قانون العفو العام بالعراق.. عدالة ناقصة طال انتظارها

      

كامل جميل - الخليج أونلاين:بعد أكثر من عام على اتفاق مجلس الوزراء العراقي عليه، وإحالته إلى مجلس النواب، صوَّت الأخير على قانون العفو العام "المثير للجدل"، الخميس 25 أغسطس/آب.

مصادر من داخل ملجس النواب العراقي أكدت لـ"الخليج أونلاين" أن القانون أقر بعد الوصول إلى اتفاق بين الكتل السياسية، لافتة النظر إلى أن من ينتفع من هذا القانون هم أشخاص مطلوبون للقضاء العراقي، يتبعون أحزاباً نافذة، يقيمون في دول أخرى، وآخرون داخل السجون.

واستثنى قانون العفو العام عدداً من الجرائم، وهي: جريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجرائم الإرهاب المرتكبة من قبل أفراد أو جماعات أو تنظيمات محظورة محلياً ودولياً، وجرائم الاتجار بالمخدرات، وجرائم تهريب الآثار، وجرائم الزنا بالمحارم، وجرائم الاغتصاب واللواط، وجرائم التجسس على أمن الدولة الداخلي والخارجي، وجرائم تزييف العملة.

وقالت المصادر، التي يتحفظ "الخليج أونلاين" عن كشف هويتها، إن تأخر إقرار القانون لأكثر من عام بعد إقراره من قبل رئاسة الوزراء وإحالته لمجلس النواب، إنما لخلافات على قراراته، التي تغيرت وبُدّلت كثيراً حتى صارت تلائم جميع المختلفين عليها.

وأكدت المصادر أن قانون العفو أصبح يشمل عدداً من أتباع شخصيات مهمة "نافذة في الدولة"، يقيمون في خارج العراق، متهمين بعمليات فساد كبيرة، ومشاريع وهمية، وتهريب آثار، وغسل عملة.

وكشفت أن مسجونين وفقاً لجرائم ارتكبوها تتعلق بالقتل والاغتصاب وتزوير عقود عقارات، تم تغيير تهمهم الحقيقية إلى تهم أخرى، كسرقة محال تجارية وعمليات سطو، وحوادث دعس، وغيرها، تسهم في شملهم بقانون العفو.

وكانت مصادر نيابية ذكرت أن قادة الكتل السياسية عقدوا اجتماعاً موسعاً بحضور رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، لمناقشة القانون.

وأشارت إلى أن المجتمعين توصلوا إلى صيغة توافقية، بعد تعديل المواد التي كانت فيها نقاط خلافية، منعت المجلس من تمريره بالجلسة السابقة.

واعترضت كتل نيابية، في وقت سابق، على فقرة بمسودة القانون تعطي الحق للسجناء من الذين حكم عليهم بالإعدام، أو الذين أُدينوا نتيجة وشاية من المخبر السري، بإعادة محاكمتهم.

ونظراً لوجود آلاف الأبرياء في السجون العراقية، بحسب ما تؤكده باستمرار مصادر رسمية، وما أثبتته وثائق وأدلة كشفت عنها منظمات حقوقية وإنسانية محلية ودولية؛ نتيجة وشاية المخبر السري، أو عمليات انتقام طائفي، أو ابتزاز من قبل جهات أمنية ومليشياوية، وهو ما كشفت عنه وسائل الإعلام في مرات كثيرة، يرى مراقبون أن أملاً ضعيفاً في أن يكون القانون جاء بالأساس لمصلحة الأبرياء في السجون.

وقد أظهرت إحصاءات مصدرها السلطة القضائية العراقية أن عام 2015 شهد إطلاق 100 ألف عراقي معتقل، بعد ثبوت براءتهم، في حين انطلقت دعوات لمحاسبة الجهات التي ألقت القبض عليهم، ووجهت لهم كيدياً اتهامات كاذبة ومن دون أدلة.

وبحسب الإحصائية، فإن مجموع المطلق سراحهم خلال أشهر العام 2015 بلغ 97 ألفاً و685 معتقلاً، لكن هذا الرقم لا يشمل شهر يوليو/تموز، الذي لم تصدر السلطة القضائية بياناً بعدد المطلق سراحهم خلاله دون إبداء الأسباب.

- سجون مروعة

آخر التقارير الدولية التي تحدثت عن المعتقلين الأبرياء داخل السجون العراقية كان إعلان منظمة العفو الدولية، مطلع مايو/ أيار 2016، الذي أكد أن السلطات العراقية تحتجز غالباً أبرياء بتهم الإرهاب في ظروف "مروعة" في عموم البلاد.

وقال التقرير إن وفداً من المنظمة الحقوقية ضم الأمين العام سليل شاتي، زار أحد هذه المراكز الواقع في منطقة عامرية الفلوجة، غرب بغداد.

وقال شاتي: "وجدنا 700 سجين محتجزين منذ أشهر عدة بتهمة الاشتباه بالإرهاب"، مضيفاً أن "أوضاع احتجازهم تشكل صدمة كبيرة، حيث لكل واحد منهم مساحة لا تتجاوز متراً مربعاً، وليس هناك مساحة حتى للاستلقاء".

وتابع موضحاً أن "الحمامات في الغرف ذاتها، إضافة إلى أن كمية الغذاء قليلة جداً"، مؤكداً أن "الأوضاع بشكل عام مروعة جداً".

- استهداف طائفي

مصادر قانونية أكدت لـ"الخليج أونلاين" أن الاعتقالات كثير منها تتم بسبب استهداف طائفي، وهي معاناة الكثير من المحامين الذين يرون أنهم يدافعون عن "متهمين أبرياء أمام قضاء مسيس"، بحسب المحامي محمد السعدي.

السعدي قال: إن "جرائم كثيرة ترتكب وبشكل يومي بحق مواطنين، لكن المشكلة أن الجاني هي المليشيات أو القوات الأمنية"، موضحاً أن "المليشيات تستمر باعتداءات على سكان بعض المناطق لأسباب طائفية، لا سيما في أطراف بغداد. إنهم يجرفون البساتين ويسمعون الناس كلاماً بذيئاً، لكن للأسف فالقضاء مسيس، والقوة بيد المليشيات، مع أن القانون يقضي بمعاقبة هذه المليشيات لأنها تعتدي على الأبرياء".

وخلص المحامي السعدي إلى أن قانون العفو سيسهم في العفو عن كثير من الأبرياء، مستدركاً: "لكن السجون ستعود وتمتلئ مرة أخرى بالأبرياء".

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1052 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع