين بجائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية لمكافحة الفساد في دورتها الثانية 2017، وقد نالها ستة فائزين، وقيمتها في فئاتها الست مليون دولار. وترمز المنحوتة إلى جهود المجتمعات الدولية لمكافحة الفساد، حيث المنعة والقوة والعزيمة الظاهرة في مشاركتهم في الحرب المتواصلة، والصعبة ضد الفساد، باعتباره جريمة مدانة في اتفاقية دولية للأمم المتحدة، صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2003. وتجسد الخطوط المترابطة في هذا العمل الفني النوعي عالماً موحداً يجمعه هدف مشترك في ذلك، وتشير التركيبة الشفافة للمنحوتة إلى أهمية عامل الشفافية بهذا الشأن. وتمثل المثلثات الصغيرة التي تتداخل في المنحوتة كل بلد من بلدان العالم، حيث تجتمع معاً لخلق التغيير الإيجابي.

وكان الاحتفال بالنسخة الأولى لتوزيع الجائزة في دورتها الأولى في عام 2016 في العاصمة النمساوية فيينا، قد تم فيه إزاحة الستار عن منحوتة مشابهة، ولكن بارتفاع ثلاثة أمتار، من تصميم الفنان نفسه، أحمد البحراني. وحضر الاحتفال أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والأمين العام للأمم المتحدة السابق، بان كي مون.

ويُذكر أن النحات العراقي، أحمد البحراني (مواليد 1965)، والمقيم في الدوحة، قد انشغل في أعمال فنية وإبداعية سابقة له في التعبير عن مناهضة الحرب، والفساد. وقد بدأ مبكرا، الميل إلى فن النحت، وهو ما برز فيه لاحقا، وأصبح من الأسماء اللافتة عربيا فيه. وفي بداياته، أنجز أعمالا مبتكرة من الوحل على ضفة نهر الفرات، وهو الذي نشأ في منطقة بابل في العراق. وتتصف معظم أعماله بالبساطة والوضوح، كما تتبدى فيها المرونة، مع استخدام مواد صلبة وثقيلة. وقد تخرج من معهد الفنون الجميلة في بغداد في عام 1988، ودرّس في أكاديمية الفنون الجميلة من عام 1992 إلى عام 1994. ويقيم في قطر منذ 1999، وشارك مع المهندس المعماري، حازم أبو نبعة، في تأسيس غاليري ميمار، وعرضت أعمال له في عدة دول عربية، وفي أوروبا وأميركا.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1132 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع