الأجهزة الأمنية العراقية تفقد هيبتها أمام الميليشيات

            

باتت الأجهزة الأمنية في العراق جزءا من مشاكل العراقيين، في ظل انتشار مظاهر الفساد في صفوفها، إذ قد يصل الأمر حد ابتزاز عنصر الأمن للمواطن البسيط في لقمة عيشه، هذا فضلا عن التقصير الذي قد يكون في بعض الأحيان متعمدا في التصدي للتهديدات الإرهابية، وهذا ما يضع الحكومة أمام خيار واحد وهو إعادة هيكلة هذا القطاع، وتفعيل مبدأ الرقابة والمحاسبة.

العرب/بغداد - يشكل ملف الأجهزة الأمنية أحد أبرز التحديات التي تواجه الحكومة العراقية ورغم ذلك لم تحرك ساكنا حتى الآن لإيجاد حلول له، وهو ما اعتبره البعض مقصودا.

وينخر الفساد والمحسوبية الأجهزة الأمنية في العراق، الأمر الذي أفقدها هيبتها أمام المواطن الذي بات يفضل اللجوء إلى الميليشيات المسلحة لحلّ مشاكله.

وفي هذا الإطار يقول عباس الساعدي مسؤول مكتب الحشد الشعبي في منطقة الشعلة شرقي العاصمة بغداد لموقع “نقاش” إن “السكان يأتون إلينا طلبا لحلّ مشكلاتهم هربا من فساد ضباط الشرطة كما يقولون، ونستقبل أسبوعيا العديد من الأهالي الذين يطلبون حلّ مشكلاتهم، حتى أن بعضها مع ضباط الشرطة أنفسهم”.

ويضيف الساعدي “قبل أيام شكا لنا صاحب مطعم في منطقة الكرادة وسط بغداد تدخل الضابط المسؤول في المنطقة في عمله عبر إجباره على دفع أموال ووجبات طعام مجانية، وتدخلنا لوقف ذلك”، متابعا “برغم فشل الشرطة في فرض الأمن يقوم عناصرها بأخذ الرشاوى من المحال والأسواق التجارية، الفساد ينخر جهاز الشرطة والحكومة تعلم ذلك جيدا”.

وللميليشيات الشيعية المنضوية ضمن تحالف الحشد الشعبي مكاتب منتشرة في غالبية الأحياء، ليس فقط في العاصمة العراقية بل في جميع المحافظات، وتقوم بمهام أمنية بعضها مباشر عبر مساعدة الشرطة المحلية وبعضها غير مباشر عبر مخبرين لهم ينتشرون في ملابس عادية في الأسواق والتجمعات السكانية.

ومنذ تشكل الحشد الشعبي في العام 2014 وتحقيقه انتصارات ضد عناصر داعش، بات التحالف قبلة لمئات الشباب العاطلين عن العمل باعتبار أن انخراطهم فيه لا يتطلب أيّ وساطة أو دفع مبالغ مالية على خلاف الشرطة والجيش.

حالة التململ والاحتقان تجاه أجهزة الأمن العراقية لا تتعلق فقط بتغلغل مختلف مظاهر الفساد في صفوف عناصره، بل أيضا بعجزها عن التصدي للعمليات الإرهابية التي أودت بحياة المئات من المدنيين في العام الماضي فقط.

وتركزت أغلب العمليات الإرهابية في العاصمة بغداد رغم أنه من المفروض أنها تشهد حراسة مشددة خاصة وأنه توجد بها المنطقة الخضراء التي توجد بها المباني الحكومية والسفارات الأجنبية.

ويدار الملف الأمني في بغداد منذ عام 2006 من قبل قيادة أمنية عليا تسمى “قيادة عمليات بغداد” وتضم قوات مشتركة من الجيش والشرطة الاتحادية والشرطة المحلية وأجهزة المخابرات، ويبلغ عددها نحو 700 ألف عنصر أمني وتكون تحت إمرة ضابط عسكري واحد يكون المسؤول عن أمن العاصمة.

الشرطة تواجه صعوبة في تنفيذ واجباتها مع وجود فصائل مسلحة تنتشر داخل الأحياء وتمنعها من تنفيذ القانون

وبدأت هذه الخطة تنال وابلا من الانتقادات الشعبية وحتى الرسمية وهو ما يستثمره الحشد الشعبي في سياق مساعيه لضرب الأجهزة الأمنية، فمحمد البياتي القيادي في قوات “بدر” أحد تشكيلات الحشد الشعبي، اتهم الأسبوع الماضي القوات الأمنية في العاصمة باختراقها من قبل الأعداء، في إشارة إلى الإرهابيين، وقال في بيان رسمي إن “قيادة عمليات بغداد غير دستورية”، وطالب الحكومة ورئيس الوزراء حيدر العبادي “بإعادة النظر بأمن بغداد وإشراك الحشد الشعبي بحماية بغداد في الخطين الأول والثاني”.

هذه الاتهامات ليست الأولى التي يطلقها قادة في الحشد الشعبي ضد قوات الشرطة ولن تكون الأخيرة.

في المقابل تواجه الشرطة صعوبة في تنفيذ واجباتها مع وجود فصائل مسلحة تنتشر داخل الأحياء وتمنعهم من تنفيذ القانون، فالضباط المنتشرون في مراكز الشرطة المناطقية مجبرون على التعامل والتعاون مع مسؤولي مكاتب الحشد الشعبي في الرقعة الجغرافية الواقعة ضمن اختصاص عملهم، وفقا للضابط أسعد الطائي.

والطائي هو ضابط برتبة نقيب يعمل في أحد مراكز الشرطة في جانب الكرخ من بغداد، يقول لـ”نقاش” إن “مركز الشرطة مجبر على التنسيق الأمني مع مكاتب الحشد الشعبي في المنطقة، ولا يستطيع مدير المركز العمل دون ذلك، ولهذا لا نعمل بحرية كاملة”.

ويضطر ضباط الشرطة أحياناً للتعامل مع أكثر من فصيل مسلح في المنطقة، كما يقول الطائي، “إذ أن بعض المناطق تضم مكاتب لفصائل مسلحة متعددة ولا نستطيع محاسبة الخروقات التي يقومون بها”.

وفي بعض الأحيان تندلع اشتباكات بين الفصائل المسلحة داخل المناطق، بينما تضطر قوات الشرطة إلى التزام الحياد وعدم التحرك لوقفها، في مؤشر واضح إلى تراجع سلطتها في فرض القانون.

ويخلق تعدد التشكيلات الأمنية فوضى مقلقة داخل العاصمة، وينتقد السكان كيف تجري عمليات سرقة واختطاف في وضح النهار ويتساءلون كيف تمكّن الخاطفون من تجاوز العشرات من نقاط التفتيش بسهولة، وغالبا ما تشير نتائج التحقيقات إلى امتلاكهم هويات مزورة تابعة إلى جهات أمنية عليا أو الحشد الشعبي.

ويطالب العراقيون بوضع حد لحالة الانفلات والتركيز أكثر على معالجة ملف الأجهزة الأمنية، باعتبارها عماد دولة القانون.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

697 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع