في أربعينية العزيز الدكتور يونس الخير الله رحمه الله

                 


في أربعينية العزيز الدكتور يونس الخير الله رحمه الله

كنا نقول غُربةً  يوماً  لها إنقضاءُ
ثم نعود حيث ننسى البعد والشقاءُ
ونلتقي  في  حيّنا  أهلاً   وأصدقاءُ
هاهي ذي تصرمت وانكشف  العَماءُ
من بعد غربةِ الحياة غربةُ الفناءُ *

أربعون يوماً مضت على رحيل العزيز الدكتور يونس. ألأربعون يوماً مرت وكأنها أربعون عاما من الألم والحسرة. أربعون يوما افتقده فيها أهله ومحبيه وهم كثر وإن بدأت أبدأ بأعز الناس لديه زوجته ورفيقة دربه الطويل الفاضلة الدكتورة نسرين والمحروسين هند وعلي وهدى وندى. دربه الطويل الملئ بالسعادة والألم.  دربه المضئ بابتسامته الوديعة وشخصيته الفريدة التي تجبر من يكون معه على احترامه ومهابته. دربه المضئ الذي هو استمرار لدرب أهله وأجداده من قبيلة الشويلات الأكارم الذين قدموا الغالي والرخيص للوطن منذ أيام الشيخ يوسف الخير الله رحمه الله ومشاركته هو وقبيلته في ثورة العشرين وقد امتدت تضحيات ومساهمات القبيلة الخيرة لعصرنا الحاضر.     
عرفته منذ أيام الكلية بالرغم من فارق الخمس سنوات بيننا حيث كان علماً نهابه ونحترمه ونرى فيه مانحلم من الهدوء والتواضع الجم والتميز العلمي . ولقد لازمَته تلك الصفات طوال حياته وفي كل العهود حتى انتقاله الى الرفيق الأعلى في اليوم الثاني من تموز عام 2017. تحدثت معه على الهاتف وهو في المستشفى في بريطانيا قبيل وفاته بأيام حيث استعدنا خلالها الذكريات وضحكنا وتبادلنا المشاعرونحن في الغربة. كانت ضحكاته لاتزال كتلك التي كانت ايام زمان ولم يؤثر عليها ماكان يقاسيه من المرض ولم يدر في خلده بأن الموت يحسب الساعات لينقله الى  جوارالرفيق الأعلى.    

ولد الدكتور يونس عبد الهادي الخيرالله في مدينة الرفاعي محافظة الناصرية سنة  ١٩٣٤ حيث اكمل دراسته الابتدائية فيها و في الناصرية درس المتوسطة ثم أكمل دراسته في الثانوية المركزية في بغداد. دخل كلية الطب  في بغداد و تخرج منها سنة ١٩٦١.  التحق بعدها بكلية الضباط الاحتياط  وتخرج منها برتبة ملازم وخدم في الجيش العراقي لمدة سنة. اكمل سنوات الإقامة في المستشفى التعليمي بغداد وتدرب على يد أساتذتنا العراقيين الكبار؛ الدكتور محمود الجليلي والدكتور زهير القصير والدكتور محمود ثامر. وفي ذلك كان لي الشرف أن أكون بعد سنوات الطبيب المقيم في ذات الردهة التي عمل فيها المرحوم وهي الردهة السادسة في المستشفى الجمهوري.

 سافر الى بريطانيا بعد حصوله على بعثة من الحكومة العراقية للحصول شهادة عضوية الكلية الملكية البريطانية في الطب الباطني (MRCP) ثم تم منحه شهادة زمالة الكلية الملكية البريطانية (FRCP).

عند عودته الى العراق تعين في مستشفى ابن النفيس التعليمي  للأمراض القلبية حيث كان الفريق الرائع في طب وجراحة القلب الذي شمل الجراح الدكتور عدنان سرسم واختصاصي القلب جعفر الكويتي رحمه الله وآخرين. انتقل بعدها الى مستشفى مدينة الطب وانشغل في التدريس حيث أحبه كل زملاءه وطلابه. أحيل بعد عدة سنوات على التقاعد ولكنه استمر بمعالجة مرضاه في عيادته الخاصة في شارع المغرب. هاجر في سنة  ١٩٩٧ الى نيوزيلندا وهناك عمل طبيباً استشارياً في مستشفياتها لمدة خمس سنوات ثم عاد  في سنة  ٢٠٠٣  الى بريطانيا وعمل طبيباً استشارياً  في مستشفياتها لمدة خمس سنوات اخرى حيث شعر بعدها انه بحاجة الى الراحة من عناء المهنة التي أدى دوره فيها على أفضل وجه فتفرغ للعائلة والأصدقاء وقضاء الأوقات الممتعة معهم حتى اختاره الباري الى جواره وهو في المستشفى وبين الأهل والمحبين وهذه نعمة فضيلة حباه الله بها.

ستبقى أيها الأخ والصديق والطبيب نبراساً للأجيال ورمزا للطيبة والخلق العالي والتواضع.
وسيبقى ذكرك الطيب خالداً في قلوب وعقول الأهل والأحبة وأخص بالذكر القرينة وزميلة الدراسة  ورفيقة العمرالدكتورة نسرين مصطفى والمحروسين الدكتورة هند الطبيبة الاستشارية في طب الأمراض النفسية في لندن والمهندس المدني علي والذي يعمل في شركة هندسية في بريطانيا و الدكتورة هدى الطبيبة في الطب العام في بريطانيا  والصيدلانية ندى وهي تعمل في الولايات المتحدة وكذلك الأحفاد الستة، وهم جميعا نعم الخلف لنعم السلف.
أسكنك الله فسيح جناته وحشرك مع النبيين والصالحين وإنا لله وإنا اليه راجعون.       
عبد الهادي الخليلي
واشنطن

....................................
* الشاعر أمجد ابن حسني الطرابلسي (1916-2001)

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

579 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع