بمناسبة الذكرى الـ ٥٩ لثورة ١٤ تموز أبناء شقيقة الزعيم عبد الكريم قاسم يطالبون بصرف رواتبه التقاعدية

              

عبد الكريم قاسم مع أختيه وأبنائهن عند زيارتهن له في المستشفى بعد اصابته بإطلاقات نارية .

بغداد:(الصباح) - حمل صباح 14 تموز  1958 ثورة شعبية عارمة للقضاء على الرجعية والاستعمار، وصحا البغداديون في ذلك الصباح على صوت المذياع وهو يزف لهم بشرى اعلان الجمهورية العراقية التي كان يتوق لها ابناء الشعب المتطلعون لنظام يسوده العدل والحرية والمساواة والقضاء على الاقطاعية التي كانت سائدة في تلك الفترة، وعمت الفرحة ربوع العراق وكانت الاخبار التي تصل الى مسامع ابناء الشعب وتبشرهم بالقضاء على رموز النظام المباد تزيدهم بهجة وفرحا، وقادت تلك الثورة المباركة مجموعة الضباط الاحرار وعلى رأسهم الزعيم عبد الكريم قاسم الذين نجحوا في تطويق قصر الرحاب في الساعة الخامسة وعشر دقائق من ذلك الصباح، وتطويق قصر رئيس الوزراء نوري السعيد الا انه استطاع الهرب والاختباء في بيت (الاستربادي) .

تسويف ومماطلات

تحدثت لـ (الصباح) الحاجة خولة القيسي ابنة شقيقة الزعيم اذ قالت:
" لم يرد الاعتبار لخالي الشهيد فعند صدور القانون ( 2 ) لسنة 2016 من مؤسسة الشهداء الذي حدد راتبه التقاعدي ورتبته العسكرية فقط وليس لكونه وزير الدفاع ورئيس الوزراء وحدد تقاعده بسبعة ملايين دينار،ووافق عليه مجلس النواب لانصاف الزعيم وشهداء 1963 ولكن حتى الان لايزال القانون المذكور حبراً على ورق ، وقد راجعنا مؤسسة الشهداء فقالوا لنا انهم فعلوا القانون وبعدها راجعنا مؤسسة المحاربين القدماء ثم وزارة الدفاع ولكن دون نتيجة، كذلك لم يفعل هذا القانون على اخي الملازم الطيار طارق محمد صالح الذي استشهد مع خالي المرحوم عبد الكريم قاسم يوم 9 شباط عام 1963 ولم يكن متزوجا ونحن ورثته، راجعنا وزارة الدفاع فقالوا لنا ننتظر التعليمات بالرغم من نشر القانون المذكور في جريدة الوقائع الرسمية ونجد الموضوع برمته عبارة عن تسويف ومماطلات ".
 وتضيف " ان للمرحوم خالها داراً بمساحة 600 متر في مدينة الضباط القديمة وقد تم توزيعها للضباط بمختلف الرتب، وكان هو فريق ركن والبيت تم توزيعه بعد مشاركته بالجمعية التعاونية لبناء المساكن للضباط، الا ان البيت بقي متروكا وجاءه احد الضباط وطلب اشغال البيت بدلا من تركه دون سكن فوافق اذ كان الزعيم يقيم في وزارة الدفاع، واستأجر دارا في شارع السعدون لقربه من وزارة الدفاع وما زال الشارع الى اليوم يسمى بشارع الزعيم، وتمت مصادرة البيت الكائن في مدينة الضباط من قبل مجلس قيادة الثورة سابقا وتم ارجاع كل البيوت المصادرة الى اصحابها الا بيت الزعيم، فاذا كان الزعيم غير متزوج فلديه اخوة واخوات والعقار خاضع الى القسام الشرعي وانتقل البيت بالبيع الى آخرين الا انه ما زال من حق ورثته وما زال في زيونة ونحن نطالب به لانه حقنا”.

رد الاعتبار

 ويوضح الكابتن مؤيد محمد صالح ابن شقيقة المرحوم عبد الكريم قاسم:
" سوف اقدم شكوى الى المنظمات الدولية لاسترجاع دار خالي الزعيم الذي كان رئيس دولة، وان كل هذه المطالبات ليس من اجل  المال بل فقط من الجانب المعنوي ورد الاعتبار لرئيس الدولة ومفجر اول ثورة اوجدت النظام الجمهوري في العراق الا انه صار ضحية الاهمال والتسويف”.

حديث الذكريات

وتشير الحاجة خولة القيسي الى:
" انهم كانوا يسكنون منطقة المهدية في شارع الكفاح والتي كانت تضم البيوتات البغدادية الاصيلة وكان بيتنا قرب ساحة زبيدة وكان ملكا لوالدي الذي كان يعمل كاتب عدل في محكمة الكرخ، وكان خالي يأتينا كل خميس من معسكره في المنصورية وعند زيارته لنا كنا نتحدث عن احداث 56 في مصر وعن سياسة نوري السعيد فكان يطلب منا الالتفات الى دروسنا، ويقول لنا: انكم صغار على السياسة”.
وتضيف” في صبيحة 14 تموز كنا نياما لا نعرف شيئا عن الثورة، الا ان جميع الجيران طرقوا علينا الباب وهم يقولون لامي ان شقيقها قاد الثورة ، وفي اليوم الثالث للثورة وبعد مقتل نوري السعيد كنت في المرحلة المتوسطة وعند وقوفي في الشارع وجدت مجموعة من الشباب (تسحل) جثة متفحمة ومنفوخة قالوا انها جثة نوري السعيد وفي هذا الوقت جاء خالي ووصفي طاهر وابن خالتنا المرحوم فاضل عباس المهداوي لزيارتنا بسيارات عسكرية التف حولها ابناء المحلة، وكنت فرحة بقدوم خالي واخبرته ان شبابا مروا الان من امامنا وهم يسحلون جثة نوري السعيد فغضب خالي وتطاير الشرر من عينيه وقال: من طلب منهم ذلك ؟، وطلب من وصفي طاهر اللحاق بالشباب ومنعهم من عمليتهم تلك الخارجة عن القانون والدين ، وتحدثت اليه والدتي وهي تقول: لماذا تم قتل الطفل؟ وتقصد الملك فيصل الثاني فهو لا ذنب له فرد عليها خالي:  اننا لم نكن نريد قتله لكن حدث خطأ في قتله وعندما علمت بمقتل الملك سارعت الى  مستشفى المجيدية وتبرعت له بدمي لكي انقذ حياته لكن جراح الملك كانت بليغة فمات رحمه الله”.

 وتشير الحاجة الى” ان امها طلبت من اخيها ان يتزوج فقال لها: انا ارعى الشعب ولااريد ان تشغلني عنه اسرتي ، اريد ان اعوض الشعب عن كل الحياة القاسية التي كان يحياها، وان خالها كان رحيما يحب الفقراء ويعطف عليهم ويساعدهم كما كان بارا باهله يتفقدهم الا انه كان حازما ولم يعط اية امتيازات لاحد اقربائه واذا طالبه احد بشيء ولو كان صغيراً يثور في وجهه، واذكر يوما كنت في الاعدادية المركزية ذهبنا وفدا من الطالبات لزيارته وكانت كل طالبة تتحدث تذكر اسمها وعندما وصل الدور لي وقفت مرتبكة فصاح بي ما اسمك قلت بخجل: ( خولة يا سيدي ) كان رحمه الله لا يريد ان يميزني عن بقية الطالبات وكان عادلا متواضعا”.  وتؤكد القيسي” ان خالي لم يترك لنا بيوتا وعمارات بل ترك لنا اسما كبيرا وذكرى ما زالت عالقة في قلوب ابناء الشعب الفقراء وارثا كبيرا من حب الناس واخلاصهم له بل حتى انهم تخيلوا صورته على القمر، وتذكر انها شاركت في تظاهرة تطالب بالسلم في كردستان عندما كانت طالبة اذ ذهبنا الى وزارة الدفاع ورآني عبد الكريم الجدة وكان قريبنا وبعد ايام رآني خالي الزعيم في بيت خالنا حامد فسألني اين كنت قبل ايام؟ فخفت لكنني قلت الحقيقة وهي انني كنت في تظاهرة للمطالبة بالسلم في كردستان فضحك وقال: لي ان شاء الله سيحل السلم في ربوع كردستان ، وشاركت بمؤتمر في فيينا وعند عودتي رآني الزعيم في بيت خالي حامد فسألني ( شلونه المؤتمر) ؟ قلت له انه جيد فضحك وهو يقول لي (والله كبرتي  يا خولة)”.

اخلاء سبيل السائق

ويوضح مؤيد محمد صالح” عن اهم الذكريات التي ما زالت عالقة بذاكرتي انه  تلقيت ذات يوم مكالمة تلفونية تشير الى ان والدتي تعرضت الى دهس بسيارة اجرة وهي الان في المستشفى المجيدية وكانت هذه الحادثة قد حصلت عام 1959وعندما طلب من والدته الدخول الى صالة العمليات بعد كسرساقها رفضت وبشدة بشرط ان يخلى سبيل السائق قائلة: ان السائق لا ذنب له وانها تتحمل نتيجة عبورها الشارع من غير المكان المخصص للعبورولا ذنب للسائق، وهنا جاء خالي الزعيم ليرى شقيقته فطلبت منه ان ترى السائق بام عينها لتتأكد من عدم احتجازه واخلاء سبيله فورا وبعدها تذهب الى صالة العمليات واخبرت الزعيم ان السائق الان في السجن مع كونه بريئا فغضب الزعيم وطلب احضار السائق اليه فورا وقال: لماذا يسجن السائق وهو بريء؟ بل حتى لو دهسني انا وكنت انا المخالف يجب عدم سجنه ثم قال لشقيقته: ( بارك الله بك انك صورة من اخيك ) وهذا دليل على روح التسامح والعفوعند المقدرة التي عرف بها المرحوم
 الزعيم” .ويضيف” ذهبت مع صديق لي للحصول على اجازة استيراد ( وكالة) لبيع السكائر من اجل الحصول عليها دون تأخير وتوجهنا الى وزير الصناعة انذاك( محيي الدين عبد الحميد )لاكمال المعاملة وهي بسيطة واثناء وجودنا عند وزير الصناعة سمعنا من يقول: ان الزعيم جاء الى وزير الصناعة ويبدو ان الخبر وصله وجاء للتأكد من صحته فما كان منا انا وصديقي الا الخروج مسرعين لكي لا يرانا خالي متلبسين بالوساطة مع العلم انها مراجعة بسيطة وطلب بسيط وروتيني”  .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1275 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع