التحديات أمام الصحافيات متشابهة في أنحاء العالم وأبرزها التحرش

            

                                الحماية حاجة ملحة

تواجه الصحافيات والإعلاميات أشكالا مختلفة من الترهيب والحواجز الثقافية التي تهدد بإضعاف تقدمهن، ويشكل التحرش الجنسي أبرز التجارب السيئة التي تقف أمامها الكثير من الصحافيات عاجزات عن الحديث عنها بعلانية، لعدة اعتبارات ومنها ما يتعلق بطبيعة العمل نفسه.

العرب/نيويورك – يعرف التحرش الجنسي المرتبط بالعمل بشكل سري بين الصحافيات في جميع أرجاء العالم، يتهامسن عنه مع زملاء وأصدقاء موضع ثقة، لكن القليلات يتحدثن عن هذا النوع من التجربة بشكل علني.

وتحدثت شيري ريتشاردي، في تقرير لشبكة الصحافيين الدوليين، عن سعي صحافيات لتغيير هذا الواقع، وتخطي العقبات لتجاوز التحفظ والحديث بصوت عال عن هذه التجارب في إطار مكافحتها، خلال اجتماع للنساء العاملات في الإعلام في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

وشاركت الصحافيات والإعلاميات قصصهن خلال أمسية عكست نمطاً عالميا مزعجا تم توثيقه من خلال عملية مسح تمت في 2014 تحت عنوان “العنف والتحرش ضد النساء في الإعلام الإخباري”.

وانطلقت مذيعة تلفزيونية في منتصف العشرينات من عمرها بالتحدث بشكل خاص وشرحت معضلتها.

تقول ريتشاردي إنها كانت جذابة وهذا كان في صالحها، لكن ماذا بعد عدد من السنوات في المهنة؟ وهو أيضا ما طرحته المذيعة “كيف يمكنني تحضير نفسي لوقت لم يعد يريدونني فيه؟ هل هناك وظائف إعلامية أخرى يمكنني ممارستها؟”.

وأضافت ريتشاردي وهي صحافية دولية وخبيرة في تطوير الإعلام في واشنطن، على مر السنوات، “التقيت بنساء صحافيات في أكثر من 35 بلدا، احتفلت بنجاحاتهن وأثنيت عليهن بشأن عدم المساواة بين الجنسين والأشكال المختلفة من الترهيب والحواجز الثقافية التي تهدد بإضعاف تقدمهن”. وأشارت إلى أن التحديات التي تواجه العاملات في مجال الإعلام تميل لأن تكون حلقة متشابهة في جميع أنحاء العالم.

وكشفت عن دراسة رائدة للمؤسسة الدولية للإعلام النسائي (آي دبليو إم إف) في واشنطن والمعهد الدولي للسلامة الإخبارية في لندن، جاءت نتائجها صادمة.

ورصدت الدراسة ما يقارب ألف مشتركة، قالت 64.5 بالمئة منهن إنهن تعرضن للتحرش في مجال عملهن، ويتراوح ذلك في مدى خطورته ما بين التلميحات الجنسية غير المحتشمة واللمسات غير المرغوب بها وصولا للتهديد بالموت.

ووجدت الدراسة أن المتهمين شكّلوا في الغالب رؤساء العمل، والمشرفين والزملاء من العاملين. وتوزع مسيؤون آخرون بين موظفي حكومة، عناصر من الشرطة ومصادر صحافية. وطبقا للدراسة، لم يتم التبليغ عن الغالبية العظمى من هذه الحوادث لأسباب متنوعة.

وتخاف النساء من الانتقام أو التخفيض من مركزهن في العمل أو خسارة وظيفتهم إن تكلمن. ولم تعرف الكثير منهن عن طرق الإبلاغ عن الإساءة في المؤسسات الإعلامية التي عملن فيها. وفي بعض الحالات، تم توجيه النصح لهن من قبل أحد المشرفين أو الزملاء بعدم الحديث عن الأمر أو أن “ينضجن” أو أن “ينسين الأمر”.

ويتم كتابة الكثير من استراتيجيات الأمان للصحافيين في مناطق الحروب ومناطق معادية أخرى، إلا أنه لم يتوفر سوى القليل من النصائح المخصصة للنساء للتعامل مع التخويف والتهديدات والإساءة في غرف الأخبار التي يعملن بها أو خلال أداء العمل نفسه، كما لو أنه دعوة دائمة للصحافيات لتأجيل الحديث عن هذه الإساءات.

وخلال ورشة العمل التي جرت في أديس أبابا، مؤخرا، سجّلت النساء قائمة بالمعوقات والتحديات التي يواجهنها في مهنتهن. وكان التحرش الجنسي في المكتب والميدان جزءا من النقاش.

ووقفت صحافية شابة وبصوت ثابت وصفت صدّها للمحاولة الجنسية الصادرة عن مديرها السابق في مؤسسة رسمية الذي لمّح لها بأنها ستحظى بوظيفة أفضل إن استجابت لمطلبه، وعندما رفضته تمت إزالة اسمها من قائمة الترقيات وتم تخفيض مرتبتها لوظيفة متدنية.

وقالت “لم أعرف ماذا أفعل، شعرت بأنني عاجزة”، في حين كانت النساء الأخريات في الغرفة يومئن برؤوسهن إيجابا.

وشرحت الصحافيات حوادث كثيرة للتلميحات الجنسية والحط من قيمتهن من العاملين والمصادر الذين قابلوهن خلال وظيفتهن.

وأفادت ريتشاردي أن العديد من الصحافيات لاحقا أخبرنها أن هذه كانت المرة الأولى التي يتحدثن بانفتاح عن هذه الإساءات.

ووضعت الصحافيات اللواتي تجمعن لمناقشة دور المرأة في وسائل الإعلام، ملاحظات تمهيدية، توزعن على 4 مجموعات للتفكير في سؤال: ما هي أكبر التحديات أو المعوقات التي يواجهنها كصحافيات في بلدهن الأم. وكانت القوائم التي أنتجنها طويلة وتضمنت العديد من المواضيع المشتركة، وكان أبرزها وصف المراسلات للرجال الذين يعطون المصادر بالمغازلين الوقحين، وعلامة عدم احترام في عيونهم.

وكانت من بين الشكاوى أيضا عدم المساواة في الأجور وعدم الترقية، وشاركت صحافيات من جنوب السودان حالات ترهيب من قبل الزملاء الذكور الذين تعاملوا معهن كأشياء جنسية. وعزت النساء ذلك إلى الأعراف الثقافية التي تعزز عدم المساواة بين الجنسين.

وتشعر ريتشاردي أن رابطة الإعلاميات الإثيوبيات قد تكون القوة الدافعة وراء التغيير، لكن هذه المنظمة كان نشاطها ضعيفا للغاية والموقع الإلكتروني شبه خامل. وقالت إن هناك قوة دائما حينما تتكلم الصحافيات بصوت واحد.

ونوهت إلى دراسة بعنوان “العنف والمضايقات ضد المرأة في وسائل الإعلام: صورة عالمية” صادرة عن معهد سلامة الأخبار الدولية ومؤسسة نساء الأعلام الدولية، وهي توثق الأثر العاطفي الذي يتركه على المرأة التمييز بين الجنسين، وعدم المساواة، والتمييز الوظيفي والترهيب وأشكال التخويف الأخرى.

ولا يختلف هذا الأمر في العالم العربي عنه في باقي أنحاء العالم، ويطال الصحافيات والعاملات في القطاع، لكن الحديث عنه يظل محرما مسكوتا عنه بشكل أكبرمن المجتمعات الأخرى.

وأشارت العديد من الصحافيات إلى أنه لا توجد أي احتياطات لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، كما تعجز، حاليا، آليات التضامن والتعاون بين العاملات في القطاع عن التصدي لها.

وترتفع الأصوات كل فترة داعية وسائل الإعلام العربية إلى تقديم صورة متوازنة ومنصفة عن النساء وقضاياهن، لكنها تبقى دعوات خجولة لا ترقى إلى حجم المشكلات الفعلية في الواقع.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

512 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع