عراقية: عليّ أن أنسى كلمة امرأة!!

    

بغداد – دعاء يوسف:تقرّ كثير من النساء في العراق أن حياتهن التي لم تسر بشكل طبيعي قد أثّرت عليهن بشكل كبير، إذ غيّرت الأوضاع المتمثلة بالصراعات الطائفية وحوادث التفجيرات الإرهابية ومعارك استعادة المدن من سيطرة تنظيم داعش والنزوح والهجرة وغيرها من الأمور السياسية والاقتصادية سلوكهن وأفكارهن بطريقة تعكس شعورهن باليأس والإحباط والحاجة.

الصراعات الطائفية

في مجمع للسكن العشوائي بمنطقة "الصابيات" في أطراف العاصمة بغداد (شمال غرب)، تعيش ابتسام محمد، 32 عاماً، مع زوجة أخيها الذي قتل إبان الصراعات الطائفية عام 2007 وتم أثناءها تهجيرهم مع عوائل أخرى.

وبنبرة صوت ملؤها اليأس تقول إن "التهجير والسكن بالعشوائيات أثر بشكل مخيف على مئات العوائل وخاصة النساء والأطفال".

وتضيف السيدة التي انفصلت عن خطيبها قسراً، أن "خطيبها لم يبذل ما فيه الكفاية للمحافظة على ارتباطهما معا. لقد ترك عشيرته تمارس سطوتها علينا بقناعة أنني من طائفة مختلفة".

وتتابع "أنا الآن واحدة من اللواتي فقدن كل شيء في هذه الحياة".

قصة ابتسام ليست جديدة في العراق حيث تتحدث غالبية النساء مثلها بسبب أوضاع البلاد التي أجبرتهن على إعالة أسرهن نظرا لفقدان الكثير من الرجال.

ابتسام التي ترتدي عباءة سوداء وتغطي رأسها بالحجاب تصر على البقاء في عملها خادمة في البيوت، بينما يعمل أطفال شقيها الذين لم يتجاوز أكبرهم 17 عاماً، في تجميع المواد البلاستيكية من القمامة وبيعها حيث يعاد تصنيعها مرة أخرى.

وتشير إلى أن الاقتتال الطائفي كان السبب في فقدانها لأمها التي ماتت قهراً بعد أشهر من مقتل أخيها وتحملها مسؤولية أطفاله الأربعة. "عندما أكون عراقية، عليّ أن أنسى كلمة امرأة".

التفجيرات الإرهابية

ومع استمرار الصراعات الطائفية في البلاد، تواجه النساء أيضا تهديدات متمثلة بحوادث التفجيرات الإرهابية. فرسمية كريم البالغة من العمر 45 عاما، واحدة من بين مجموعة نساء فقدن أزواجهن بحوادث تفجيرات إرهابية مختلفة، تقول إن "الشيء الوحيد الذي تتشابه النساء فيه في العراق هو الحداد. والتخلي عن وجودهن بسبب فقدانه للاستقرار الأمني".

وتضيف أن "الثياب السود ليست هي تلك التي كانت ترتديها قبل فقدان زوجها".

وتتابع رسمية "أصعب شيء عندما تنسى المرأة نفسها. تتزوج وعندما يقتل زوجها تخاف من تجربة الزواج مرة ثانية. لأنها تشعر أنها سوف تفقده أيضا".

وتشير إلى إنه لا سبيل للمرأة بعد فقدان شريك حياتها لتعيش كما تتمنى، "لقد تغيرتُ كثيرا. حياة المرأة بالعراق ليس طبيعية بدرجة كافية".

رغبة عشيرتها

بعد شهرين من زواجها، عادت حسنة علي، 23 عاماً، إلى بيت أهلها حزينة تحمل مأساتها بفقدان عريسها الذي تطوع بمعارك تحرير المدن العراقية من سيطرة داعش عام 2014..

حسنة واعية أنها لن تستطيع أن تفكر بحياتها كامرأة تحلم بحياة مستقرة من جديد، فهي تعكس معاناة اللواتي لا يجدن خياراً سوى بالامتثال لأوامر الأهل والعشيرة. "رغم أن زوجي كان يعاملني بطريقة جيدة قبل فقدانه إلا أنني لم أكن مقتنعة بهذا الاختيار وبقيت صامتة ولم أعارضهم بشيء".

ورغم هذه التحديات التي تواجهها بعض النساء في تقرير المصير بحكم الأهل والعشيرة، لا يبدي الكثير منهن رغبتهن بالمعارضة كما أنهن لا يحاولن التقليل من شعورهن بالعجز.

تتساءل في حديث لموقع (إرفع صوتك) "ما هو حال أرملة الرجل الذي ضحى بنفسه إذ ما فكرت بالزواج مرة ثانية؟"، وتجيب نفسها "الأمر يختلف جدا عن غيرها إذ ما نظرنا إلى طبيعة العشيرة وعاداتها. قد تعتبرها خائنة ولا تستحق الحياة".

حسنة تنظر بلامبالاة لحياتها القادمة، وتقول إنها "لا تفكر بشيء يتعلق بالزواج، لأن هذا الأمر يتعلق برغبة عائلتها لا برغبتها".

الموت بالحياة

أما سهاد محسن، 44 عاماً، فقد اضطرت إلى الرحيل هي وعائلتها من الموصل عام 2014، لكنها لا تعرف شيئاً عن مصير زوجها الذي أرغمه تنظيم داعش على البقاء كرهينة مقابل خروجها بحجة تلقيها للعلاج في أربيل. تعيش سهاد الآن في بغداد وتعتني بأطفالها الثلاثة لوحدها، حيث مصيرهم المجهول.

تقول في حيث لموقع (إرفع صوتك) "رغم مساعدة بعض المعارف لنا، إلا أننا نعيش في ظروف قاسية".

وتضيف سهاد التي تتشح بثياب سود، "الجميع من حولي يتفقون على أن مهمتي الآن هي في الموت بالحياة. فلا يحق لي التفكير بنفسي كغيري من النساء. ولا يجوز التعبير عن ميولي واتجاهاتي".

وتصف السيدة حياة الكثير من النازحات أو اللواتي لا يعرفن مصير أزواجهن بالـ"السخرية المعيبة"، كما تشير إلى أنها في أحدى المرات حاولت أن تقوم بتقصير شعرها الطويل للتخلص من حرارة الجو المرتفعة حتى انتقدتها إحدى النساء القريبات التي اعتبرت هذا الأمر قد يجلب العار لها لأن زوجها مفقود. "عليّ احترام أفكار المحيطين بي والابتعاد عن التفكير حتى بوجودي أو بشكلي أو هندامي".

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

697 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع